|
عضو مميز
|
|
|
|
الدولة : العـــــــــــــراق
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
جواب السؤال الثاني من أسئلة سورة الرعد
بتاريخ : 12-Nov-2010 الساعة : 08:49 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الرسالة الثانية
هل أنَّ القرآن كتابٌ يحكي قصص الماضين ،أم أنه كتاب يتوقف فهمه على فهم المفردات المعجمية الواردة في بعض الآيات فقط ؟
الجواب : القرآن أسلوبه الغالب هو أسلوب الخطاب . وهو كتاب الله سبحانه . وقد وصف القرآن نفسه في كثير من الآيات الشريفات أنه كتاب هدى وشفاء وبشرى وتعليم ونحو ذلك ،فمن هذه الآيات قوله تعالى في الآية82 من سورة الإسراء :(ونُنَزّل من القرآنِ ما هو شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاَّ خَساراً). و قوله تعالى في الآية 2 من سورة طه :( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى). وقوله تعالى في الآية 29 من سورة ص :( كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ ليدَّبَّروا آياته وليتذكَّر أولوا الألباب) .وقوله تعالى في الآية 89 من سورة النحل:( ونَزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلّ شيءٍ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) .
وقد جاءت في هذا السؤال إشارة إلى قضيتين ، الأولى : قضيّة القصص القرآني. فقد ذكرنا عند حديثنا عن سورة الشعراء التي قدّمت سبعة نماذج تأريخية كيف أن القرآن إنما يعرض القصة لا لمجرد كونها قصّة ؛بل لوجود إمكانية تكرار الحدث التأريخي في حقبة لاحقة إذا ما توافرت عوامل التكرار ،وقد قال تعالى في الآية 19 من سورة الانشقاق ( لتركبُنَّ طبقاً عن طبقٍ) ، أي لتأخذن سنن من قبلكم .وهو ما أكدته الأحاديث الشريفة أيضاً .
أما الثانية : فقد شاع عند الكثير من المسلمين أن مشكلة فهم القرآن يتوقف حلها على (فك رموز) المفردات الغريبة، والتي تسمى بالمفردات المعجمية ، أي تلك المفردات التي سُطّرت في معاجم اللغة والقواميس ،ولذا نجد الكثير من المفسرين يتحدثون عن شيءٍ أسموه : غريب القرآن ، ممّا ساهم في جعله موضوعاً يعلقُ في أذهان المسلمين في مختلف عصورهم، ومتنوع بلدانهم ،وتشتت مذاهبهم الكلامية والفقهية ،وتعدد مراتبهم ،وتلوّن مدارسهم .
وقد خلقت هذه العقيدة مشكلة كبرى أدَّت إلى ابتعاد الأمة عن قرآنها بدعوى يعسر عليها فهمه ،في وقت يتفشى التأويل المنحرف لأحاديث المنع منَ التفسير بالرأي ، وهذا بدوره أدَّى إلى انحسار الثقافة القرآنية انحساراً ملحوظاً نشهده في كل مكان حتى في الأمكنة التي تدَّعي أنها تحمل القرآن إلى الناس ،فليست هي كذلك !
وقد دفع انتشار هذه المفارقة البعض من معلمي ومدرسي اللغة العربية والنحو أنهم هم المعنيون بمصطلح أوردته الأحاديث الشريفة ،وهو مصطلح(حَمَلَة القرآن) على اعتبار معرفتهم بقواعد النحو ومعرفتهم لمعاني المفردات ،فقلّدهم الذين أحسنوا الظنَّ بهم ،فخانَ أولئك الأمانة بوصفهم مسلمين تجب عليهم النصيحة لبعضهم البعض . فمن هنا نُكرر القول بأنّ المنهج السائد في فهم القرآن هو منهجٌ أموي ، ذلك أن بني أميَّة هم الذين أشاعوا هذه الطريقة من ذي قبل . ولذا تجد أنَّ أحاديث الظهور الشريف تذكر بوضوح أنَّ الإمام الغائب صلوات الله عليه يأتي بقرآن جديد ،وهذا لا يعني أنه يأتي بقرآن غير قرآننا البتة ؛بل برؤية هي على المسلمين جديدة ،لاعتيادهم على فهم القرآن بعقلية غير منفتحة لأنها مقتصرة فقط على فهم أدوات الفن من نحو وبلاغة وأدب وبيان ونحو ذلك ،ممّا يسمونه بـ (علوم القرآن) طريقاً أوحداً للدخول إلى عالم القرآن الفسيح !
كذلك فإنه تجدر الإشارة إلى مسألة غاية بالأهمية ذكرتها في مناسبات عدّة ،وهي أن التفاسير المتداولة جعلت من القرآن معجماً لمعاني المفردات ،فالذي يتمكن ـ بحسب هذا المنهج ـ من معرفة معاني المفردات طبقاً لما هو موجود في القواميس اللغوية ،فإنه يتمكن من فهم القرآن . لكننا نفهم أنْ لا يوجد معنى موحّد للمفردة حينما تتنوع مقاماتها بين آية وآية ، إذْ لا مناص من ملاحظة الظلال الثقيلة التي تُلقيها قرائن المقام على هذه المفردة ، حيث سيختلف مرادها حينما تكون في مقام مغاير . فمثلاً تجد أنَّ معنى لفظة(دين) يختلف معناها بين آية وأخرى . كذلك فإنه لا يوجد معنى مطابق يقابل المفردة ؛بل إننا نعتقد بوجود معنى مقارب ،فلفظ ( الإفك) مثلاً يختلف عن معنى (الكذب) على الرغم من شيوع التطابق أو التقارب بينهما . نعم قد توجد بينهما نقاط مشتركة لكنها لا تستدعي التقارب . وقد ذكرنا تفاصيل وافية في كتابنا : القضيّة القرآنية في سورة الرعد .
|
|
|
|
|