كلمات نورانيّة..من قلب العاشق الى قلب المريد - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع torbat karbala2 مشاركات 5 الزيارات 5578 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

torbat karbala2
الصورة الرمزية torbat karbala2
مشرفة سابقة
رقم العضوية : 2148
الإنتساب : Jul 2008
الدولة : مدينة الشمس بعلبك
المشاركات : 1,807
بمعدل : 0.30 يوميا
النقاط : 274
المستوى : torbat karbala2 is on a distinguished road

torbat karbala2 غير متواجد حالياً عرض البوم صور torbat karbala2



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
Wink كلمات نورانيّة..من قلب العاشق الى قلب المريد
قديم بتاريخ : 08-Jul-2009 الساعة : 06:08 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


المقدمة
حروف من نور يرسمها القلم العرفاني، ليخاطب الوجدان فيبصر القلب معدن النور في زمن التيه. هي كلمات كانت كخاطرة لمخاطب تحمل عنوان: «أيها العزيز» - الذي يختزن في طيّاته كلّ معاني الودّ والحنان، من أبٍ عارف سلك طريق الحياة. أنها لوحة خطتها ريشة الإمام الخميني في كتابه (الأربعون حديثاً). وقد اخترناها لتكون سلوة للقارئ إذا حنّ إلى بارئه



في الهجرة الحق

يا أخي...
اْعزم على الهجرة إلى الحقّ تعالى، واْجعل ظاهرك ظاهراً إنسانياً، واْدخل في سلك أرباب الشرائع، واْطلب من الله تعالى في الخلوات العون على بلوغ هذا الهدف واْستشفع برسول الله (ص) وأهل بيته (ع) حتى يوفّقك الله على ذلك، ويعصمك من المزالق التي تعترضك، لأن هناك مزالق كثيرة تعترض الإنسان أيام حياته، ومن الممكن أنه في لحظة واحدة يسقط في مزلق مهلك، ويعجز من السعي لإنقاذ نفسه، بل قد لا يهتم بإنقاذ نفسه، بل ربما لا تشمله حتى شفاعة الشافعين.



في العزم على ترك الحرام

أيها العزيز.....!
إجتهد لتصبح ذا عزم وإرادة، فإنك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقق فيك العزم (على ترك المحرمات) فأنت إنسان صوريّ، بلا لبّ، ولن تحشر في ذلك العالم (عالم الآخرة) على هيئة إنسان؛ لأن ذلك العالم هو محلّ كشف الباطن وظهور السريرة، وإن التجرّؤ على المعاصي يُفقد الإنسان تدريجياً العزم، ويُختطف منه هذا الجوهر الشريف.



في مجاهدة النفس

أيها العزيز.....!
كن ذاكراً لعظمة ربك، وتذكّر نعمه وألطافه، وتذكر أنك في حضرته ـ وهو شاهد عليك ـ فدع التمرّد عليه، وفي هذه المعركة الكبرى تغلّب على جنود الشيطان، واْجعل من مملكتك مملكة رحمانية وحقانية، واْحلل فيها عسكر الحق تعالى محل جنود الشيطان، كي يوفقك الله تبارك وتعالى في مقام مجاهدة أخرى، وفي ميدان معركة أكبر تنتظرنا وهي الجهاد مع النفس في العالم الباطن، وأكرر التذكير بأنه في جميع الأحوال لا تعلّق على نفسك الآمال؛ لأنه لا ينهض أحد يعمل لغير الله تعالى. فاطلب من الحق تعالى نفسه بتضرع وخشوع، كي يعينك في هذه المجاهدة لعلك تنتصر. إنه ولي التوفيق.


في الاستعانى بالله

أيها العزيز...!
فكِّر، واْبحث عن العلاج، واْعثر على سبيل نجاتك ووسيلة خلاصك، واْستعن بالله أرحم الراحمين، واطلب من الذات المقدس في الليالي المظلمة، بتضرّعٍ وخضوع أن يعينك في هذا الجّهاد المقدّس مع النفس، لكي تتغلّب إن شاء الله، وتجعل مملكة وجودك رحمانية، وتطرد منها جنود الشيطان، وتسلّم الدار إلى صاحبها حتى يفيض الله عليك السعادة والبهجة والرحمة التي يهون جانبها كلّ ما سمعت عن وصف الجنة والحور والقصور وتلك هي السلطة الإلِّهية العامة التي أخبر عنها أولياء الله من هذه الأمة الحنيفة، مما لم يطرق سمع أحد ولم يخطر على قلب بشر.


في الجد والنشاط

أيها العزيز...!
إفتح سمع قلبك، وشدّ حزام الهمّة على وسطك، واْرحم حال مسكنتك، لعلك تستطيع أن تجعل من نفسك إنساناً، وأن تخرج من هذا العالم في صورة إنسان، لتكون عندها من أهل الفلاح والسعادة وحذار من أن تتصوّر أن كل ما تقوم هو موعظة وخطابة. فهذا كله هو نتيجة أدلّة فلسفية توصّل إليها الحكماء العظام. وثمرة كشف، انكشف لأصحاب الرياضات، وحصيلة أخبار مأثورة، إخبار عن الصادقين والمعصومين (ع) .


في النصرة على الشيطان

أيها العزيز...!
إستعن بالله تبارك وتعالى في كل آن ولحظة، واْستغث بحضرة معبودك، واطلب منه بعجز وإلحاح. قائلاً: «أللهم... إن الشيطان عدو عظيم، كان له ولا يزال طمعٌ بأنبيائك وأوليائك العظام. اللهم... فأعني وأنا عبدك الضعيف المبتلى بالأوهام الباطلة والخيالات والخرافات العاطلة، كي أستطيع أن أجابه هذا العدو القوي. اللهم... وساعدني في ساحة المعركة مع هذا العدو القوي الذي يهدد سعادتي وإنسانيتي، لكي أستطيع أن أطرد جنوده من المملكة العائدة لك، وأقطع يد هذا الغاضب من البيت المختصّ بك»-.


في اغتنام الفرصة

أيها العزيز...!
انهض من نومك، وتنبّه من غفلتك، واْشدد حيازيم الهمة، واْغتنم الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقية، وما دامت قواك تحت تصرفك، وشبابك موجوداً، ولم تتغلب عليك ـ بعد ـ الأخلاق الفاسدة، ولم تتأصّل فيك الملكات الرذيلة، فاْبحث عن العلاج، واْعثر على الدواء لإزالة تلك الأخلاق الفاسدة والقبيحة، وتلمّس سبيلاً لإطفاء نائرة الشهوة والغضب....



في المحبوب الحقيقي

أيها العزيز...!
من أجل خيال باطل ومحبوبية بسيطة في أعين العباد الضعاف، ومن أجل جذب قلوب الناس المساكين، لا تعرّض نفسك للغضب الإلهي، ولا تبع ذلك الحب الإلهي وتلك الكرامات غير المحدودة، وتلك الألطاف والعنايات الربانية، لا تبعها بمحبة بسيطة عند مخلوق ليس له أثر، ولا تكسب منه أيّة ثمرة سوى الندامة والحسرة، عندما تقصر يداك عن هذا العالم ـ وهو عالم الكسب ـ، وعندما ينقطع عملك، وليس للندم حينئذ نتيجة ولا للإنابة من فائدة.



في تطهير النفس

أيها العزيز...!
أطلب السمعة والذكر الحسن من الله، التمس قلوب الناس من مالك القلوب، إعمل أنت لله وحده فستجد أن الله تعالى ـ فضلاً عن الكرامات الأخروية ونعم ذلك العالم ـ سيتفضل عليك في هذا العالم نفسه بكرامات عديدة، فيجعلك محبوباً، ويعظّم مكانتك في القلوب، ويجعلك مرفوع الرأس ـ وجيهاً ـ في كلتا الدارين. ولكن إذا استطعت فخلّص قلبك بصورة كاملة بالمجاهدة والمشقة، من هذا الحبّ أيضاً، وطهِّر باطنك، كي يكون العمل خالصاً من هذه الجهة، ويتوجّه القلب إلى الله فقط حتى تطهر الروح، وتزول أدران النفس.



في تطهير القلب

أيها العزيز...!
استيقظ وأبعد عنك الغفلة والسكرة وزن أعمالك بميزان العقل قبل أن توزن في ذلك العالم، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب، واْجلُ مرآة القلب من الشرك والنفاق والتلوّن، ولا تدع صدأ الشرك والكفر يحيط به بمستوىً لا يمكن جلاؤه حتى بنيران ذلك العالم، لا تدع نور الفطرة يتبدّل بظلمة الكفر، لا تدع هذه الآية (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا..( تضيع، لا تخنْ هذه الأمانة الإلهية بهذا النحو، نظّف مرآة قلبك لكي يتجلّى فيها نور جمال الحق فيغنيك عن العالم، وكل ما فيه. ولكي تتوهج نار الحب ـ العشق ـ الإلهي في قلبك، فتحرق الأنواع الأخرى من الحب، ولا تستبدل حينذاك جميع هذا العالم بلحظة واحدة من الحب الإلهي، ولكن تحصل على لذة في مناجاة الله وذكره، تعتبر غيرها من جميع اللذات الحيوانية، لعباً ولهواً. وإذا لم تكن من أهل هذه العوالم، وترى هذه المعاني غريبة وعجيبة لديك فإياك أن تضيع تلك النعم الإلهية في العالم الآخر المذكورة في القرآن المجيد وأخبار المعصومين (ع) وتخسرها من أجل جذب قلوب المخلوقين.



