جواب اعتراض من قال : أنّ الغيبة ما بالها وقعت فيه عليه السلام دون من تقدّمه - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان النفحات المهدوية للإمام الحجة (عج)
ميزان النفحات المهدوية للإمام الحجة (عج) وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ

إضافة رد
كاتب الموضوع منتظرة المهدي مشاركات 0 الزيارات 1747 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان النفحات المهدوية للإمام الحجة (عج)
افتراضي جواب اعتراض من قال : أنّ الغيبة ما بالها وقعت فيه عليه السلام دون من تقدّمه
قديم بتاريخ : 01-Dec-2009 الساعة : 01:17 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


جواب اعتراض من قال : أنّ الغيبة ما بالها وقعت فيه دون من تقدّمه

جواب عن اعتراض :



وقد يعترض معترض جاهل بآثار الحكمة ، غافل عن مستقيم التدبير لاهل الملة بأن يقول : ما بال الغيبة وقعت بصاحب زمانكم هذا دون من تقدم من آبائه الائمة بزعمكم وقد نجد شيعة آل محمد في زماننا هذا أحسن حالا وأرغد عيشا منهم في زمن بني امية إذ كانوا في ذلك الزمان مطالبين بالبراءة من أمير المؤمنين إلى غير ذلك من أحوال القتل والتشريد . وهم في هذا الحال وادعون سالمون ، قد كثرت شيعتهم وتوافرت أنصارهم وظهرت كلمتهم بموالاة كبراء أهل الدولة لهم وذوى السلطان و النجدة منهم .
فأقول ـ وبالله التوفيق ـ : إن الجهل غير معدوم من ذوي الغفلة وأهل التكذيب والحيرة وقد تقدم من قولنا أن ظهور حجج الله واستتارهم جرى في وزن الحكمة حسب الامكان والتدبير لاهل الايمان ، وإذا كان ذلك كذلك فليقل ذو والنظر والتمييز : إن الامر الان ـ وإن كان الحال كما وصفت ـ أصعب والمحنة أشد مما تقدم من أزمنة الائمة السالفة وذلك أن الائمة الماضية أسروا في جميع مقاماتهم إلى شيعتهم والقائلين بولايتهم والمائلين من الناس إليهم حتى تظاهر ذلك بين أعدائهم أن صاحب السيف هو الثاني عشر من الائمة وأنه لا يقوم حتى تجيئ صيحة من السماء باسمه واسم أبيه والانفس منيتة على نشر ما سمعت وإذاعة ما أحست فكان ذلك منتشرا بين شيعة آل محمد وعند مخالفيهم من الطواغيت وغيرهم وعرفوا منزلة أئمتهم من الصدق ومحلهم من العلم والفضل ، وكانوا يتوقفون عن التسرع إلى إتلافهم ويتحامون القصد لانزال المكروه بهم مع ما يلزم من حال التدبير في إيجاب ظهورهم كذلك ليصل كل امرء منهم إلى ما يستحقه من هداية أو ضلالة كما قال الله تعالى : « من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا » وقال الله عزوجل : « وليزيدن كثيرا منهم ما انزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين » وهذا الزمان قد استوفى أهله كل إشارة من نص وآثار فتناهت بهم الاخبار واتصلت بهم الاثار إلى أن صاحب هذا الزمان هو صاحب السيف والانفس منيتة على ( ما وصفنا من ) نشر ما سمعت وذكر ما رأت وشاهدت ، فلو كان صاحب هذا الزمان ظاهرا موجودا لنشر شيعته ذلك ولتعداهم إلى مخالفيهم بحسن ظن بعضهم بمن يدخل فيهم ويظهر الميل إليهم وفي أوقات الجدال بالدلالة على شخصه والاشارة إلى مكانه كفعل هشام بن الحكم مع الشامي وقد ناظره بحضرة الصادق
فقال الشامي لهشام : من هذا الذي تشير إليه وتصفه بهذه الصفات ؟ قال هشام : هو هذا وأشار بيده إلى الصادق فكان يكون ذلك منتشرا في مجالسهم كانتشاره بينهم مع إشارتهم إليه بوجود شخصه ونسبه ومكانه ، ثم لم يكونوا حينئذ يمهلون ولا ينظرون كفعل فرعون في قتل أولاد بني إسرائيل للذي قد كان ذاع منهم وانتشر بينهم من كون موسى بينهم وهلاك فرعون ومملكته على يديه ، وكذلك كان فعل نمرود قبله في قتل أولاد رعيته وأهل مملكته في طلب إبراهيم زمان انتشار الخبر بوقت ولادته وكون هلاك نمرود وأهل مملكته ودينه على يديه كذلك طاغية زمان وفاة الحسن بن ـ على عليهما السلام والد صاحب الزمان وطلب ولده والتوكيل بداره وحبس جواريه وانتظاره بهن وضع الحمل الذي كان بهن ، فلو لا أن إرادتهم كانت ما ذكر نا من حال إبراهيم وموسى عليهما السلام لما كان ذلك منهم ، وقد خلف أهله وولده وقد علموا من مذهبه ودينه أن لا يرث مع الولد والابوين أحد إلا زوج أو زوجة ، كلاما يتوهم غير هذا عاقل ولافهم غير هذا مع ما وجب من التدبير والحكمة المستقيمة ببلوغ غاية المدة في الظهور والاستتار فإذا كان ذلك كذلك وقعت الغيبة فاستتر عنهم شخصه وضلوا عن معرفة مكانه ، ثم نشر ناشر من شيعته شيئا من أمره بما وصفناه وصاحبكم في حال الاستتار فوردت عادية من طاغوت الزمان أو صاحب فتنة من العوام تفحص عما ورد من الاستتار وذكر من الاخبار فلم يجد حقيقة يشار إليها ولا شبهة يتعلق بها انكسرت العادية و سكنت الفتنة وتراجعت الحمية ، فلا يكون حينئذ على شيعته ولا على شيء من أشيائهم لمخالفيهم متسلق ولا إلى اصطلامهم سبيل متعلق وعند ذلك تخمد النائرة وترتدع العادية ، فتظاهر أحوالهم عند الناظر في شأنهم ، ويتضح للمتأمل أمرهم ، و يتحقق المؤمن المفكر في مذهبهم ، فيلحق بأولياء الحجة من كان في حيرة الجهل و ينكشف عنهم ران الظلمة عند مهلة التأمل بيناته وشواهد علاماته كحال اتضاحه وانكشافه عند من يتأمل كتابنا هذا مريدا للنجاة ، هاربا من سبل الضلالة ، ملتحقا بمن سبقت لهم من الله الحسنى ، فآثر على الضلالة الهدى .


جواب عن اعتراض آخر



ومما سأل عنه جهال المعاندين للحق أن قالوا : أخبرونا عن الامام في هذا الوقت يدعى الامامة أم لا يدعيها ونحن نصير إليه فنسأله عن معالم الدين فان كان يجيبنا ويدعي الامامة علمنا أنه الامام ، وإن كان لا يدعي الامامة ولا يجيبنا إذا صرنا إليه فهو ومن ليس بامام سواء .
فقيل لهم : قد دل على إمام زماننا الصادق الذي قبله وليست به حاجة إلى أن يدعى هو أنه إمام إلا أن يقول ذلك على سبيل الاذكار والتأكيد ، فأما على سبيل الدعوى التي نحتاج إلى برهان فلا ، لان الصادق الذي قبله قد نص عليه وبين أمره وكفاه مؤونة الادعاء ، والقول في ذلك نظير قولنا في علي بن أبي طالب في نص النبي واستغنائه عن أن يدعي هو لنفسه أنه إمام ، فأما إجابته أياكم عن معالم الدين فان جئتموه مسترشدين متعلمين ، عارفين بموضعه ، مقرين بامامته عرفكم و علمكم . وإن جئتموه أعداء له ، مرصدين بالسعاية إلى أعدائه ، منطوين على مكروهه عند أعداء الحق ، متعرفين مستور امور الدين لتذيعوه لم يجبكم لانه يخاف على نفسه منكم ، فمن لم يقنعه هذا الجواب قلبنا عليه السؤال في النبي وهو في الغار أن لو أراد الناس أن يسألوه عن معالم الدين هل كانوا يلقونه ويصلون إليه أم لا ، فان كانوا يصلون إليه فقد بطل أن يكون استتاره في الغار ، وإن كانوا لا يصلون إليه فسواء وجوده في العالم وعدمه على علتكم ، فان قلتم : إن النبي كان متوقيا ، قيل : وكذلك الامام في هذا الوقت متوق ، فان قلتم : إن النبي بعد ذلك قد ظهر ودعا إلى نفسه ، قلنا : وما في ذلك من الفرق أليس قد كان نبيا قبل أن يخرج من الغار ويظهر وهو في الغار مستتر ولم ينقض ذلك نبوته ، وكذلك الامام يكون إماما وإن كان يستتر بامامته ممن يخافه على نفسه ، ويقال لهم : ما تقولون في أفاضل أصحاب محمد ؟ والمتقدم في الصدق منهم لو لقيتهم كتيبة المشركين يطلبون نفس النبي فلم يعرفوه فسألوهم عنه هل هو هذا ؟ وهو بين أيديهم أو كيف أخفى ؟ وأين هو ؟ فقالوا : ليس نعرف موضعه أو ليس هو هذا ؟ هل كانوا في ذلك كاذبين مذمومين غير صادقين ولا محمودين أم لا ؟ فان قلتم : كاذبين خرجتم من دين الاسلام بتكذيبكم أصحاب النبي ، وإن قلتم : لا يكون ذلك كذلك لانهم يكونون قد حرفوا كلامهم و أضمروا معنى أخرجهم من الكذب وإن كان ظاهره ظاهر كذب ، فلا يكونون مذمومين بل محمودين لانهم دفعوا عن نفس النبي القتل .
قيل لهم : وكذلك الامام إذا قال : لست بامام ولم يجب أعداءه عما يسألونه عنه لا يزيل ذلك إمامته لانه خائف على نفسه ، وإن أبطل جحده لاعدائه أنه إمام في حال الخوف إمامته أبطل على أصحاب النبي أن يكونوا صادقين في إجابتهم المشركين بخلاف ما علموه عند الخوف ، وإن لم يزل ذلك صدق الصحابة لم يزل أيضا ستر الامام نفسه إمامته ، ولا فرق في ذلك ، ولو أن رجلا مسلما وقع في أيدي الكفار وكانوا يقتلون المسلمين إذا ظفروا بهم فسألوه هل أنت مسلم ؟ فقال : لا ، لم يكن ذلك بمخرج له من الاسلام ، فكذلك الامام إذا جحد عند أعدائه ومن يخافه على نفسه أنه إمام لم يخرجه ذلك من الامامة .
فان قالوا : إن المسلم لم يجعل في العالم ليعلم الناس ويقيم الحدود ، فلذلك افترق حكماهما ووجب أن لا يستر الامام نفسه .
قيل لهم : لم نقل إن الامام يستر نفسه ( عن جميع الناس ) لان الله عزوجل قد نصبه وعرف الخلق مكانه بقول الصادق الذي قبله فيه ونصبه له ، وإنما قلنا : إن الامام لا يقر عند أعدائه بذلك خوفا منهم أن يقتلوه فأما أن يكون مستورا عن جميع الخلق فلا ، لان الناس جميعا لو سألوا عن إمام الامامية من هو ؟ لقالوا : فلان بن فلان مشهور عند جميع الامة ، وإنما تكلمنا في أنه هل يقر عند أعدائه أم لا يقر ، وعارضناكم باستتار النبي في الغار وهو مبعوث معه المعجزات وقد أتى بشرع مبتدع ونسخ كل شرع قبله وأريناكم أنه إذا خاف كان له أن يجحد عند أعدائه أنه إمام ولا يجيبهم إذا سألوه ، ولا يخرجه ذلك من أن يكون إماما ، ولا فرق في ذلك ، فان قالوا : فإذا جوزتم للامام أن يجحد إمامته أعداءه عند الخوف فهل يجوز للنبي أن يجحد نبوته عند الخوف من أعدائه ؟ قيل لهم : قد فرق قوم من أهل الحق بين النبي وبين الامام بأن قالوا : إن النبي هو الداعي إلى رسالته والمبين للناس ذلك بنفسه فإذا جحد ذلك وأنكره للتقية بطلت الحجة ، ولم يكن أحد يبين عنه ، والامام قد قام له النبي بحجته وأبان أمره فإذا سكت أو جحد كان النبي قد كفاه ذلك . وليس هذا جوابنا ، ولكنا نقول : إن حكم النبي وحكم الامام سيان في التقية إذا كان قد صدع بأمر الله عزوجل وبلغ رسالته وأقام المعجزات ، فأما قبل ذلك فلا وقد محى النبي اسمه من الصحيفة في صلح الحديبية حين أنكر سهيل بن عمرو ، وحفص بن الاحنف نبوته فقال لعلي : امحه واكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله . فلم يضر ذلك نبوته إذا كانت الاعلام في البراهين قد قامت له بذلك من قبل ، وقد قبل الله عزوجل عذر عمار حين حمله المشركون على سب رسول الله وأرادوا قتله فسبه ، فلما رجع إلى النبي صلى عليه وآله قال : قد أفلح الوجه يا عمار ، قال : ما أفلح وقد سببتك يا رسول الله ، فقال : أليس قلبك مطئمن بالايمان ؟ قال : بلى يا رسول الله ، فأنزل الله تبارك وتعالى « إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان » والقول في ذلك ينافي الشريعة من إجازة ذلك في وقت و حظره في وقت آخر ، وإذا جاز للامام أن يجحد إمامته ويستر أمره جاز أن يستر شخصه متى أوجبت الحكمة غيبته وإذا جاز أن يغيب يوما لعله موجبة جاز سنة ، وإذا جاز سنة ، جاز مائة سنة ، وإذا جاز مائة سنة جاز أكثر من ذلك إلى الوقت الذي توجب الحكمة ظهوره كما أوجبت غيبته ، ولا قوة إلا بالله .
ونحن نقول مع ذلك : إن الامام لا يأتي جميع ما يأتيه من اختفاء وظهور وغيرهما إلا بعهد معهود إليه من رسول الله كما قد وردت به الاخبار عن أئمتنا .
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضى الله عنه ـ قال : حدثنا علي بن ـ إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي قال : قال النبي : والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس : ما لله في آل محمد حاجة ، ويشك آخرون في ولادته ، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني ، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل ، وإن الله عزوجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون .

اعتراضات لابن بشار :


وقد تكلم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشار في الغيبة وأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي وكان من كلام علي بن أحمد بن بشار علينا في ذلك أن قال في كتابه أقول : إن كل المبطلين أغنياء عن تثبيت إنية من يدعون له ، وبه يتمسكون ، وعليه يعكفون ، ويعطفون لوجود أعيانهم وثبات إنياتهم وهؤلاء ( يعني أصحابنا ) فقراء إلى ما قد غني عنه كل مبطل سلف من تثبيت إنية من يدعون له وجوب الطاعة ، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين واختلفوا بخاصة ازدادوا بها بطلانا وانحطوا بها عن سائر المبطلين ، لان الزيادة من الباطل تحط والزيادة من الخير تعلو ، والحمد لله رب العالمين .
