اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليك يا مولاي يا صادق آل محمد ورحمة الله وبركاته
لعن الله قاتليك ومبغضيك وحاسديك
عظم الله أجوركم أيها المؤمنون بشهادة زعيم المذهب الحق الإمام الصادق أرواح العالمين لتراب مرقده الفداء وحشرنا الله في زمرته
نحن أمام بحر طامٍ عمّ جوده وبدرٍ سام أشرق وجوده، نحن أمام شمس المعارف الكبرى وأستاذ الأئمة وقائد جميع الأمة، الذي لم يُرَ إلا صائماً أو قائماً أو قارئاً للقرآن.
نسب أزهر في التاريخ فحول الصحاري إلى أزاهير، وحَسَبٌ تجاوز في علوّه المريخ فسطعت منه المجامير، وعزمٌ فلّ به حراب الدهر وحلم ملأ به إهاب الفخر، وبحر بعيد قعره، زخّار موجه، يفيض عطاءً دون توقّف، حتى شهد بفضله القاصي والداني مسحت شمس هُداه دياجير الجهل وأضاءت تعاليمه كل حنايا الروح والعقل.
منهله عذب لروّاده، ومنتج لقصّاده. يزدحم أهل الفضل في رحابه، ويشرفون بتقبيل أعتابه. والكل يرجعون بطاناً مرويّين يشهدون بقوة حجته وشدة عارضته، يذعنون له تسليماً واطمئناناً، ويعترفون بمرجعيته تقديراً واحتراماً.
لقد مني الإمام الصادق () بعصر أقلّ ما فيه أنه عصر الاتجاهات غير المتجانسة فكان () يجمع بين المتفرقات ويفرق بين المجتمعات.
مدرسة سيارة ولكنها شاملة ومستوعبة لكل ما تحتاجه الأئمة في حاضرها ومستقبلها معبّراً عن طموحها وتطلعاتها.
.
روي عن أبي خالد أنه قال: قلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام) من الامام بعدك؟ قال: محمد ابني يبقر العلم بقرا، ومن بعد محمد جعفر، اسمه عند أهل السماء الصادق، قلت: كيف صار اسمه الصادق؟ وكلكم الصادقون؟ فقال:
حدثني أبي، عن أبيه أن رسول الله () قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق، فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعى الامامه اجتراء على الله، وكذبا عليه، فهو عندالله جعفر الكذاب، المفتري على الله، ثم بكى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: كأني بجعفر [جعفر] الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمرولي الله، والمغيب في حفظ الله
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
يا دايم الفضل على البرية
يا باسط اليدين بالعطية
يا صاحب المواهب السنية
صلى على محمد وآل محمد
خير الورى سجية
وغفرلنا ياذا العلى في هذه العشية ....
لقد شهد الإمام الصادق () في حياته المباركة مفصلاً مهماً من مفاصل التاريخ الإسلامي الذي امتد منذ أواسط الدولة الأموية، وحتى مطلع الدولة العباسية، التاريخ الذي عاصر فيه اثنا عشر ملكاً، فقد ولد () أيام خلافة عبد الملك بن مروان، هذا الرجل الذي على الرغم من مجالسته العلماء وحفظه للحديث وتعبده في المسجد الحرام، وتقشفه في الحياة وملذاتها، وإنكاره على يزيد بن معاوية في حربه لابن الزبير، إلا أنه كان هو من يأمر بنفسه قتل ابن الزبير، وتحت حمايته ومباركته يقوم الجيش الأموي بقيادة الحجاج بضرب مكة والكعبة بالمنجنيق.
ذلك الرجل الذي قال عنه الحسن البصري: ما أقول في رجل الحجاج سيئة من سيئاته[1] الحجاج الذي قال عنه عمر بن عبد العزيز، لو جاءت كل أمةٍ بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.
عبد الملك بن مروان هذا الخليفة الأموي الذي حمل المربي الأول للإمام الصادق () وجده الإمام زين العابدين مقيداً من المدينة إلى الشام.[2]
كما عاصر () الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، المخطط الرئيسي لدس السم للإمام زين العابدين (ع) أو من كان على علم تام بأمر تنفيذه كما يؤكد ذلك الحفاظ والمؤرخون.[3]
وعاصر سليمان بن عبد الملك الذي اشتهر عنه قوله لعامله أسامة بن زيد التنوخي على خراج مصر: أحلب الدر حتى ينقطع، واحلب الدم حتى ينصرم، الرجل الذي غضب على القائد موسى بن نصير فعذبه بأنواع العذاب وقتل ولده عبد العزيز وعرض رأسه على والده نتيجة لحبه وولائه لآل البيت ().[4]
كما عاصر () الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي وجد في عهده عدلاً فقدوه زماناً، واستراحوا في أيامه القليلة مما كانوا يعانوه من ظلم وتعسف أنظمة الحكم التي سبقته.
وشهد خلافة هشام بن عبد الملك الذي قُرن بمعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان دهاءً وغلظةً وعداءً لآل البيت () لا يرحم.
فقد ضرب بهذا الرجل المثل في الحقد والكراهية لآل البيت () وذلك بإبقائه على جسد زيد بن علي (ع) معلقاً منكوساً بعد قطع رأسه ولمدة أربعة سنوات.
وكان شاهداً على خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فرعون عصره، الجريء على كتاب الله بتمزيقه وهو الذي قتل يحيى بن زيد، وصلبه بالجوزجان، والذي أبقاه مصلوباً حتى ظهور أبو مسلم الخراساني.
واستمرت حياة الإمام الصادق () ومعاصرته لبقية خلفاء بني أمية، من يزيد بن الوليد المسمى بالناقص[5]، وإبراهيم بن الوليد الذي ولي الأمر بعد أخيه بعهد من يزيد بواسطة مولاه (قطن) مزوّد، ومن ثم مروان بن محمد الملقب بالحمار والذي ينتهي الحكم الأموي[6] الذي استمر 91 سنة وتسعة أشهر.
كما عاصر () أبو سلمة الخلال الذي عرف بنوايا بني العباس فعزم على العدول عنهم إلى بني علي.. إلى مركز الثقل إلى الصادق ()، غير انه جوبه بالرفض قائلاً: ما لي ولأبي سلمة وهو شيعة لغيري، ثم كانت معاصرته للسفاح الذي كان يتظاهر بالعطف على أبناء عمه ويتحمس لما نالهم من الأذى وما حل بهم من نكبات في العهد الأموي ويعلن بأخذ ثأرهم والانتقام من عدوهم، ثم كان المنصور الذي لقي منه الإمام الأمرّين.
ترى ما الذي سيفعله الإمام الصادق () والخط البياني لمسيرة الأمة في انحدار شديد وبعد العهد بينها وبين حاكمية الإسلام على الدولة والمجتمع والزمن الذي كانت فيه قيم الأخلاق والفضيلة هي السائدة والمعاني الإنسانية السامية في المجتمع هي الثقافة الرائجة.
وما الذي سيفعله الإمام الصادق () ويد الظلم والقهر لا يزالان في عنفوانهما وعيون الظالمين ترصد كل تحركات الناس وتحاسبهم على الظن والتهمة.
إن البطش والتنكيل والتشريد والتعذيب الذي يغلق النفوس على أحقادها، وتستمرئ الذل إذا ما طالت مدته حيث يؤدي الحقد والكراهية في بعض النفوس المريضة إلى حدوث انقلاب فيها حيث يتحول ذلك الحق والكراهية إلى نوع من الذل والرضوخ وإعلاناً لعبوديتها للظالمين والطغاة وهذا أخطر الأمراض التي تصيب الأمة.
وقد اتخذت أشكال الدفاع عنه وتحريكه أشكالاً ثلاثة.
1ـ الطريقة الإصلاحية الترميمية: وهي طريقة لم تثبت جدواها إلا بصورة نسبية، وتلك طريقة لا يملكها إلا أصحاب القوة والقرار، إذ إنه كلما تداعى جانب من جوانب المجتمع إلى الانهيار رمموه بتكاليف أكثر من تكاليف التصدع، وكأنه كمن يلجأ إلى الرمضاء بالنار.
2ـ طريقة الانقلاب والنهج الثوري: ومن لوازم هذه الطريقة كثرة الضحايا واختصار الزمن، ولا تصدر هذه الطريقة إلا ممن يقف على أرضية العجلة والعجز وعدم الثقة على تخطي المراحل التي تؤدي إلى تدارك الأمور ومعالجتها.
3ـ وأما الشكل الثالث فهو طريقة التغيير وفق النظرية القرآنية في التعامل مع الإنسان من اجل تصحيح بنائه النفسي أولاً ومعالجة فطرة الإنسان التي أصابها الخلل بالوسائل الصحيحة من اجل بناء الصرح الاجتماعي القويم. تماماً كما فعل النبي الكريم محمد () الذي كان بإمكانه أن يعلنها ثورة أخلاقية، والذي لو أعلنها لوجد الكثير من الأنصار، واختصر مسافات الزمن ووفر الكثير من الجهد والتعب، إلا انه () كان يعلم أن ذلك ليس هو الهدف الرئيسي، ولو أعلنها لكانت ثورة فوقية لا تستجيب لها القاعدة العريضة والمسحوقة من الجماهير.
ولو أعلنها النبي () ثورة اقتصادية، لاتبعه الكثير من الناس، لكنه كان يعلم انه يجب أن تكون البداية في تغيير المرتكزات النفسية والفكرية والعقائدية، وإن الطريق طويل لتحقيق ذلك الهدف إلا إنه السبيل الوحيد أمامنا كما يصرح بذلك القرآن الكريم بقوله تعالى ((إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)).
ومن خلال هذا المنطق القرآني استطاع حل جميع العقد القائمة آنذاك فاستقامت الأخلاق وتحرر العرب من هيمنة القوى المجاورة كالفرس والروم، وقد ساعد ذلك على إقامة العدل الاجتماعي.
ترى هل كان الإمام الصادق () بالرجل الذي تغيب عنه هذه المنهجية القرآنية النبوية؟ فالواضح من الاطلاع على الآراء الفكرية للإمام الصادق () نجد أن المحور الذي كانت تدور حوله جميع مواعظه وآراءه الفكرية هو ذلك النهج الذي سبقه إليه جده الكريم محمد ().
وفي مواجهة سلطات طاغية وجماهير لا مبالية اتجاه ما يجرى من أحداث خطيرة يقوم بها الطغاة أفسدت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية كان لابد من الإمام الصادق () من أن يواجه تلك السلطات الفاسدة.
ترى هل كان الإمام الصادق () سيواجه ذلك الفساد بمنهج سياسي تغلب عليه لغة الشعارات والسلام أم يواجه الجماهير بلغة التربية والتثقيف العقائدي وبناء الفرد بناءً إسلامياً صحيحاً؟
لقد اختار الإمام الصادق () تغيير المحتوى النفسي والفكري للأمة، وحوله دار محور اهتمامه وذلك لعمق نظرته الثاقبة في حركة التاريخ والمجتمع من اجل إلغاء السبب الرئيسي الذي أفرزته النتيجة فارتبطت به ارتباطاً اقترانياً.
لقد سلك الإمام الصادق () كبقية أئمة أهل البيت () أساليب تعددت وتفاوتت حسب الظروف التي كانوا يعيشونها وتعيشها الأمة فتؤثر في هذه الأساليب وطرق العمل الظروف السياسية والثقافية والنفسية والاجتماعية وما إلى ذلك.
وبناءً على ذلك فإن بالإمكان رصد صور شتى لعمل الأئمة () لمواصلة الحركة التغيرية في الأمة مع الثبات على الهدف والإصرار عليه من أجل الحفاظ على الخط الإسلامي الصحيح.
ومن ظواهر اهتمام الإمام الصادق () صيانة مبادئ الرسالة التي اعتمد عليها في تبليغ الأمة وتوجيهها وتثقيفها بالإسلام ومبادئه القويمة رعاية منه لظروف الأمة النفسية والفعلية والسياسية.
ومن بعض مصاديق هذا الاتجاه في مسيرة التغيير الاجتماعي:
يقول يعقوب السراج: سألني أبو عبد الله () عن رجل، فقال: إنه لا يحتمل حديثنا، فقلت: نعم، قال: فلا يغفل، فإن الناس عندنا درجات منهم على درجة، ومنهم على درجتين ومنهم على ثلاث، ومنهم على أربع، حتى بلغ مسبقاً.
لقد رأى الإمام الصادق () أن الخطوة الأولى في حركة التغيير الاجتماعية تبدأ من تقويم فكر المجتمع وتهذيبه وتنزيهه عن الأفكار الضالة والمنحرفة وتنمية العقل التحليلي الذي يعطي للرؤية المستقبلية اهميتها في الاقدام على أي حركة وفي إطار إسلامي ورسالي معتمداً الظرف المناسب والأسلوب والمكان المناسب.
لذا نرى أن عصر حياته الشريفة () كان الزمن المناسب لانطلاق حركة تغييرية، لما للصراع الدائر بين الأمويين والعباسيين من أحكام وضغوطات وظروف خاصة كما إنه () قد أكمل ما بدأه جده وأبيه، فلم يمتنع () عن الجهر بالحق وإرشاد الناس وتحذيرهم من مخالطة أولئك الظلمة.
وكان ينهي الناس عن المرافعة إلى الظالمين وعن الاختلاط بهم وأعانتهم في شيء والتولي لهم، وهذا هو الأسلوب المناسب في معارضة النظام ومقارعته لما يوصف به جبروت وطغيان شديد ولمحدودية إمكانيات المعارضين.
وعلى جانب آخر عمل الإمام الصادق () من خلال الجامعة التي أسسها في المدينة في إعداد كفاءات علمية توعوية قادرة على تعزيز ثقافة الانتماء والأصالة الفكرية والمنهجية وتنمية الوعي الرسالي من خلالها في المجتمع والمؤثر في مسيرة الأمة لتوجيهها نحو التغيير والإصلاح لتكون هذه الفئة الأساس المتين لحركة التغيير وعلى مستويات الفرد والعشيرة والمدينة وذلك بسبب المرجعيات المختلفة التي تؤول لها هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة، فالتاريخ يحدثنا على آن آلاف من طلبة انخرطوا في جامعة الإمام الصادق ().
وقد اعطى الإمام الصادق () في أسلوب جديد بالدعوة إلى الله حتى أن أصحابه استغربوا له يقول الإمام الصادق (ع) يوصي أصحابه:
أوصيكم بتقوى الله واجتناب معاصيه وأداء الأمانة لمن ائتمنكم وحسن الصحبة لمن صحبتموه وأن تكونوا لنا دعاة صامتين.
فاستغربوا وقالوا: كيف يا ابن رسول الله، كيف ندعو ونحن صامتون
فقال الصادق ():
تعملون بما أمركم الله به من العمل بطاعة الله، وتعملون بالناس بالصدق والعدل وتؤدون الأمانة وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ولا يطلع الناس منكم إلا على خير، فإذا رأوا ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فتنازعوا إليه.
ويقول أبو سلمة، سمعت أبا عبد الله الصادق () يقول:
عليكم بتقوى الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق وحسن الجوار وكونوا دعاة لأنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا.
لقد سعى الإمام () لخلق جيل الثورة الواعي الذي يزن الأمور بميزان إيمانه وإخلاصه في التغيير والإصلاح وتحقيق الأهداف التي دعا لها الإسلام. كما استطاع الإمام () أن يوجد ذلك الجيل بأسلوبه الفذ الفريد وبسيرته الحصيفة وقدراته الهائلة.
لقد بلور الإمام الصادق () القناة العملية المتمثلة بجامعته العلمية الضخمة إلى أهم عوامل التغيير الاجتماعي الفاعلة فإضافة إلى اهتمامها بعلوم التشريع والحديث والفقه والتفسير، كان الاهتمام واضحاً في علوم أخرى تصب في تفعيل حركة المجتمع تجاه الإصلاح والتغيير ومنها:
الأخلاق والتربية
يعتبر علم الأخلاق من أهم العلوم التي أولتها الرسالة الإسلامية كبير العناية وبالغ الاهتمام، وقد صرح النبي الأكرم () بذلك حينما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فلم يكن علم الأخلاق في بدء الأمر مبوباً إنما كانت الأخلاق تلتقط من تلك الآيات الكريمة ومن كلام النبي وآله (). لذا نجد انه في حياة الإمام الصادق () نضجت حركة التأليف في علم الأخلاق وتبويبه وتصنيف موضوعاته.
وبهذا حصلت البشرية على ينبوع مستمر في تدفقه ليسقي الإنسانية كلما ظمأت إلى الفطرة والأصالة ونوازع الخير، وهي رسالة في التسامي الأخلاقي والمحبة والصدق واخاء الإنساني.
الفلسفة
أوجب الله تعالى علينا إعمال الفكر في ما يحوطنا، وحثنا بشدة على البحث عن الحقيقة دون تلكوء أو تهامل، كما أن هنالك الكثير من الأحاديث الشريفة والروايات عن المعصومين () التي تحثنا على التفكير والسعي للوصول إلى القناعة الذاتية الكاملة في معتقداتها.
وقبل أن يعطي الإمام الصادق () دروساً في الفلسفة، علم تلامذته أن هذا العلم يمكن أن يكون وسيلة للتخريب والدمار. وسبيلاً للشر وانتشار الفساد لذا فرض الإمام ( على الدارسين للفلسفة أن يكون سعيهم في اكتشاف الحقيقة لتسخيرها في خدمة الإنسانية وتحقيق خيرها وأمنها وسعادتها، لا من أجل إثارة الجدل والدخول في المهاترات ونفق الاختلافات والنزاعات المظلم الذي نهايته الخلاف والفرقة والضياع.
التاريخ
ولأن علمه () من علم رسول الله () فإن معرفته (ع) وبتاريخ الخليقة، وقد حدث الإمام الصادق () تلامذته عن التاريخ بإسهاب وشرح لهم تاريخ الخليقة وتاريخ الأمم والحضارات من آدم، بالإضافة إلى دروسه ونظرياته في التاريخ والتفسير العلمي للتاريخ وما دور التاريخ في حياة الأمة.
ولاشك في أن دراسة تاريخ الشعوب والأمم والحضارات بدقة وموضوعية ستكون زاداً نافعاً وحقيقياً للذين يطمحون في التغيير والإصلاح لما يختزنه التاريخ من تجارب عديدة وطويلة والتي تعني بالتأكيد الناظر فيها الخبرة والعبرة والرشاد والقوة.
الآداب
لا شك أن عصر حياة الإمام الصادق () كان الاهتمام بالأدب والشعر واضحاً لما لهما من مكانة خاصة في نفوس العرب والمسلمين، وأيضاً لما لهما من حضور فاعل في أوساط المجتمع المختلفة، باعتبارها من أهم الأجهزة الإعلامية وأقواها حضوراً وتأثيراً، لذا فإن الإمام () استغل معرفته بالشعر والشعراء في دورهم في تفعيل حركة المجتمع نحو رفض الظلم ومقارعة الظالمين في سبيل تغيير الواقع المأساوي الذي يعيشه المجتمع الإسلامي آنذاك.
من ذلك كله نرى جلياً أن الإمام الصادق () وضع خطة شاملة لكل الطاقات والقنوات والوسائل حيث تشمل حركة التغيير والإصلاح الأوساط والمفاصل المختلفة للمجتمع لكي يكون لها حضورها القوي والمؤثر في عقول وقلوب الناس وبصورة جدية تبتعد عن السطحية والآنية أو كردود أفعال تزول بزوال الأفعال. ولضمان أن يكون خط الحركة التقويمية هذا في إطار إسلامي رسالي يعتمد الواقعية التي لا تعني الذل والرضوخ والعقل والحكمة.
صدقة يدك يا خادم المرجعية
ووفقك وزيارته وفي الأخرة شفاعته