ماذا لو استجبنا لمطالبتهم:
ولو أردنا أن نخضع لهذا الجو الضاغط، الذي يثيره الحاقدون.. فإن علينا أن نتوقع: أن نطالَب ربما بالخروج عن ديننا إلى دينهم، والعياذبالله، فإن جميع أعداء الدين والمذهب لا يرضون بما نحن عليه وقد قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}سورة البقرة/ 120.
ولو أردنا أن نخضع لهذه الأجواء، فإن علينا أن نلغي رجم الزاني المحصن، وقطع يد السارق، والحكم بعدم جواز تزويج المطلقة ثلاث مرات إلا بعد أن تنكح زوجاً آخر، وغير ذلك من التشريعات التي يعلن العلمانيون رفضها، ويجاهرون بنقدها، ويهتمون بتسفيهها، ويتابعهم على ذلك كثير من الناس البسطاء، الذين لا حظ لهم من العلم، ويأخذون الأمور، بسلامة نية، وحسن طوية..
إن ما يجري في عاشوراء، حتى جرح الرؤوس، وضرب السلاسل، واللطم، وغير ذلك لم تثبت حرمته الشرعية، ولا هو مما يحكم العقل بقبحه، وتلك هي الشواهد والدلائل تشير إلى مشروعيته..
فلماذا يقال: إن فيه توهيناً للمذهب، في كل جيل، وكل قبيل؟!.
ولماذا تطلق التعميمات بهذه الصورة؟!..
ولماذا لا يقال: إنه حيث يلزم التوهين، فلا بد من الامتناع عنه، وحيث يلزم الإعزاز، فلا حرج فيه، ولا جناح؟!..
نعم..ربما يكون في ذلك بعض الحرج النفسي لدى فريق من الناس، ممن يفاجأون بمشاهد صعبة وغريبة عما عرفوه، وألفوه.. فلا بدمن مراعاة حال هؤلاء والرفق بهم، وتيسير الإيمان لهم..
.. ولا يكفي مجرد الشعور بالخوف والرهبة لدى من يشاهد جرح الرؤوس، لإصدار الحكم بالتحريم.. إذ لو كان ذلك كافياً للزم أن نمنع من ذبح البقر والغنم أيضاً، لأن كثيراً من الناس يتألمون من مشاهدتها وهي تذبح.. كما أن علينا أن لا نقتل القاتل. وأن لا نجلد الزاني، أو أن نرجمه، وأن لا نرضى بقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} سورة النور/ 2 فإن هناك الكثير من الناس يخافون، ويرهبون حالات كهذه، كما أن كثيرين منهم لا يرضون بالالتزام، ولا بإلزامهم بمثل هذه الأمور..
وفيما عدا ذلك، فإننا قد قلنا آنفاً: إنه لو كان فعل ذلك في بعض المواضع موجباً لصدود الناس عن التفكير بالإسلام، فلا بد من مراعاة حالهم، عملاً بالآية الشريفة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}سورة النحل/ 125.
لكن ذلك لا يعني أن تشن حملة على كل من يريد ممارسة هذه الشعائر، بحيث تشمل هذه الحملة حتى المواضع التي ليس في ممارستها فيها أي محذور.