اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا حدث في مثل هذا اليوم؟ !! لنستعرض سويا الاحداث المخلدة عبر صفحات التاريخ المدونة بحبر الدم
وصول سبايا الإمام الحسين ( ) إلى الكوفة
تحرَّك موكب سبايا أهل البيت ( ) وهو يقطع الصحاري ، حامِلاً الذكريات الموحِشة والمؤلمة للَيلَة الفِراق والوحشة ، التي قضَوها على مَقربة من مَصارع الشهداء .
بارح اللعين عمر بن سعد أرض المعركة « كربلاء » قبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم ، ومعه سبايا سيد الشهداء عليهما السلام من النساء والأطفال ، وفي مقدمتهم الامام العليل علي بن الحسين زين العابدين و «72» رأساً من رؤوس شهداء الطف ، سائراً بهم الى الكوفة حيث قصر أميره عبيدالله بن زياد.
فدخَلَ الركب الكوفةَ في اليوم الثاني عشر من المحرَّم ، سنة ( 61 هـ ) ، ففزع أهلُ الكوفة ، وخرَجوا إلى الشوارع ، بين مُتسائِلٍ لا يدري لِمَن السبايا ، وبين عَارفٍ يُكفْكِف أدمعاً ويُضمِر نَدَماً ، فلما دخلت السبايا الكوفة اجتمع الناس للنظر اليها ، فأشرفت امراة من أهل الكوفة على الأسارى وسألت النساء وقالت : من أي الاسارى أنتن ؟ فاجبنها نحن أسارى آل محمد وسلم ، فنزلت من شرفتها وجمعت لهن أزرا ومقانع وضج أهل الكوفة بالبكاء . فقال لهم الامام زين العابدين : « أتنوحون وتبكون من أجلنا ، فمن الذي قتلنا » ؟
ثمَّ اتَّجه موكبُ السبايا نحو قَصْر الإمارة ، مُخترقاً جموع أهل الكوفة ، وهُم يبكون لِما حَلَّ بالبيت النبوي الكريم ولِما اكتسبت أيديهم ، وخَدَعتْ وعودُهم سبط النبي ( ) ، وإمام المسلمين الحسين ( ) ، وهَاهُم يرَوْن أهله ونساءه أسَارَى .
وهاهو رأسُ السبط الشهيد يحلِّق في سَماء الكوفة على رأسِ رمح طويل ، وقد دعوه ليكون قائداً للأمَّة الإسلامية ، وهادياً لها نحو الرشاد .
فحدَّقت زينب ( ) بالجموع المحتشدة ، ومَرارة فقدان أخيها تملأ فَمها ، وذُلّ الأَسر يحيطُ بموكِبها ، فنظرت ( ) إلى أهل الكوفة نظرة غَضَبٍ واحتقار ، وخَطَبت بهم خطبة مُقرعة ومؤنِّبة ، ثم خطبت فاطمة بنت سيد الشهداء ، ثم أم كلثوم بنت الامام علي ، ثم الامام زين العابدين . وبعد كل خطبة كان الناس يضجون بالبكاء والنحيب ، ونشرت النساء شعورهن ، وخمشن وجوهن ، ولطمن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال والاطفال والنساء ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم .
وأدخِلَ رأس الإمام الحسين ( ) إلى القصر ، ووُضع بين يدي ابن زياد عليه لعائن الله ، فأخذ يضرب الرأسُ الشريف بقضيب كان في يده ، وعليه علامات الفرح والسرور ، وكان إِلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وهو شيخ كبيرٌ ـ فقال : إرفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فوالله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما لا اُحصيه تترشفهما . ثمّ انتحب باكياً، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك ، أتبكي لفتح الله ، والله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك . فنهض زيد بن أرقم وصار إلى منزله.
ثم أُدخل النساءُ والأطفال ، ومعهم الإمام زين العابدين ( ) فدخلت زينب اُخت الحسين في جملتهم متنكّرة وعليها أرذل ثيابها، فمضت حتى جلست ناحية من القصر وحفّ بها إماؤها، فقال ابن زياد: من هذه التي انحازت ومعها نساؤها؟ فلم تجبه زينب ، فأعاد ثانية وثالثة فقال له بعض إمائها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلَى الله عليه واله وسلّم ، فاقبل عليها ابن زياد لعنه الله وقال : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب اُحدوثتكم .