في الحذر من الله

أيها العزيز......!
إستيقظ وانتبه وافتح أذنيك، وحرّم نوم الغفلة على عينيك، واْعلم أن الله خلقك لنفسه كما يقول في الحديث القدسي: «يا بنَ آدَمَ خَلَقْتُ الأَشْيَاءَ لأَجْلِكَ وَخَلَقْتُكَ لأَجْلِي» فاتخذ من قلبك منزلا له، فأنت وقلبك من النواميس والحرمات الإلهية، والله تعالى غيور، فلا تهتك حرمته وناموسه إلى هذا الحدّ، ولا تدع الأيادي تمتد إلى حرمه وناموسه. احذر غيرة الله، وإلا فضحك في هذا العالم بصورة لا تستطيع إصلاحها مهما حاولت. أتهتك في ملكوتك وفي محضر الملائكة والأنبياء العظام ستر الناموس الإلهي؟! وتُقَدِّمُ الأخلاق الفاضلة التي تخلَّق بها الأولياء إلى الحق، إلى غير الحق؟! وتمنحُ قلبك لخصم الحق؟! وتُشرِكُ في باطن ملكوتك؟! كن على حذر من الحق تعالى فإنه مضافاً إلى هتكه سبحانه لناموس مملكتك في الآخرة ـ وفضحه لك أمام الأنبياء العظام والملائكة المقربين، سيفضحك في هذا العالم ويبتليك بفضيحة لا يمكن تلافيها... وبتمزيق عصمة لا يمكن ترقيعها.



في ترك الرياء

أيها العزيز...!
كن دقيقاً في أعمالك وحاسب نفسك في كل عمل، واْستنطقها عن الدافع في الأعمال الخيرة، والأمور الشريفة، فما الذي يدفعها إلى السؤال عن مسائل صلاة الليل أو على ترديد الأذكار؟ هل تريد تفهُّم أحكام صلاة الليل وتعلمها قربة إلى الله، أو تريد أن توحي إلى الناس بأنك من أهل صلاة الليل؟ لماذا تريد أن تخبر الناس بأي أسلوب كان، عن الزيارة للمشاهد المشرفة وحتى عن عدد الزيارات؟ لماذا لا ترضى أن لا يطلع أحد على الصدقات التي تعطيها في الخفاء، وتحاول أن تتحدث عنها ليطّلع عليها الناس؟ إذا كان ذلك لله، وتريد أن يتأسىّ بك الناس باعتبار أن الدال على الخير كفاعله» فإن إظهاره حسن، واْشكر الله على هذا الضمير النقي والقلب الطاهر!. ولكن ليكن الإنسان حذراً في المناظرة والجدال مع النفس، وأن لا ينخدع بمكرها وإظهارها له العمل المرائي بصورة عمل مقدس. فإن لم يكن لله، فتركه أولي؛ لأن هذا من طلب السمعة، وهو من شجرة الرياء الملعونة. ولن يقبل الله المنان عمله، بل يأمر بإلقائه في سجّين.



في القوّة الحقيقية

أيها العزيز...!
فكّر لتجد سبيلاً لنجاتك، واْعلم أن الشهرة بين هؤلاء الناس وَهمٌ باطل، إنها ليست بشيء. إن قلوب هؤلاء التي لو كان أكلها عصفورا لما شبع، إن هي إلا قلوب ضعيفة تافهة، ولا طاقة لها على شيء وإن هذا المخلوق الضعيف لا حول له ولا قوة. القوة هي قوة الله المقدسة، فهو الفاعل المطلق ومسبب الأسباب. ولو اْجتمع الناس جميعاً وكان بعضهم لبعض ظهيراً، لما استطاعوا أن يخلقوا ذبابة، وإذا سلبت منهم الذبابة شيئاً لما استطاعوا استرجاعه منها كما جاء في الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}.


في عبادة النفس

أيها المسكين...!
الغافل عن المعارف الإلهية...! يا من لا تهم سوى إرادة شهوتك وغضبك، أنت المتوسل بالأذكار والأوراد والمستحبات والواجبات، والتارك للمكروهات والمحرّمات والمتخلق بالأخلاق الحسنة، والمتجنب لسيئات الأخلاق، ضع أعمالك أمام عين الإنصاف، أتقوم بها لأجل الوصول إلى الشهوات النفسانية والجلوس على سرر مطعّمة بالزبرجد، ومعانقة الضحوكات والدعوبات في الجنة، وارتداء الحرير والإستبرق، والسكنى في القصور الفارهة الجميلة، والوصول إلى الأماني النفسية؟ أفينبغي أن تمن بهذه الأعمال على الله؟ وهي جميعاً لأجل النفس ومن أجل عبادتها، وتعدّها عبادة لله؟


في العبادة

أيها المسكين...!
أنت في حضرة الله جلّ جلاله، وفي محضر الملائكة المقرّبين، تعمل خلاف رضا الله تعالى، والعبادة التي هي معراج القرب من الله، تؤدّيها لأجل النفس الأمّارة بالسوء ولأجل الشيطان، وعندها لا تستحي أن تكذب في العبادة عدة أكاذيب في حضرة الربّ والملائكة المقربين وتفتري عدة افتراءات، وتمنّ وتعجب وتتدلل أيضا، ولا تخجل بعد كل ذلك! بماذا تختلف عبادتي هذه وعبادتك عن معصية أهل العصيان، وأشدها الرياء؟ فالرياء شرك وقبحه ناشئ من أنك لم تؤدِّ العبادة لأجل الله.


في مكائد الشيطان

يا أيها الأخ....!
كن حذراً تجاه مكائد النفس والشيطان، واْعلم أنه لن يدعك أيها المسكين بأن تؤدي عملاً واحداً بإخلاص، وحتى هذه الأعمال غير الخالصة التي تقبّلها الله تعالى منك بفضله، لا يدعك ـ الشيطان ـ أن تصل بها إلى الهدف فيعمل عملاً تحبط به أعمالك كلها، وتخسر حتى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلل في غير موقعه. وبغض النظر عن بُعد الوصول إلى الله ورضاه، فإنك لن تصل إلى الجنة ولا إلى الحور العين، بل تخلد في العذاب وتعذّب بنار الغضب كذلك. أنت تظن أنك بهذه الأعمال المتفسّخة المتعفّنة الهزيلة الممزوجة بالرياء وطلب السمعة وألف مصيبة أخرى التي تحول دون قبول العبادات كلها، تظن إنك بها تستحق الأجر مَن الحق تعالى أو أنك أصبحت بها من المحبين والمحبوبين.


في ترك العجب

أيها العزيز...!
لا تتباهى بقربك من الله ولا تبالغ في حبك له، أيها العارف، أيها الصوفي، أيها الحكيم، أيها المجاهد، أيها المرتاض، أيها الفقيه، أيها المؤمن، أيها المقدس، أيها المساكين المبتلون يا سيئي الحظ المغلوبين بمكائد النفس وهواها، أيها المساكين المبتلون بالآمال والأماني وحب النفس، كلكم مساكين، كلكم بعيدون فراسخ عن الإخلاص وعبادة الله، لا تحسنوا الظنّ بأنفسكم إلى هذا الحد، لا تتغنّجوا ولا تتدلّلوا. إسألوا قلوبكم: هل تبحث عن الله، أم تريد ذاتها؟ هل هي موحّدة وتطلب الواحد أم مشركة وتعبد اثنين؟ فماذا يعني إذاً كل هذا العُجب؟ ماذا يعني إذاً التعالي بالعمل إلى الحد؟ وهو إذا صحّت جميع أجزائه وشروطه وخلا من الرياء والشرك والعُجْب وباقي المفسدات، فهدفه الوصول إلى إشباع شهوات البطن والفرج، فما قيمته كي تنقله الملائكة؟ هذه الأعمال من القبائح والفجائع، وينبغي للإنسان أن يخجل منها ويسترها... إلهي... بك نعوذ نحن المساكين من شر الشياطين والنفس الأمارة بالسوء، أللهم فاْحفظنا من مكائدهم بحق محمد وآله.


في التواضع

أيها العزيز....!
ما يحتوي عليه رأسك من الدماغ، تحتويه رؤوس الآخرين أيضاً، إذا كنت متواضعاً، احترمك الناس قهراً واعتبروك كبيراً، وإذا تكبرت على الناس لم تنل منهم شيئا من الاحترام. بل إذا استطاعوا أن يذلوك لأذلوك ولم يكترثوا بك. وإن لم يستطيعوا إذلالك، لكنت وضيعاً في قلوبهم، وذليلاً في أعينهم، ولا مقام لك عندهم. افتح قلوب الناس بالتواضع فإذا أقبلت عليك القلوب ظهرت آثارها عليك وإن أدبرت تكون آثارها على خلاف رغباتك. فإذا فرضنا أنك كنت من المبتغين للاحترام والمقام الرفيع، لكان اللازم عليك أن تسلك الطريق الذي يفضي بك إلى الاحترام والسمو، وهو مجاراة الناس والتواضع لهم.


في مخالفة الهوى

أيها العزيز....!
إذا كان التكبر بالكمال المعنوي، فقد كان الرسول الأعظم(ص) والإمام علي (ع) أرفع شأناً، وإذا كان بالرئاسة والسلطان، فقد كانت لهما الرئاسة الحقة. ومع ذلك، كانا أشد الناس تواضعاً.
واعلم، أن التواضع وليد العلم والمعرفة، والكبر وليد الجهل واْنعدام المعرفة، فامسح عن نفسك عار الجهل والانحطاط، وأتصف بصفات الأنبياء، واترك صفات الشيطان، ولا تنازع الله في ردائه ـ الكبرياء ـ فمن ينازع الحق في ردائه فهو مغلوب ومقهور بغضبه، ويُكَبُّ على وجهه في النار. وإذا عزمت على إصلاح نفسك، فطريقه العملي، أمر يسير مع شيء من المثابرة، وإنه طريق لو اتصفت بهمة الرجال وحرية الفكر وعلو النظر، فلن تصادفك أية مخاطر. فإن الأسلوب الوحيد على النفس الأمّارة، وقهر الشيطان، ولإتّباع طريق النجاة، هو العمل بخلاف رغباتهما.


في خلوص النية

أيها العزيز!
اْشدد عزيمتك، ومزّق عن نفسك سجف الجهل، واْنج بنفسك من هذه الورطة المهلكة، كان إمام المتقين وسالك طريق الحقيقة ينادي في المسجد بأعلى صوته حتى يسمعه الجيران: «تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحيلِ، وما زادٌ ينفعك سوى الكمالات النفسانية، وتقوى القلب، والأعمال الصالحة، وصفاء الباطن، وخلوص النية من كل عيب وغش. فإذا كنت من أهل الإيمان الناقص والصوري، فعليك أن تطهّر نفسك من هذا الغش حتى تنضمّ إلى زمرة السعداء والصالحين. والغش يزول بنار التوبة والندم، وبإدخال النفس في أتون العذاب واللوم، وصهرها في حرارة الندامة والعودة إلى الله.


