اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
توجد عدة مسائل تتعلق بأسرة النبي بني عبد المطلب وبني هاشم :
المسألة الأولى :
في إيمان آباء النبي وأمهاته :
ومذهبنا أن كل آباء النبي وأمهاته مؤمنون طاهرون مطهرون ، من آدم وحواء إلى عبد الله وآمنة ، صلوات الله عليه وعليهم. وقد روينا في ذلك أحاديث صحيحة ودلت عليه آيات كريمة ، ووافقنا على هذا الرأي عدد من علماء إخواننا السنة مثل الفخر الرازي والسيوطي وغيرهما، وألفوا في ذلك رسائل مستقلة.
بينما قال أكثر السنة إن آباء النبي وأمهاته كفار مشركون ، وأنهم في النار ، ورووا في ذلك روايات هي عندهم صحيحة !
منها رواية خشنة رواها مسلم في:1/133:
أن رجلاً قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار ، فلما قفى دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار !!
المسألة الثانية :
في شفاعة النبي لبني هاشم وبني عبد المطلب ، وهم ثلاثة أصناف:
صنف مات قبل البعثة.
وصنف أسلموا وهاجروا وجاهدوا مع النبي .
وصنف لم يذكر التاريخ أنهم أسلموا ولكنهم ناصروا النبي في مواجهة قريش وتحملوا معه حصار الشعب ثلاث سنين ، وهم كل من بقي من بني هاشم وبني عبد المطلب ماعدا أبي لهب .
ومذهبنا أن شفاعة النبي تشمل أول ما تشمل بني هاشم وبني عبد المطلب ، من ارتضى الله منهم ، وكلهم عندنا مرضي إلا من ثبت فيه عدم الإرتضاء وأنه من أهل النار مثل أبي لهب. وقد ثبت عندنا إسلام أبي طالب وإيمانه ، وأنه كان يكتم إيمانه مثل مؤمن آل فرعون .
ومذهب إخواننا السنة في هذه المسألة متفاوت ، ففي رواياتهم ما يوافقنا تقريباً ، وفيها روايات تحاول حرمان كل بني هاشم من شفاعة النبي !
المسألة الثالثة:
في موقع علي وعترة النبي يوم القيامة من الشفاعة العظمى التي يعطاها ..
ومذهبنا أن عترة النبي الذين نصَّ عليهم بأسمائهم هم أوصياؤه وخلفاؤه الشرعيون وأئمة المسلمين وهداتهم بأمر الله تعالى ، وأنهم خيرة البشر بعد النبي صلى الله عليه وعليهم ، وهم معه يوم القيامة ، وبأيديهم ينفذ الشفاعة المعطاة له من الله تعالى ، ويفوضهم في كثير من الأمور .
وقد ثبت عندنا وروي السنيون أن لواء الحمد الذي هو رئاسة المحشر يجعله النبي بيد علي كما كان صاحب لوائه في الدنيا .
وأن مقام الصديقة الزهراء في الشفاعة يوم القيامة مقام مميزٌ حتى من بين العترة .
أما السنيون فليس لهم مذهبٌ واحدٌ في مقام عترة النبي يوم القيامة ، بل حتى في مقام صحابته ، لأن رواياتهم في ذلك متناقضة..فهم يريدون إعطاء الصحابة المرتبة الأولى بعد النبي ، ولكن النصوص الصحيحة عندهم في دخول بعض الصحابة النار ، وفي المقام المميز للعترة الطاهرة ، تأبى عليهم ذلك ، فيقعون في حيص بيص !
حساسية قريش من أسرة النبي
من الواضح للمطلع على السيرة أن الدافع الاساسي لتكذيب قبائل قريش بنبوة النبي ورفضهم لها ، كان دافعاً سياسياً ، لانهم إذا آمنوا بنبوة ابن عبد المطلب بن هاشم ، فقد اعترفوا بالقيادة لبني هاشم وصاروا أتباعاً لهم ، وانتهى الأمر !
ولذلك كانوا شديدين في تكذيبهم ، متحدين في موقفهم ، شرسين في مواجهتهم ، صريحين في إظهار تخوفهم..
وكان بعض قريش وغير قريش يفاوضون النبي على الإيمان بنبوته ، بشرط أن يكون لهم ( الأمر ) من بعده..ولكن النبي كان نبياً مبلغاً عن ربه تعالى ، ولم يكن مساوماً على الأمر من بعده .
لقد ظهرت هذه الحقيقة القرشية العميقة منذ إعلان النبي بعثته الشريفة ثم واجهته طوال نبوته ، ولم تنته حتى بعد وفاته !
وهي حقيقةٌ ضخمةٌ لم تعطَ حقها من الدراسة ، بسبب أن القرشيين بعد انتصار النبي عليهم ودخولهم تحت حكمه كرهاً وطوعاً، جعلوا مواجهتهم معه من نوع الحرب الباردة، ثم ما أن توفي النبي حتى أخذوا السلطة وأبعدوا أهل بيته وحاصروهم ! وألقوا بثقلهم لصياغة السنة والسيرة والتاريخ لمصلحة قبائل قريش ، وضد العترة الطاهرة !
وغرضنا هنا أن نعرض نماذج من حساسية قريش من أسرة النبي ، لكي نفهم تأثيرها على رواياتهم في كفر آباء النبي ورواياتهم في عدم انتفاع بني هاشم بقرابتهم من النبي وشفاعته !
وهو باب خطيرٌ والدراسات فيه ممنوعةٌ، ولكن القليل منه يجعل الباحث يتوقف ملياً في قبول أي حديث سلبي عن أسرة النبي جاءت روايته عن طريق القرشيين من غير أهل بيته!