اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
ماهو رأيكم الشريف بمقولة بأن من يرى أنّ آية (عَبَسَ وتولّى )
نزلت بمناسبة عبوس النبي (ص) وإعراضه عند مجيء عبد الله بن أم مكتوم ؟؟
************
الإجــــابة :
المروي عن الأئمة نزول الآية المذكوره في رجل
كان في مجلس النبي وسلم والآية المباركة
عتاب ولَوْم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (ص) ،
ومما يُؤكّد ذلك اشتمال السورة على مضامين
لا تتناسب مع حديث القرآن الكريم عن شخصية النبي (ص)
فمثلاً قوله تعالى ( أمّا مَن استَغنى فأنتَ لهُ تصدّى وما عَلَيك ألاّ يزكّى )
ظاهر في أنّ المقصود بهذه الآيات شخْص مِن دَأْبِهِ التصدّي للأغنياء
وإعراضِهِ عن الفقراء وعدم الإهتمام بتزكيتهم ، وهذا مُخالف صريح
لقوله تعالى عن النبي (ص) : ( هو الذي بَعَثَ في الأُمّيين رسولاً منهم
يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتابَ والحكمةَ وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين) ،
وكذلك قوله تعالى : ( وأمّا من جاءك يسعى وهو يخشى
فأنتَ عنه تلهّى)
ظاهر في أنّ الشخص المعهود من طبعه الصدود والإعراض عن المؤمنين
وهو مُخالف صريح لقوله تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزٌ عليه ماعنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ) ،
بل لازم صدور الصدود من النبي عن المؤمنين هو المعصية لأنّه مأمور باستقبالهم والتواضع لهم في قوله تعالى : ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) .
المصدر : الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية
لآية الله العُظمى الميرزا جواد التبريزي
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
في المجمع، قيل: نزلت الآيات في عبد الله بن أم مكتوم و هو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي. و ذلك أنه أتى رسول الله ( وسلم) و هو يناجي عتبة بن ربيعة و أبا جهل بن هشام و العباس بن عبد المطلب و أبيا و أمية بن خلف يدعوهم إلى الله و يرجو إسلامهم فقال: يا رسول الله أقرئني و علمني مما علمك الله فجعل يناديه و يكرر النداء و لا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله ( وسلم) لقطعه كلامه و قال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان و العبيد فأعرض عنه و أقبل على القوم الذين كان يكلمهم فنزلت الآيات. و كان رسول الله بعد ذلك يكرمه، و إذا رآه قال: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، و يقول له: هل لك من حاجة؟ و استخلفه على المدينة مرتين في غزوتين.
أقول: روى السيوطي في الدر المنثور القصة عن عائشة و أنس و ابن عباس على اختلاف يسير و ما أورده الطبرسي محصل الروايات.
و ليست الآيات ظاهرة الدلالة على أن المراد بها هو النبي ( وسلم) بل خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه بل فيها ما يدل على أن المعنى بها غيره لأن العبوس ليس من صفات النبي ( وسلم) مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين.
ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء و يتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة كما عن المرتضى رحمه الله.
و قد عظم الله خلقه ( وسلم) إذ قال - و هو قبل نزول هذه السورة -: «و إنك لعلى خلق عظيم» و الآية واقعة في سورة «ن» التي اتفقت الروايات المبينة لترتيب نزول السور على أنها نزلت بعد سورة اقرأ باسم ربك، فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه في أول بعثته و يطلق القول في ذلك ثم يعود فيعاتبه على بعض ما ظهر من أعماله الخلقية و يذمه بمثل التصدي للأغنياء و إن كفروا و التلهي عن الفقراء و إن آمنوا و استرشدوا.
و قال تعالى أيضا: «و أنذر عشيرتك الأقربين و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»: الشعراء: 215 فأمره بخفض الجناح للمؤمنين و السورة من السور المكية و الآية في سياق قوله: «و أنذر عشيرتك الأقربين» النازل في أوائل الدعوة.
و كذا قوله: «لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم و لا تحزن عليهم و اخفض جناحك للمؤمنين»: الحجر: 88 و في سياق الآية قوله: «فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين»: الحجر: 94 النازل في أول الدعوة العلنية فكيف يتصور منه ( وسلم) العبوس و الإعراض عن المؤمنين و قد أمر باحترام إيمانهم و خفض الجناح و أن لا يمد عينيه إلى دنيا أهل الدنيا.
على أن قبح ترجيح غنى الغني - و ليس ملاكا لشيء من الفضل - على كمال الفقير و صلاحه بالعبوس و الإعراض عن الفقير و الإقبال على الغني لغناه قبح عقلي مناف لكريم الخلق الإنساني لا يحتاج في لزوم التجنب عنه إلى نهي لفظي.
و بهذا و ما تقدمه يظهر الجواب عما قيل: إن الله سبحانه لم ينهه ( وسلم) عن هذا الفعل إلا في هذا الوقت فلا يكون معصية منه إلا بعده و أما قبل النهي فلا.
و ذلك أن دعوى أنه تعالى لم ينهه إلا في هذا الوقت تحكم ممنوع، و لو سلم فالعقل حاكم بقبحه و معه ينافي صدوره كريم الخلق و قد عظم الله خلقه ( وسلم) قبل ذلك إذ قال: «و إنك لعلى خلق عظيم» و أطلق القول، و الخلق ملكة لا تتخلف عن الفعل المناسب لها.
و عن الصادق () على ما في المجمع،: أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي ( وسلم) فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه و جمع نفسه و عبس و أعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك و أنكره عليه.
و في المجمع، و روي عن الصادق () أنه قال: كان رسول الله ( وسلم) إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحبا مرحبا و الله لا يعاتبني الله فيك أبدا، و كان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي ( وسلم) مما يفعل به.
أقول: الكلام فيه كالكلام فيما تقدمه، و معنى قوله: حتى أنه كان يكف «إلخ» أنه كان يكف عن الحضور عند النبي ( وسلم) لكثرة صنيعه ( وسلم) به انفعالا منه و خجلا.