اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الإمام موسى الكاظم(ع)
الإمام موسى بن جعفر بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين. النسب المبارك الذي لا يضاهي و الأرومة التي لا تدرك، المطهرة من الرجس،والنقية من الدنس.
أبوه: جعفر بن محمد، ومن جعفر؟ إمام المسلمين وسيد الفقهاء ومن انتسب إليه المذهب وخضع له القاصي والداني والعدو والصديق بالعلم والمعرفة والفضل والمكرمة والأخلاق والآداب.
أمه: حميدة الأندلسية البرة الكريمة الزكية الطاهرة. قال الصادق (ع): حميدة المصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ما زالت الأملاك تحرسها حتى أُديت إلي كرامة من الله لي والحجة من بعدي.
ولد (ع) بالأبواء، في السابع من صفر، سنة ثمان وعشرين من الهجرة، وقد أولم الصادق (ع) عند ولادته أي أطعم الناس ثلاثة أيام.
كنيته:
يكنى بأبي إبراهيم، وبأبي الحسن، وبأبي الحسن الماضي.
لقبه:
يلقب بالكاظم، وهو أشهر ألقابه، ويسمى بالكاظم لكظمه الغيظ، أو لما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين به حتى مضى قتيلاً، ويعرف بباب الحوائج لأنه ينجح حوائج السائلين الوافدين عليه، ويقول الشاعر:
لـذ إن دهتك الرزايا****بكاظم الغيظ موسى
والدهر عيشك نكد****وبالجــواد محــمـد
ويلقب بالزاهر لأنه زهر بأخلاقه الشريفة وكرمه المضيء التام، وله ألقاب أخرى يعرف بها، كالعابد، لاجتهاده وقيامه بالليل، عاش أربعاً وخمسين أو خمساً وخمسين سنة قضى مع أبيه منها عشرين سنة، وقام بالأمر وعمره الشريف عشرون سنة. كانت إمامته في أواخر خلافة المنصور، ثم ولي الخلافة المهدي عشر سنين وشهراً وأياماً ثم الهادي سنةً وخمسةَ عشر يوماً ثم ملك الرشيد ثلاثاً وعشرين سنة وفي زمانه توفي الإمام موسى الكاظم، مات مسموماً في حبس الرشيد على يدي السندي بن شاهك لستٍ بقين من رجب 24 رجب، سنة ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة.
إمامته:
الدليل عليها ما ورد من الرسول (ص) من النص عليه في الأحاديث التي وردت وذكرت الأئمة والخلفاء من بعده واحداً واحداً. وهي أحاديث متواترة، وكذلك نص عليه أبوه الصادق (ع) وأنه الإمام من بعده.
عن المفضل بن عمر قال: دخلت على سيدي جعفر بن محمد (ع) فقلت يا سيدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال: يا مفضل الإمام من بعدي ابني موسى، والخلف المأمول المنتظر محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى. بحار ج48/ص15
ولقد عاش الإمام موسى في كنف أبيه وتربى ونشأ النشأة المثالية الكاملة في جميع شؤونه عليه، ولا غرور فهو من أهل البيت، وأهل البيت هم الصفوة والنخبة في الفضائل، والمكارم، والأخلاق، والطاعة، والانقياد، والعلم، والفضل، لا يدانيهم في ذلك أحد، ولا يسبقهم إلى ذلك أحد، معدن العلم، ومهبط الوحي، وكنوز الخير، وهم بشر فوق البشر في كل شيء، ولذلك كما أشرنا حين نتكلم عن أخلاقهم وسيرتهم وفضائلهم نتكلم من باب التَعَلُم والاعتبار لكنهم فوق ما نقول.
وما نقول هم أكبر منه ولديهم أكثر بكثير، فالأخلاق منهم أخذت، وبهم عرفت، والمكارم هم معدنها ومصدر عطائها، وكذلك الفضائل، وكذلك العلوم، فماذا يقول المرء فيهم، بل إن القول لا يبلغ شيئاً من مقامهم.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
سيرته و أخلاقه:
العبادة:
كان شديد العبادة حتى انه كان يصلي صلاة نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتى تطلع الشمس ويخر لله ساجداً فلا يرفع رأسه من السجود حتى يقرب زوال الشمس وكان يدعو كثيراً فيقول: اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحسـاب، ويكرر ذلك. وكان من دعائه: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك.