في ترك الكبر

أيها الأخ...!
ما دمت في مقتبل عمرك، وزهرة شبابك، وأوج قوتك، وحرية إرادتك، سارع لإصلاح نفسك، ولا تلق بالاً لهذا الجاه والمقام، وطأ على هذه الاعتبارات بقدميك إنك إنسان، فأبعد نفسك عن صفات الشيطان، فلعلّ الشيطان يهتم بهذه الصفة اهتماماً كبيراً لكونها صفة من صفاته. وهي التي أدت إلى طرده من حضرة الله، ولذلك فهو يريد أن يوقع الإنسان، عارفاً أو عاميّاً عالماً أو جاهلاً، في مثل هذه الرذيلة، حتى إذا ما لقيك يوم القيامة شَمَتَ بك قائلاً: «ويا أبن آدم، ألم يخبرك الأنبياء بأن التكبر على أبيك قد طردني من حضرة الحق. لقد نزلت عليّ لعنة الله لأني احتقرت مقام آدم واستعظمت مقامي، فلماذا أوقعتك نفسك في هذه الرذيلة»؟.


في اغتنام القوة

عزيزي...!
إن الوقوف منذ البداية دون تسرب المفاسد الأخلاقية أو العملية إلى مملكة ظاهرك وباطنك، أيسر بكثير من إخراجها بعد توغلها، لأن ذلك يتطلب الكثير من العناء والجهد.
وإذا تسربت، فإنك كلما أخّرت التصدّي لإخراجها، ازداد الجهد المطلوب منك وضعفت قواك الداخلية. فلا تتركوا هذه القوى تضيع من أيديكم، ويستولي عليكم ضعف الشيخوخة، وعندئذٍ يصعب عليكم التوفيق في مساعيكم.


في ترك حب الدّنيا

عزيزي...!
بعد أن عرفت مفاسد هذا التعلق والحب، وأدركت أن ذلك يفضي بالإنسان إلى الهلاك، ويجرّده من الإيمان، ويجعل دنياه وآخرته متشابكتين مضطربتين، فشمّر عن ساعد الجد، وقلّل حسب طاقتك، التعلق بهذه الدنيا، واْقتلع جذور حبها من نفسك، واْحتقر الأيام القليلة التي تقضيها في الحياة، واْزهد في خيراتها المشوبة بالألم والعذاب والنقمة، واْطلب من اللّه أن يعينك على الخلاص من هذا العذاب وهذه المحنة، ويجعل قلبك يأنس بدارِ كرمه تعالى: «وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى».


في ترك النفاق

أيها العزيز....!
إن من مراتب النفاق وذي اللسانين والوجهين، النفاق مع الله تعالى والتوجه إلى مالك الملوك ووليّ النِعم بوجهين، حيث نكون المبتلين به في هذا العالم ونحن غافلون عنه.
لأن أستار الجهل الكثيفة وحجب الأنانية المظلمة وحب الدنيا وحب الذات مسدولة عليه ومختفية عنّا ومن الصعب جداً أن ننتبه له قبل انكشاف السرائر، ورفع الحجب، والظعن عن دنيا الطبيعة، وشدّ الرحال عن دار الغرور ودار الجهل والغفلة. إننا الآن غارقون في نوم الغفلة، محكومون لسكر الطبيعة، والميول والرغبات التي تزيّن لنا كل قبائح الأخلاق وفساد الأعمال، وإذا ما استيقظنا وصحونا من هذه السكرة العميقة يكون قد فات الأوان. إذ نجد أنفسنا قد صرنا في زمرة المنافقين وذي الوجهين واللسانين وحُشرنا بلسانين من نار، أو بوجهين مشوّهين بشعين.


في الاعتبار من الآخر

أيها العزيز...!
يا من تقرأ هذه الوريقات، خذ العبرة من حال هذا الكاتب الذي يرزح الآن أو مستقبلاً تحت الثرى، وهو في العالم الآخر مبتلى بأعماله وأخلاقه ... فاْنتبه إلى نفسك لأنك ستكون يوماً مثلي دون أن تعلم متى يكون ذلك. فلعلك الآن وأنت مشغول بالقراءة، إذا تباطأت ذهبت الفرصة من يدك. يا أخي، لا تؤجل هذه الأمور لأنها لا تحتمل التأجيل، فكم من إنسان سليمٍ وقويٍ فاجأه الموت في لحظة وأخرجه من هذه الدنيا إلى العالم الآخر ولا نعلم عن مصيره شيئا. إذاً، لا تضيّع الفرصة، بل اغتنم اللحظة الواحدة، لأن القضية عظيمة الأهمية، والرحلة شديدة الخطورة.



في الإخلاص

يا من تدّعي الإِيمان وخضوع القلب في حضرة الله ذي الجلال...1
إذا كنت تؤمن بكلمة التوحيد، ولا يعبد قلبك غير الواحد، ولا يطلب غيره، ولا ترى الألوهية تستحق إِلاّ لذاته المقدسة، وإذا كان ظاهرك وباطنك يتفقان فيما تدّعي، فلماذا نجدك وقد خضع قلبك لأهل الدنيا كل هذا الخضوع؟ لماذا تعبدهم؟ أليس ذلك لأنك ترى لهم تأثيراً في هذا العالم، وترى أنّ إرادتهم هي النافذة، وترى أنّ المال والقوة هما الطاقة المؤثرة والفاعلة؟ وأ ن ما لا تراه فاعلاً في هذا العالم هو إرادة الحق تعالى، فتخضع لجميع الأسباب الظاهرية، وتغفل عن المؤثر الحقيقي وعن مسبب جميع الأسباب، ومع كل ذلك تدّعي الإِيمان بكلمة التوحيد.



في الزهد

يا من تدّعي الزهد والإِخلاص...!
إذا كنت مخلصاً حقاً، وأنك لأجل الله ولأجل دار كرامته تزهد عن مشتهيات الدنيا، فما الذي يحملك على أن تفرح بمدح الناس لك والثناء عليك بقولهم أنك من أهل الصلاح والسداد؟ فيملأ السرور قلبك، ولماذا لا تبخل بشيء في سبيل مجالسة أهل الدنيا وفي سبيل زخارفها، وتفرّ من الفقراء والمساكين؟ فاْعلم أن زهدك وإخلاصك ليسا حقيقيين، بل أن زهدك في الدنيا هو من أجل الدنيا، وأن قلبك ليس خالصاً لوجه الله، وأنك كاذب في دعواك، وأنك من المتلوّنين المنافقين.



في الخلافة الحقيقية

أنت يا من تدّعي الولاية من جانب ولي الله...!
والخلافة من جانب رسول الله(ص) فإن كان واقعك مطابقاً للحديث: «صَائِنَاً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِينِهِ، مُخَالِفاً لِهَواهُ، مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاه وإذا كنت ورقة على غصن الولاية والرسالة، ولا تميل إلى الدنيا، ولا تحب التقرب إلى السلاطين والأشراف، ولا تنفر من مجالسة الفقراء، فإن اسمك يطابق مسماه، وأنك من الحجج الإِلهية بين الناس، وإلاّ فإنك من علماء السوء، وفي زمرة المنافقين وحالك أسوأ، وعملك أقبح، ويومك أشد سواداً، لأن الحجة على العلماء أتم.



في إعمار الآخرة

يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية...!
والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ عالماً بالحقائق في الأسباب والمسببات، وإذا كنت حقاً عالماً بالصور البرزخية وأحوال الجنة والنار، فلا بُدّ أن لا يقر لك قرار، وعليك أن تصرف كل وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يطاق.
إذاً، لماذا لا تتقدم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثر في قلبك البراهين الفلسفية قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء.



في هوى النفس

إعلم أيها العزيز...!
أن رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حد أو غاية. فإذا اتبعها الإنسان ولو بخطوة واحدة، فسوف يضطر إلى أن يتبع تلك الخطوة خطوات، وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، أجبر على الرضى بالكثير منها. ولئن فتحت بابا واحداً لهوى نفسك، فإنّ عليك أن تفتح أبوابا عديدة له. إنك بمتابعتك هوى واحداً من أهواء النفس توقعها في عدد من المفاسد، ومن ثم سوف تبتلى بآلاف المهالك، حتى تنغلق ـ لا سمح الله ـ جميع طرق الحق بوجهك في آخر لحظات حياتك.



في ترك المخجل

يا أخي...!
إذا كنتَ تعرف أنك من أتباع النبي (ص) ، وتريد أن تحقق هدفه، فاْعمل على أن لا تخجله بقبيح عملك وسوء فعلك. ألا ترى أنه إذا كان أحد من أولادك والمقربين إليك يعمل القبيح وغير المناسب من الأعمال التي تتعارض وشأنك، فكم سيكون ذلك مدعاة لخجلك من الناس وسبباً في طأطأة رأسك أمامهم؟ ولا بد أن تعلم أن رسول الله (ص) ، وعلي (ع) ، هما أبوا هذه الأمة بنصّ ما قاله النبي الكريم: «أنا وَعَلِيُّ أَبَوا هذِهِ الأُمَّة».



في التهيّؤ للرحيل

أيها العزيز...!
إن أمامك رحلة خطرة لا مناص لك منها، وأن ما يلزمها من عدّة وعدد وزاد وراحلة هو العلم والعمل الصالح. وهي رحلة ليس لها موعد معين، فقد يكون الوقت ضيقاً جداً، فتفوتك الفرصة. إن الإنسان لا يعلم متى يقرع ناقوس الرحيل للانطلاق فوراً. إن طول الأمل المعشعش عندي وعندك الناجم من حب النفس ومكائد الشيطان الملعون ومغرياته، تمنعنا من الاهتمام بعالم الآخرة ومن القيام بما يجب علينا. وإذا كانت هناك مخاطر وعوائق في الطريق، فلا نسعى لإزالتها بالتوبة والإنابة والرجوع إلى طريق الله، ولا نعمل عل تهيئة زاد وراحلة، حتى إذا ما أزف الوعد الموعود اضطررنا إلى الرحيل دون زاد ولا راحلة. ومن دون العمل الصالح.



في الإهتمام بالفطرة

أيها الهائمون في وادي الحسرات...!
والضائعون في صحاري الضلالات. بل أيتها الفراشات الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق، ويا عشّاق الحبيب الخالي من العيوب والدائم الأزلي، عودوا قليلاً إلى كتاب الفطرة وتصفحوا كتاب ذاتكم لتروا أن قلم قدرة الفطرة الإلهية قد كتب فيه {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ}. فهل أن «فطر الله التي فطر الناس عليها» هي فطرة التوجه نحو المحبوب المطلق؟ وهل أن الفطرة التي لا تتبدل «لا تبديلَ لِخلقِ الله» ُهي فطرة المعرفة؟ فإلى متى توجه هذه الفطرة التي وهبك الله إياها نحو الخيالات الباطلة.



في مرض النفس

أيها العزيز....!
إنه مثلما يكون لهذا الجسد صحة ومرض، وعلاج ومعالج، فإن للنفس الإنسانية أيضاً صحة ومرضاً، وسقماً وسلامة، وعلاجاً ومعالجاً. إن صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الإنسانية، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الإنسانية، وإن الأمراض النفسية أشد فتكاً آلاف المرات من الأمراض الجسمية.
وذلك لأن هذه الأمراض إنّما تصل إلى غايتها بحلول الموت. فما أن يحل الموت، وتفارق الروح البدن، حتى تزول جميع الأمراض الجسميّة والاختلافات المادية، ولا يبقى أثر للآلام أو الأسقام في الجسد. ولكنه إذا كان ذا أمراض روحية وأسقام نفسية ـ لا سمح الله ـ فإنه ما أن تفارق الروح البدن، وتتوجه إلى ملكوتها الخاص، حتى تظهر آلامها وأسقامها.



في الوثوق باللّه

أيها الإِنسان المسكين...!
الذي لم تجنِ من عبادتك ومناسكك إلاّ البعد عن ساحة الله المقدسة، والاستحقاق للعتاب والعقاب، علامَ اعتمادك؟ ولماذا لا يقلقك ولا يزعجك الخوف من شدة بأس الحق؟
أعندك متكأ تتكى عليه؟ أتثق بعملك وتطمئن إليه؟ إذا كان الأمر كذلك فالويل لك من معرفتك بحالك وحال مالك الملوك! وإذا كان اعتمادك على فضل الحق وسعة رحمته وشمول عناية ذاته المقدس، لكان ذلك في محلّه جدّاً. لقد اعتمدت على أمر وثيق، ولجأت إلى أوثق ملجأ.



في معرفة عظمة اللّه

أيها العزيز...!
إن لم تشعر بالنقص في طلب الدنيا، فعلى الأقل لا تطلبها من إنسان ضعيف مثلك.
وافهم بأنه لا حول للمخلوق في أعمال دنياك. فلو فرضنا بأنك استطعت مع الذل والامتنان المتكرر أن تكسب رأي الإنسان الذي تطلب منه إعمار دنياك فان رأيه وإرادته لا تكون فاعلة في مُلك الحق سبحانه. إذ لا يوجد أحد يتصرف في مملكة مالك الملوك. فلا تتملق لتأمين حياتك الدنيوية المعدودة، وشهواتك المحدودة، تجاه مخلوق معدم.
ولا تغفل عن إلهك، وحافظ على حريتك، وارفع أغلال العبودية والأسر عن رقبتك.



في عدم الغفلة عن اللّه

أيها العزيز...!
كن على حذر، لئلا تخلط بين الرجاء والغرور. فقد تكون مغتراً وتحسب نفسك من أهل الرجاء. إن من السهل التمييز بين الحالين في مباديهما.
أنظر إلى هذه الحال التي فيك والتي تظن نفسك بها بأنّك من أهل الرجاء. فهي إمّا أن تكون ناشئة من التهاون في أوامر الحق سبحانه والتقليل منها، وإمّا أن تكون ناجمة عن الاعتقاد بسعة رحمة الله وعظمة ذاته المقدسة. وإذا عسر عليك التمييز بينهما أيضاً، أمكنك التمييز من خلال الآثار. فإذا كان الإحساس بعظمة الله في القلب، وكان قلب المؤمن محاطاً برحمة ذاته المقدسة وعطاياه، لقام القلب بواجب العبودية والطاعة.


في توجيه القلب

أيها العزيز...!
على الرغم من أن هذا العالم ليس بدار الجزاء والمكافأة وليس بمحل لظهور سلطة الحق المتعالي، وإنما هو سجن المؤمن، فلو تحررت من أسر النفس، وأصبحت عبداً للحق المتعالي، وجعلت القلب موحّداً، وأجليت مرآة روحك من غبار النفاق والأثنينيّة، وأرسلت قلبك إلى النقطة المركزية للكمال المطلق، لشاهدت بعينك آثار ذلك في هذا العالم، ولتوسع قلبك بقدر يغدو محلاً لظهور السلطنة التامة الإلهية حيث تصير مساحتها أوسع من جميع العوالم.


في الصبر

أيها العزيز...!
إن الموضوع خطير، والطريق محفوف بالمخاطر، فاْبذل من كل وجودك الجهد واْجعل الصبر والثبات من طبيعتك، أمام حوادث الأيام واْنهض أمام النكبات والرزايا، ولقّن النفس بأن الجزع والفزع مضافاً إلى أنهما عيبان فادحان، لا جدوى من ورائهما للقضاء على المصائب والبليات، ولا فائدة من الشكوى على القضاء الإلهي وعلى إرادة الحق عزّ وجل أمام المخلوق الضعيف الذي لا حول له ولا قوة.


في ترك الأمل

أيها العزيز...!
كن على حذر من مكائد الشيطان ولا تمكر على الله ولا تحتل عليه بأن تقول أعيش خمسين عاماً أو أكثر مع الأهواء، ثم استغفر ربي لدى الموت وأستدرك الماضي، لأن هذه أفكار واهية. إذا سمعت أو علمت من الحديث الشريف أن الله سبحانه وتعالى قد تفضّل على هذه الأمة بتقبل توبتهم قبل مشاهدة آثار الموت أو عند الموت فذلك صحيح، ولكن هيهات أن تتحقق التوبة من الإنسان في ذلك الوقت. هل تظن أن التوبة مجرد كلام يقال؟ إن القيام بالتوبة لعمل شاق. إن الرجوع إلى الله والعزم على عدم العودة إلى الذنب يحتاج رياضة علمية وعملية.


في ترك التسويف

أيها العزيز...!
عجّل في شدّ حيازيمك، وإحكام عزيمتك وقوّتك الحاسمة وأنت في أيام الشباب أو على قيد الحياة في هذه الدنيا وتب إلى الله، ولا تسمح لهذه الفرصة التي أنعم الله بها عليك أن تخرج من يدك، ولا تعبأ بتسويف الشيطان ومكائد النفس الأمارة.


في اللجوء إلى اللّه

أيها العزيز...!
لا تمرّ على هذا المقام من دون مبالاة ولا اهتمام. فكّر في حالك وعاقبة أمرك، وراجع كتاب الله وأحاديث خاتم الأنبياء وأئمة الهدى ـ سلام الله عليهم أجمعين ـ وكلمات علماء الأمة وأحكام العقل الوجدانية.
إفتح على نفسك هذا الباب الذي يعدّ مفتاح الأبواب الأخرى، وادخل في هذا المقام الذي يعتبر من أهمّ المنازل الإنسانية، بالنسبة إلينا وكن مهتماً فيه وواظب عليه واْطلب من الله عز وجل التوفيق في الوصول إلى المطلوب، واْستعن بروحانية الرسول الأكرم وأئمة الهدى ـ سلام الله عليهم ـ واْلتجئ إلى ولي الأمر وناموس الدهر إمام العصر (عج)


في الحياء من اللّه

أيها الإنسان ...!
كم أنت ظلوم وجهول؟! ولا تقدّر نعم وليّ النعم. إنك تعصي وتعادي سنين وسنين وليّ نعمك الذي وفّر لك كل وسائل الرفاه والراحة من دون أن تعود منها عليه ـ والعياذ بالله ـ بجدوى وفائدة، وطيلة هذه الفترة قد هَتكت حرمته وطَغيت عليه ولم تخجل منه أبداً ولكنك إذا ندمت على ما فعلت و رجعت إليه، أحبك الله وجعلك محبوباً له، {إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ} فما هذه الرحمة الواسعة والنعم الوافرة؟. إلهي! نحن عاجزون عن شكر آلائك، وأَلْسِنَةُ البشر وجميع الأحياء في هذا الكون مصابة باللكنة ـ تجاه الحمد والثناء عليك ـ و لا يسعنا إلا أن ننكّس رؤوسنا ونعتذر لك لعدم حيائنا منك. مَنْ نحن حتى نستحق رحمتك؟ ولكنّ سعة رحمتك وشمول نعمتك أوسع من تقديرنا لها.


في عدم اليأس

أيها العزيز...!
إياك أن تسمح للشيطان والنفس الأمارة بالهيمنة عليك والوسوسة في قلبك فيصوران لك العملية جسيمة وشاقة ويصرفانك عن التوبة. اعلم بأن إنجاز الشيء القليل من هذه الأمور يكون أفضل. ولا تيأس من رحمة الله ولطفه، حتى وإن كانت عليك صلاة كثيرة وصيام غير قليل، وكفارات عديدة، وحقوق إلهية كثيرة، وذنوب متراكمة، وحقوق الناس لا تعدّ، والخطايا لا تحصى. لأن الحق المتعالي يسهّل عليك الطريق عندما تقوم بخطوات حسب قدرتك في اتجاهه، ويهديك سبيل النجاة. واْعلم بأنّ اليأس من رحمة الحق من أعظم الذنوب، ولا أظن أن هناك ذنباً أسوأ وأشدّ تأثيراً في النفس من القنوط من رحمة الله. فإنّ الظلام الدامس إذا غشي قلب الإنسان اليائس من الرحمة الإلهية، لما أمكن إصلاحه، ولتحوَّل إلى طاغية.


في التفكّر

أيها العزيز...!
إن تذكّر الحبيب، والتفكّر فيه دائماً، يثمر نتائج كثيرة لكافة الطبقات. أما الكُمّلون والأولياء والعرفاء فإن تذكر الحبيب في نفسه، غاية آمالهم وفي ظلّه يبلغون جمال حبيبهم.
هَنِيئاً لَهُمْ. وأما عموم الناس والمتوسطين منهم، فهو أفضل مصلح للأخلاق والسلوك وللظاهر والباطن. إذا عاش الإنسان مع الحق سبحانه وتعالى في جميع الأحوال وكافة المستجدات، وشاهد نفسه أمام الذات المقدس عزّ شأنه، لأحجم عن الأمور التي تسخط الله، وردع نفسه عن الطغيان. إن المشاكل والمصائب المنبثقة من النفس الأمارة والشيطان الرجيم قد نشأت عن الغفلة عن ذكر الحق وعذابه وعقابه.


في الإقبال على اللّه

أيها العزيز...!
إنّ طريق الحق سهل بسيط، ولكنّه يحتاج إلى انتباه يسير، فيجب العمل، لأن التباطؤ والتسويف، ومضاعفة المعاصي في كل يوم، تبعث على صعوبة الأمر، وأمّا الإقبال على العمل، والعزم على إصلاح السلوك والنفس، فيقرّب الطريق ويسهّل العمل. جرّبه، واعمل في الاتجاه المذكور، فإذا حصلت على النتيجة تبين لك صحة الموضوع. وان لم تصل إلى النتيجة المتوخاة فإن طريق الفساد مفتوح ويد المذنب طويلة.


في تذكّر اللّه

أيها العزيز ...!
مهما تتحمل من الصعاب في سبيل الذكر والتذكر للحبيب ـ الحق سبحانه ـ كان ذلك قليلاً. روّض قلبك على التذكر للمحبوب، لعل الله يجعل صورة القلب، صورة لذكر الحق، وكلمة لا إله إلا الله الطيبة، الصورة النهائية والكمال الأقصى للنفس، فإنه لا زاد أفضل منه للسلوك إلى الله، ولا مصلح أحسن منه لعيوب النفس، ولا رفيق أجدى منه في المعارف الإلهية. فإذا كنت طالباً للكمالات الصورية والمعنوية، وسالكاً لطريق الآخرة ومهاجراً ومسافراً إلى الله، اجعل قلبك معتاداً على تذكّر المحبوب، واعجن قلبك مع ذكر الحق تبارك وتعالى.


في محبّة أولياء اللّه

عزيزي...!
تصادق مع عباد الله الذين تشملهم رحمة الله ونعمه، ويتزينون بالإسلام والإيمان وأحببهم في قلبك.
وإيّاك أن تعادي محبوب الحق المتعالي، لأنه سبحانه يعادي أعداء أحبائه وسوف يبعدك عن ساحة رحمته. إن عباد الله المخلصين مجهولون بين سائر عباده، ومن الممكن أن يعود عداءك لمؤمن وهتكك حرمته وكشفك عورته، إلى هتك حرمة الله تعالى ومعاداته!. إن المؤمنين أولياء الحق، والتحابّ معهم، تحابّ مع الحق، والتخاصم معهم تخاصم مع الحق.
إياك وإثارة غضب الحق سبحانه، ومعاداة شفعاء يوم القيامة «ويلٌ لِمَنْ شُفَعاؤه خُصَماؤه». فكّر قليلاً في النتائج الدنيوية والأخروية لهذه المعصية، وتأمل يسيراً في تلك الصور ـ صور تجسّد الأعمال ـ الموحشة المدهشة التي يبتلى بها الإنسان في القبر والبرزخ ويوم القيامة.


في علاج النّفس

أيها العزيز...!
كما قال أبو ذر للرجل: إن العلم كثير، ولكن العلم النافع لأمثالنا أن لا نسيء إلى أنفسنا ونعرف بأن أوامر الأنبياء والأولياء (ع) تكشف عن حقائق نحن محجوبون عنها. إنهم يعلمون بأن للأخلاق الذميمة والأعمال السيئة، صوراً بشعة وثماراً فاسدة، وأن للأعمال الحسنة والأخلاق الكريمة صوراً جميلة ملكوتية. إنهم حدثونا عن كل شيء عن الدواء والعلاج وعن الداء والسقم.
فإذا كنت عطوفاً على نفسك، فلا بد وأن لا تتجاوز هذه الإرشادات لتداوي ألمك، وتعالج مرضك. الله يعلم أنه إذا انتقلنا مع ما نحن عليه الآن إلى ذلك العالم، فبأي مصائب وآلام ومعاناة سوف نبتلي؟ وَالْحَمْدُ للهِ أَوَّلاً وَآخِراً.



في المراء

الويل لنا...!
نحن أصحاب المراء والجدال وذوي الأهواء النفسية والخصومات، حيث ابتلينا بهذه النفس الخبيثة التي لا تعرف الرحمة والحنان، والتي لا تتركنا، إلى أن تهلكنا في جميع النشآت والعوالم، ولم نبادر لإصلاحها إطلاقاً، لقد صممنا آذاننا ولم نستيقظ من سباتنا العميق الباعث على التوغل في عالم المادة.
إلهي أنت مصلح العباد، وبيدك القلوب، وطوع قدرتك وجود الكائنات، وتحت هيمنتك، قلوب العباد، وإننا لا نملك نفعاً ولا ضراً ولا حياةً، ولا موتاً، أَنِرْ يا إلهي بنور فيضك قلوبنا المعتمة، ونفوسنا المظلمة، وأصلح بفضلك ولطفك مفاسدنا، وأنقذ هؤلاء الضعفاء العُجّز.



في الكساب الإلهي الدقيق

اعلموا...!
أن الله قد أتم الحجة عليكم أكثر، وسيحاسبكم أشدّ، ويكون ميزان أعمالكم وعلومكم مغايراً كلياً لميزان كافة العباد، وصراطكم أرق وأدق، ومحاسبة الله لكم أعظم. والويل لطالب علم، عندما يبعث علمه في قلبه، الظلمة والكدرة. كما نشعر نحن بأننا إذا حصلنا على بعض المفاهيم الناقصة والمصطلحات التي لا طائل منها، توقفنا عن متابعة طريق الحق، وتحكّم فينا الشيطان والنفس، وأنثنينا عن طريق الإنسانية والهداية، وغدت هذه المفاهيم الحقيرة حجابنا الغليظ، ولا منجى لنا إلا اللجوء إلى الذات المقدس تعالى.



في إخلاص النيّة

أيها العزيز...
إن العلاج كل العلاج فيما إذا أراد الإنسان أن يكون علمه إلهياً فعليه عندما يدرس أي علم شاء، أن يبادر إلى مجاهدة النفس، ويسعى بواسطة الرياضة الروحانية، في سبيل تخليص نيته. فإن المنقذ الأساسي، ومصدر الفيض، تخليص النية، والنية الخالصة «مَنْ أَخْلَصَ لِلّهِ أرْبَعينَ صَبَاحاً جَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ» فهذه فوائد وآثار الإخلاص في أربعين يوم. فأنت عندما بذلت الجهد أربعين عاماً أو أكثر في سبيل تجمع المصطلحات والمفاهيم العلمية، واعتبرت نفسك علامة ومن جنود الله، ولكن لم تجد أثرا للحكمة في قلبك، ولا طعماً لها على لسانك فاعلم بأن دراستك وتعبك لم يقترنا بالإخلاص بل إنما اجتهدت للشيطان والرغبات النفسية. فعندما رأيت بأن هذه العلوم لم تثمر ولم تنجع فانصرف ولو لأجل الاختبار، نحو إخلاص النية وتصفية القلب من الرذائل والكدر، فإذا لمست أثراً حاول أن تستمر في ذلك أكثر. وإن كانت التصفية لأجل الاختبار كانت هذه النية متنافية مع الإخلاص، ولكن من المحتمل أن بصيصاً من نورها يهديك.



في المعارف الحقّة

أيها العزيز...
أنت محتاج في جميع العوالم: عالم البرزخ وعالم القبر وعالم القيامة ودرجاتها إلى المعارف الإلهية الحقة، والعلوم الحقيقية والخلق الحسن والأعمال الصالحة. فاجتهد أينما كنت من هذه الدرجات والمراتب، وأكثر من إخلاصك وأزل عن قلبك أوهام النفس ووساوس الشيطان حتى تظهر لك النتائج، وتجد سبيلا إلى الحقيقة، وينفتح لك طريق الهداية، ويكون الله سبحانه في عونك. يعلم الله سبحانه بأننا إذا انتقلنا مع هذه العلوم التافهة الباطلة وهذه الأوهام الفاسدة والقلب الكدر والخلق الذميم إلى عالم الآخرة، كيف تكون مصائبنا ومحنتنا، وكيف يكون مصيرنا، وأن أيّ ظلم ووحشة وعذاب.



في السعي للترويض الروحاني

أيها العزيز...!
بعد أن عُلم نقلاً وفعلاً بأن الوساوس من الشيطان ... الذي يفسد عملنا، ويصرف قلوبنا عن الحق المتعالي. ومن المحتمل أنه لا يكتفي بهذه الوسوسة في العمل، بل يبدي البراعة ليدخل الوسوسة في العقيدة والدين، ويبعد دينك عن دين الله ويجعلك شاكاً في المبدء والمعاد ويدفعك إلى الشقاء الأبدي. وإذا لم يستطع أن يضلّل أشخاصاً عبر الفسق والفجور، فهو يسلك سبيل العبادات والمناسك فيبطل نهائياً الأعمال والأفعال التي يجب أن يتقرب بها إلى الله، ونعرج من خلالها إلى الحق المتعالي، ويجعلها دوافعاً للابتعاد عن ساحة القدس الربوبي جل شأنه والتقرب من إبليس وجنوده. وعلى أي حال يخشى من أن يعبث في عقائدك. بعد علمنا ذلك لا بد من السعي في سبيل معالجة هذه الحالة بأي شكل كان وبواسطة أي ترويض روحاني ممكن.



