هناك حقيقة ذات أهمية كبرى عليك أن تتعرّف عليها وهي: أن الحب لن يقع عليك من السماء فجأة.. وانه لن يقذف في قلبك وقت نومك، لتستيقظ صباحاً، لتجد نفسك قد أحببت..
انه ليس شيئاً من الخارج، بل هو إحساس يرقد على فراشه في داخلك، في أعماق قلبك، وأنت تقوم بدور الموقظ له من حالة السبات..
وإذا لم يستيقظ بمجرّد دخول شريكك في حياتك، فإنك بحاجة إلى ممارسة الإيقاظ، بالتعّود على إظهاره، وبالتكلّف في ترديده..
لأن الحب مثله كجميع الصفات الفاضلة في النفس، إن لم تظهر بسهولة، فعلى الإنسان أن يتمّرن عليها.. وكأنك تمارس رياضة الصباح لأول مرة، فتحس بالتعب والإرهاق والتشنّج، ثم يبدأ ذلك التعب بالزوال شيئاً فشيئاً مع الاستمرار في أداء التمرينات.. كذلك الحب تحتاج إلى ممارسته يوماً بعد يوم، وستشّعر بثقل الكلمات في بداية المطاف لكنك سرعان ما ستحّس بسهولتها وعذوبتها في فمك..
يقول رسول الله (
وسلم):
((تحبب إلى الناس يحبّوك)). وبعد أن تمارس الحب بالتودّد لزوجتك، فان إشعاع التودد سوف ينعكس عليك حبّاً صافياً من شوائب التكلّف..
وفي قصة السيدة التي لجأت إلى الطبيب النفساني التي ذكرناها في الفصل السابق، خير مثال وشاهد على هذه الدعوى.. بعد أن كانت تحمل أكواماً من الحقد لزوجها.. تودّدت إليه تمثيلاً، فتعلّق بها.. ثم تعلق قلبها به، وتحوّلت حالة النفور إلى حالة تجاذب مؤنس..
إذاً إنما هي بضع كلمات جميلة، وهمسات دافئة، ولمسات حانية، لتكوّني إيحاءً داخلك، كتمرين الصباح، لتشعري أنت بحب زوجك، وتشعريه بذلك الحب.. لكي ينعكس عليك حبه المخلص..
يقول الفيزيائيون: لكل فعل رد فعل..
ويقول علماء النفس: لكل مثير استجابة..
ويقول الإمام علي (ع):
(( قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه)).
إن عملية التمرين تلك، تؤلّف القلوب فتقبل عليك بالطريقة التالية:
• أنتِ تقومين بترديد كلمات الحب بشكل دائم، فتزرع هذه الكلمات في داخلك شيئاً فشيئاً، فيتكون لديك إحساس بحب زوجك.
• وهو يتلقى تلك العبارات فتؤثّر فيه وتخترق مشاعره، فيقوم بترديدها أيضاً، فيستشعرها..
• فتعود عليك مشاعره الودّية نتيجة لذلك..
هذا لأن المحبة عملية تمسّ الروح والإحساس بشكل أساسي، يقول الحديث الشريف في معرفة المودة:
((اعرف المودة لك في قلب أخيك، بما له في قلبك)).
وقد سئل الإمام الصادق (ع):
( إن الرجل يقول لي أودّك، فكيف أعلم يودّني ؟ )
فقال الإمام:
(أمتحن قلبك، فإن كنت تودّه، فهو يودك).
إذاً هي عملية إيحاء وتمرين فتجاذب بين القلبين، فعناق بينهما.
عزيزي القارئ الموضوع لم ينتهي وسوف نطرق باب آخر ولكن بعد ان تهضم الوجبة الاولى من هذا السلوك وتطبقه في حياتك ...