بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعزي صاحب العصر والزمان الامام المنتظر (عجل الله فرجه)
والامة العربية والاسلامية
باستشهاد الامام جعفر الصادق (
)
«السلام عليكم يا خزان علم الله وحفظة سره وتراجمة وحيه
اتيتكم يا بني رسول الله عارفاً بحقكم مستبصراً بشأنكم معادياً لأعدائكم موالياً لأوليائكم،
بابي أنتم وامي صلى الله على ارواحكم وابدانكم،
اللهم اني اتولى آخرهم كما توليت اولهم
وابرأ من كل وليجة دونهم آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت واللـّات والعزّى وكلّ ندّ يدعى من دون الله».
تساؤل عن شخصية الإمام الصادق (
)
كان وَلدِيَ حامدٌ يَنظُرُ إليَّ وأنا أقرأُ في كتابٍ يَتَحدَّثُ عن الإمامِ جَعفرٍ بنِ مُحمّدٍ الصادقِ ( عليهما السلام ) وفَجأةً : أبي أُريدُ التحدُّثَ إليكَ .
هكذا قالَ لي وَلدي حامدٌ ، وَقَدْ شاهَدْتُهُ يَنْهَضُ مِنْ مَكانِهِ لِيجلِسَ بِجانِبي تَماماً ، فَقُلتُ لَهُ وأنا أبتَسِمُ فِي وَجهِهِ البَريءِ : بِمَ تُريدُ أنْ تَتَحَدَّثَ يا حامدُ ؟
فقال حامد : لَقَدْ خَطَرَ في بالي سؤالٌ وأنا أتأمَّلُ اسمَ الإمام جعفرٍ بنِ محمّدٍ الصادِقِ ( عليهما السلام ) على غِلافِ الكِتابِ .
فَقلتُ لَهُ : بَعدَ أنْ أغْلَقتُ الكتابَ وَوَضَعتُهُ عَلى المِنْضَدةِ أمامِي : تَفضّلْ .
فقال : لماذا سُمِّيَ مَذْهَبُنا بالمذْهَبِ الجَعفريِّ ؟ .
فقلت : نِسبةً إلى الإمامِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ الصادقِ ( عليهما السلام ) .
فقال : وَلماذا نُسِبَ مَذْهَبُنا إلى الإمامِ جعفرٍ الصادقِ (
) دونَ غَيرِهِ مِنَ الأئمةِ (
) ؟ .
فتَأمّلْتُ وَجْهَ وَلدي حامدٍ وَقَدْ غَمرتْنِي سعادةٌ عظيمةٌ حِينَ شاهَدْتُ عَليهِ كُلَّ هذا الاهتمامِ في مَعرِفَةِ هذِهِ الأمورِ المُهمَّةِ ، فأجَبْتُهُ باحترامٍ وَمَودَّةٍ كَيْ أُشَجِّعَهُ على مُواصَلَةِ حَدِيثِهِ مَعي : هذا لأنَّهُ فِي زَمنِ الإمامِ الصادِقِ (
) ظَهَرَتْ عِدّةُ مَذاهبٍ ، نُسِبَتْ إلى أسماءِ مُؤسِّسِيها وألقابِهِمْ ، كالمذْهَبِ المالِكيِّ لِمالِكِ بنِ أنسٍ ، والمذهَبِ الحَنبَليِّ لأحمدَ بنِ حَنبلٍ ، والمذهَبِ الحنفيَّ لأبي حَنيفةَ ، والمذهبِ الشافعيَّ لِلشافِعي .
وَلأجلِ تَمييزِ مَذهَبُنا عَنْ هذهِ المذاهِبِ عُرِفَ بالمذهَبِ الجَعفري ، نِسبةً إلى الإمام مِنْ آلِ الرسُولِ (
) الذي شَهِدَ ظُهورَ هذِهِ المذاهبِ وَهُوَ الإمامُ جَعفر الصادقِ (
) .
