[جارية العترة]

مع اصرار الكنيسة البروتستانتية المتطرفة في الولايات المتحدة والتي تُدعى "كنيسة دوف التبشيرية" على مشروعها الداعي الى حرق القرآن الكريم في ذكرى هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
انضم الرئيس الاميركي باراك اوباما الى جوقة المنددين باحراق نسخ من القرآن الكريم،معتبرا هذه الخطة "مدمرة وخطيرة" وقد تثير موجة عنف.
وقال اوباما في مقابلة مع شبكة "اي بي سي" انها "مبادرة مدمرة وتناقض بشكل كامل قيم اميركا".
واضاف اوباما "بصفتي قائدا اعلى للقوات المسلحة الاميركية ارغب في القول (للقس جونز المسؤول عن هذا العمل الدنيء) ان هذه الخطة التي يتحدث عنها تعرض فعلا للخطر شباننا ونساءنا الذين يؤدون الخدمة العسكرية في العراق وافغانستان".وقال "ان ذلك سيؤدي الى تجنيد اعداد كبرى لحساب شبكة القاعدة".
وحذر الرئيس الاميركي ايضا من انه "قد تحصل اعمال عنف خطيرة في اماكن مثل باكستان او افغانستان. ذلك سيؤدي الى تكثيف تجنيد اشخاص مستعدين لتفجير انفسهم في مدن اميركية او اوروبية".
ومن جانبها أمرت وزارة الخارجية الأميركية السفارات الأميركية حول العالم بمراجعة استعداداتها الأمنية تحسبا لأعمال عنف إن مضى القس المتطرف المعادي للاسلام تيري جونز بمشروعه الذي قال إنه يتمسك به رغم ما اعتبرها ضغوطا رسمية، ورغم تنديدات رجال السياسة والدين المتزايدة . وأمرت الخارجية الأميركية السفارات بإنشاء لجان طوارئ تحسبا لأعمال عنف، وأوصتها بتحذير المواطنين الأميركيين في البلدان التي قد تحدث فيها احتجاجات .

كذلك حذرت نشرة استخبارية لوكالة المباحث الفدرالية صدرت الشهر الماضي من أن حرق المصحف الشريف قد تتبعه "هجمات انتقامية ضد المصالح الأميركية في الخارج".

وأعلن تيري جونز (58 عاما) - وهو أسقف الكنيسة في فلوريدا- في مؤتمر صحفي أمس أنه "تلقى التشجيع لرفضه الانصياع للضغوط، وأن مؤيديه يرسلون مصاحف لإحراقها"، وأنه لم يقتنع "حتى الآن" بأن التراجع هو الصواب، وإن كان يأخذ بجدية - حسب قوله - تحذيرات قادة عسكريين أبلغوه أن عمله قد يهدد الجنود الأميركيين في مناطق عدة، لكنه تلقى أيضا رسالة من جندي أميركي أبلغه أن العسكريين الأميركيين في الميدان يؤيدونه تماما .

كما قال لـ(سي إن إن) إن كنيسته تدرك أن الخطوة ستكون هجومية خاصة بالنسبة للمسلمين. واعتبرها رسالة تستهدف "العنصر الأصولي" لا المعتدلين . وقال جونز -الذي وصف سابقا الإسلام بأنه "من عمل الشيطان"- إنه تلقى مائة تهديد بالقتل وهو ما جعله يرتدي سترة واقية من الرصاص منذ أطلق في يوليو/تموز الماضي حملة "اليوم الدولي لحرق القرآن". وينوي جونز الإقدام على عمله نهاية الأسبوع بالتزامن مع الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول ومع عيد الفطر .
ردود فعل شاجبة .....
وتوالت ردود الفعل العالمية التي تستنكر اصرار القس الاميركي على حرق نسخ من المصحف الشريف في ذكرى هجمات 11 سبتمبر 2001م، ودعت العديد من المنظمات والهيئات الى مواجهة هذا الاجرام ضد الكتاب الشريف.
فقد دعا الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو نظيره الاميركي باراك اوباما الى منع القس من تنفيذ دعوته الى احراق المصحف الشريف. وقال المتحدث باسم الرئاسة الاندونيسية توكو فايزاسياه ان الرئيس الاندونيسي وجه رسالة الى نظيره الاميركي في هذا الصدد. واضاف ان "الرئيس يودويونو كتب في الرسالة ان اندونيسيا والولايات المتحدة تبنيان علاقات وتمدان الجسور بين العالم الغربي والاسلام. واذا حصل احراق المصاحف فان هذه الجهود ستكون عديمة الجدوى". وتابع ان "الدعوة لاحراق مصاحف تثير قلقا شديدا لان ذلك قد يؤدي الى نزاع بين الاديان".
كذلك ادانت الكويت بشدة خطط كنيسة اميركية متطرفة لاحراق المصاحف لمناسبة. فيما دعا نواب كويتيون الى التحرك معبرين عن سخطهم الشديد. ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن مصدر مسؤول قوله ان "مثل هذه الدعوة الشاذة لا تتفق أبدا والحرص على تجسيد روح التسامح التي تدعو اليها شريعتنا السمحاء كما انها تعد تطاولا على عقيدتنا وعلى قيم الاحترام المتبادل للعقائد السماوية". كما اعتبر ان هذه الدعوة تعد "مساسا صارخا بمشاعر المسلمين في ارجاء الارض ونسفا لكل الجهود الانسانية الخيرة الهادفة الى دعم وتعزيز حوار الحضارات بين الامم والشعوب لينعم العالم بالامن والسلام والطمأنينة بعيدا عن التعصب والفرقة والعنف". وذكر المصدر ان الكويت طلبت من سفيرها في واشنطن وفي الامم المتحدة العمل مع باقي سفراء الدول الاسلامية "لاتخاذ الخطوات العملية الهادفة الى ضمان احترام تعاليم الشريعة الاسلامية السمحاء وعدم الاساءة الى مقدساتنا وعقيدتنا".
مملكة البحرين استنكرت خطط الكنيسة الصغيرة في فلوريدا واعتبرت ما تنوي فعله "اهانة خطيرة لكتاب الله العزيز والأمة الاسلامية جمعاء". ودعت المملكة في بيان صادر عن وزارة الخارجية الى الضغط على الكنيسة "لوقف هذا العمل المشين", مؤكدة ان "مثل هذه الخطوات من شأنها زيادة التوتر وحملات التحريض التي تشن ضد الاسلام والمسلمين".
وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من مغبة اعلان احد القساوسة الاميرکيين احراق نسخ من المصحف الشريف. وقال فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم الامين العام "ان بان كي مون يشعر بالقلق الشديد من انعكاسات ذلك العمل"، مشيرا الى ان حرية التعبير يجب الا تنطوي على الاساءة لاديان او معتقدات الاخرين.

واعرب ستافان دي مستورا الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في افغانستان، عن القلق البالغ والغضب بشان اعلان احد القساوسة في ولاية فلوريدا عزمه على حرق نسخ من المصحف الشريف. وقال الممثل الخاص للامين العام ان تلك الاعمال تهدد جهود الكثيرين من الافغان والاجانب الذين يحاولون مساعدة افغانستان على ايجاد سبيلها الى السلام والاستقرار في اطار ثقافتها وتقاليدها ودينها.


وفي مصر، استنكر البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية دعوة القس الاميركي تيري جونز بحرق المصحف الشريف. وقال البابا "ان ما يعتزم القس الاميركي القيام به يدل على انه ليس رجل دين ولا عنده عقل ولا عنده روح طيبة". واضاف انه بهذه المعاملة يخسر الاخرين، ويعطي فكرة سيئة جدا عن كنيسته، ونشكر الرب ان كنيستنا بالولايات المتحدة الاميركية تسلك بروحانية وبعيدة جدا عن هذا الاتجاه الذي يسلكه القس الاميركي الذي يملا قلبه الحقد والكراهية وعدم احترام الاخرين، ونطلب من الله ان يعطيه روح التوبة.

كما دعت الامانة العامة لاتحاد الاطباء العرب، الحكومات العربية والاسلامية الى اتخاذ موقف جريء ينتصر للمصحف الشريف امام دعوات الارهاب والتطرف والعنصرية، الداعية الى حرق المصحف الشريف. وقالت الامانة - في بيان لها - ان الدعوى تنم عن تطرف الداعين لحرقه وعدم ادراكهم لتداعيات فعلتهم الشنيعة. واكدت الامانة العامة تثمينها للمواقف الرافضة لدعوى حرق المصحف سواء من المؤسسات والقيادات الدينية المسيحية واليهودية في الولايات المتحدة والغرب، ومعلنة في الوقت ذاته اتفاقها مع موقف الازهر الشريف بان القران الكريم كان خالدا منذ القرون الماضية، وسيبقى كذلك الى يوم القيامة، وان دعوة القس الاميركي انما هي ناجمة عن جهله للدين الاسلامي الحنيف، وتعتبر اهانة للاديان الاخرى ورفض الكتب السماوية.

وفي ألمانيا قال القس ستيفان ألباروهز زعيم كنيسية إنجيلية ألمانية أسسها جونز نفسه بمدينة كولونيا بغرب ألمانيا في الثمانينيات، إنه "مصدوم ومفاجأ" بموقف جونز، لكنه لا يتوقع له أن يرضخ للضغوط ويتراجع عن قراره.

اما في لبنان, فقد اعتبر المجلس الأعلى للروم الكاثوليك في لبنان أن "العمل الجبان والمستهجن الذي تنوي إحدى المجموعات الدينية المتطرفة في الولايات المتحدة الأميركية القيام به من خلال حرق نسخ عن القرآن الكريم. بعيد عن تعاليم المسيحية التي تدعو إلى المحبة والتسامح والعدالة والحوار". واكد المجلس "أن المسيحية براء من هذا العمل المدان الذي يقف وراءه أشخاص مشبوهون هدفهم الإساءة إلى المسيحية والإسلام معا".

كذلك حذر رئيس المجلس العام الماروني في لبنان الوزير السابق وديع الخازن من "دعوة القس الأميركي تيري جونز إلى إحراق مصاحف لإشعال فتن مسيحية- إسلامية جديدة في العالم". وقال "لم يبق مسؤول من داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها ولا في العالم المسيحي.إنطلاقا من حاضرة الفاتيكان. إلا ودان دعوة رئيس كنيسة في فلوريدا القس تيري جونز إلى إحراق مئتين من مصاحف القرآن". أضاف "هذا القس الذي استغل مأساة عالمية وبعض الخارجين عن تعاليم الدين الإسلامي هو بمثابة دس صهيوني لإشعال فتن متنقلة بين المسيحيين والمسلمين في أرجاء القارات".

وطالب مفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران "الحبر الاعظم رأس الكنيسة في العالم. ان يعمل لايقاف حرق القرأن من قبل القس المعمداني الاميركي تيري جونز", معتبراً ان "هذا العمل الاحمق يعود على المسلمين والمسيحيين بأمر قد لا تحمد عقباه من قبل متطرفين يردون عليه".
المصدر