اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين ..
انطباعات عقائدية...
أخوة حسينيين ....
في جواب الإمام الحسين لأهل الكوفة ...
يحدثنا التاريخ، أنه تلاقت الرُّسل كلها عند الإمام الحسين ()، تحثه على النهوض في حركته التحررية، وقيادة الأمة. فقرأ () الكتب، وسأل الرُّسل عن الناس، ثمَّ كتب مع هانئ بن هانئ، وسعيد بن عبد الله، وكانا آخر الرُّسل:
(بسم الله الرحمن الرحيم... من الحسين بن عليّ، إلى الملأَ من المؤمنين والمسلمين، أمّا بعد، فإنّ هانئاً وسعيداً قدِما عليَّ بكتبكم، وكانا آخر من قدِم عليَّ من رسلكم، وقد فهمت كلَّ الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم أنّه ليس علينا إمام، فأقبل لعلَّ الله أن يجمعنا بك على الحقِّ والهدى. وأنا باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليّ بأنّه قد اجتمع رأي مَلَئِكم، وذوي الحجى والفضل منكم، على مثل ما قدِمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فإنّي أقدِم إليكم وشيكاً، إنشاء الله. فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحقِّ، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام).
هناك عدة انطباعات يمكن أن نستقيها من هذا الخطاب المباشر في جوابه للأمة الداعية له بالقدوم والتحرك. فقد جاءت كتب القوم يطلبون بها إمام يقتادون به؟
لذا نلاحظ أن الإمام الحسين () أعاد صيغة الطلب...
(ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام...) من باب لفت الإنتباه إلى الماهية الحقيقية لما يطلبون وأهميته... ومن باب الإستفهام الإستنكاري لغرابة الطرح وكأن الأمة في واد وقد ابتعدت عن المفاهيم الرسالية للإمامة، التي جسدها لهم النبي الخاتم ().
فالإمام أبو عبد الله الحسين () هو الإمام المفترض الطاعة، بعد أخيه الحسن ()، بالنص من جده () الذي:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
فهل غاب الشعور والإحساس لدى الأمة بوجود الإمام بين ظهرانيهم لطول الفترة التي نزا بها القردة على منبر رسول الله ()...!!
لذا كان من الإمام أن ختم جوابه تعريفا بالإمام ومواصفاته، التي تؤهله لقيادة العالم بأسره، وليس الأمة الإسلامية فقط...(فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب...)
وهذا يدلنا على البون الشاسع الذي ابتعدت به الأمة، وانفصلت عن قطب رحاها، وحياض ظمئها الذي ترتوي منه، ألا وهو إمامة أهل البيت . حتى إذا ضاقت بهم الأرض والسبل بما رحبت، استغاثت الأمة، ولجأت بالإمام الحسين () لينقذها من ظلم آل أمية.
فالحسين () ماض في قيادة الأمة، وقائم بالأمر الإصلاحي ودوره الريادي، بعد التحاق معاوية بالدرك الأسفل من النار، لأن أبي الأحرار () وطوال عشر سنين بعد استشهاد أخيه الإمام الحسن () ظل محافظا على وصية أخيه والمعاهدة أو الهدنة المبرمة بينه وبين الطاغية معاوية...
فلا يحتاج أبو عبد الله الحسين () إلى أن يُذكّر بمسؤوليته في النهوض بأعباء الأمة، التي ورثها بنص القرآن والسنة النبوية الشريفة.
آه لو نطق المكان!!!
المخيم الحسيني دليلاً هل بكيت؟
الراسيات من الهموم، قلائد صحوة ابتدأت منذ المهد الأول للفجيعة...
وربما تسمع بين أرجاء هذا المكان وا أبتاه.. وا عماه.. وا أخاه.. لتبكي فيك السنوات وا إماماه... تقدم يا رجل... فالمدن كلها تنام على همسات التواريخ إلا هذه المدينة تصحو جراحها يقظة، كلما ظمأ الفرات.. أو شبح رأس.. أو بترت أصبع.. أو... أو...!!!
من أي المدن أنت؟
: من المخيم :
وهل لديكم بيوت؟
: كلها بيوت...
علمتنا معنى الخلود، وكيف نتواءم مع الجراح... ولا نرى إلا جميلا.. وقفت بباب المخيم استل الدمع أسئلة- أين كنت من صراخ أطفال، روعتها خيول العابثين، ونساء مثكلات يملأن الحنايا عويلاً...؟ أين كنت يا باب يوم استعان الحسين بخندق من نار ليكون باباً لخيام أضرمها ابن سعد؟
خيمة صحوة أراها جود ماء يصلي- يقولون على خاصرة هذا المكان، كانت بركة ماء- عوض الله بها صبر هذا النبل الهاشمي، إذ حفر بئرا عامرة فكانت معجزة. :
لماذا توارت عن أعين الناس؟
: قلت لتظهر عند قدميه سبل عافية للناس وبركة للمؤمنين.
ثمة من يرى أن المكان مزور، وأن الخيام على ذروة أخطأتها يراعات المؤرخين...
كيف إذاً نسمع النادبات، وهن يحتضنّ الطفل الرضيع مرتع الجراحات؟
لم يزل العويل على قرب دمعة وجرح، وأذرعات الأسى تحمل الشهداء صبراً ينزف وسط الخيام، ليغسل قلب المواجع نحيب دعاء... خيمة تلهم الوجد شغفاً لحكمة لا تستكين لذلة أبداً.
شبيه الرسول بآيات رفدتها أنوار السبط، دلالة من دلالات هذا الإرث الموشى بالجهاد.. وللمحامل عيون تهل الدمع صروح ثناء سماها الحزن رحمة للعالمين.
آه لو نطق المكان لسألته عن مهد ر ضيع مذبوح الوريد..
آه لو نطق المكان ليحدثنا عن نساء مجبولات بالخير صابرات على البلوى أو نار خيمتهن نبضها الحب والإيمان واليقين وجع يغفر فمه مضرج بالفجيعة- وأي بكاء يصير هنا الذي استنطق الرزايا أفاقاً مضحية لسيدة يورق بيدها الدعاء ؟
رأيت الفجر يصحو على سارية مناجاة، ومحراب دامع يرتل آيات الله.
تمتمة كدبيب النحل مازالوا إلى الآن يرتلون آيات الذكر فجراً يقتحم القرون.
كيف تصير الحرب عرساً ؟
والشهيد عريساً؟ وكيف..؟
جرح تمرد بالمحبة، فذاب العويل بزغردات أم تعجن حنة القرابين عهود خير. نودع هذا الطهر إلى سلام مكين.