ولما حبسه الرشيد كان الرشيد يشرف على الحبس الذي كان فيه الإمام (ع) فيراه ساجداً فيقول للربيع ما ذلك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع. فيخبره أنه ليس بثوب وإنما هو موسى بن جعفر له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى الزوال.
فقال هارون الرشيد: أما إن هذا من رهبان بني هاشم.
وكان شديد الخوف من الله، كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع، وكان إذا قرأ القرآن يحزن ويبكي السامعون لتلاوته.
كرمه:
كان كريماً سخياً وكان يضرب المثل بصرر موسى بن جعفر (ع). وكان أهله يقولون عجباً لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة، وكانت صرره من المائتين إلى ثلاثمائة دينار.
وكان يتفقد فقراء المدينة ويحمل إليهم الصرات ولا يعلمون من أين هي.
حلمه:
ومما ينقل في حلمه وكرمه، أن رجلاً كان يؤذي أبا الحسن موسى ويسبه إذا رآه ويشتم علياً، فقال له بعض حاشيته يوماً دعنا نقتل هذا الفاجر فنهاهم عن ذلك أشد النهي. وسأل عن الرجل فذكر أنه بزرع في ناحية من نواحي المدينة فركب إليه فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به الرجل لا تطأ زرعنا. فوطئه (ع) بالحمار حتى وصل إليه ونزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه وقال له: كم غرمت على زرعك هذا؟ قال: مائة دينار. قال: فكم ترجو أن تصيب؟ قال: لست أعلم الغيب. قال له: إنما قلت كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قال: أرجو أن يجئني مائتا دينار. قال: فأخرج له أبو الحسن (ع) صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو. قال فقام العمري فقبل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه (أي ما قدمه) فتبسم إليه أبو الحسن وانصرف. قال: وراح إلى المسجد فوجد العمري جالساً فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. قال فوثب أصحابه إليه فقالوا له: ما قضيتك قد كنت تقول غير هذا. قال فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن وأخذ يدعو لأبي الحسن موسى (ع).
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
علمه (ع):
أهل البيت ذرية بعضها من بعض جعلهم الله خزنة لعلمه وأمناء على سره واسترعاهم أمر خلقه فلا يغيب عنهم ما علمهم الله وما هو حاجة للناس وزيادة.
حدث أبو حنيفة قال رأيت موسى بن جعفر وهو صغير السن في دهليز. فسأله: ممن المعصية. قال: فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك. فجلست. فقال: إن المعصية لا بد أن تكون من العبد أو من ربه. أو منهما جميعاً، فإن كانت من الله فالله أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف. وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجه النهي. وله حق الثواب والعقاب. ووجبت الجنة والنار فقلت ذرية بعضها من بعض. بحار ج48/ص1. 6
يقول الإمام الصادق (ع): إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم.
وإذا ما اطلعنا على ما ورد في محاججاته وما أثر عنه من أجوبة على المسائل التي كانت توجه إليه. ومجابهة التيارات والمذاهب الفلسفية والعقائدية وغيرها. نجد أنه الموئل والمرجع في كل الأمور ومن لديه علم الرسول (ص) الذي أودعه الله عنده وأودعه الرسول عند الأئمة الطاهرين.
وبرغم أن الضغط على الإمام كان شديدا من قبل حكام زمانه وخاصة هارون الرشيد الذي ما كان يترك فرصة للإمام يتحرك فيها، إلا أنه استطاع رغم كل ذلك أن يقف في وجه التيارات الإلحادية، والفلسفية، وأفكار الزنادقة، والغلاة، والمدارس الفقهية، والمذاهب الكلامية، وغيرها، ومدارس الحديث والآراء التي كانت تتداول بين الفقهاء ويباركها الخلفاء ضد اً بأهل البيت، وأن يزيح كل ريب وشك وزيف عن العقيدة الإسلامية الصحيحة ويؤكد مسار التوحيد الإلهي بكل دقة وبأدلة ساطعة وبرهان قاطع.
ولقد أعطى في الفقه كما أعطى أبوه الصادق (ع) وكان ممن أخذ عنه رجال أفذاذ وأبطال وقفوا موقفهم المسـؤول الذي حقق أهدافه وغاياته وأبرزوا العقيدة والإيمان والأحكام بكل نقاء وبكل صدق وصبر، وكانوا من طليعة الرواد الذين رووا عن الإمام موسى بن جعفر وأخذوا عنه أمثال: علي بن يقطين، وأخوه الحسين، وهشام بن الحكم، وابن أبي عمر، ومحمد بن سـنان، وعلي بن سويد، وصفوان بن يحيى السـابري، ويونس بن عبد الرحمن، وعبد الله بن المغيرة، وغيرهم كثير جداً، وقـد ذكر أن أحمد بن حنبل إذا روى عنـه قال: حدثني موسى بـن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي. قال: حدثني ابن علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي. قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب. قال. قـال رسـول الله (ص) ثم قال أحمد هذا إسـناد لو قرئ على المجنون لأفاق. أعيان ج4/ص56
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
دور العقل عند الإمام:
العقل من أهم الأمور التي تعتمد في إثبات الحقائق والإيمان والعقيدة، وكذلك من أهم الأمور التي يعتمد فيما لا مجال لغير العقل فيها. مما يسمى بالمستقلات العقلية كالحسن والقبح، والخير والشر، وكذلك له دور مهم في تأكيد دور الإنسان بالحياة واستواء الحياة وتدارك أمورها إلى ما هو الأصلح والأنجح، وكذلك له فعاليته في تكامل الإنسان وارتقائه إلى مراتب الفضيلة والسداد والنجاح والفلاح في مختلف شؤونه، وكذلك للعقل دور مهم جداً وهو أن الوصول إلى طاعة الله وتأكيدها في واقع الإنسان والتكليف يكون بالعقل. وقد وردت الأخبار الكثيرة في دور العقل وأهميته في الحياة وفي وضع الإنسان. والإمام موسى يؤكد لنا دور العقل ويؤكد هذا الدور من خلال القرآن والسنة. فالقرآن ذكر العقل وأهميته وقد أكد هذا الواقع في وصيته (ع) لهشام ابن الحكم وأغلب مطالبها وفصولها في العقل. من هذه الفصول قال : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقول في كتابه الكريم بقوله: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر:17-18
يا هشام: ثم بين أن العقل مع العلم فقال: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } العنكبوت/43
يا هشام: إن الله يقول: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} لقمان: من الآية12، قال الفهم والعقل.
يا هشام: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول: ما من شئ عبد الله به أفضل من العقل.
وقال الحسن بن علي (ع): إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها. وقيل يا بن رسول الله ومن أهلها قال: الذين نص الله في كتابه ذكرهم. فقال: إنما يتذكر أولو الألباب قال هم أولو العقول.
هذه الفقرات والفصول تبين لنا دور العقل عند الإمام وأنه لابد منه في الحياة ولكن لابد أن نعرف أن العقل في دوره هذا لايمكن أن يقرر شيئا من أحكام الشريعة، لأن التشريع يؤخذ من الله لا من العقل. ومن أدخل العقل في التشريع وصياغة الأحكام وقال بأن العقل يمكن أن يشرع في قبال الله فقد أفسد دينه فإن دين الله لا يصاب بالعقول.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الأئمة هم أهل الدين حقاً بعد الرسول وهم الأمناء عليه، وهم الدعاة إليه، وهم الذين يؤخذ منهم معالم الشريعة ومعالم الحقيقة، وهم مدرسـة بعيدة الآفاق والمدى كبيرة واسـعة في عطائها وفي شمولها لكل أبعاد الحياة والإنسان والدنيا والآخرة، ولذلك نجد هذا العطاء يتماشى مع الأجيال كلها والأزمان كلها ويتلاءم مع كل عصر وجيل وفكر وعقل إلى يوم القيامة.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الإمام والخلفاء:
الإمام والمنصور:
لقد عانى أهل البيت من بني العباس قسوة شديدة ما شهدوها حتى في العهد الأموي وإن كان العهد الأموي عهد ظلم وتسلط وتعسف وقتل وتشريد. ولكن بني العباس فاقوا هذا العصر بعدائهم الشديد لأهل البيت فكان عهد المنصور من أشد العصور عداء وقتلاً وتشريداً وحبساً ومصادرة للأموال بل كان يتفنن في قتل أهل البيت فكان يبني عليهم البناء وهم أحياء، وإذا كان المنصور لم يتعرض للإمام موسى (ع) فلم يسلم من جعله تحت المراقبة والتجسس عليه إلى أن مات المنصور.
الإمام (ع) ومحمد المهدي:
كان موقف المهدي من بني هاشم والإمام أخف من موقف أبيه، كان ذلك سياسة يبتغي منها ترسيخ خلافته وإظهارها بمظهر العدل والصلاح ولذلك أطلق سراح السجناء من الطالبين وغيرهم ورد عليهم أموالهم ومنها ما أخذ من أموال الإمام الصادق (ع) فردت على الإمام موسى الكاظم (ع) ولكن المهدي لم يكن يخفي مخاوفه وكراهيته للهاشميين وللإمام موسى بن جعفر بالذات لذلك أحضره من المدينة إلى بغداد وزجه في السجن ولكن الإمام خرج من السجن بعد رؤيا رآها المهدي فقد رأى أمير المؤمنين (ع) في المنام وهو يقول له: يا محمد {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} محمد:22
ففزع المهدي وقام من نومه وأطلق سراح الإمام. وعاد (ع) إلى مدينة جده الرسول.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الإمام (ع) ومحمد المهدي:
كان موقف المهدي من بني هاشم والإمام أخف من موقف أبيه، كان ذلك سياسة يبتغي منها ترسيخ خلافته وإظهارها بمظهر العدل والصلاح ولذلك أطلق سراح السجناء من الطالبين وغيرهم ورد عليهم أموالهم ومنها ما أخذ من أموال الإمام الصادق (ع) فردت على الإمام موسى الكاظم (ع) ولكن المهدي لم يكن يخفي مخاوفه وكراهيته للهاشميين وللإمام موسى بن جعفر بالذات لذلك أحضره من المدينة إلى بغداد وزجه في السجن ولكن الإمام خرج من السجن بعد رؤيا رآها المهدي فقد رأى أمير المؤمنين (ع) في المنام وهو يقول له: يا محمد {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} محمد:22
ففزع المهدي وقام من نومه وأطلق سراح الإمام. وعاد (ع) إلى مدينة جده الرسول.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الإمام (ع) والهادي:
سلك موسى الهادي مسلك سلفه في الخلافة العباسية من الظلم والقسوة والشدة على الناس وإرهابهم والتضييق عليهم وخاصة الهاشميين، وذلك هو الذي دعاهم للثورة عليه بقيادة الحسين بن علي صاحب فخ وكان ذلك سنة 169 هـ وفي عهد الإمام موسى .
واقعة فخ:
تعتبر واقعة فخ كربلاء الثانية، وذلك لما جرى فيها من الوحشية والقسوة مع أهل البيت وهم قلة قليلة وقد روي أن النبي (ص) مر بفخ فصلى ركعتين فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة فلما رأى الناس النبي يبكي بكوا فلما انصرف قال ما يبكيكم قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله (ص). قال: نزل علي جبرائيل لما صليت الركعة الأولى فقال: يا محمد إن رجلاً من ولدك يقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين. أبو الفرج الأصفهاني/مقاتل الطالبين ص436 وفخ بئر بينه وبين مكة فرسخ تقريباً.
وقد خرج مع الحسين بن علي بن الحسن كثير من الطالبيين ثائرين على الهادي وعلى عامله في المدينة لما أظهره من تعسف وظلم وإيذاء لأهل البيت فقد كان يستعرضهم كل يوم بالحضور عنده. وقد استولوا على المدينة وهرب عامل الهادي وسار الحسين صاحب فخ إلى مكة ليدعو الناس إليه فالتقى بجيش الهادي واشتبكوا في معركة حامية ولما لم يكن هناك تكافؤ بين الجيشين فقد قتل أصحاب الحسين وقتل هو في أبشع مجزرة في التاريخ بعد كربلاء ولذلك سميت كربلاء الثانية. وانعكست آثار هذه الثورة على الإمام موسى الكاظم فقد كان الخليفة موسى الهادي يعتقد أن الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ قد خرج عن أمر الإمام واتبع محبته ورضاه. لأنه كان يعرف أن الإمام موسى بن جعفر هو صاحب الحق الشرعي وصاحب الوصية في أهل البيت ولذلك راح يتوعد الإمام ويتهدده بالقتل ولكن الإمام لم تفزعه هذه التهديدات ولا ما يفعله الهادي معه، وقد ذكر علي بن يقطين وهو من خواص الإمام موسى بن جعفر فقال: أنهي الخبر إلى أبي الحسن موسى بن جعفر وعنده جماعة من أهل بيته بما عزم عليه موسى الهادي في أمره فقال لأهل بيته: ما تشيرون؟ قالوا: نرى أن تتباعد عنهم وأن تغيب شخصك منه فإنه لا يؤمن شره. فابتسم أبو الحسن موسى بن جعفر (ع) ثم قال:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغالب الغلاب
ثم رفع يديه إلى السماء فقال: اللهم كم من عدو شحذ لي ظبة مديتة وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه. ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوايح، صرفت عني ذلك بحولك وقوتك، فألقيته في الحفير الذي احتفره لي خائباً مما أمله في دنياه، متباعداً مما رجاه في أخرته فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك.
ثم تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى بن المهدي.
وهكذا انتهى الصراع المبتدع من قبل هذا الخليفة من بني العباس ليبدأ صراعاً جديداً مع خليفة جديد وهو هارون الرشيد.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المأثور من حكمه و مواعظه:
قـال (ع): وجدت علم الناس في أربع، أولها أن تعرف ربك، والثانية أن تعرف ما صنع بك، والثالثة أن تعرف ما أراد منك، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك.
وقال (ع): المعروف غل لا يفكه إلا مكافأة أو شكر.
وقال (ع): لو ظهرت الآجال افتضحت الآمال.
من ولده الفقر أبطره الغنى.
من لم يجد للإساءة مضضاً لم يكن للإحسان عنده موقع.
ما تسَابَّ اثنان إلا أنحط الأعلى إلى مرتبة الأسفل.
وقال (ع): إياك أن تمنع في طاعة الله فتنفق مثليه في معصية الله.
وقال (ع): اشتدت مؤنة الدنيا والدين. أما مؤنة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجراً قد سبقك إليه، وأما مؤنة الآخرة فإنك لا تجد أعواناً يعينونك عليه.
ومن المستحسن قراءة وصية الإمام موسى بن جعفر لهشام بن الحكم فإنها وصية جامعة ونافعة فيها الكثير من المواعظ والحكم البليغة والتي هي محل حاجة وهي من صميم الواقع الإنساني وتتلاءم مع كل عصر وجيل.
الموضوع نقلا عن كتاب الهداية لسماحة اية الله السيد علي مكي العاملي
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
عظم الله أورنا وأجوركم بذكرى استشهاد راهب آل محمد
الإمام موسى بن جعفر (ع)
رزقنا الله في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعته
توقيع ماهرالصندوق
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** وتوجهي وعن الكرام أئمتي
أنا بالنبي محمد متعلق *** وبشطه أرسيت حمل سفينتي
وأبو تراب مفزعي وهو الوقا *** يوم الحساب إذا نشرت صحيفتي
وبفاطم أرجو الجواز على الصرا*** ط إذا ذنوبي أثرت في مشيتي
وإذا الجنان أبين أن يفتحن لي *** فأبو محمد الزكي وسيلتي
وبسيد الشهداء أرجو رفعة *** في جنة قد أزلفت للشيعة