ثم قال : وأقول قولا تعلم فيه الزيادة على الانصاف منا وإن كان ذلك غير واجب علينا . أقول : إنه معلوم أنه ليس كل مدع ومدعى له بمحق ، وإن كل سائل لمدع تصحيح دعواه بمنصف وهؤلاء القوم ادعوا أن لهم من قد صح عندهم أمره ووجب له على الناس الانقياد والتسليم وقد قدمنا أنه ليس كل مدع ومدعى له بواجب له التسليم ، ونحن نسلم لهؤلاء القوم الدعوى ونقر على أنفسنا بالابطال ـ وإن كان ذلك في غاية المحال ـ بعد أن يوجدونا إنية المدعى له ولا نسألهم تثبيت الدعوى ، فان كان معلوما أن في هذا أكثر من الانصاف فقد وفينا بما قلنا ، فان قدروا عليه فقد أبطلوا ، و إن عجزوا عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه . وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا عن المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدعون له وعجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلا ما يرجعون إليه من قولهم « إنه لابد ممن تجب به حجة الله عزوجل » وأجل لابد من وجوده فضلا عن كونه ، فأوجدونا الانية من دون إيجاد الدعوي .
ولقد خبرت عن أبي جعفر بن أبي غانم أنه قال لبعض من سأله فقال : بم تحاج الذين كنت تقول ويقولون : إنه لابد من شخص قائم من أهل هذا البيت ؟ قال : أقول لهم : هذا جعفر .
فيا عجبا أيخصم الناس بمن ليس هو بمخصوم وقد كان شيخ في هذه الناحية ـ رحمه الله ـ يقول : قد وسمت هؤلاء باللابدية أي أنه لا مرجع لهم ولا معتمد إلا إلى أنه لابد من أن يكون هذا الذي ( ليس ) في الكاينات ، فوسمهم من أجل ذلك ، و نحن نسميهم بها أي أنهم دون كل من له بد يعكف عليه إذ كان أهل الاصنام التى أحدها البد قد عكفوا على موجود وإن كان باطلا ، وهم قد تعلقوا بعدم ليس وباطل محض وهم اللابدية حقا ، أي لابد لهم يعكفون عليه إذ كان كل مطاع معبود ، وقد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كل نوع الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا والحمد لله .
ثم قال : نختم الان هذا الكتاب بأن نقول : إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع على أنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله ويسد به فقر الخلق وفاقتهم ومن لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا فضلا عن مطالبتنا به ونقول لكل من اجتمع معنا على هذا الاصل من الذي قدمنا في هذا الموضع : كنا وإياكم قد أجمعنا على أنه لا يخلو أحد من بيوت هذه الدار من سراج زاهر ، فدخلنا الدار فلم نجد فيها إلا بيتا واحدا فقد وجب وصح أن في ذلك البيت سراجا . والحمد لله رب العالمين .
فأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي بأن قال : إنا نقول : ـ وبالله التوفيق : ـ ليس الاسراف في الادعاء والتقول على الخصوم مما يثبت بهما حجة ، ولو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين واعتمد كل واحد على إضافة ما يخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه وعلى ضد هذا بني الحجاج ووضع

النظر والانصاف أولى ما يعامل به أهل الدين وليس قول أبي الحسن ليس لنا ملجأ نرجع إليه ولا قيما نعطف عليه ولا سندا نتمسك بقوله حجة لان دعواه هذا مجرد من البرهان ، والدعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبول عند ذوي العقول والالباب ولسنا نعجز عن أن نقول : بلى لنا ـ والحمد لله ـ من نرجع إليه ونقف عند أمره ومن كان ثبتت حجته وظهرت أدلته ، فان قلت : فأين ذلك ؟ دلونا عليه قلنا : كيف تحبون أن ندلكم عليه أتسألوننا أن نأمره أن يركب ويصير إليكم ويعرض نفسه عليكم أو تسألونا أن نبني له دارا ونحوله إليها ونعلم بذلك أهل الشرق والغرب فان رمتم ذلك فلسنا نقدر عليه ولا ذلك بواجب عليه ، فان قلتم : من أي وجه تلزمنا حجته وتجب علينا طاعته ؟ قلنا : إنا نقر أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام تجب به حجة الله دللناكم على ذلك حتى نضطركم إليه إن أنصفتم من أنفسكم ، وأول ما يجب علينا وعليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر واستعملوه ورأوا أن من حاد عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء ، وهو أنا لا نتكلم في فرع لم يثبت أصله وهذا الرجل الذي تجحدون وجوده فانما يثبت له الحق بعد أبيه وأنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال بالنظر معكم في وجوده فانه إذا ثبت الحق لابيه ، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك باقراركم ، وإن بطل أن يكون الحق لابيه فقد آل الامر إلى ما تقولون وقد أبطلنا ، وهيهات لن يزداد الحق إلا قوة ولا الباطل إلا وهنا ، وإن زخرفه المبطلون ، والدليل على صحة أمر أبيه أنا وإياكم مجمعون على أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن تثبت به حجة الله وينقطع به عذر الخلق وإن ذلك الرجل تلزم حجته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده وعاينه ونحن وأكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي ، ثم ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عقب لابي - الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجة والامام ولا حاجة بنا إلى التطويل ، ثم نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل والائمة فإذا ذلك بالاخبار التى توجب الحجة وتزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها والاجماع على تخرصها ووضعها ثم فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين يزعم أحدهما أن الماضي نص على الحسن وأشار إليه ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلما يثبتونه ، ووجدنا الفريق الاخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غير هذا فانه أولى بنا نظرنا فإذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ والتلاقي والتراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة وحجج الله لا تثبت بالشبهات ونظرنا في نقل الفريق الاخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والاقطار ، مختلفي الهمم والاراء متغايرين ، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض ولا التواطؤ ولا التراسل والاجتماع على تخرص خبر ووضعه ، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم وأن المحق هؤلاء ، ولانه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الارض وبطلت الاخبار كلها فتأمل ـ وفقك الله ـ في الفريقين فانك تجدهم كما وصفت ، وفي بطلان الاخبار هدم الاسلام وفي تصحيحها تصحيح خبرنا ، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا ، والحمد لله رب العالمين .
ثم رأيت الجعفرية تختلف في إمامة جعفر من أي وجه تجب ؟ فقال قوم : بعد أخيه محمد ، وقال قوم : بعد أخيه الحسن ، وقال قوم : بعد أبيه . ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك ورأينا أسلافهم وأسلافنا قد رووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله قال : « إذا توالت ثلاثة أسماء : محمد وعلي والحسن فالرابع القائم » وغير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الامامة للحسن ، وليس إلا الحسن وجعفر . فإذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا ، وإذا ثبت الحسن وجعفر عندكم مبرء تبرأ منه والامام لا يتبرأ من الامام والحسن قد مضى ولا بد عندنا وعندكم من رجل من ولد الحسن تثبت به حجة الله ، فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم .
وقل يا أبا جعفر ـ أسعدك الله ـ لابي الحسن أعزه الله : يقول محمد بن عبد الرحمن قد أوجدناك إنية المدعى له فأين المهرب ؟ هل تقر على نفسك بالابطال كما ضمنت أو يمنعك الهوى من ذلك فتكون كما قال الله تعالى : « وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم » .
فأما ما وسم به أهل الحق من اللابدية لقولهم : « لا بد ممن تجب به حجة الله » فيا عجبا فلا يقول أبو الحسن لا بد ممن تجب به حجة الله ؟ وكيف لا يقول وقد قال عند حكايته عنا وتعييره إيانا : « أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه » فان كان يقول ذلك فهو وأصحابه من اللابدية وإنما وسم نفسه وعاب إخوانه ، وإن كان لا يقول ذلك فقد كفينا مؤونة تنظيره ومثله بالبيت والسراج ، وكذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه ، والحمد لله المؤيد للحق بأدلته . ونحن نسمي هؤلاء بالبدية إذ كانوا عبدة البد قد عكفوا على ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئا . وهكذا هؤلاء ، ونقول : يا أبا الحسن ـ هداك الله ـ هذا حجة الله على الجن والانس ومن لا تثبت حجته على الخلق إلا بعد الدعاء والبيان محمد قد أخفى شخصه في الغار حتى لم يعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلا خمسة نفر .
المراد بالخمسة : علي بن أبي طالب ، وأبو بكر ، وعبد الله بن اريقط الليثي ، واسماء بنت أبي بكر ، وعامر بن فهيرة . والقصة كما في اعلام الورى هكذا : بقى رسول في الغار ثلاثة أيام ، ثم اذن الله له في الهجرة وقال : يا محمد اخرج عن مكة فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب . فخرج رسول الله وأقبل راع لبعض قريش يقال له ابن اريقط فدعاه رسول الله وقال : يا ابن اريقط أئتمنك على دمي ؟ قال إذا احرسك وأحفظك ولافان قلت : إن تلك غيبة بعد ظهوره وبعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه ، قلت لك : لسنا نحتج عليك في حال ظهوره ولا استخلافه لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل ولا دبير وإنما نقول لك : أليس تثبت حجته في نفسه في حال غيبته على من لم يعلم بمكانه لعلة من العلل فلا بد من أن تقول : نعم ، قلنا : ونثبت حجة الامام وإن كان غائبا لعلة اخرى وإلا فما الفرق ؟ ثم نقول : وهذا أيضا لم يغب حتى ملا آباؤه آذان شيعتم بأن غيبته تكون وعرفوهم كيف يعملون عند غيبته .
فان قلت في ولادته ، فهذا موسى مع شدة طلب فرعون إياه وما فعل بالنساء والاولاد لمكانه حتى أذن الله في ظهوره ، وقد قال الرضا في وصفه : « بأبي وامي شبيهي وسمي جدي وشبيه موسى بن عمران .
وحجة اخرى نقول لك : يا أبا الحسن أتقر أن الشيعة قد روت في الغيبة أخبارا ؟ فان قال : لا ، أوجدناه الاخبار ، وإن قال : نعم ، قلنا له : فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته ، فان قال : يقيم من يقوم مقامه ، فليس يقوم عندنا وعندكم مقام الامام إلا الامام ، وإذا كان إماما قائما أدل عليك فأين تريد يا محمد ؟ قال : يثرب ، قال : والله لاسلكن بك مسلكا لا يهتدى إليه أحد ، قال له رسول الله : ائت عليا وبشره بان الله قد أذن لي في الهجرة فيهيئ لي زاداً وراحلة . وقال أبو بكر : ائت اسماء بنتي وقل لها : تهيأ لي زادا وراحلتين ، وأعلم عامر بن فهيرة أمرنا ـ وكان من موالي أبي بكر وقد كان أسلم ـ قل له : ائتنا بالزاد والراحلتين ، فجاء ابن اريقط إلى علي وأخبره بذلك فبعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله بزاد و راحلة ، وبعث ابن فهيرة بزاد وراحلتين . وخرج رسول الله من الغار وأخذ به ابن اريقط علي طريق نخلة بين الجبال فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقديد .
القبيل ما اقبلت به إلى صدرك . والدبير ما أدبرت به عن صدرك ، ويقال : فلان ما يعرف قبيلا ولا دبيرا . والمراد ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت . وهذا الكلام تعريض لابن بشار يعنى أنه لا يدرى ما يقول ولسنا نحتج عليه في هذا الامر .
يعنى إذا كان من يقوم اماما قائما .

فلاغيبة وإن احتج بشيء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه ولافصل .
ومن الدليل على فساد أمر جعفر موالاته وتزكيته فارس بن حاتم ـ لعنه الله ـ وقد برئ منه أبوه ، وشاع ذلك في الامصار حتى وقف عليه الاعداء فضلا عن الاولياء .
ومن الدليل على فساد أمره استعانته بمن استعان في طلب الميراث من أم الحسن وقد أجمعت الشيعة أن آباءه أجمعوا أن الاخ لا يرث مع الام .
ومن الدليل على فساد أمره قوله : إني إمام بعد أخي محمد ، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه وقد مات قبل أبيه حتى تثبت إمامة خليفته ، ويا عجبا إذا كان محمد يستخلف ويقيم إماما بعده وأبوه حي قائم وهو الحجة والامام فما يصنع أبوه ، و متى جرت هذه السنة في الائمة وأولادهم حتى نقبلها منكم ، فدلونا على ما يوجب إمامة محمد حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته . والحمد لله الذي جعل الحق مؤيدا والباطل مهتوكا ضعيفا زاهقا .
فأما ما حكى عن ابن أبي غانم ـ رحمه الله ـ فلم يرد الرجل بقوله عندنا يثبت إمامة جعفر ، وإنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذه البيت لم يفنوا حتى لا يوجد منهم أحدا .
وأما قوله : « وكل مطاع معبود » فهو خطأ عظيم لانا لا نعرف معبودا إلا الله ونحن نطيع رسول الله ولا نعبده .
وأما قوله : نختم الان هذا الكتاب بأن نقول : إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع بأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذه البيت تجب به حجة الله ـ إلى قوله ـ وصح أن في ذلك البيت سراجا ، ولا حاجة بنا إلى دخوله فنحن ـ وفقك الله ـ لا نخالفه وأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله وإنما نخالفه في كيفية قيامه وظهوره وغيبته .

وأما ما مثل به من البيت والسراج فهو منى ، وقد قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس ، ولكنا نضرب مثلا على الحقيقة لا نميل فيه على حضم ولا نحيف فيه على ضد ، بل نقصد فيه الصواب فنقول : كنا ومن خالفنا قد أجمعنا على أن فلانا مضى وله ولدان وله دار وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل باحدى يديه ألف رطل وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل إلى يوم القيامة ، ونعلم أن أحدهما يحمل والاخر يعجز ، ثم احتجنا أن نعلم من الحامل منهما فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك فعاق عنهما عائق منع عن مشاهدتهما غير أنا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الاكبر منهما قد حمل ذلك ، ووجدنا جماعة يسيرة في موضع واحد يشهدون أن الاصغر منهما فعل ذلك ، ولم نجد لهذه الجماعة خاصة يأتوا بها ، فلم يجز في حكم النظر وحفيظة الانصاف وما جرت به العادة وصحت به التجربة رد شهادة تلك الجماعات وقبول شهادة هذه الجماعة والتهمة تلحق هؤلاء وتبعد عن أولئك .
فان قال خصومنا : فما تقولون في شهادة سلمان وأبي ذر وعمار والمقداد لامير المؤمنين ، وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره أيهما كان أصوب ؟
قلنا لهم : لامير المؤمنين وأصحابه امور خص بها وخصوا بها دون من بازائهم ، فان أوجدتمونا مثل ذلك أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون : أو لها أن أعداءه كانوا يقرون بفضله وطهارته وعلمه ، وقد روينا ورووا له معنا أنه خبر « أن الله يوالي من يواليه ويعادي من يعاديه » فوجب لهذا أن يتبع دون غيره ، والثاني أن أعداءه لم يقولوا له : نحن نشهد أن النبي أشار إلى فلان بالامامة ونصبه حجة للخلق وإنما نصبوه لهم علي جهة الاختيار كما قد بلغك ، والثالث أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين أنه لا يكذب لقوله : « ما

أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر » فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم ، والرابع أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة وذهبوا عنه بفساد التأويل ، والخامس أن أعداءه رووا في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة ، ورووا أيضا أنه قال : « من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » فلما شهدا لابيهما بذلك وصح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما لانهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة وكانا من أهل النار وحاشا لهما الزكيين الطيبين الصادقين ، فليوجدنا أصحاب جعفر خاصة هي لهم دون خصومهم حتى يقبل ذلك ، وإلا فلا معنى لترك خبر متواتر لا تهمة في نقله ولا على ناقليه وقبول خبر لا يؤمن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه ، ولا خاصة معهم يثبتون بها ولن يفعل ذلك إلا تائه حيران . فتأمل ـ أسعدك الله ـ في النظر فيما كتبت به إليك مما ينظر به الناظر لدينه ، المفكر في معاده المتأمل بعين الخيفة والحذار إلى عواقب الكفر والجحود موفقا إن شاء الله تعالى أطال الله بقاءك وأعزك وأيدك وثبتك وجعلك من أهل الحق وهداك له وأعاذك من أن تكون من الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . ومن الذين يستزلهم الشيطان بخدعه وغروره وإملائه وتسويله وأجرى لك أجمل ما عودك .
وكتب بعض الامامية إلى أبي جعفر بن قبة كتابا يسأله فيه عن مسائل ، فورد في جوابها أما قولك ـ أيدك الله ـ حاكيا عن المعتزلة أنها زعمت أن الامامية تزعم أن النص على الامام واجب في العقل فهذا يحتمل أمرين إن كانوا يريدون أنه واجب في العقل قبل مجيء الرسل وشرع الشرايع فهذا خطأ وإن أرادوا أن العقول دلت على أنه لابد من إمام بعد الانبياء ، فقد علموا ذلك بالادلة القطعية وعلموه أيضا بالخبر الذي ينقلونه عمن يقولون بامامته . وأما قول المعتزلة : إنا قد علمنا يقينا أن الحسن بن علي عليهما السلام مضى ولم ينص فقد ادعوا دعوى يخالفون فيها وهم محتاجون إلى أن يدلوا على صحتها وبأي شيء ينفصلون ممن زعم من مخالفيهم أنهم قد علموا من ذلك ضد ما ادعوا أنهم علموه .

ومن الدليل على أن الحسن بن علي عليهما السلام قد نص ثبات إمامته ، وصحة النص من النبي ، وفساد الاختيار ، ونقل الشيع عمن قد أوجبوا بالادلة تصديقه أن الامام لا يمضي أو ينص على إمام كما فعل رسول الله إذ كان الناس محتاجين في كل عصر إلى من يكون خبره لا يختلف ولا يتكاذب كما اختلفت أخبار الامة عند مخالفينا هؤلاء وتكاذبت وأن يكون إذا أمر ائتمر بطاعته ولا يد فوق يده ولا يسهو ولا يغلط وأن يكون عالما ليعلم الناس ما جهلوا ، وعادلا ليحكم بالحق ، ومن هذا حكمه فلا بد من أن ينص عليه علام الغيوب على لسان من يؤدي ذلك عنه إذ كان ليس في ظاهر خلقته ما يدل على عصمته .
فإن قالت المعتزلة : هذه دعاوي تحتاجون إلى أن تدلوا على صحتها ، قلنا : أجل لابد من الدلائل على صحة ما ادعيناه من ذلك وأنتم ، فإنما سألتم عن فرع والفرع لا يدل عليه دون أن يدل على صحة أصله ، ودلائلنا في كتبنا موجودة على صحة هذه الاصول ونظير ذلك أن سائلا لو سألنا الدليل على صحة الشرايع لاحتجنا أن ندل على صحة الخبر وعلى صحة نبؤة النبي وعلى أنه أمر بها ، وقبل ذلك أن الله عزوجل واحد حكيم ، وذلك بعد فراغنا من الدليل على أن العالم محدث ، و هذا نظير ما سألونا عنه ، وقد تأملت في هذه المسألة فوجدت غرضها ركيكا وهو أنهم قالوا : لو كان الحسن بن علي عليهما السلام قد نص على من تدعون إمامته لسقطت الغيبة .
والجواب في ذلك أن الغيبة ليست هي العدم فقد يغيب الانسان إلى بلد يكون معروفا فيه ومشاهدا لاهله ، ويكون غائبا عن بلد آخر ، وكذلك قد يكون الانسان غائبا عن قوم دون قوم ، وعن أعدائه لا عن أوليائه فيقال : إنه غائب وإنه مستتر ، وإنما قيل غائب لغيبته عن أعدائه وعمن لا يوثق بكتمانه من أوليائه وأنه ليس مثل آبائه ظاهرا للخاصة والعامة وأولياؤه مع هذا ينقلون وجوده وأمره ونهيه وهم عندنا ممن تجب بنقلهم الحجة إذا كانوا يقطعون العذر لكثرتهم واختلافهم في هممهم ووقوع الاضطرار مع خبرهم ، ونقلوا ذلك كما نقلوا إمامة آبائه وإن خالفهم مخالفوهم فيها وكما تجب بنقل المسلمين صحة آيات النبي سوى القرآن وإن خالفهم أعداؤهم من أهل الكتاب والمجوس والزنادقة والدهرية في كونها . ولبست هذه مسألة تشتبه على مثلك مع ما أعرفه من حسن تأملك .
وأما قولهم إذا ظهر فكيف يعلم أنه محمد بن الحسن بن علي ؟ .
فالجواب في ذلك أنه قد يجوز بنقل من تجب بنقله الحجة من أوليائه كما صحت إمامته عندنا بنقلهم .
وجواب آخر وهو أنه قد يجوز أن يظهر معجزا يدل على ذلك . وهذا الجواب الثاني هو الذي نعتمد عليه ونجيب الخصوم به وإن كان الاول صحيحا .
وأما قول المعتزلة : فكيف لم يحتج عليهم علي بن أبي طالب بإقامة المعجز يوم الشورى ؟ فإنا نقول : إن الانبياء والحجج إنما يظهرون من الدلالات والبراهين حسب ما يأمرهم الله عزوجل به مما يعلم الله أنه صالح للخلق فإذا ثبتت الحجة عليهم بقول النبي فيه ونصه عليه فقد استغني بذلك عن إقامة المعجزات اللهم إلا أن يقول قائل : إن إقامة المعجزات كانت أصلح في ذلك الوقت ، فنقول له : وما الدليل على صحة ذلك ؟ وما ينكر الخصم من أن تكون إقامته لها ليس بأصلح وأن يكون الله عزوجل لو أظهر معجزا على يديه في ذلك الوقت لكفروا أكثر من كفرهم ذلك الوقت ولادعوا عليه السحر والمخرقة وإذا كان هذا جائزا لم يعلم أن إقامة المعجز كانت أصلح .
فإن قالت المعتزلة : فبأي شيء تعلمون أن إقامة من تدعون إمامته المعجز على أنه ابن الحسن بن علي عليهما السلام إصلح ؟ قلنا لهم : لسنا نعلم أنه لا بد من إقامة المعجز في تلك الحال وإنما نجوز ذلك ، اللهم إلا أن يكون لا دلالة غير المعجز فيكون لا بد منه لاثبات الحجة وإذا كان لا بد منه كان واجبا وما كان واجبا كان صلاحا لا فسادا ، وقد علمنا أن الانبياء قد أقاموا المعجزات في وقت دون وقت ولم يقيموها في كل يوم ووقت ولحظة وطرفة وعند كل محتج عليهم ممن أراد الاسلام ، بل في وقت دون وقت على حسب ما يعلم الله عزوجل من الصلاح . وقد حكى الله عزوجل عن المشركين أنهم سألوا نبيه أن يرقى في السماء وأن يسقط السماء عليهم كسفا أو ينزل عليهم كتابا يقرؤونه وغير ذلك مما في الاية ، فما فعل ذلك بهم ، وسألوه أن يحيى لهم قصي بن كلاب وأن ينقل عنهم جبال تهامة فما أجابهم إليه وإن كان قد أقام لهم غير ذلك من المعجزات ، وكذا حكم ما سألت المعتزلة عنه ، ويقال لهم كما قالوا لنا لم نترك أوضح الحجج وأبين الادلة من تكرر المعجزات والاستظهار بكثرة الدلالات .
وأما قول المعتزلة : إنه احتج بما يحتمل التأويل ، فيقال : فما احتج عندنا على أهل الشورى إلا بما عرفوا من نص النبي لان أولئك الروساء لم يكونوا جهالا بالامر وليس حكمهم حكم غيرهم من الاتباع ، ونقلب هذا الكلام على المعتزلة فيقال لهم لم لم يبعث الله عزوجل بأضعاف من بعث من الانبياء ؟ ولم لم يبعث في كل قرية نبيا وفي كل عصر ودهر نبيا أو أنبياء إلى أن تقوم الساعة ؟ ولم لم يبين معاني القرآن حتى لا يشك فيه شاك ولم تركه محتملا للتأويل ؟ وهذه المسائل تضطرهم إلى جوابنا . إلى ههنا كلام أبي جعفر بن قبة ـ رحمه الله ـ .


إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc