عضو
|
|
|
|
الدولة : الحيانية المجاهدة
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
كتاب لسيد الشهيدالسعيدمحمدمحمدصادق الصدر( قدس سره الشريف ) بعنوان ((الاستخارة))ج1
بتاريخ : 17-Nov-2009 الساعة : 12:16 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب
((الاستخارة))
تأليف
السيد الشهيد السعيد
محمد محمد صادق الصدر
( قدس سره الشريف )
معنى الاستخارة
قال ابن منظور(1) : الاستخارة طلب الخير في الشيء وهو إستفعال منه . وفي الحديث كان رسول الله ( ص ) يعلمنا الاستخارة في كل شيء . وخار الله لك أي إعطاك ما هو خير لك والخيرة بسكون الياء : الاسم من ذلك ومن دعاء الاستخارة أي اللهم خر لي أي إختر أصلح الأمرين وإجعل لي الخيرة فيه وإستخار الله طلب من الخيرة ( بفتح الياء ) . والخيرة ( بسكون الياء ) : الاسم من قولك : خار الله لك في هذا الأمر . ويقال : إستخر الله يخر لك . والله يخير للعبد إذا أستخار .
أقول : والإستخارة عادة جرى عليها المتشرعة في الاسلام منذ صدر الاسلام الى العصر الحاضر وسنسمع بعض النصوص الواردة في ذلك , الدالة على ثبوت ذلك من زمن الأئمة المعصومين ( ) بل من زمن رسول الله ( ص ) .والإستخارة كمفهوم يمكن أن يراد به أحد ثلاثة أمور :
الأمر الأول:
ما أشار إليه إبن منظور وهو طلب الخير , فإذا إستخرت الله سبحانه فقد طلبت منه الخير . يعني دعوته لكي يختار لك جل جلاله في مجريات حياتك وفي قضائه وقدره ما هو خير لك وأولى . ويدفع عنك السوء والشر والعدوان .وهذا المعنى وإن كان صحيحاً تماماً , إلا أنه لا ريب له بالمعنى الذي نتكلم فيه الذي عقدنا له هذا الفصل . الأمر الثاني:
طلب الخيرة ( بفتح الياء ) من الله سبحانه وتعالى على ان يدلك على ما هو الأصلح لك في المستقبل المنظور من حياتك هل الأفضل أن تفعل أو الأفضل أن تترك .
فهو معنى يحتوي على طلب الخير من الله سبحانه , إلا أنه يحتوي في نفس الوقت على جهة تشريعية : إفعل أو أترك بحسب الهداية الالهية الموجودة في إسلوب الإستخارة . فهي في الحقيقة سؤال من الله سبحانه عما ينبغي أن يفعله الفرد أو يتركه . ويكون الجواب من الله سبحانه تشريعياً بمعنى أنه : يجوز لك أن تفعل أو يجب عليك أن تفعل أو يجوز لك أن تترك أو يجب عليك .
الأمر الثالث من معاني الخيرة :
طلب الخير بمعنى محاولة التوصل الى معرفة : أن الله سبحانه ماذا أراد لي أو لنا في المستقبل المنظور من حوادث ومجريات . هل هي حوادث خير أو هي حوادث شر وسوء . من دون أن تكون له صفة تشريعية .
وهذا المعنى يحتوي على محاولة التعرف بالهداية الالهية على المستقبل أو على ( الغيب ) الذي لم يحصل الى الآن .
وهذا هوالمعنى الذي يعتقده الكثيرون من عامة الناس في معنى الإستخارة وأنها منتجة الكشف عن المستقبل. وسنناقشه بعد ذلك . وهو وإن لم يكن بمعنى الخيرة التي نحن بصددها إلا أن للناس فيه عادة , وهو مرتبط بها في أذهانهم , فيحسن جداً التعرض له .
تكوينها النظري
وتحتاج الاستخارة الى الايمان بما نستطيع ان نسميه بالتكوين النظري لها , اذ بدونه تكون الطريقة لاغية وغير منتجة حتماً . وأول فقرات هذا التكوين هو الايمان بالله عز وجل ذي القدرة الواسعة والعلم الواسع والرحمة الواسعة بحيث يعلم بحاجة ذي الحاجة وبطلبه الاختيار , وبوجه المصلحة فيما يجهله العبد . وهو قادر سبحانه على اجابة طلبه وتعريفه وجه المصلحة عن طريق ما اشترطه العبد من طريق معين , كإمساك عدد فرد أو زوج من الحبات أو الحصى على ما سيأتي . وهو تعالى رحيم كريم لا يغش من استنصحه ولا يكذب على من يسأله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
والفقرة الاخرى المهمة في صحة الاستخارة وجود الدليل على صحتها , دليلاً معتبراً يركن اليه القلب وتطمئن اليه النفس . وهذا ما سنبحثه في عنوان مستقل .
والفرة التي لا بد منها هي السؤال الذي يسأله بعض أساتذتنا أحد طلابه : هل تعلل أن هناك سبب فوق الطبيعة ( ميتا فيزيقي ) يدخل الحبات في يدك ؟ فأجاب الطالب : لا . وكأن هذا ينتج ضعف في الدليل على الاستخارة لأنها ما دامت خاضعة لقوانين الطبيعة وغير مشمولة لما ورائها : إذن فهي لا تكشف بأي حال عن وجه المصلحة , أو قل : عن الهداية الالهية المطلوبة منها . ولا بد الى الاستخارة إذا كانت ولا بد للاستخارة إذا كانت منتجة أن تكون مشمولة بقوانين ما وراء الطبيعة , وهذا الكلام إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف اليقين بالله عز وجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) لسان العرب .
وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا ولا ينبغي أن يكون الكلام في الاستخارة مع الماديين وأضرابهم من أهل الدنيا الذين كانت الدنيا أقصى همهم ومبلغ علمهم ﴿ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون ﴾.
ولا شك أن كل قوانين الكون , بما فيها قوانين الكون والقوتنين التي فوقها, كلها خاضعة لإرادة الله عز وجل . ونحن مهما تصورناها قوية وفعالة ومؤثرة , فإنما ذلك بمشيئة الله سبحانه وحسن تدبيره , وليس في الكون ما هو خارج عن إرادته وعلمه , ومتى أراد أن يمسك يد القانون عن التأثير كان له ذلك ﴿ وهو أهون عليه ﴾, لأن القانون إنما هو قائم به ودائم به , وليس له أي وجود وتأثير بدونه .
بل اننا لو غضضنا النظر المباشر عن ارادة الله عز وجل . وقصرنا على الاسباب لكانت النتيجة هي نفسها , لأننا قلنا في هذا الكتاب وفي غيره أن القوانين الطبيعية التي تبجح بها الماديون ليس لها أي وجود , وإنما هي أفكار ذهنية كلية , أو قل هي مفاهيم عقلية منتزعة من الواقع , إذن فموطنها الحقيقي هو الذهن وليس الخارج ويستحيل أن يؤثر ما هو ذهني بما هو خارجي .
وإنما الموجود في الخارج هو الأسباب الجزئية , وقد قال الفلاسفة والمناطقة : ان الكلي على كليته لا يوجد في الخارج وإنما الذي يوجد هو الجزئي أو قل : الجزئيات .
فالاسباب المؤثرة هي الاسباب الجزئية , يعني ان جزئيات الكون بعضها يؤثر في بعض . ولا فرق من حيث هذه الفكرة بين القوانين الدنيا أعني الطبيعية أو القوانين العليا أو الميتافيزيقية .
وإذا آمنّا أن هناك قوانين عليا أو قل : أسباب عليا مؤثرة . كما هو المفروض في المؤمن الحقيقي , وكما هو المبرهن عليه فلسفياً وعرفانياً , فإن تلك الأسباب شاملة التأثير للعالم الأدنى الطبيعي . وكل ما في الطبيعة من جزئيات خاضع لتلك الأسباب , وكل ما فيها من تأثيرات فهو ناتج في المدى القريب أو البعيد منها .
وإذا كان الامر كذلك أمكننا أن نفترض أن المؤمن إذا فعل الاستخارة , كان ذلك سبباً ( فوقياً ) للتأثير على مقدار الحبات , بحيث يطابق عددها ما هو المصلحة الواقعية , ويكون ذلك سبباً لعلمه بالواقع .
وهذا الافتراض ليس جزافياً , بل ناتج من اليقين بسعة قدرة الله وعلمه . كل ما في الامر أننا تارة نفترض أن قدرة الله تعالى قد أثرت بالطبيعة مباشرة . وأخرى نفترض أن قدرته أثرت بتحريك القانون الفوقي على الطبيعة . وثالثة نفترض أن السبب الفوقي بإختياره أصبح مؤثراً في الطبيعة وليس إختياره جزافياً وإنما نتيجة لتعاليم الهية موجودة عنده . ومهما كان من الصحيح أحد هذه الافتراضات فإن النتيجة تكون صحيحة لا محالة وحبات السبحة أو أي طريقة أخرى للخيرة تكون مطابقة للمصلحة الواقعية لا محالة . كل ما في الامر أننا نحتاج الى شيء من اليقين .
الدليل على الإستخارة
يمكن الاستدلال على ذلك بعدة وجوه :
الوجه الأول :
وهو ذو جانب نظري بأن نقول : إن الله لا يغش من استنصحه .
فإننا من حيث كوننا مسلمين نعتقد بالضرورة ان الله سبحانه وتعالى هو الكمال المطلق لا قصور في علمه ولا في إرادته ولا في قدرته ولا في كرمه وليس هناك مصلحة شخصية تعود اليه بتفويت طلب الطالبين ودعاء الداعين مضافاً الى قوله تعالى : ﴿ ادعوني استجب لكم ﴾ وهو وعد صريح في الاستجابة للداعين إذا تم منهم الدعاء والله سبحانه لا يخلف الميعاد .
فإذا علمنا الى جنب ذلك ان الاستخارة انما هي من قبيل الدعاء الى الله سبحانه وتعالى بان يعطي النصيحة والمشورة في ما هو متحير فيه , اذن فهذا الدعاء يمكن ان يجاب بل يتعين الجواب اذا صح الاخلاص والتوجه ومن هنا صدق قولنا : ان الله لا يغش من استنصحه لان نتيجة الاستخارة بعد صدق الدعاء إن كانت باطلة فلا تخلو من احد أمور كلها باطلة لأنها تكون إما عن قصور في علمه سبحانه أو في قدرته أو في كرمه أو لوجود مصلحة شخصية له وكل ذلك باطل . إذن , فيتعين استجابة الدعاء وإعطاء النصيحة الواقعية للعبد الداعي .
الوجه الثاني :
سيرة المتشرعة الجارية منذعصور سالفة والى العصر الحاضر على استعمال الاستخارة في مهام الامور والسيرة حجة . إذن جواز الاستخارة ثابت .
فإن قيل : إن هذه السيرة قد تكون متأخرة عن عصر المعصومين ( ) , فلا تكون حجة ولا أقل من إحتمال ذلك لأن السيرة إنما تكون حجة بعد إحراز وجودها في زمنهم ( ) .
وجوابه : إن هذه السيرة كانت موجودة في زمنهم قطعاً وذلك لتقريبين :
التقريب الأول :
الأخبار الآتية المستفيضة بل المتواترة على صدق الاستخارة وصحتها وكلها واردة عن المعصومين ( ) بل أشرنا الى أن هناك ما يدل على أن رسول الله ( ص ) كان ينصح بها ويهدي بها .
التقريب الثاني :
إننا لو تنزلنا جدلاً عن الوجه الاول كفانا الاصل العلمي في اثبات وجود السيرة في زمنهم لأن الشك في وجودها يومئذ وإن كان موضوعاً لأصالة العدم إلا أنه مع وجودها الآن يمكن إثبات وجودها يومئذ بالاستصحاب وهذا يكفي ويكون الأخذ به مقدماً على الأخذ بأصالة العدم كما هو محقق في محله .
الوجه الثالث :
للاستدلال على صحة الاستخارة . التجربة الشخصية حيث دلتنا الحياة العملية كما دلت الكثيرين على أن طاعة مضمون الخيرة يؤدي الى الخير فعلاً وعصيانه يؤدي الى الندامة والسوء بل أحياناً يبدو الأمر وكأنه مستغرب أو كأنه شكل من أشكال الغيب حتى كتب بعضهم كتاباً يحاول الاستدلال فيه على وجود الله سبحانه وتعالى بصدق الخيرة مع سرد عدد كبير من الحوادث التي صدقت فيها وكانت محل تعجب وإعجاب .
وقد يخطر في الذهن أن هذا الوجه أنما يتم فيما إذا كان صدق الاستخارة مائة بالمائة أو لا أقل أن يكون أكثر من تسعين بالمائة وأما حين نرى موارد التخلف في الواقع , فهذا الوجه سيكون باطلاً بمعنى أنه ليست هناك تجربة في صدق الخيرة وإنما ذلك نتيجة للصدفة ليس إلا .
بل قد يزعم زاعم أن مولود التخلف أكثر من مولود الصدق . ومعه يزداد الطين بلة وتكون التجربة على نفي صدق الاستخارة أدل .
وجواب ذلك : إننا ينبغي أن ننتظر الآن عدة صفحات من هذا البحث لكي نتكلم عن الاسباب الحقيقية لتخلف الخيرة وكذبها فاذا تمت ارتفع موضوع هذا السؤال ولا يفرق عندئذ بين أن تكون موارد التخلف كثيرة أو قليلة وسنجد أن أنه لا يوجد أية موارد للتخلف أذا ارتفعت اسبابه . إذن , فيمكن ان ندعي سلفاً ان صدق الاستخارة يكاد أن يكون مائة بالمائة محيلين التفصيل الى مستقبل هذا البحث .
الوجه الرابع :
الأخبار الدالة على الحث على الالتزام بهذا المسلك والواردة من قبل المعصومين ( ) وهي بمجموعها كما قلنا مستفيضة بل متواترة , ومن هذه الناحية لا يهم في صدق هذا الوجه من الاستدلال على الاستخارة وجود بعض المناقشات في مسانيدها أو مداليلها ونذكر الآن أوضح ما يمكن أن يقع كمصداق لهذا الوجه من الروايات .
فعن عمرو بن الحريث (1) قال : قال أبو عبد الله ( ) : (( صل ركعتين وإستخر الله فوالله ما إستخار الله مسلم إلا خار له البتة )) .
وعن هارون بن خارجة (2) عن أبي عبد الله ( ) قال : (( من إستخار الله راضياً بما صنع خار له حتماً )) .
وعن أبي عبد الله ( ) (3) قال: (( كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن )). ثم قال : (( ما أبالي إذا استخرت على أي جنبي ونعمت )) .
وعنه ( )(4) أنه قال : (( كان أبي إذا أراد الاستخارة في أمر توضأ وصلى ركعتين وإن كانت الخادمة لتكلمه فيقول : سبحان الله . لا يتكلم حتى يفرغ )) .
وعنه ( )(5) أنه قال : (( ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله بالخيرة )), الحديث .
وعنه ( ) قال : (( إذا أراد احدكم أمراً فلا يشاور فيه أحداً من الناس حتى يبدأ فيشاور الله تبارك وتعالى )) وقال : قلت : جعلت فداك وما مشاورة الله ؟ قال : (( تبدأ فتستخير الله فيه أولاً , الحديث )).
الى غير ذلك من الاخبار الواضحة في مضمونها على المطلوب وهو مشرعية الاستخارة وصحتها .
بل الامر أكثر من ذلك فقد وردت الكثير من الاخبار في النهي عن مخالفة الاستخارة وعصيانها , مضافاً الى عدم الدخول في أمور مهمة من دون إيجاد الاستخارة وكلها معان تدعم المطلوب نفسه . نذكر لذلك بعض الامثلة من الاخبار :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج5 كتاب الصلاة : أبواب صلاة الاستخارة : باب 1 : حديث 1 .
(2) المصدر : حديث 2 .
(3) المصدر : حديث 10 .
(4) المصدر : حديث 8 .
(5) المصدر : باب 5 : حديث 3 .
فعن محمد بن مضاب(1) قال : قال ابو عبد الله ( ): (( من دخل أمراً بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر )) .
وعنه ( )(2) قال : (( قال الله عز وجل : من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخيرني )) .
وعن بعض أصحابه(3) قال : قلت لأبي عبد الله ( ) : من أكرم الخلق على الله ؟ قال : ((أكثرهم ذكراً لله وأعلمهم بطاعته )) . قلت : من أبغض الخلق الى الله ؟ قال : ((من يتهم الله )) . فقلت : وأحد يتهم الله ؟ قال : (( نعم . من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط لذلك , فذلك الذي يتهم الله )).
الى غير ذلك من الاخبار .
ولا يرد عليها بعد كل الذي قلناه إلا وجه واحد من المناقشة , وهو احتمال أن يراد من الاستخارة في هذه الاخبار المعنى الأول الذي ذكرناه سابقاً لها , وهو الدعاء في طلب الخير وحصوله بغض النظر عن الجهة التشريعية التي ذكرناها في الوجه الثاني .
والإنصاف أن عدداً قليلاً من الاخبار يمكن أن نفهم منه ذلك فعلاً :
فعن مرازم(4) قال : قال أبو عبد الله ( ) : (( اذا أراد أحدكم شيئاً فليصل ركعتين ثم ليحمد الله وليثن عليه ويصل على محمد وأهل بيته ويقول : اللهم إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره وإن كان غير ذلك فاصرفه عني )) .
وهو واضح في الدعاء في صرف السوء من دون الجهة التشريعية إلا أن أكثرالاخبار على خلاف ذلك تماماً . ويمكن الاستدلال على ارادتها للوجه الثاني بعدة وجوه :
الوجه الأول :
إنه يمكن أن يقال ان المفهوم من الاستخارة هو ذلك أعني الوجه الثاني دون الأول وهذا واضح في أذهان المتشرعة بلا إشكال . كما أنه واضح من بعض الاخبار ايضاً . الأمر الذي يدلنا على وجود ظهور كاف في هذا اللفظ ونحوه على ما هو محا الكلام وهو ما عليه سيرة المتشرعة من الاستخارة المشهورة ذات المعنى التشريعي .
فاذا ثبت ذلك أمكن جميع الاخبار التي تتحدث عن الاستخارة على هذا المعنى .
الوجه الثاني :
الاستدلال بالاخبار الدالة على الاستخارة بالرقاع فانها نص بالجهة التشريعية أعني : إفعل ولا تفعل .
فمن ذلك ما عن هارون بن خارجة(5) عن أبي عبد الله ( ) قال : (( إذا أردت أمراً فخذ ست رقاع . الى أن يقول : فإن خرج ثلاث متواليات إفعل فإفعل الأمر الذي تريده , وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل , فلا تفعله )), الخبر .
وعنه ( )(6) : أنه قال لبعض أصحابه عن الأمر يمضي فيه ولا يجد أحداً يشاوره فكيف يصنع ؟ قال : (( شاور ربك . الى أن يقول : فإن كان فيها نعم فإفعل وإن كان فيها لا , لا تفعل . هكذا شاور ربك )).
الوجه الثالث :
ان عدداً لا يستهان به من الاخبار ذكرت الطريقة التي يمكن بها استخلاص النتيجة من الاستخارة على وجوه مختلفة كما سيأتي . والمهم الآن أنها لو كان المراد مجرد طلب الخير لما كان لهذه النتيجة معنى فتكون هذه الاخبار نصاً بالمعنى الثاني وهو الاستخارة المشهورة .
ففي بعضها(7) يقول : ثم انظر أي شيء يقع في قلبك فإعمل به .
وفي حديث(8) آخر يقول : ثم انظر لجزم الأمرين لك فإفعله فإن الخيرة فيه إن شاء الله .
وفي آخر يقول(9) : ثم نقبض على قطعة من السبحة تضمر حاجة فإن كان عدد القطعة زوجاً فهو إفعل وإن كان فرداً لا تفعل وبالعكس . الى غير ذلك من الاخبار .
بقي أن نشير في نهاية هذه المجموعة من الاخبار الى ما أشرنا اليه من ورود بعض الأخبار عن رسول الله ( ص ) فمن ذلك :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــ ـــــــ
(1) المصدر : باب 7 : حديث 1 .
(2) المصدر : حديث 2 .
(3) المصدر : حديث 3 .
(4) المصدر : باب 1 : حديث 7 .
(5) المصدر : باب 2 : حديث 1 .
(6) المصدر : باب 2 : حديث 1 .
(7) المصدر : باب 1 : حديث 4 .
(8) المصدر : حديث 6 .
(9) المصدر : باب 8 : حديث 1 .
ما عن النوفلي(1) ( ) قال : قال رسول الله ( ص ) : (( من استخار الله فليوتر )) .
وعن أمير المؤمنين ( )(2) قال : (( بعثني رسول الله ( ص ) الى اليمن فقال وهو يوصيني : يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار )) .
وقد سمعنا في أول هذا الفصل ما ذكره ابن منظور في لسان العرب من أن رسول الله ( ص ) كان يعلمنا الاستخارة في كل شيء . الى غير ذلك من الاخبار .
الاعتراضات على الاستخارة
إن ما يمكن أن يورد من الإشكالات على صدق الاستخارة وصحتها وجوه عديدة ناشئة من مناشيء مختلفة .
فمثلاً يحتاج الاستدلال على صحة الاستخارة الى الاستدلال على صحة العقيدة الاسلامية فبدون ذلك يصعب الاستدلال عليها سواء كان المنحى الذي يسير عليه الفرد مادياً أو من بعض الأديان السماوية . فما نذكره من الوجوه الآتية مبني على صدق العقيدة الاسلامية كما هو مبرهن عليه في الفلسفة وعلم الكلام .
ويمكن أن نورد في هذا الصدد عدة وجوه :
الوجه الأول :
ما ذكره بعض اساتذتنا من أننا لا نحتمل حصول سبب مما وراء الطبيعة يتدخل في نتيجة الخيرة . أقول : وهذا معناه ان نتيجة الخيرة متوقفة على حصول معجزة في أن تأخذ يدك فرداً من عدد الحصى أو زوجاً . فإن لن نتحمل حصول المعجزة كما لم يكن هو ( قدس سره ) يحتمله , وكان الأمر طبيعياً تماماً , إذن , فالأمر موكول الى مجرد الصدفة وليس فيه تدخل الهي . وهذا ينتج بطلان الاستخارة على الاطلاق .
وجواب ذلك : إننا لا نحتمل فقط حصول المعجزة أو التدخل الإلهي في الانتاج بل نعلم به . وذلك لأحد وجهين على الأقل .
الوجه الاول :
إن هذا الإشكال أفضل ما يقال فيه أنه ناتج عن حال تعبر عنه الآية الكريمة ﴿ بل حسبوا أن الله لا يعلم كثيراً مما يعملون ﴾ . لأننا إذا علمنا ـ كما قلنا في الوجه الأول من الاستدلال على صدق الاستخارة ـ : بأن الله سبحانه وتعالى لا نقص في علمه ولا في قدرته ولا في كرمه مضافاً الى ما دل عليه القرآن والبرهان من علمه بالسرائر والضمائر وقدرته على كل شيء وإنه لا يخلف الميعاد بما في ذلك الوعد بإجابة الدعاء . إذن , تكون هذه الأفكار بمجموعها دليلاً كافياً على صحة التدخل الإلهي لإنتاج الاستخارة .
الوجه الثاني :
دلالة الاخبار على ذلك وهي وإن لم تدل بصراحة على مفهوم المعجزة أو التدخل الإلهي . إلا إننا يمكن أن نفهم من ذلك بعد تقديم أمرين :
الأمر الأول :
ما سبق أن سمعناه من أساليب إنتاج الاستخارة كعد الفرد أو الزوج أو الأخذ بما وقع في القلب وغير ذلك مما سيأتي تفصيله .
الأمر الثاني :
أن انتاج الاستخارة هذا يتوقف فعلاً على نفي الصدفة وإثبات التدخل الإلهي . إذ مع الصدفة أو إيكال الأمر الى القوانين الطبيعية القسرية كما يؤمن بها الماديون , لا يكون للخيرة أية نتيجة .
إذن فهذه الأخبار وهي مستفيضة كما عرفنا تنقل لنا عن المعصومين ( سلام الله عليهم ) التعهد بصدق الخيرة من ثم التعهد بوجود التدخل الإلهي الذي تتوقف عليه .
وقد يخطر في الذهن إن الله تعالى أوكل الأمور الى أسبابها فهي لا توجد دائماً بمعجزة أو بتدخل إلهي مباشر بما في ذلك الأساليب المنتجة للاستخارة .
وجواب ذلك : إنه ثبت الفلسفة وعلم الكلام إنه لا تنافي بين عمل الاسباب وعمل المسبب سبحانه وتعالى وليس هنا محل تفصيله . إذن , فنفي التدخل الإلهي في أي شيء لا وجه له وخاصة بالأمور التي يتوقف صدقها عليه فتكون أولى بالتدخل .
====================
(1) المصدر : باب 7 : حديث 5 .
(2) المصدر : باب 5 : حديث 11 .
الوجه الثاني :
من وجوه الإشكال على نتيجة الاستخارة : ما سبق أن أشرنا اليه من عدم صدقها الدائم بالتجربة بل لعل التجربة دالة على عدم صدقها . هذا والمعنى لا ينبغي أن يعود الى المناقشة في الحكمة الإلهية بعد أن كنا نثبتها بالبرهان كمسلمين . وإنما ينبغي أن يعود هذا الإشكال الى المناقشة في الاستخارة نفسها وعدم صحة دليلها .
والجواب عن ذلك يمكن ان يتم على عدة مستويات :
المستوى الأول :
عدم توفر الدعاء أو عدم صدقه عند الفاعل الاستخارة . فإننا قلنا إنها إنما هي دعاء لله عز وجل في ان يختار لعبده الطريق الأفضل أو الفعل الأولى من غيره . إذن , فيجب أن تكون الاستجارة مما يصدق عليها إنها دعاء وليست مجرد لقلقة لسان يقولها الانسان .فإن هذا الكلام الذي نسميه دعاء غلا تحت شروط معينة نفسية وخارجية ولفظية , وبدونه يخرج عن كونه دعاء بطبيعة الحال وإن كان ظاهر الكلام في اللغة هو ذلك . وقد شرحت هذه الشروط في السنة الشريفة وليس هذا البحث محل سردها . غير أن الذي أعتقده بإختصار إن الدعاء إنما يحصل ويصدق , فيما إذا حصل الطلب بإخلاص وتوجه , فهذه ثلاث عناصر :
العنصر الأول : الطلب . يعني أن يريد العبد من ربه شيئاً من الأشياء . وهذا يتوفر لدى العبد مع شيء من حسن الإيمان .
العنصر الثاني : التوجه , بمعنى أن يدرك العبد أنه يخاطب الخالق سبحانه وأنه أسمع السامعين وأبصر الناظرين . لا إن ذلك الداعي يتكلم في الفضاء كلاماً لا يعلم أين يوجهه .
والتوجه الأهم إنما هو بالقلب , وهو أن يدرك أنه يتكلم بين يدي الخالق العظيم سبحانه .
العنصر الثالث : الإخلاص في النية . وهو خلوها من الشك والإفتراض , وسواء كان من قبيل الشك في الخالق والعياذ بالله , أو الشك في حكمته أو الاعتراض على القضاء والقدر أو حسبان الفرد نفسه بريئاً من الذنوب والعيوب والأخطاء , حيث يقول : ماذا فعلت لكي أستحق مثل هذه العقوبة ؟ وهكذا .
فإذا إكتسب الكلام الذي نسميه دعاء بعض هذه الصفات الدنيئة لم يكن دعاء وإذا لم يكن دعاء يخرج من الوعد الإلهي بالإجابة ﴿ ادعوني استجب لكم ﴾ لأن العبد عندئذ لم يدع حقيقة وإن كان قد دعا ظاهراً . فالدعاء لم يحصل فالإجابة لا تحصل . وهذه قاعدة عامة لكل دعاء بما فيه دعاء الاستخارة .
المستوى الثاني :
إن الدعاء إذا حصل بحصول التوجه والإخلاص فإن الوعد بالإجابة قطعي في الآية الكريمة . إلا أنها مع ذلك لا تخلو من إطلاق قابل للتقييد . فهي لم تشر الى المكان الذي يجاب فيه الدعاء ولا الزمان فقد تكون الاستجابة بعد عدة سنوات مثلاً في مكان آخر أو نحو ذلك .
كما أن الآية الكريمة لم تشر الى صورة التعارض أو التزاحم وذلك يتصور في عدة موارد تكون الاستجابة فيها متعذرة تقريباً أو تحقيقاً , إلا أن يشاء ربي شيئاً , فمن ذلك :
أولاً :حصول الضرر على الفرد باستجابة دعائه , وهو يحسب أنه يدعو لمصلحة نفسه .
ثانياً : حصول الضرر على آخرين باستجابة هذا الدعاء .
ثالثاً : تعارض الدعائين كما لو كان اثنان أحدهما يدعو بضد ما يدعو به الآخر . وفي المثل أو القصة المشهورة : أن صاحب البستان يدعو بنزول المطر , والحرفي الذي يصنع الخزف يدعو بعدم نزوله . وهكذا .
فهذا المستوى للدعاء أيضاً قاعدة عامة لا يخرج الدعاء في الاستخارة عن حيزه لا محالة .
المستوى الثالث :
إن مصلحة الفرد في الحكمة الإلهية قد تكون في اضراره وإنزال بعض الشر عليه لكي تحصل بعض النتائج المحمودة . ( مثاله المتعارض : التاجر حين يشتري البضائع الكثيرة التي لا يعلم حصول ربحها أو يركب البحر أو الجو أو أي مخاطرة من أجل الحصول على الربح في حين أن الموت أو تلف المال قد يأتيه في أي ساعة ) إذن فتقديم المقدمات , لأجل نيل النتائج الحسنة , أمر عرفي وعام بين الناس .
وكذلك الحال في الحكمة الإلهية , فان صنوف البلاء الشخصي والعام , إنما هو لمصلحة الخلق سواء رضوا أو أبوا .وهذا أيضاً قانون عام في الحكمة لا تخرج الاستخارة عنه . ومن هنا وردت هذه الرواية تحذر من هذه الجهة . وهو ما في رواية إسحاق بن عمار(1) عن أبي عبد الله ( ) قال : قلت له : ربما أردت الأمر يفرق مني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) المصدر : باب 1 : حديث 6 .
فريقان : أحدهما يأمرني والآخر ينهاني . الى من يقول : (( ولتكن استخارتك في عافية . فإنه ربما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله )).
وقوله : خير للرجل , يعني الأصلح له في الحكمة الإلهية فإن طلب هو الأصلح أجيب بمثل ذلك , لكنه إن دعا بالعافية بمعنى العافية من البلاء , إنصرف عنه البلاء وأجيب بما يناسب رغبته واتجاهه .
المستوى الرابع :
إن الاستخارة قد ترد أو تفشل من أجل عدم حصول شرائطها نفسها , وإن حصلت شرائط الدعاء ونحو ذلك وسنعرف فيما يلي شرائط الاستخارة . فقد يكون الفرد فاقداً لها أو أن تكون استخارته فاقدة لها فلا يكون لها أثر .
إذن , فمن مجموع هذه المستويات الأربعة يمكن أن نفهم , إنه وإن كان الكثير من الاستخارات فاشلة : بل وإن كان الأكثر منها فاشلاً , غلا أن هذا لا يرتبط بصدق دليلها وصحة سندها والركون الى تجربتها مع توفر شروطها فإن هذا لا يكون إلا في الفرد الأصلح وهو الفرد الأقل , بطبيعة الحال .
الوجه الثالث :
من وجوه الإشكال على الاستخارة :
هو المناقشة في إسناد الوايات الدالة عليها . فإن أكثرها إن لم يكن جميعها ضعيف السند . لا يوجد فيها المعتبر والصحيح إلا نادراً . فيكون الاعتماد عليها ضعيفاً .
وجواب ذلك في تقريبين على أقل تقدير :
التقريب الأول :
إننا لم نقتصر في الوجوه الدالة على صحة الاستخارة على ما دل عليها من الروايات , بل كان هناك وجوه أخرى كسيرة المتشرعة والتجربة وغير ذلك .
فإن لم يتم هذا الوجه فلا أقل من تمامية الوجوه الأخرى .
التقريب الثاني :
أن هذا الضعف المشار اليه في الغشكال يمكن أن يجبر بعدة وجوه :
أولاً : كثرة الروايات الى حد الاستفاضة أو التواتر , بحيث يحصل الاطمئنان بصدقها , ومضمونها العام .
ثانياً : عمل المتشرعة بهذه الروايات عن طريق التزامهم بالاستخارة على طول الأجيال فلو كانوا قد وجدوا أن هذه الروايات ليست بحجة لما فعلوا ذلك , وفيهم الفقهاء والمفكرون والأخيار .
ثالثاً : وجود بعض الروايات مما يتم سنداً ودلالة , اي أنه حجة ومعتبر من كلتا هاتين الناحيتين . ولا حاجة للقاريء الى تعيين ذلك , فليرجع الى مصادر الحديث إن شاء .
شرائط الإستخارة
اعني بغض النظر عن شرائط الدعاء , أو بعد افتراض تحققها ز إلا أن للاستخارة نفسها شرائط معينة لابد من فحصها وإقامة الدليل عليها . وما قاله المتشرعة من الشرائط المحتملة للاستخارة ما يلي :
الشرط الأول :
أن يكون الفرد فاعل الاستخارة مجازاًيعني لديه إجازة مسبقة من شخص آخر بجواز ممارسته للاستخارة فإن لم يكن مجازاً كانت إستخارته باطلة على أي حال .
قالوا : والمجيز للاستخارة أما أن يكون هو فرد له إجازة مسبقة ممن قبله . أو يكون هو مرجع التقليد . وأما أن يكون هو الوالد .
نتكلم الآن عن أمرين , أحدهما : في صحة هذا الشرط في نفسه وهل أن الاستخارة متوقفة على الإجازة أم لا . وثانيهما : لو صحت الإجازة , فما هي شرائط المجيز .
الأمر الأول :
في توقف الاستخارة على الاجازة . ولعل الأمر الرئيسي أو الوحيد الذي يمكن الاستدلال به لهذا الغرض , هو ما ورد في الوايات السابقة وغيرها من قبيل قوله : استخار أو يستخير . وهي ظاهرة في أن الإمام ( ) يجيز السامع بالاستخارة فتكون كقولنا : يروي عني يعني أجيزه في الرواية أو يبيع عني يعني أجيزه أو أوكله في البيع وهكذا . ومثل هذا التعبير موجود في عدد من روايات الاستخارة كما هو غير خفي على المتتبع .
إلا أن هذا الوجه لا يتم لوجود مستويين على الأقل في جوابه :
المستوى الأول :
إن هذا الفهم إنما يكون متعيناً إذا انحصر ظهوره فيه . وأما مع عدد الانحصار فضلاً عن ظهوره بمعنى آخر كما سنذكر فسوف لن يكون هذا الظهور حجة .
واذا تعمقنا في فهم العبارة أعني قوله : استخار أو يستخير إذا عرضت عليه مهمة , فسنجد لها عدة معان محتملة :
أولاً : الإجازة في الرواية كما ذكرنا في الوجه .
ثانياً : حجية الاستخارة , بمعنى أنها منتجة وصحيحة أمام الله سبحانه وتعالى .
ثالثاً : الجواز الشرعي للاستخارة أو الاستحباب الشرعي لها وإنها ليست ممنوعة أو محرمة .
فاذا تمت لدينا هذه المعاني كان هناك ما يكفي لنفي المعنى الاول لصالح المعنيين الآخرين .
أولاً : إن إجازة الاستخارة معنى متخر موضوعاً عن جوازها وحجيتها لوضوح أنه لولا الجواز والحجية لما جازت الاجازة أصلاً . ومن الواضح أن الأخذ بالمعنى الأسبق رتبة والمتقدم موضوعاً أوللا من الأخذ بالمعنى المتأخر . وخاصة في صدر الاسلام حينما يكون الأئمة ( ) بصدد تعليم الأحكام للناس بما فيها أحكام الاستخارة وهذا معنى يبتعد بنا عن معنى الإجازة .
ثانياً : إن الثابت في علم الأصول أن ظاهر كلام الإمام ( ) هو التشريع لا غيره وإن كان يحتمل فيه شيء آخر كسرد التاريخ أو الحكم بالولاية أو الإجازة أو التقية فإنما يحمل الكلام على مثل ذلك مع وجود القرينة الخاصة عليه وبدونها يكون الحمل على التشريع هو الأولى . إذن , فلا يمكن أن نفهم من الأخبار معنى الإجازة .
|