اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مادح آل البيت(ع)
على عكس المتسولين الذين اتخذوا من حمى الإمام الرضا(ع) وحرمه غطاء ومظلة للاستجداء، كان لهما وسيلتهما الخاصة ونكهتهما المميزة تلفت إليهما الأنظار، فيأخذان بمجامع القلوب والأبصار.
طيران صغيران حجما، وكبيران عمرا، متآلفان وملتصقان ببعضهما. تشعر وأنت تنظر إليهما كأنهما قد خلقا من نفس واحدة، ولديهما شيم وحميمية الطيور، التي لا تستطيع العيش بعد فقد وليفها وموته، فتبقى في حسرة وكمد حتى تلتحق به.
يمشيان على نسق واحد بطئ، كما تتحرك السلاحف تنقل قدم بعد قدم. لا يتقدم أي منهما على الآخر، كأنهما جوز من طيور الكناري.
أول ما يلفت النظر إليهما تلك الثياب البالية والأثرية التي لم يعد احد يرتديها، كأنما خرجا للتو من متحف للآثار. أو أنهما احد أفراد أهل الكهف، أرسله أصحابه للبحث عن الطعام. وصفحت وجهيهما الصغيران لا تتعدى حجم يد طفل صغير، قد طلقتهما الابتسامة والضحكة وخلفت ورائها شوارع متقاطعة من التجاعيد، كأنها ارض قاحلة نسيها المطر والغيث، فخلفاها للجفاف والقحط. لا يمدان يدا إلى احد، ولا يستجديان أحدا، ويتركان الأمر لك لتبحث في داخلك عن هدفهما.
لكثرة الشعر الأبيض على عينيهما، كأنه وشاح من الجليد ممتد عبر القطب المتجمد، لا تتمكن من معرفة هل هما يبصران أم فاقدان للنظر، كالخفافيش تطير في الظلام رغم فقدها للرؤية!
كان ذلك خلال عيد الفطر المبارك، والزائرين للإمام(ع) من داخل إيران وخارجها بالآلاف إن لم يكونوا بالملايين - على غير العادة - وهما يمشيان في خط مستقيم، دون إن يصطدما في أحدا من المارة، أو في المعالم التي حولهما، كأنهما قد خبرا الطريق حجر بعد حجر لكثرة مرورهما عليه، كقطار يتحرك على قضبان سكة حديد لا يخطأ طريقه. كأنما لا ينتظرهما احد ولا يتوقعان قدوم احد، كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
هي تمسك ببعض الغلة في يدها، بعد وضع أكثرها في مكمن لا يرى من بين ثيابها. وهو يحمل على احد كتفيه مكبر صوت صغير وبيده لاقطة، ومع اختلاف اللغة وصعوبة النطق، يتبين لك إذا ركزت السمع انه يمدح آل البيت .
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية