اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ذنب عظيم
كثرت أسفاره واستخدامه للخطوط السريعة، كالطيور المهاجرة لا يقر لها قرار. يعرف بالتحديد الأماكن التي يمر بها، بقدر ما يعرف راحة يده كقصاصي الأثر.
في احد رحلاته خرج ليلا كما تخرج الخفافيش من أوكارها بحثا عن رزقها، يلفه ظلامه الدامس كلما ابتعد عن مخارج المدن، واختفى سادرا عن الاستراحات ومحطات التزود بالوقود. فصعب عليه تمييز الشوارع العامة من الطرق الفرعية، ولكن بقي في مقدوره تحديد المعالم العامة، ولزيادة حرصه طلب مرافقة احد أقاربه ليخفف عليه وحشة الطريق.
مضى بسيارته قاصدا مراده لا يلوي على شئ، حتى صادفه موقفا غريبا تحركت له مشاعره - وانتصبت له قرون استشعاره، ولم يكن على خارطة طريقه، مما جعله يخفف من سرعته ويرجع القهقرى.
أخذت علامات الاستفهام تغزوا رأس قريبه، كهجوم جيش من الجراد على الحقول والمزارع.
– لماذا توقفت في ناحية مقفرة مقطوعة؟
– لقد تحرك إحساسي ينذرني بوجود حركة غير عادية في المكان. سيارة تقف عند محطة للوقود مهجورة، يغطيها الليل كخيمة عظيمة معتمة الألوان، بجانب مسجدا متهالك لم يبقى منه إلا محرابه.
ورغم وحشة المكان وعزلته والهدوء الذي يلفه كإحرام الحاج، لم يستطع مقاومة فضوله وحب الاستطلاع لديه، فلم يحسب للعواقب السيئة حسابها. نزل ممسكا بيده مصباحا صغيرا، ليتمكن من رؤية ما يصادفه ويبصر ما تطأه قدمه.
تبعه قريبه بحذر شديد، يشدهما صوت شجي وبكاء وعويل وحرقة تخرج من الأعماق. تحركا على قمة أصابع أرجلهما، في صمت مطبق مخافة إزعاج صاحب الصوت. وقفا بجانب بقايا المسجد يتلصصان إلى داخله لمعرفة ما يجري.
- هذا الصوت الشجي لا يخرج إلا من قلب مؤمن قد امتحن الله قلبه بالإيمان!
- وما يدريك لعله ذو الثدية ذو صوت الشجي كصاحبنا هذا، ومع ذلك خرج لمحاربة
الإمام علي(ع) مع الخوارج!
انتظرا حتى أنهى قراءته وأتم دعاؤه وهم بالخروج، فشاهدهما في وجهه. شاب في مقتبل العمر، ذو قامة طويلة وطلعة بهية. يظهر من سيارته الفارههة - وملابسه الأنيقة سيماء نعمة موفورة، لم تهنه الدنيا، ولم يمرغ انفه التراب. جفل منهما وبقى لفترة لم يستطع الكلام، كالطود الشامخ من هول الموقف.
طرحا عليه سؤالهما قبل لواذه بالفرار،
- ما بال كل هذا الخشوع والخضوع والصوت الشجي؟
- ذنب عظيم لا يغفر، أحاول التخفيف منه بما سمعتم.
- هل ذنبك أعظم أم الأرض؟
- ذنبي أعظم.
- هل ذنبك أعظم أم السماوات؟
- ذنبي أعظم.
- هل ذنبك أعظم أم الله؟
لم يحر جوابا، كأن على رأسه الطير.
- إذا كان لديك مشكلة يجب عليك مواجهتها والتفكير في حلها، وإذا لم تستطع تسأل أهل الذكر إن كنت لا تعلم. ثم تستعين بالدعاء والقرآن طلبا لعون الله وهدايته إلى سواء السبيل. فأن الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وخلال انشغالهما بنصحه وإرشاده، انسل مسرعا من أمامهما، ولم يتمكنا من اللحاق به، ودون إجابة سؤالهما يبكي بكاء مرا، تاركا إياهم في حيرة.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أحسنت كثيراً أخي حسين
صور في منتهى الروعة والجمال
بالإضافة للعبرة من القصة
سلمت يمينك
توقيع ماهرالصندوق
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** وتوجهي وعن الكرام أئمتي
أنا بالنبي محمد متعلق *** وبشطه أرسيت حمل سفينتي
وأبو تراب مفزعي وهو الوقا *** يوم الحساب إذا نشرت صحيفتي
وبفاطم أرجو الجواز على الصرا*** ط إذا ذنوبي أثرت في مشيتي
وإذا الجنان أبين أن يفتحن لي *** فأبو محمد الزكي وسيلتي
وبسيد الشهداء أرجو رفعة *** في جنة قد أزلفت للشيعة
آخر تعديل بواسطة ماهرالصندوق ، 03-May-2010 الساعة 12:38 PM.
سبب آخر: خطأ لغوي