اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حظيرة الحب والحنان
غزى الشيب رأسه، وطوى الزمان عمره، ولم تعد في جسمه بقية تمكنه من متابعة أعماله التجارية. شاهد أبنائه وهم يحوطونه من كل جانب، إحاطة السوار بالمعصم، يخدمونه بأعينهم قبل أيديهم، يعطفون عليه عطف الأم الحنون على صغارها. يقومون بأمور تجارته دون الحاجة إلى تدخله المباشر، كأنه موجودا بينهم يراقبهم.
قرر توزيع أملاكه بينهم، والتفرغ لآخرته وعبادته، ومنعا لنزاعهم بعد موته. فرح الأبناء بالفكرة وشجعوا أباهم ليمضي قدما، وقدموا له المواثيق والعهود والأيمان المغلظة، ليقوموا بواجبهم تجاهه خير قيام.
بقوا على عهدهم ووعدهم، حتى استقرت أمواله وممتلكاته التي أفنى عمره وصحته لجمعها بين أيديهم، ولم يعد لديه ما تتطلع إليها أعينهم وتتوق إليها نفوسهم.
اشتغلوا بحايتهم ولهوا بعيالهم، وثقلت أرجلهم وقست نفوسهم، عن التوجه إليه ورؤيته.
غدى فقيرا يستجدي العطف والحنان فلا يجده، واشتاق إلى تلك الأيام الخوالي التي افتقدها. يحلم باجتماع أبناءه حوله، بعد أن أصبحت حياته أرضا بورا لا تقبل الماء ولا تنتج إلا حنظلا.
فكر واستشار في طريقة تقلب السحر على الساحر، وتعكس الشر على صحابه.
أوهمهم قائلا: يوجد قدرا من أموالي لم يطلعكم عليه، حفظته لكم في احد البنوك، لأنظر ما أنتم فاعلون في ما بين أيديكم. ولما اطمأننت لحسن تدبيركم، قررت اختيار أحدكم وصيا عليه يقسمه بينكم بعد موتي.
ولحبهم ولعبادتهم للمال قال احدهم: استبعد كل البعد أن تكون تلك مكيدة من والدنا، ليعيدنا بها إلي حظيرة الحب والحنان العائلي.