اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الجهاد الشيطاني
شاهد بأم عينيه ظهور الفساد في البر والبحر، بما كسبت أيدي الناس. وظلام الجور والفساد يعم المجتمعات الإسلامية، وشاع بين أفرادها. كما يغمر السيل السهل، فيدمر أراضيه - ويهلك محاصيله. فأصبح يستغل بعضهم بعضا، وتسلب حقوقهم دون أدنى حق. ودون مراعاة لأوامر الله ونواهيه.
وقع على الأمة ظلما خارجي، من دول العالم المستكبر. في سبيل استغلالهم، والاستحواذ على مواردهم الطبيعية. كما تتداعى الأكلة على قصعتها، أو كما ينتشر النمل على قطعة السكر يفتتها.
قرر تأدية واجب الجهاد، الذي فرضه الله على العباد. مصداقا لقوله تعالى: وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، ذلكم خيرا لكم. وقول رسوله(ص) (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان).
لذا قرر البدء بمحاربة الدول المعتدية، بأقوى الإيمان ورفع السلاح في وجهها، لكف أذاها عن المسلمين. فلم يجد أمامه إلا الالتحاق بأحد المنظمات، التي ترفع راية الجهاد في المنطقة. والمتواجدة في احد البلاد الإسلامية، لردع المحتل.
ضحى ببلاده وأهله وعمله، ليتفرغ بالكامل لحياته الجديدة. وكان نصيبه من العمل، تدريب المتطوعين. وإعدادهم لمقاومة الطغاة، لخلفيته العسكرية. وكان عمله من الخطورة، بحيث يتوجب عليه الضغط عليهم. وتصفيتهم جسديا، إذا بدرت منهم النية بالتراجع. باعتبارهم خطر على الحركة، بعد ما اطلعوا على أسرارها.
مع الوقت تبين له، سوء أهداف الحركة. واتضح له فساد نوايا القائمين عليها، واستغلالها لمصالحهم الشخصية. وإنهم ينتقمون من محتل آيل إلى الزوال، لصالح آخر يتمدد قدما. يقتل في سبيل ذلك الأبرياء، دون جرم استحقوا عليه العقاب. عندها وقع في حرج كبير، خوفا من الفخ الذي نصب لغيره. لذا قرر الفرار بجلده.
لكن الإمام الحسين(ع)، وعندما علم بأوامر الطاغية يزيد. يخيره بين، البيعة أو القتل. قرر الخروج من المدينة، خوفا أن تستباح حرمتها. وكذا خرج من مكة، عندما أحس بالعيون ترقبه لذات السبب.
استعد للخروج من الحجاز، متجها إلى حتفه في العراق. ولم يجبر احد على الذهاب معه، أو الالتحاق به. بل كان طول طريقه، يخبر مرافقيه بالمصير الذي ينتظره. قائلا: هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. وليأخذ كل رجل منكم، بيد رجل من أهل بيتي وانتشروا في هذه البيداء. فأنهم إن وصلوا إلى، ذهلوا عن غيري.
هكذا كان دأبه مع أعداءه، حيث لم يبدأهم بقتال. ولم يلحق بالفارين منهم، ولم يثبط من يريد الالتحاق به تائبا. مثل الحر بن يزيد الرياحي. وكان في أحلك مواقفه وظروفه، يكلمهم ناصحا، ويحدثهم لاقيا عليهم الحجة. ويبكي لدخولهم النار، لاستباحتهم دمه.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية.