اهدنا الصراط المستقيم:
أخبرنا عقيل بن الحسين النسوي، قال: حدثنا علي بن الحسين الفسوي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله،قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبيد ببغداد، قال: حدثنا وكيع بن الجراح قال: حدثنا سفيان الثوري عن السدي، عن أسباط وجاهد، عن ابن عباس، في قول الله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم قال: يقول: قولوا معاشر العباد اهدنا إلى حب النبي وأهل بيته.
روى هذا الحديث الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1/75 والعلامة المجلسي في بحار الأنوار24/16 والشيخ الأميني في الغدير 2/311 والعلامة الطباطبائي في تفسير الميزان 1/41 والمولى محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي 7/132 وعلي بن يونس العاملي في الصراط المستقيم 1/284 وابن جبر في نهج الإيمان540
وفي هذا المقام أنقل كلام الفخر الرازي في تفسيره لهذه الآية، فقد ذكر في تفسير الكبير ما هذا نصه:>> هذه الآية تدل على إمامة أبي بكر؛ لأنا ذكرنا أن تقدير الآية (اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم) والله تعالى قد بين في آية أخرى من هم الذين أنعم الله عليهم بقوله تعالى: فأولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا شك أن رأس الصديقين ورئيسهم أبو بكر، فكان معنى الآية أن الله أمر أن نطلب الهداية التي كان عليها أبو بكر وسائر الصديقين، ولو كان أبو بكر ظالماً لما جاز الاقتداء به،فثبت بما ذكرناه من دلالة هذه الآية على إمامة أبي بكر<< انتهى كلامه
أقول إن تسمية أبي بكر بالصديق، إنما كانت من قبل أتباعه ومريديه، وإلا فإنه لم يكن مشهوراً بهذا الاسم، بل أن الأقلام المأجورة ووعاظ السلاطين هم الذين سموه بهذا الاسم،وليس ذلك إلا للتغطية على صاحب الاسم الحقيقي ألا وهو الإمام علي ابن أبي طالب فإنه كان معروفاً بهذا الاسم وإليك بعض الشواهد على ذلك:
1- روى الطبري في تاريخه، قال: حدثنا أحمد بن الحسين الترمذي، قال: حدثنا عبد الله بن موسى،قال: أخبرنا العلاء عن المنهال بن عمرو وعن عبد الله بن عبد الله، قال سمعت علياً يقول: >>أنا عبد الله، وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب مفترٍ، صليت قبل الناس بسبع سنين<<
2- في جوهر المطالب في مناقب الإمام علي : عن أبي ذر قال:>> سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول لعلي: أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل<<
3- أخرج كل من ابن ماجه القزويني وأحمد في مسنده وأبو نعيم الحافظ والثعلبي والحمويني، أخرجوا بأسانيدهم عن عباد بن عبد الله، قال: >>قال علي: أنا عبد الله وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب، ولقد صليت قبل الناس سبع سنين<<
وهذا غيض من فيض مما ورد في هذا المجال، ولا ينبغي لكل من أراد النجاة التشكيك بذلك، بل أن الأدلة القطعية ترشد إلى لزوم الاقتداء بعلي وآله الأطهار
؛ لأنهم هم المنصوص عليهم دون غيرهم.
والعجيب أن الفخر الرازي يعتبر الاقتداء بعلي هدى، ولكنه يفعل خلافه في مقام العمل، فقد قال في تفسيره الكبير ما نصه ( وأما علي بن أبي طالب كان يجهر بالبسملة فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى والليل عليه قول النبي صلى الله عليه [وآله]وسلم:>> اللهم أدر الحق مع علي حيث دار<<) انتهى كلامه.
وهنا لابد من القول هل اقتدى الفخر الرازي بعلي في دينه؟ وكيف قدم عليه غيره؟ مع أن النبي (ص) نصبه علماً للأمة، وجعله خليفةً بعده وقدمه في مواطن عديدة وقال فيه الكثير مثل قوله:
1- مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا(المعجم الصغير1/139)
2- ... إني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، فما أنتم قائلون؟.
قالوا: نصحت.
قال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وأن البعث بعد الموت حق؟.
قالوا: نشهد.
قال: وأنا أشهد معكم، ألا هل تسمعون فإني فرطكم على الحوض، أنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه أبعد ما بين صنعاء وبُصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضه فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟.
قالوا: وما الثقلان؟.
قال: كتاب الله طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا، والآخر عترتي وأن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فسألت ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.(كنز العمال 1/188)
3- ... إني لكم فرط وإنكم واردون علي الحوض عرضه ما بين صنعاء إلى بصرى فيه عدد الكواكب قدحان الذهب والفضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟.
فقام رجل فقال: يا رسول الله، وما الثقلان؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه[ وآله] وسلم الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به لن تزلوا ولن تضلوا، والأصغر عترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وسألت لهما ذاك ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم(تحف العقول 113، خاتمة المستدرك 1/356، مناقب أمير المؤمنين 2/147، الثاقب في المناقب 135، كنز العمال 12/98، غيرها الكثير من المصادر)