اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن أعدائهم .
من كلمات الأئمة في الإمام المهدي
من الملفت في هذا المجال أن نجد أن الأئمة كانوا في طليعة المعبرين عن مشاعرهم وحبهم للإمام المهدي قبل ولادته ، إيماناً بوعد النبي به ، وتطلعاً إلى ولدهم الموعود ، وما سيحققه الله تعالى على يده .
ونكتفي من ذلك بذكر كلمات عن الإمام علي والإمام الصادق عليهما السلام .
قال أمير المؤمنين :
(ألا إن مثل آل محمد ، كمثل نجوم السماء: إذا خوى نجم طلع نجم . فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون ). (نهج البلاغة خطبة 100 ) .
وقال فانظروا أهل بيت نبيكم ، فإن لبدوا فالبدوا ، وإن استنصروكم فانصروهم . فليفرجن الله بغتةً برجل منا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء ، لا يعطيهم إلا السيف ، هرجاً هرجاً موضوعاً على عاقته ثمانية أشهر ، حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا )
( يعطف الهوى على الهدى ، إذا عطفوا الهدي على الهوى . ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي . وتخرج له الأرض أفاليذ أكبادها ، وتلقي إليه سلما مقاليدها . فيريكم كيف عدل السيرة . ويحيي ميت الكتاب والسنة) (خطبة 138) .
( قد لبس للحكمة جنتها ، وأخذ بجميع أدبها ، من الإقبال عليها والتفرغ لها ، فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها ، وحاجته التي يسأل عنها. فهو مغترب إذا اغترب الإسلام ، وضرب بعسيب ذنبه ، وألصق الأرض بجرانه . بقيةٌ من بقايا حجته ، خليفةٌ من خلائف أنبيائه ).(خطبة 182) .
عن سدير الصير في قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب مقصر الكمين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول:
سيدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وأسرت مني راحة فؤادي . سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما أحس بدمعة ترقأ من عيني ، وأنين يفتر من صدري..
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً وتصدعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة ، أو حلت به من الدهر بائقة ، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك ، من أي حادثة تستنزف دمعتك ، وتستمطر عبرتك ، وأيه حالة حتمت عليك هذا المأتم ؟!
قال: فزفر الصادق زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه وقال: ويلكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الذي خص الله تقدس اسمه به محمداً والأئمة من بعده وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته ، وإبطائه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم،وخلعهم ربقةالإسلام من أعناقهم، التي قال الله تقدس ذكره: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، الولاية ، فأخذتني الرقة ، واستولت علي الأحزان .
فقلنا: يا بن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم .
قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل، قدر مولده تقدير مولد موسى ، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى ، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلاً على عمره .
فقلت: إكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني .
قال: أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفاً وعشرين ألف مولد ، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه .
كذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله وإبادة نسله ، طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة ، إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وأما غيبة عيسى فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل ، وكذبهم الله عز وجل بقوله وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم فإن الأمة تنكرها لطولها .
وأما إبطاء نوح فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث الله عز وجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال: يانبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين . فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزهى الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والإجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به ، فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا: ولو كان ما يدعيه نوح حقاً لما وقع في وعد ربه خلف .
ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد أخرى، إلى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة ، إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلاً ، فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك ، حين صرح الحق عن محضه وصفي من الكدر ، بارتداد كل من كانت طينته خبيثة . .
قال الصادق : ( وكذلك القائم تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، ويصفوا الايمان من الكدر ) . (البحار:51/ 219 – 222) .