بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين ..
كلمة المشّاية كلمة باللهجة العراقية وهي مصطلح يطلق على السائرين مشيا إلى كربلا والمتوجهين بالتحديد لأبو الأحرار الإمام الحسين وأخية وحامل راية الهدى أبو الفضل العباس ..
في يوم الأربعاء الموافق 27 يناير 2010 م الساعة التاسعة صباحا كانت بداية رحلتنا إلى بلد المقدسات العراق وبالتحديد إلى كربلاء الحسين صلوات الله عليه, وقد كنا مجموعة صغيرة لايتعدى مجموعنا 49 فرد مابين نساء ورجال , وكانت الأعمار متفاوتة مابين 18 سنة إلى 60 سنة .
وقافلتنا نعتبر أول قافلة مشّاية كويتية ...حيث أنه لم يسبق أن خرج قبلنا أحد كمجموعة , ولكن كأفراد نعم هناك من سبقنا .
وطبعا كتبنا تعهد على مسؤوليتنا في مطار الكويت كإجراء رسمي حيث أن دخولنا العراق حتى الآن لا يعتبر رسمي , وقعنا التعهد والإبتسامة مرسومة على شفاهنا والكل يشعر بالفخر والسعادة .
انطلقنا إلى أول محطة وهي النجف الأشرف وحطينا رحالنا عند أمير المؤمنين الإمام عليّ ابن أبي طالب صلوات الله عليه , دخلنا الحرم بعد الإستئذان وقد كانت الساعة الحادية عشرة ليلا والجو كان شديد البرودة ولكن أنفاس الزائرين وأرواحهم الولائية الحارة كانت تزودنا بالدفئ والحرارة , روح أمير المؤمنين صلوات الله عليه مهمينة على كل شيء نعم كل شيء... الحجر الشجر البشر ..
عزينا الأمير بالمصاب الجلل وبهذه المناسبة الأليمة وهي ذكرى ارجاع الرؤوس الشريفة المقطوعة , من الشام الى كربلاء حيث
الاجساد الطاهرة ..
في اليوم الرابع بدأت مسيرتنا من النجف الأشرف الى كربلا وأخذنا المدد من الإمام عليّ صلوات الله عليه , والمفروض رحلتنا إلى كربلاء تستغرق يومين ولكننا بإصرارنا وعزيمتنا والروح التي يتمتع بها جميع الزوّار المرافقين استطعنا أن نقطع الطريق بيوم كامل تقريبا حيث أننا وصلنا إلى كربلاء في الثانية ليلا .
المشي إلى كربلاء يعتبر حج ,ولا أبالغ إذا قلت أن مشقة الحج أصبحت لااااا شيء مقايسة بالمشي إلى كربلاء ففيه السعي وفيه الطواف وفيه رمي الجمرات وفيه الوقوف بعرفة والمبيت في الخيام ولكن بمسميات ولائية مختلفة .
يعجز اللسان وتعجز الريشة والألوان في وصف هذا الطريق وهو طريق المشاّية , فهاهي الرايات الحمراء والخضراء تهتف بلبيك ياحسين , وهاهي الجموع البشرية المتشحة بالسواد والتي تقشّرت وجوههم من البرد تارة ومن الشمس تارة أخرى فتجد ألوان وجوههم سمرة مائلة إلى الحمرة .
الكبير والصغير .. الشايب والعجوز .. الطفل الرضيع محمول على الأكتاف أو يجر بالعربة مواساة بأطفال الحسين صلوات عليه , الشباب تصرح وتهتف بالأناشيد والأشعار الولائية التي تبث فيهم روح الحماس .
النساء مخدرات محجبات والكثير منهن غطوا وجوههن بالنقاب لكي يكونوا فعلاا نساء زينبيات فلم ينسيهم البرد والحرد طبيعتهم الأنثوية وخصوصا أنهم يمشين كتفا بكتف مع أخوتهم الرجال ..
مايثير الإعجاب هو سلوكيات الرجل العراقي فهو يمثل الشهامة والأخلاق العالية ومحافظته على حرمة أخواته الماشيات معه في الدرب فبمجرد تزاحم الصفوف واندكاك الناس بعضهم ببعضهم نظرا للأعداد الرهيبة , نجد أن الحركة اتوماتيكيا وبقدرة إلهية ينفصل الجنسين عن بعضهم البعض فيكون مسير الرجال مفصولا عن النساء , ومشاعرر أغلب النساء أنهم مع محارم لهم يحافظون على عفتهم وعدم هتك حرمتهم .
المائدة الحسينية عامرة فالطريق من بدايته إلى نهايته عبارة سفرة طعام عامرة , والمواكب الحسينية لخدمات الزوّار على جانب الطريق تتسابق وتتفنن في خدمة الزوّار لا بل أنهم يسحبون الزوّار ويصرون عليهم أن يدخلوا في ضيافتهم للإفطار أو الغداء أو العشاء , أما الماء والشاي والقهوة بالطريقة العربية الأصيلة , وصواني التمر التي تتربع في وسط الطريق , والجميع يأكل ويشرب بنية الشفاء وقضاء الحوائج ( طبعا مانسينا الحبايب أخوتنا في المنتدى من الدعاء ومشاركاتنا في كل خطواتنا ) ..
كنا نسير بهتافات وأناشيد حيث أن مجموعة من الشباب بكتيباتهم وأشعارهم وهوساتهم الولائية كانوا يبثون فينا روح الحماس وكنا نردد من خلفهم لبيك ياحسين ... أبد والله يازهراء ماننسا حسيناه ...
وكنا نقف بعض الوقت لنأخذ قسطا من الراحة , ونشرب الشاي لنستطيع أن نواصل الطريق , لقد اجتمع حولنا الكثير من المشاية العراقيين وشاركونا في الأشعار والهوسات واللطم , والبعض يصل الى حالة لا يستطيع ان يتمالك نفسه من البكاء والصراخ فيخر ساقطا مغشيا عليه , فيتسابق الجميع في التبرك بعرقه والمسح عليه , وبوقت قصير وببركة أنفاس الزوار يقوم ويكمل المشي وكأن لم يحدث له شيئا بتاتا ..
هكذا استمرت المسيرة حتى وصلنا إلى مشارف كربلاء , فازددنا حماسا واندفاعا وهتافا بلبيك ياحسين .. وبهذا المنهج والأسلوب وصلنا إلى الطريق المؤدي إلى مابين الحرمين , فدخلنا على العباس لنعزيه ولكن بانهيار وبكاء من شدة التأثر وهكذا الحال بالنسبة للإمام الحسين صلوات الله عليه حيث تجسد أمامنا مشهد السبايا ودخولهم بالرؤوس الشريفة ودخولهم كربلاء قادمين من الشام .
الناس في الحرم الشريف يدخلون افواجا افواجا ملبين الدعوة لداعي الله , المواكب الحسينية تدخل الحرم بنظام وترتيب وكأن هناك يدا خفية تنظم وتحرك هذه الملايين من البشر , إنها معجزة إلهية جبارة , فيستحيل لأي قوة بشرية أن تتمكن من تنظيم وتنسيق هذه الأعداد الهائلة دخولا وخروجا وبمساحة صغيرة نسبة لهؤلاء الملايين من البشر , وخير دليل مايحدث في المملكة السعودية , فمهما حاولوا أن ينظموا أو يوسعوا أو يرتبوا الطرق إلا أن نجاحهم نسبي فلا بد أن يكون هناك ضحايا بشرية .
للحديث بقية تابعونااااا .....
أبد والله يازهراء ماننسى حسينا