في المناجاة

عزيزي...
اجعل مناجاتك مع الحق سبحانه بمثابة التحدث مع إنسان بسيط من هؤلاء الناس؛ فكيف انك إذا تكلمت مع صديق، بل مع شخص غريب انصرف قلبك عن غيره، وتوجّهت بكل وجودك نحوه، أثناء التكلم معه، فلماذا إذا تكلمت وناجيت ولي النعم، ورب العالمين، غفلت عنه وانصرفت إلى غيره؟ هل إن العباد يُقدَّرون أكثر من الذات المقدس للحق؟ أو أن التكلم مع العباد أغلى من المناجاة مع قاضي الحاجات؟ نعم أنا وأنت، لا نعرف ما هي المناجاة مع الحق سبحانه؟ إننا نرى التكاليف الإلهية كلفة، وفرضاً علينا، ومن الواضح أنه متى ما أصبح شيء ما حملاً ثقيلاً على الإنسان وعلى شؤون حياته، لما أعتبر عنده ذلك الشيء ذا بال وأهميه. إنه لا بد من إصلاح الينبوع، والعثور على الإيمان بالله، وبكلمات أنبيائه حتى يتم إصلاح الأمور.


في الشفاعة

لا تظن ...!
بأن أحداً يرى رحمة الحق سبحانه، ووجه الجنة، من دون شفاعة رسول الله (ص) وحمايته ورعايته! والآن أنتبه إلى أن تقديم أي عمل بسيط، بل المصلحة الموهومة على الصلاة التي هي قرّة عين الرسول (ص) ، والوسيلة الرفيعة لنزول رحمة الحق، وأن إهمالها وتأخيرها إلى نهاية وقتها من دون مسوّغ، وعدم المحافظة على حدودها، أليست هذه الأمور من التهاون والاستخفاف بالصلاة؟ فإن كان هذا من التهاون في الصلاة، فاعلم، حسب شهادة رسول الله (ص) وشهادة الأئمة الأطهار (ع) ، أنك قد خرجت عن ولايتهم، ولا تنالك شفاعتهم.


في إقبال اللّه

انتبه...!
ما أعظم هذا الخبر الباعث على الفرح والسرور، الذي يخبر به الصادق من آل محمد (ع) المؤمنين، ومع الأسف إننا نحن المساكين المحجوبين عن المعرفة، المحرومين من التوجه إلى الحق المتعالي، لا نعرف شيئاً عن صداقة ذاته المقدس لنا وإقباله علينا ونقيس الصداقة مع الحق على الصداقة مع العباد. إن أهل المعرفة يقولون بأن الحق المتعالي يرفع الحجب لمحبوبه، ويعلم الله ما في هذا الرفع للحجب من الكرامات! إنه غاية آمال الأولياء، وأقصى أُمنياتهم هو رفع هذه الحجب.


في القدوة

عزيزي...!
عمل سيد الموحدين وأولاده المعصومين حجة عليك، فتأمل في حياتهم وكيفية عباداتهم ومناجاتهم، حيث كان لون وجه بعضهم يتغير لدى حلول وقت الصلاة، وتضطرب فرائصه خشية أن يخطأ في الواجب الإلهي، رغم أنهم كانوا معصومين.
اشتهر عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) أن سهماً قد أصاب قدمه المبارك، فلم يستطع أن يتحمّل ألم انتزاعه من رجله، فقام وصلى وفي أثناء اشتغاله بالصلاة، انتزع السهم ولم ينتبه أصلاً. عزيزي: إن هذا الموضوع ـ عدم إدراك الألم حين التوجه إلى شيء ـ ليس من الأمور الممتنعة، فإن له أمثلة كثيرة في الأمور العادية من حياة الناس.


في عبادة الأولياء

عزيزي...
فكّر قليلاً في هذه الأحاديث الشريفة، وانظر إلى الإمام الباقر (ع) المعصوم الذي بكى من شدّة وكيفية عبادة أبيه. والى الإمام السجاد رغم شدّة محافظته على العبادة وكمالها والتي بعثت على بكاء ابنه الإمام الباقر ، أنه صلوات الله عليه قرأ شيئاً يسيراً من صحيفة عمل جده علي بن أبي طالب (ع) ، وأظهر عجزه. ومن المعلوم أن الجميع عاجزون عن عبادة مولانا أمير المؤمنين (ع) وأن الناس عاجزون عن عبادة المعصومين (ع) ، ولكن لا يجوز للإنسان العاجز عن نيل المقام العالي أن يترك العبادات نهائيا.


في رفع الحجب

عزيزي...!
إن أمير المؤمنين (ع) وأولاده المعصومين يسألون الله سبحانه في المناجاة الشعبانية قائلين: «إلهي هَبْ لِي كَمَالَ الانْقِطَاع إلَيْكَ، وَأَنْرَ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِياءِ نَظَرهَا إلَيْكَ، حَتَّى تَخْرِقَ أَبْصَارُ القُلُوبِ حُجَبَ النُّورِ، فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ العَظَمَةِ، وَتَصيرَ أَرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعزِّ قُدْسِكَ» . إلهي أيَّة بصيرة هذه البصيرة القلبية النورانية التي سألها أولياؤك، ورجوك أن يصلوا إليك بها؟ إلهي ما هذه الحجب النورانية التي يتداول ذكرها على ألسنة أئمتنا المعصومين ؟. إلهي ما هو معدن العظمة والجلال وعز القدس والكمال، الذي يكون منتهى طلب هؤلاء الكبار، ونحن منه محرومون حتى عن استيعابه العلمي فكيف بتذوقه وشهوده؟ إلهي نحن عبادك المسودة وجوههم والمظلمة أيامهم، لا نعرف شيئاً عدا طعامنا وشرابنا وراحتنا وبغضنا وشهوتنا، ولا نفكر يوماً في معرفة هذه الأمور، فانظر إلينا بلطفك، وأيقظنا من سُباتنا وأزل عنا هذا السُكر الذي قد غشينا.


مناجاة

إلهي...!
أنت واقف على حقيقتنا، وعالم بقصورنا وتقصيرنا، وضعفنا وعجزنا. أنت غمرتنا برحمتك قبل أن نسألها. وابتدأتنا بنعمك، وتفضّلت علينا من دون طلب والتماس. نحن نعترف بتقصيرنا وكفرنا لآلائك اللامتناهية، ونجد أنفسنا من المستحقين لعذابك الأليم، ودخول الجحيم ولا نملك شيئاً يسعفنا ووسيلة تعيننا، إلاّ ما عرفتنا به على لسان أنبيائك من التفضّل والترحّم وسعة جودك ورحمتك، فقد عرفناك بهذه الصفات حسب فهمنا واستيعابنا. فماذا تصنع مع حفنة تراب إن لم ترحمه وتتفضل عليه؟ أَيْنَ رَحْمَتُكَ الوَاسِعَةُ؟ أَيْنَ أَيَادِيكَ الشّامِلَةُ؟ أيْنَ فَضْلُكَ العَمِيمُ؟ أَيْنَ كَرَمُكَ يَا كَرِيمُ؟


في الغيبة

عزيزي...!
لقد أصبحنا نحن المساكين المحرومين نهائياً من المشاهدات والتجليات في منأى حتى عن الإيمان بهذه المعاني التي هي درجة من الكمال النفسي والتي يمكن أن تسوقنا إلى مرحلة متقدمة. إننا نهرب من العلم الذي قد يكون منطلقاً وبذرة للمشاهدات، ونغلق عيوننا وأسماعنا نهائياً ونضع القطن في آذاننا حتى لا يتطرق كلام الحق إليها. وإذا سمعنا حقيقة من لسان عارف هائم أو سالك حزين أو فيلسوف متأله، نتصدى فوراً نتيجة عدم طاقة آذاننا على استماع تلك الحقيقة، ونتيجة أن حُبَّ النفس يمنعنا من جعل هذه الحقائق أسمى من قدرة استيعابنا لها، ونتصدى فوراً للطعن فيه ولعنه وتكفيره وتفسيقه، ولا نأبى من أي غيبة أو تهمة.


في المحاسبة

أيها العزيز...
أفق قليلاً من الغفلة، وتأمل في أمرك، وانظر في صحيفة أعمالك، واخشَ من أعمال تظن أنها صالحه مثل الصلاة والصوم والحج وغيرها، في حين أنها تكون سبب عنائك وذُلّك في ذلك العالم. فحاسب نفسك ما دامت الفرصة مؤاتية، وزن عملك بيدك، وزنه في ميزان شريعة أهل البيت وولايتهم، وتبين من صحته وفساده وكماله ونقصه، وأجبره ما دامت الفرصة سانحة، والمُهلة باقيه. وإن لم تحاسب نفسك هنا ولم تصحّح أعمالك فستحاسب هناك، ويوضع ميزان الأعمال أمامك، فتواجه مصائب عظمى. إتق الله في ميزان عدله، ولا تغترّ بشيء، ولا تترك الجد والاجتهاد، وراجع صحيفة أعمال أهل البيت (ع) المعصومين من الخطأ وتأمل فيها، حتى تعرف بأن الأمر صعب والطريق ضيق ومظلم...


في ترك الأنانية

عزيزي...!
لا تقارن نفسك مع الأولياء، و لا تظن بأن قلبك يضاهي قلوب الأنبياء وأهل المعارف. إن قلوبنا المشحونة بغبار التعلق بالدنيا، وملذاتها وإن انغماسنا في الشهوات يمنع قلوبنا من أن تكون مرآة لتجلي الحق سبحانه، ومحلاً لظهور المحبوب. ومن المعلوم أننا لا نعي شيئاً من تجليات الحق وجماله وجلاله عندما نشعر بالأنانية والذاتية والمحورية بل يجب أن نكذب في هذا الحال أحاديث الأولياء وأهل المعرفة، فإن لم نكذّبها بألسنتنا في الظاهر، لكذّبناها في قلوبنا. وإن لم نجد سبيلاً للتكذيب، بأن كانت أحاديث النبي (ص) أو الأئمة المعصومين (ع) ، لفتحنا باب التأويل والتفسير، وفي النهاية نسدّ باب معرفة الله.


في الغنى باللّه

أيها العزيز...!
عندما أعطيت القلب إلى أهله والبيت إلى صاحبه وأعرضت عن غيره ولم تدفع البيت إلى الغاصب، تجلّى فيه صاحبه. ومن المعلوم تجلي الغَنيّ المطلق، يدفع إلى الغني المطلق، ويغرق القلب في بحر العزة والغِنى، فيمتلئ من الغنى وعدم الاحتياج (وَلِلّهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وينهض صاحب البيت بإدارة أموره، ولم يترك الإنسان إلى نفسه، وإنما يتدخل ويتصرف في جميع شؤون عبده، بل يصبح هو سمعه وبصره ويده ورجله...


في ظهور الحقائق

عزيزي...!
لا بدّ وأن نعلم بأننا إذا تعلقنا بالحق المتعالى وأوليائه، ووضعنا في رقابنا حبل طاعة الذات المقدس، وجعلنا اتجاه القلب إلهياً وربانياً، لظهرت أمامنا حين النزع، الحقائق بعينها في صور بهيّة. وعلى العكس إذا كانت قلوبنا ذات صبغة دنيوية، وانصراف عن الحق، فمن الممكن أن تُبذر فيها شيئاً فشيئاً بذور عداوة الحق والأولياء، وتشتدّ هذه العداوة، حين المعاينة، فتظهر آثارها الغريبة الموحشة كما قد سمعت...


في الأمانة

عزيزي...!
لا بدَّ من معرفة أن الحق تبارك وتعالى، قد وهبنا كافة القوى والأعضاء الظاهرية والباطنية، وبسط لنا بساط الرحمة والنعمة في مملكتنا الظاهرية والباطنية، ووضعها كلها تحت قدرتنا لتسخيرها، وائتمننا عليها بلطفه ورحمته، وهي ـ هذه العطايا ـ طاهرة ونظيفة من كل القذارات الصورية والمعنوية وكذلك ما أنزل علينا من عالم الغيب كان بعيداً عن الشوائب والعناصر الغريبة، فإذا أرجعنا هذه الأمانات لدى لقائنا بالذات المقدس، من دون أن تصير ممزوجة مع عالم المادة، وقذارات المُلك والدنيا، كُنَّا أُمناء على الأمانة التي أودعت عندنا، وإن لم نحافظ على طهارة هذه الأمانات، غدونا من الخائنين والخارجين عن الإسلام الحقيقي، وملّة رسول الله (ص) .


في الورع

عزيزي ...!
ما يجب أن نعرفه هو أن الورع عن المحرّمات الإلهية يكون أساس جميع الكمالات المعنوية، والمقامات الأخروية. ولا يحصل لأحد مقامُ إلا عند الورع عن محرّمات الله.
وإن القلب الذي لا يتحلّى بالورع، ليصدأ، وليبلغ به الأمر إلى مستوى لا يُرجى له النجاة. إن الورع يوجب صفاء النفوس وجلائها، وأنه يكون من أهمّ المنازل لدى العوام، ويعتبر من أفضل زاد المسافر نحو الآخرة.


في الثواب

عزيزي ...!
إن الأخبار والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن المثوبات الكثيرة لا تتحدّد بالواحد والاثنين والعشرة حتى نستطيع أن نناقش فيها، وإنما هي فوق حدّ التواتر فإن جميع الكتب المعتبرة المعتمدة مشحونة بأمثال هذه الأحاديث، وتكون هذه الأخبار الكثيرة بمثابة ما إذا كنا قد سمعنا الحديث بآذاننا من المعصومين (ع) ، ومن دون حاجة إلى التأويل والتفسير.


في الحب والمودّة

عزيزي...
إنك عندما تعاني من مرض بسيط، تنسى كل علومك وثقافاتك، فكيف بك عندما تواجه الصعاب والضغوط والمصائب والأهوال التي ترافق الموت وسكراته؟ إذا تصادق الإنسان مع الحق سبحانه، وعمل حسب متطلبات الصداقة، وتذكّر الحبيب وتبعه، كانت تلك الصداقة مع الولي المطلق، والحبيب المطلق الذي هو الحق المتعالي محبوبةً لديه سبحانه، وملحوظة عنده تعالى. ولكنه إذا ادعى المودة ولم يعمل حسب مقتضاها بل خالفه، فمن الممكن أن الإنسان يتخلى عن تلك الصداقة مع الولي المطلق قبل رحيله من هذه الدنيا نتيجة التغييرات والتبدلات والأحداث المتقلبة في هذا في هذا العالم...


في الرحمة الإلهيّة

عزيزي ...!
إذا فرضنا بأننا كنا طيلة حياتنا التي نعيشها خمسين أو ستين عاماً، من الملتزمين لكل الوظائف الشرعية، ثم ارتحلنا من هذه الدنيا مع إيمان صحيح وعمل صالح وتوبة مقبولة فماذا نستحق من الجزاء لهذا القدر من الإيمان والعمل؟ مع أنّ هذا الإنسان حسب القرآن الكريم والسنة النبوية واتفاق جميع الأمم، تشمله رحمة الحق سبحانه، وتدخله الجنة الموعودة، هذه الجنة التي يخلّد الإنسان في نعمها ورفاهها، ويعيش إلى الأبد في الرحمة والروح والريحان، ولا مجال لإنكار ذلك أبداً، مع أنه إذا أردنا أن نقارن الجزاء بالعمل ـ على فرض أن يكون لعملنا مكافأة ـ لما استحق هذا القدر من الجزاء الذي يعجز العقل عن تصور كميته وكيفيته...


مناجاة

يؤسفني ويلمّ بي الأسف آلاف المرات...
أني قدمت إلى هذا العالم وأنا مستغرق في بحار هوى النفس، وملتصق بالأرض المادية، ومقيّد بالشهوات وأسير للبطن والفرج، وغافل عن عالم مُلك الوجود، وسكران بسكر الأنانية والذاتية، من المؤسف إني سأفارق هذا العالم، ولم أدرك شيئاً من محبّة الأولياء، ولم أفهم شيئاً أبداً من جذباتهم وجذواتهم ومنازلهم ومغازلتهم، بل كان حضوري في هذا العالم حضوراً حيوانياً، وحركاتي حركات حيوانيةً وشيطانيةً. وعليه فسيكون موتي أيضاً حيوانياً وشيطانياً. اللهم إليك المشتكى وعليك المعول. إلهي: أنقذنا بنور هدايتك، وأيقظنا من هذا النوم العميق، وخذ بأيدينا إلى عالم الغيب والنور ودار البهجة والسرور، ومحفل الإنس، والخلوة الخاصة بك.


في الإيمان بالغيب

هل تعرف المسّوغ لفتورنا هذا في الأمور الدينية؟
إنه لأجل عدم إيماننا بالغيب وأن مرتكزات عقائدنا واهية، وإيماننا بالوعود الإلهية والأنبياء مهتزاً ومتزلزلاً، وتكون النتيجة أن جميع الأمور الدينية والشرائع الإلهية عندنا تافهة وموهونة، ويفضي هذا الوهن شيئاً فشيئاً إلى الغفلة فإما أن هذه الغفلة تهيمن علينا، وتخرجنا كلياً من هذا الدين الشكلي الصوري الذي نعتنقه، أو تبعث على الغفلة لدى أهوال نزع الروح وشدائد اللحظات الأخيرة من حياة الإنسان...


في الإيمان الحقيقي

عزيزي ...!
إنه لا بدّ من إصلاح الينبوع، والعثور على الإيمان بالله، وبكلمات أنبيائه حتى يتم إصلاح الأمور. ان كل تعاستنا من ضعف الإيمان ووهن اليقين. إن إيمان السيد ابن طاووس رضي الله عنه، يدفعه للاحتفال بيوم بلوغه، لأن الحق المتعال قد رخّص له بالمناجاة، وزيّنه بزينة التكليف والخطاب. فلاحظ بكل دقه أيّ قلب هذا الذي يحمل هذا القدر الكبير من النور والصفاء.


في عدم التهاون

أيها العزيز...
إيّاك ثُمَّ إيّاك ـ وَاللَّهُ مُعينُكَ فِي أولاكَ وَأُخْرَاكَ ـ أن تتهاون في أمورك الدينية وخاصة الصلوات الخمسة، وتبدي الفتور والإهمال تجاهها. ويعلم الله بأن الأنبياء والأولياء وأئمة الهدى (ع) قد دفعوا بالناس نحو الصلوات وحذّروهم من التخلّف عنها، نتيجة العطف والحنان منهم على العباد، إذ أنهم لا ينتفعون من إيماننا ولا تجديهم أعمالنا شيئاً...


في الأخلاق

أيها العزيز...
إن كنت راغباً في دراسة الأخبار والأحاديث، فراجع الكتب الشريفة للأخبار وخاصة كتاب (أصول الكافي) حتى تعرف مدى اهتمام المعصومين عليهم السّلام بالخلق الكريم والمبادئ الفاضلة. وإن كنت من التائقين للبيان العلمي وكلمات العلماء فراجع الكتب الأخلاقية... حتى تستوعب آثار ونتائج مكارم الأخلاق. وإن وجدت نفسك في غنًى عن اقتناء الفضيلة، أو لا تلمس ضرورة في الابتعاد عن الخلق السيئ، فحاول أن تعالج جهلك الذي هو رأس الأمراض...


مناجاة

إلهنا...
نحن التائهون في عالم الجهل، والمتحيرين في وادي الضلال، والمثقلَّين بالعجب والأنانية، نحن الذين قدمنا على المُلك والمادّة، عالم الظلام، من دون أن نفتح أعين بصيرتنا، ونشهد جمالك المنير في مرائي الصغار والكبار، ونرى بصيصاً من نور الظاهر في أقطار السماوات والأرضين، ثم عشنا أيام حياتنا بعيون عُمْي، وقلوب مهجورة، وأمضينا عمرنا في جهل وغفلة.



مناجاة

إلهنا...
إن لم تسعفنا وتسعنا رحمتك الواسعة، وعنايتك اللامتناهية، وإن لم تلقِ في قلوبنا حرارة الحب وفي صدورنا العشق وفي أعماقنا الجذبات الروحية، لبقينا إلى الأبد في هذه الحيرة، ولم نستطع أن نشقّ طريقنا ولكن «ما هكَذا الظَّنُّ بِك» إنك قد ابتدأت بالنعم وإن رحمتك قديمة لا مثيل لها.
إلهنا...
تفضّل علينا وكن في عوننا، وأهدنا إلى أنوار جمالك وجلالك، وأنر قلوبنا بضياء أسمائك وصفاتك...



في خدعة الشيطان

أيها العزيز...!
لا يغرّنك الشيطان، ولا تخدعنّك الأهواء النفسية، ومن المعلوم أن الإنسان الخامل المبتلي بالشهوات وحبّ الدنيا والجاه والمال مثل الكاتب يبحث عن مبرّر على خموله، ويقبل على كل ما يوافق شهواته، ويدعم رغباته النفسية وأوهامه الشيطانية، وينفتح بكل وجوده على مثل هذه الأخبار، من دون أن يفحص عن مغزاها، أو يتأمل في الأخبار الأخر التي تعارضها وتقابلها.
إن هذا المسكين يظن أن مجرد إدعاء التشيع وحبّ التشيع وحبّ أهل بيت الطهارة والعصمة، يسوّغ له ـ والعياذ بالله ـ اقتراف كل محرّم من المحظورات الشرعية، ويرفع عنه قلم التكليف.



في العديلة

عزيزي...!
إن هذا السيء الحظ لم ينتبه بأن الشيطان قد ألبس الأمر عليه، ويُخشى عليه في نهاية عمره إن تُسلب منه هذه المحبة الجوفاء التي لا تجدي ولا تنفع، ويحشر يوم القيامة صفر اليدين وفي صفوف نواصب أهل البيت (ع) . إن إدعاء المحبة من دون دليل وبيّنة، لا يكون مقبولاً. إنه لا يمكن أن أكون صديقك، وأضمر لك الحبّ والإخلاص، وأقوم بكل ما هو مناقض لرغباتك وأهدافك. إن شجرة المحبة تنتج وتثمر في الإنسان المحبّ، العمل حسب درجة المحبّة ومستواها، وإن لم تحمل تلك الشجرة هذه الثمرة فلا بد من معرفة أنها لم تكن محبة حقيقية وإنما هي محبة وهمية...



مناجاة

إلهي ...!
أنت الذي ملأت قلوب الأولياء بنور المحبة، وأخرست ألسنة عشاق الجمال من التحدث عن أنفسهم والآخرين. وأبعدت أيادي الأنانيين المنحطين عن أذيال كبريائك.
إلهي ...!
أيقظنا من سكر غرور الدنيا، من النوم العميق الذي غمرنا من جرّاء الانغماس في عالم المادة والطبيعة، ومزّق لنا بإشارة واحدة الحجب الغليظة والستائر السميكة من الإعجاب والذاتية، وخذ بأيدينا إلى مجلس الطاهرين لدى ساحتك، ومحفل المخلصين المقدسين، وأبعد عنا شراسة الطبيعة وسوء الخلق، وغلظ اللسان، والنفاق والانحراف، وأقرن حركاتنا وسكناتنا وأفعالنا وأعمالنا وأولنا وآخرنا وظاهرنا وباطننا بالإخلاص والصفاء....



في الهجرة إلى اللّه

اعلم...!
أن للسالك إلى الله، والمهاجر من بيت النفس المظلم، إلى الكعبة الحقيقية، سفراً روحانياً وسلوكاً عرفانياً، حيث يكون مبدأ هذه الرحلة بيت النفس والأنانية، ومنازل هذه الرحلة مراتب التعيّنات الآفاقية والأنفسية والمُلكية والملكوتية التي عبر عنها بالحجب النورانية والظلمانية «إنَّ لِلّه سَبْعينَ ألْفَ حِجَابً مِنْ نُورً وَظُلْمَةٍ» أي أنوار الوجود، وظلمات التعين أو أنوار الملكوت وظلمات المُلك أو الظُلمة الناتجة عن التعلقات النفسية والأنوار الطاهرة الباعثة عن التعلّقات القلبية.



مناجاة

إلهي ...!
إن نعمك قد ابتدأت علينا...
وعطاياك غير متناهية وباب رحمتك مشرعه ومائدة نعمك اللامتناهية مبسوطة، هب لنا حالاً مضطرباً، وقلباً ملتهباً وعين اًتذرف الدموع، ورأساً لا يعرف القرار وصدراً ينفث بالهموم والآلام واختم حياتنا بالإخلاص إليك والحب إلى خواص ساحتك وهم مقدمة كتاب الوجود وخاتمه نظام الغيب والشهود محمد وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. والحمد لله أوَّلاً وآخِراً وظاهراً وباطناً.


توقيع torbat karbala2

يا نازلين بكربلاء هل عندكم .. خبرٌ بقتلانا و ما اعلامها
ما حال جثة ميتٍ في أرضكم .. بقية ثلاثاً لا يُزار مقامها
بالله هل رُفعت جنازته و هل .. صلى صلاة الميتين إمامها
بالله هل واريتموها بالثرى .. و هل استقرت باللحود رِمامها
يا جسمهُ انتفض التراب و عانقت .. أطيافه روحي فأنت سلامها
لو تنحني نفسي لجسمٍ عُفرت .. أوصلاهُ فتعفرت آلامها



mowalia_5
الصورة الرمزية mowalia_5
مشرفة سابقة
رقم العضوية : 1770
الإنتساب : Jun 2008
الدولة : هذي الكويت صل على النبيّ ..
المشاركات : 1,045
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 244
المستوى : mowalia_5 is on a distinguished road

mowalia_5 غير متواجد حالياً عرض البوم صور mowalia_5



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : torbat karbala2 المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-Jul-2009 الساعة : 08:44 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ..

الموضوع جداا حساس ودقيق .. والنقاط التي نقلتموها جوهرية في طريق السالك الى الله تعالى والجهاد الاكبر هو جهاد النفس .
هنيئا لمن سلك طريق الله تعالى ووصل الى اعلى الرتب وتعرض للفيوضات الإلهية التي لاينالها الا مجاهد ...
شكرااا اختنا تربة كربلائية على هذه النقاط النورانية والتي تستحق الرجوع اليها بين حين وآخر وخصوصا ان الكتاب لآية الله السيد الخميني ق س ..


توقيع mowalia_5








torbat karbala2
الصورة الرمزية torbat karbala2
مشرفة سابقة
رقم العضوية : 2148
الإنتساب : Jul 2008
الدولة : مدينة الشمس بعلبك
المشاركات : 1,807
بمعدل : 0.30 يوميا
النقاط : 274
المستوى : torbat karbala2 is on a distinguished road

torbat karbala2 غير متواجد حالياً عرض البوم صور torbat karbala2



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : torbat karbala2 المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-Jul-2009 الساعة : 10:43 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لك اختنا الغالية موالية_5 على المرور والتعقيب
موفقة لكل خير وتقبل الله اعمالكم
نسالكم الدعاء


توقيع torbat karbala2

يا نازلين بكربلاء هل عندكم .. خبرٌ بقتلانا و ما اعلامها
ما حال جثة ميتٍ في أرضكم .. بقية ثلاثاً لا يُزار مقامها
بالله هل رُفعت جنازته و هل .. صلى صلاة الميتين إمامها
بالله هل واريتموها بالثرى .. و هل استقرت باللحود رِمامها
يا جسمهُ انتفض التراب و عانقت .. أطيافه روحي فأنت سلامها
لو تنحني نفسي لجسمٍ عُفرت .. أوصلاهُ فتعفرت آلامها



samar
مشرف سابق
رقم العضوية : 3155
الإنتساب : Nov 2008
المشاركات : 986
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 237
المستوى : samar is on a distinguished road

samar غير متواجد حالياً عرض البوم صور samar



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : torbat karbala2 المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-Jul-2009 الساعة : 11:43 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد و عجل فرجهم
اختي الغالية تربة جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع والمفيد جدا وتقبل الله اعمالنا و اعمالكم.


والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته



torbat karbala2
الصورة الرمزية torbat karbala2
مشرفة سابقة
رقم العضوية : 2148
الإنتساب : Jul 2008
الدولة : مدينة الشمس بعلبك
المشاركات : 1,807
بمعدل : 0.30 يوميا
النقاط : 274
المستوى : torbat karbala2 is on a distinguished road

torbat karbala2 غير متواجد حالياً عرض البوم صور torbat karbala2



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : torbat karbala2 المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-Jul-2009 الساعة : 03:44 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى اله الطاهرين ...



نسالكم الدعاء

توقيع torbat karbala2

يا نازلين بكربلاء هل عندكم .. خبرٌ بقتلانا و ما اعلامها
ما حال جثة ميتٍ في أرضكم .. بقية ثلاثاً لا يُزار مقامها
بالله هل رُفعت جنازته و هل .. صلى صلاة الميتين إمامها
بالله هل واريتموها بالثرى .. و هل استقرت باللحود رِمامها
يا جسمهُ انتفض التراب و عانقت .. أطيافه روحي فأنت سلامها
لو تنحني نفسي لجسمٍ عُفرت .. أوصلاهُ فتعفرت آلامها



جارية العترة
الصورة الرمزية جارية العترة
المدير العام
رقم العضوية : 12
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : لبنان الجنوب الابي المقاوم
المشاركات : 6,464
بمعدل : 0.99 يوميا
النقاط : 10
المستوى : جارية العترة will become famous soon enough

جارية العترة غير متواجد حالياً عرض البوم صور جارية العترة



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : torbat karbala2 المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-Jul-2009 الساعة : 10:38 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


في إعمار الآخرة

يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية...!
والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ عالماً بالحقائق في الأسباب والمسببات، وإذا كنت حقاً عالماً بالصور البرزخية وأحوال الجنة والنار، فلا بُدّ أن لا يقر لك قرار، وعليك أن تصرف كل وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يطاق.
إذاً، لماذا لا تتقدم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثر في قلبك البراهين الفلسفية قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء.

كلمات نورانية
جزيت خيرا ترة

إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc