اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين..
الرواية تقول ......
«إذا صعدت روح المؤمن الى السماء تعجّبت الملائكة وقالت عجباً كيف نجا من دار فسد فيها خيارنا»
عيون الحكم والمواعظ للواسطي، ص 136، عن غرر الحكم.
أعزائي ..
كيف لنا أن ننجو بأنفسنا في ذلك الموقف الرهيب الذي لاينجو فيه إلا من أتخذ من أهل البيت صلوات الله عليهم قدوة وأسوة في كل مايقومون به من فعل صغيرا كان أم كبيرا بل حتى بأنفاسهم فلا يدخل نفس ولا يخرج إلا بإسم ياعليّ ..
في زيارة الإمام الهادي صلوات الله عليه _الزيارة الغديرية _ لجده أمير المؤمنين صلوات الله عليه في يوم الغدير وهي من الزيارات المعتبرة ...
يقول فيها الإمام صلوات الله عليه ..
«اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا بهم متمسّكين وبولايتهم من الفائزين»
وهذه الزيارة تشمل على معاني عميقة وعظيمة ولكن سوف نأخذ هذه العبارة لنوضح معنى التمسك بهم ومعنى الفوز بالولاية ..
لا شكّ أن أهل البيت هم العروة الوثقى الذين يأمن من تمسّك بهم من الوقوع في المهالك، ولكن لا شك أيضاً أن ذلك منوط بالإنسان الذي يريد التمسك والنجاة أيضاً، ومشروط بأن يستمسك المؤمن بحبل ولايتهم بصورة قوية وأن لا يتهاون في هذا السبيل.
ثم في العبارة الشريف الذي قرأناه من الزيارة الغديرية أمران ذكرا معاً، الأول: يتعلق بالعمل والمتابعة وهو قوله سلام الله عليه: «واجعلنا بهم متمسكين»، والثاني يتعلق بالعقيدة، وهو قوله: «وبولايتهم من الفائزين»، وإنّ غياب أحدهما يضرّ بوجود الآخر.
كيف كانت حياة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ؟
كان سلام الله عليه يكتفي بالحد الأدنى من النوم ولم يخلّف سلام الله عليه شيئاً من المال بل رحل عن الدنيا مديناً مبالغ باهضة كبيرة سدّدها تدريجيّاً ابنه الامام الحسن سلام الله عليه ـ كما تذكر الروايات ـ فهل عهدتم حاكماً يحكم نصف المعمورة، وهو في خريطة العالم اليوم يشكل العشرات من الدول، التي منها ايران، والعراق، والخليج وغيرها؟!
لا شك أنه صلوات الله عليه كان يعرف أفضل من غيره كراهة القرض، ولكنه لم يقترض المبالغ لحوائجه الشخصية بل لضعفاء المسلمين ومحتاجيهم، وهذا العمل ليس مذموماً بل هو ممدوح أيضاً.
وهكذا كانت سيرة النبي صلّى الله عليه وآله والامام الحسن والامام الحسين والعديد من الأئمة الأطهار سلام الله عليهم أجمعين فقد استشهدوا وفي ذمتهم ديون، فلا غضاضة في ذلك، مادام القرض لقضاء حوائج فقراء المسلمين ومعوزيهم. ولقد اقتدى علماؤنا الابرار أيضاً بهذه السيرة العطرة؛ فلقد نقل ذلك في سيرة بعض مراجعنا العظام كالمرحوم السيد أبي الحسن الإصفهاني والميرزا محمد تقي الشيرازي قائد الثورة العراقية ضد الانجليز عام 1920، فإنهما رحمهما الله ورغم الأموال الكثيرة التي كانت تحت تصرفهما ماتا وهما لا يملكان داراً بل كانت دارهما مستأجرة، والكثير من غيرهما ايضاً.
وقد نقل عن الشيخ محمد تقي الشيرازي رحمه الله انه حيث أصرّت عائلته على شراء بيت وقالوا: نخشى أن لا نستطيع دفع مبلغ الايجار من بعدك، تبسّم رحمه الله وقال: لقد عشت بين هؤلاء الناس عيشة بحيث لا يخرجونكم بعدي من البيت.
لم يفرض الإمام سلام الله عليه الزهد على الآخرين مع ما عُرف به من شدة الزهد، ولم يجبر حتى عائلته على الزهد. ويروى في أحواله أنه كان ـ ابان حكومته الواسعة ـ لا يأكل اللحم إلا في يوم واحد من السنة وهو يوم عيد الأضحى المبارك، لأنه يعلم أن كل الناس يأكلون اللحم أو يمكنهم أكله في ذلك اليوم حتى الفقراء.
وروي أيضاً:
«أنه كان يطعم الخبز واللحم ويأكل الشعير والزيت ويختم طعامه مخافة أن يزاد فيه.
وسمع مقلي في بيته فنهض وهو يقول في ذمة علي بن أبي طالب مقلي الكراكر؟
قال: ففزع عياله وقالوا: يا أمير المؤمنين إنها امرأتك فلانة نحرت جزوراً في حيّها فأخذ لها نصيب منها فأهدى أهلها إليها.
قال: فكلوا هنيئاً مريئاً.
قال: فيقال إنه لم يشتك ألماً إلا شكوى الموت و إنما خاف أن يكون هدية من بعض الرعية و قبول الهدية لوالي المسلمين خيانة للمسلمين».
يتبين من هذه الرواية:
أن الزاهد الحقيقي وهو المتأسّي بالإمام أمير المؤمنين، لا ينبغي له أن يفرض الزهد على من حوله أو أن يشدّد على أسرته.
أجل إنّ الحثّ والترغيب في الزهد أمر محمود، على أن لا يكون هناك فرض أو إجبار أو تضييق بهذه الذريعة.
أن كثيراً من حالات التهرب من الدين انما هي نتيجة لهذه المضايقات والتعسّفات المخالفة للشرع والتي يتحمّل مسؤوليتها أولئك الذين يفرضون الزهد والتقشف على الناس خلافاً لسيرة أهل بيت سلام الله عليهم.
إن ملاكنا في كل الأمور هم أهل البيت سلام الله عليهم وحدهم، وأن كل عمل يخالف سيرتهم فهو باطل من أيٍّ صدر.
شيعة موالين ..
لنسع أن نكون من أولئك النادرين الذين تعجب الملائكة منهم في آخر الزمان، لأن حفظ الايمان نادر حقاً في هذا الزمان، فمن الأحرى إذاً من أجل ذلك أن نجسّد في أعمالنا وعقائدنا تعاليم الغدير لتشهد الملائكة أن كلّ أقوالنا وأعمالنا غديرية....