فردَّتْ ( ) عليه بلسانِ المرأة الواثقة بأهدافها : الحمْدُ لله الذي أكرَمَنا بنبيِّه محمدٍ ، وطهَّرَنا مِن الرِّجس تطهيراً ، إنما يَفتضحُ الفاسِق ، ويكذبُ الفاجِر ، وهو غَيرُنا.
فقال ابن زياد : كيف رأيت فِعلَ الله بأهلِ بيتك ؟
فقالت ( ) : ( كتبَ اللهُ عليهم القتل ، فَبَرَزوا إلى مَضاجِعِهم ، وسيجمع اللهُ بَينك وبَينَهُم ، فتحاجُّون إليه ، وتَخْتصِمون عِنده )
فغضب ابن زياد واستشاط ، فقال عمرو بن حريث : إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.
فقال لها ابن زياد: قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك .
فرقّت زينب وبكت ، وقالت : لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبرت أهلي ، واجتثثت أصلي ، فإن يشفك هذا فقد اشتفيت .
فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ، ولعمري لقد كان أبوها سجّاعاً .
فقالت : ما للمرأة والسجاعة، إنّ لي عن السجاعة لشغلاً، ولكن صدري نفث بما قلت .
ثم جاء الدور بعد ذلك للإمام زين العابدين ( ) ، ليقف أمام عبيد الله بن زياد .
فسأله : مَن أنت ؟
فأجاب الإمام ( ) : ( أنَا علي بن الحسين )
فقال : ألمْ يقتلُ الله علي بن الحسين ؟
فقال الإمام ( ) : ( كَانَ لي أخٌ يُسمَّى علياً قَتَله الناس )
فقال ابن زياد : بل قتله الله .
فقال الإمام ( ) : ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) الزمر : 42 .
فغضب ابن زياد وقال : بك جرأة لجوابي ، وفيك بقيّة للردّ عليّ ،إذهبوا به فاضربوا عنقه .
فتعلَّقت عَمَّته زينب ( ) به وصاحت : ( يَا بْن زياد ، حَسْبك مِن دِمائِنا ، والله لا أفارِقُه ، فإن قَتلتَهُ فاقتلني معه ) .
فنظر ابن زياد إليها ساعة وقال : عجباً للرحم ، والله اني لأظنّها ودت أنّي قتلتها معه ، دعوه فإنّي أراه لما به مشغول ، ثمّ قام من مجلسه ، فتراجع عن ذلك .
ولم يقف حِقد ابن زياد وقَساوته ، وأسلوبه الوحشي إلى حَد ، بل راح يطوف في اليوم الثاني برأس الحسين ( ) في شوارع الكوفة وسككها وقبائلها، يُرهِب أهلَها ، ويتحدَّى روح المعارضة والمقاومة فيها .
فروي عن زيد بن أرقم أنّه قال : مرّ به عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة لي فلمّا حاذاني سمعته يقرأ : (اَمْ حَسِبْتَ اَنَ اَصحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقيمِ كانوا مِنْ اياتِنا عَجَباً) وقف والله شعري وناديت : رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب .
ولما فرغ القوم من التطواف به ردّوه إلى باب القصر فدفعه ابن زياد إلى زحر بن قيس عليه لعنة الله ودفع إليه رؤوس أصحابه وسرّحه إلى يزيد بن معاوية عليهما لعائن الله وأنفذ معه جماعة من أهل الكوفة حتّى وردوا بها إلى يزيد بن معاوية بدمشق ، فقال يزيد : قد كنت اقنع وأرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين أما لو أنّي صاحبه لعفوت عنه .
خطت علينا مصائب لو أنها خطت على الأيام صرن لياليا
لا يوم كيومك يا أبا عبدالله () ولا مصيبة كمصيبتك