اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
روي عن الإمام الصادق أنّه قال لبعض تلاميذه: أيّ شيءٍ تعلّمت منّي قال له: يا مولاي ثمان مسائل، قال : قصّها عليَّ لأعرفها قال:
الأولى: رأيت كلّ محبوب يفارق محبوبه عند الموت فصرفت همّي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني في وحدتي، وهو فعل الخير. قال: أحسنت والله.
الثانية: قد رأيت قوماً يفخرون بالحسب وآخرين بالمال والولد، وإذا ذلك لا فخر فيه ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾، فاجتهدت أن أكون عند الله كريماً قال : أحسنت والله.
الثالثة: قد رأيت الناس في لهوهم وطربهم، وسمعت قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتّى استقررت على طاعة الله تعالى. قال: أحسنت والله.
الرابعة: رأيت كلّ من وجد شيئاً يكرَم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله تعالى ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾، فأحببت المضاعفة ولم أر أحفظ ممّا يكون عنده؛ فكلّما وجدت شيئاً يُكرم عنده وجّهت به إليه ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي. قال: أحسنت والله.
الخامسة: قال رأيت حسد الناس بعضهم لبعض، وسمعت قوله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾، فلمّا عرفت أنّ رحمة الله خير مما يجمعون ما حسدت أحداً، ولا أسفت على ما فاتني قال: أحسنت والله.
السادسة: قال: رأيت عداوة الناس بعضهم لبعضٍ في دار الدنيا، والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾، فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره. قال: أحسنت والله.
السابعة: قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾، فعلمت أنّ وعده حق، وقوله تعالى صدق فسكنت إلى وعده ورضيت بقوله، واشتغلت بما له عليَّ عما لي عنده. قال أحسنت والله.
الثامنة: قال: رأيت قوماً يتّكلون على صحّة أبدانهم وقوماً على كثرة أموالهم وقوماً على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾، فاتّكلت على الله وزال اتّكالي عن غيره.
قال له: "والله إنّ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وسائر الكتب ترجع إلى هذه المسائل".