لكِنْ يا أبي نَحنُ نَعرِفُ أنَّ الأئِمّةَ مِنْ أهلِ بَيْتِ النبيِّ محمدٍ (
) هُمْ مَعصُومُونَ وَمُنَزَّهُونَ ، وَقَدْ نَصَّتْ عَلى ذلِكَ بَعضُ آياتِ القُرآنِ الكرِيمِ وأحادِيثُ الرَّسولِ (
) ، ومِنْ خِلالِ ذلِكَ نَعرِفُ أنَّ أهلَ البيتِ (
) هُمْ أحَقُّ بالإمَامَةِ مِنْ غَيرِهِمْ ، فَما هُو دَورُ الإمامِ جعفرٍ الصادقِ (
) إزاءَ هذِهِ المذاهِبِ ؟ .
فقلت له : وَسَطَ هذِهِ المذاهِبِ مارَسَ الإمامُ الصادِقُ (
) مُهِمّاتِهُ ومسؤُولِيّاتِهِ العِلمِيَّةَ وَالعَقائِديَّةَ كَإمامٍ وأُستاذٍ ، وعالِمٍ فَذٍّ ، لا يُنافِسُهُ أيُّ أُستاذٍ أو صاحبِ مَعرفَةٍ .
فَقَد كانَ قِمَّةً شامِخَةً ، وَمَجْداً فَريداً ، فَجَّرَ يَنابيعُ المعرِفَةِ ، وَأفاضَ العُلومَ والمعارِفَ عَلى عُلَماءِ عَصرِهِ .
فَكانَ أساساً وقاعدةً عِلمِيَّةً وعَقائِدِيةً مَتِينَةً ثَبَتَ عَليها بناءُ الإسلامِ ، وَاتّسعَتْ آفاقُهُ ومَداراتُهُ ، وَكيفَ لا يكونُ كَذلِكَ وعِلْمُهُ عِلْمُ رَسولِ اللهِ (
) ودَورُهُ امتدادٌ لِرسالَتِهِ .
فَقامَ (
) بمهمَاتِهِ الشَّرعِيةِ كَإمامٍ مسؤولٍ عَنْ نَشْرِ الشَّرِيعَةِ وحِفظِ أُصولِها .
وَقَدْ ساهَمَ (
) كَذلِكَ في زَمَنِ أبِيهِ الإمامِ مُحمَّدٍ الباقرِ (
) في تَأسِيسِ جَامِعَةِ أهلِ البَيتِ (
) في المَسجِدِ النَّبوي ، وَقامَ مَعَ وَالِدهِ الباقر (
) بِنَشرِ العِلمِ وَالمعرِفَةِ بَينَ الفُقهاءِ وَالمفَسّرِينَ وَالمحدِّثِينَ وَرُوّادِ العُلومِ الذينَ كانُوا يَفِدونَ عَلَيهِما لِيَنهَلُوا مِنْ هذا المورِدِ العَذْبِ .
وَقَدْ كانَ مؤسِّسُو المذاهِبِ يَعتَرِفُونَ بِحَقِّ آلِ البيتِ (
) ويُشيدُونَ بِهِمْ ، فَهذا إمامُ الشافِعِيَّةِ مُحمّدُ بنُ إدريسَ يَنْشِدُ بِحَقِّهِمْ (
) ، فَيقُولُ :
يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللهِ حُبُّكُمُ ** فَرْضٌ مِنَ اللهِ في القرآن أنزَلَهُ
كَفاكُمُ مِنْ عَظيمِ الشَأنِ أنّكُمُ ** مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَليكُمْ لا صلاةَ لَهُ
فَقالَ حامدٌ بِفَرحٍ شَديدٍ : حَقّاً يا أبي ؟! إذَنْ لا يُمكِنُ لأحدٍ أنْ يَتَجاهَلَ مَكانَةَ أهلِ البَيتِ (
) ، وَمَاذا حَصَلَ أيضاً في زمنِ الإمامِ جعفرٍ الصادقِ (
) ؟ .
فقلت : كَذلِكَ شَهِدَ زَمَنُ الإمامِ الصادقِ (
) سُقوطَ الدَولَةِ الأُمويةِ على يدِ العباسِيِّينَ .
فقال : وَكَيفَ تَمكّنَ العباسيِّونَ مِنْ إسقاطِ الحُكمِ الأُموي ؟
فقلت : يَرجعُ ذلِكَ إلى سَبَبينِ : الأوّلُ : هو معرفةُ العباسيِّينَ بِما فِي قُلُوبِ الناسِ مِنْ بُغضٍ وَحقدٍ وكَراهِيةٍ لِلأُمَويَينَ بِسَبَبِ ما عانوهُ مِنْ ظُلمٍ واضطِهادٍ وقَتْلٍ وكَوارِثٍ طِوالَ فَترةِ حُكْمُ الأُمويّينَ ، الأمرُ الذي سَيَدْفَعُهُمْ إلى القِتالِ ضِدَّهُمْ لو نَشَبَتْ الثورةُ .
وَالسَّبَبُ الثاني : هو حِينَما نَشَبَتْ الثورةُ أعلنَ العباسيّونَ أنَّهُمْ لم يَفعَلُوا هذا إلا لِنَيل رِضى رسولِ اللهِ (
) ، وَذلِكَ بِعَودَةِ الخِلافَةِ إلى آلِ بَيتِ الرسولِ (
) .
وبِما أنَّ أهلَ البيتِ (
) كَانُوا هُمْ الطلِيعَةَ والقيادةَ ، والشِعارَ المحبوبَ لَدى جَماهيرِ الأُمَّةِ فَقَدْ بَدأتْ الحَرَكَةُ ضِدَّ الحُكمِ الأُمَوي باسْمِهِمْ (
) ، وَقَدْ كانَ الإمامُ جَعفر الصادقُ (
) مُحِيطاً بِجَميعِ الأحداثِ .
ولِذلِكَ حَذَّرَ شِيعَتَهُ مِنَ الاندِفاعِ خَلفَ هذِهِ الشِعاراتِ الزائِفَةِ الخَدّاعةِ ، وَبيّنَ لهمُ النتائِجَ التي سَتَنْتَهِي إليها الأحداثُ .
وَبَعدَ أنْ انتَهَتْ المعرَكةُ لِصالحِ العباسيِّينَ ، وتَمَكَّنُوا مِنْ تأسِيسِ دَولَتِهِم ، ظَهَرَ واضِحاً للجميعِ صِدقُ الإمامِ جَعفرٍ الصادقِ (
) ، بَعدَ أنْ أصبَحَ آلُ البيتِ (
) وشيعتُهُمْ ضحِيةً لِظُلمِ واضطِهادِ هذِهِ الدولَةِ .
حَتى أنشَدَ أحَدُ الشُّعراءِ قَائلاً :
يَا ليتَ جورُ بَنِي مَروانَ دامَ لنا ** ولَيتَ عَدلُ بَني العباسِ في النارِ
وعِنْدَها اغرَورَقَتْ عَينا حامدٍ بالدُمُوعِ ، وسَيْطَرَ عَلَيه البُكاءُ ، فَضَمَمتُهُ إلى صَدرِي وَرِحتُ أُجَفِّفُ دُموعَهُ قائِلاً : لِمَ تَبكي يا بُنَيَّ ؟! .
فَخَرجَتْ الكلِماتْ مِنْ فَمِهِ مَصحُوبةً بالعبَراتِ :
كَمْ أتَمنّى يا أبي أنّي لو كُنْتُ فِي زَمنِ الأئِمّةِ مِنْ آلِ رَسولِ اللهِ ( ) فأفدِيهِمْ بِرُوح
المصدر مركز آل البيت العالمي للمعلومات
(وتقول في وداعهم):
«السلام عليكم أئمة الهدى ورحمة الله وبركاته
استودعكم الله واقرأ عليكم السلام
آمنا بالله وبالرسول وبما جئتم به ودللتم عليه
اللهم فاكتبنا مع الشاهدين
ولا تجعله آخر العهد من زيارتهم
والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته»
أسألكم الدعاء لي ولوالداي واهل بيتي والمؤمنين
كما وصلني بالبريد