اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الكفيل لم يهرب
اخذ ينظر إليها شزرا وهو يقلها بسيارته، وهي واجمة خائفة متكومة على نفسها، كأنها جيفة نتنة تقبع في المقعد الخلفي لا تنبس ببنت شفة. يخبرها بما يجب عليها قوله، ويحذرها من طول لسانها، إذا سألها الطبيب عن سبب تلك الرضوض والخدوش التي طالت جميع أجزاء جسمها.
أوصلها المستشفى فدخلت لتلقي العلاج، وانتظر خروجها معتقدا أن ما قام به سوف يحميه من سوء ما اجترحت يداه. جلس غير بعيد على احد كراسي قاعة الانتظار، يرمق الباب الذي دخلت منه، يفكر في ما سوف تقوله، وفي نوع العقاب الذي ستقاسيه إذا ما أخطأت.
لم يعلم بما يدور خلف الجدران، حتى شاهد حركة غريبة من رجال الشرطة يدخلون غرفة المعالجة مسرعين. اخذ يتلصص كبقية المتطفلين، فعرف قرب أخذه اخذ عزيز مقتدر، فوضع ذيل ثوبه بين أسنانه وأطلق العنان لرجليه.
في الجهة الأخرى وبعد إنهاء الفحص السريري، طلب الطبيب رجال الشرطة لتشرف على التحقيق. حاولت على اثر الخوف الذي لفها من تهديد كفيلها بتسفيرها وسلبها كل مستحقاتها، ألتستر وإخفاء ما بها، وتعليل ما حدث على اثر سقوطها وتعثرها.
لم تقتنع الشرطة بعد تسلمها تقرير الطبيب، يوضح أن ما بها على اثر اعتداء موجه ولعدة مرات.
لم تستطع السكوت وإخفاء الحقيقة، بعد مواجهتها بالحقائق الموثقة. أخذت تسرد قصتها والمصائب التي توالت عليها، والآلام التي لا تبارحها، والخوف الذي كان يحوطها. فقالت بعد انفجارها باكية ترثي لحالها: بوصولي من بلادي إلى بيت رب عملي، تبين لي الكم الهائل من العمل الذي يتوجب علي تأديته. من الاعتناء بمريضة مقعدة، حمل وإطعام ونظافة. القيام ببيت فيه مجموعة من الفتيات والشبان، غير كومة من الأطفال. فلا أنام ليلي إلا على قلق وخوف من التقصير، وتعب وإجهاد بعد قضاء يوما اجري كفرس سباق.
آخر ما تفتق عنه فكر ربة البيت، طلبها مني تلبية رغبات زوجها الجنسية، لعدم تمكنها من ذلك لمرضها المزمن، وخوفها من تحطم باقيا الخراب الذي اجتاح بيتها، لعدم مبالاة زوجها وأنانيته المفرطة. فقد ينتهي الوضع بزواجه من أخرى تستولي على بيتها، الذي شاركت في إنشاءه من دخلها.
رفضت بشدة، لكوني ذات بعل ولا احل له بأي وجه، فانهال علي ضربا ورفسا كوحش مفترس، في أكثر من مناسبة ولأتفه الأسباب. ظهر الإعياء الشديد علي، وعدم مقدرتي على الوقوف، فاضطر لإحضاري إلى هنا.
علق الطبيب مستغربا: هذا لم يكن من شيم رسول الله(ص) الذي أمرنا بالإقتداء به. حيث لم يتزوج في شبابه ولم يفكر في ذلك، بل اكتفى بالسيدة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، اعترافا منه بفضلها وحسن صحبتها، وتضحيتها بمالها ونفسها في سبيل الرسالة.
أخذت الخادمة تتطلع إليه باستغراب متسائلة: لكننا سمعنا انه تزوج بالكثيرات من النساء! فرد عليها موضحا: كان ذلك بعد وفاة السيدة خديجة وبعد دخوله سني الكهولة.
فتسائلت مرة أخرى باهتمام ظاهر: فلماذا تزوجهن إذا كان لا رغبة له في المعاشرة الجنسية؟
فرد عليها مؤكدا: كان لزواجه عدة أهداف منها ما هو اجتماعي، كزواجه بأرامل نبذهن المجتمع، كأم سلمة وسودة بنت زمعة. ومنها ما هو لهدف ديني، كتزوجه بنساء أخريات ليستميل أهلهن إلى الإسلام، كصفية بنت ثابت احد زعماء اليهود، وجويرية من بني المصطلق التي اعتق المسلمون أكراما للنبي محمد(ص) بني قبيلتها. كما تمكن عن طريقهن من تثقيف النساء أيضا، لأنه أرسل إلى الناس كافة.
عندها قاطعهما الضابط معتذرا: إذا أنهيت الفحص عليها وإسعافها – يا دكتور - فنحن بحاجة إلى مساعدتها.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية