اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد..
لقد ولد الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام في حياة جده الرّسول الأكرم، محمد «»، وبالذات في النصف من شهر رمضان المبارك، من السنة الثالثة للهجرة النبوية، على المشهور.. وعاش في كنف جده المصطفى «» سبع سنوات من عمره الشريف، وكانت تلك السنوات على قلتها، كافية لأن تجعل منه الصورة المصغرة عن شخصية الرسول الأكرم «»، حتى ليصبح جديراً بذلك الوسام العظيم، الذي حباه به جده، حينما قال له ـ حسبما روي:
«أشبهت خلْقي وَخُلُقي».
وقال المحقق العلامة الأحمدي: «أضف إلى ذلك ما لصحبة العظماء من الأثر الروحي على الإنسان، فمن عاشر كبيراً، وصاحب عظيماً، فيشرق عليه من نوره، ويلفح عليه من عطره المعنوي ما تَغْنى به نفسه، وتسمو به ذاته.. وقد ألمحت الأحاديث الكثيرة الواردة في العِشْرة، واختيار الصديق إلى هذا المعنى، وأشار أمير المؤمنين «» إلى صحبته لرسول الله «» في خطبته القاصعة، فقال: «ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به الخ..».
أضف إلى ذلك: أنه «» قد نحل الحسنين «عليهما السلام» نحلة سامية، حينما قال: « أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جودي وشجاعتي»
• كان الإمام الحسن «» قمّة في البلاغة والفصاحة، وكلامه دليل على ذلك، ومن تلك الروايات التي تدل على ذلك:
1ـ عن جنادة بن أبي أميّة قال : دخلت على الحسن ( ) في مرضه الذي توفّي فيه ، فقلت له : عظني يا بن رسول الله ؟
قال «» : «نعم يا جنادة، استعدَّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوّتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك.
واعلم أنّ الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فَأَنزِلِ الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك، فإن كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر، فأخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن كان العقاب فالعقاب يسير .
واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ.
وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب مَن إذا صحبته زانك، وإذا أخذت منه صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدَّقك، وإن صلت شدّ صولتك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت منك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتَ عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمّات واساك، مَن لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسماً آثرك».
2ـ قال «» في بيان إبطال الجبر والتفويض: «من لا يؤمن بالله وقضائه وقدره فقد كفر، من حمل ذنبه على ربّه فقد فجر، إنّ الله لا يُطاع استكراهاً، ولا يعطي لغلَبه لأنّه المليك لما ملَّكهم، والقادر على ما أقدرهم، فإن عملوا بالطاعة لم يَحُل بينهم وبين ما فعلوا، فإذا لم يفعلوا فليس هو الذي يجبرهم على ذلك.
فلو أجبر الله الخلق على الطاعة لأسقط عنهم الثواب، ولو أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب، ولو أنّه أهملهم لكان عجزاً في القدرة، ولكن له فيهم المشيئة التي غيَّبها عنهم، فإن عملوا بالطاعات كانت له المنّة عليهم، وإن عملوا بالمعصية كانت له الحجّة عليهم».
• أما عن حب رسول الله «» له «»، فهو ظاهر وبيّن من خلال عدة أحداث أنقل منها:
قال رجل : خرج علينا رسول الله «» لصلاة العشاء وهو حامل حسناً «».
فتقدم رسول الله «» للصلاة، فوضعه «» ثم كَبَّر و صلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة فأطالها، قال : فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله «» و هو ساجد فرجعت إلى سجودي.
فلما قضى رسول الله «» صلاته فقال الناس: يا رسول الله إنَّك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتَها، حتى ظنَنَّا أنه قد حدث أمر وأنه يُوحَى إليك.
فقال «»: «كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أُعجله حتى ينزل».
و روي أن النبي «»، قال في حديث له: «لو كان العقل رجلاً لكان الحسن».
• ورأيه «» في السياسة حين سأله أحدهم:
فقال «»: «هي أن تراعي حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات. فأما حقوق الله، فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهى. وأما حقوق الإحياء، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك، ولا تتأخر عن خدمة أمتك، وأن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السوي. وأما حقوق الأموات، فهي أن تذكر خيراتهم، وتتغاضى عن مساوئهم، فإن لهم رباً يحاسبهم».
مبارك لكم ولادة سبط النبي «» وسيد الشهداء الإمام الحسن بن علي«عليهما السلام»..
وحشرنا الله معهم يوم القيامة..
أخوكم في الله..
السيد المستبصر..