اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
عدوة محتلة
لم تكن الأبواب مشرعة ولا الطرق ممهدة، ولا من عادة الناس ترك أملاكهم ملجأ للفارين ولا مكمن للمجرمين.
لكن جرأتها لا حدود لها، وحيائها لا قيد له. فلم ترعى حرمة الأملاك الشخصية، ولا الخصوصية الفردية. فتسللت من فوق الجدران، مبتعدة عن الطرق السليمة ودخول البيوت من أبوابها، والأخلاق الكريمة إذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا.
دخلت على حين غرة وغفلة من أهل الدار، كما يفعل العتاة والمردة، دون إذن ودون دعوة واستقبال، دخول عدو غاشم غازي محتل. فاتخذت لها مكانا شماليا، لسعته ولقلة رواده. فتمكنت وتربعت تربع الملكة على عرشها ودولتها، فصارت تعربد ذهابا وإيابا دون اكتراث لأحد.
كلما اتخذت الإجراءات لطردها والتخلص منها، كانت بالمرصاد لمن لديه الجرأة للوقوف في وجهها. فترجع أقوى مما كانت، وتزداد بالمكان تمسكا وتعلقا، حتى جاءها المخاض عند جذع النخلة، فأضافتها وما حولها لمختصاتها، بحجة حماية الشجرة من الفساد.
بهذا المولود التعس دخلت المواجهة منحا آخر واتجاها آخر، حيث تقرر التخلص منها ومن طفلتها نهائيا، قبل تمددها وتمدد أطرافها وتعديها القوانين والأعراف باحتلال كامل المكان.
أقيمت المتاريس وجمعت القوات حتى تمت محاصرتها، فلم يكن لها منجى إلا الفرار بجلدها.
خلال عملية الجلاء لم تتبعها ابنتها، بل اختبأت تحت محرك احد السيارات الموجودة في الجوار.
انقلبت إلى وحش مفترس، تعوي كذئب مكلوم وتأن كأم فاقدة.
أصرت على البقاء والمقاومة، رغم كل الضغوط والضيق الذي أحاط بها.
رفضت الطفلة الخروج من مكمنها، وامتنعت من المغادرة إلا بابنتها.
لم تجدي كل محاولاتها نفعا، فاستعانت بجهات خارجية ومخبرين ومفتشين من بني جنسها. قاموا بمسح كامل للمكان، وفتشوا السيارة وتشمموها بطنا وظهرا. بقوا مرابطين حول الموقع، على أمل حصول مستجدات ينفرج بها الموقف.
بقيت مستيقظة تصطرخ، مزعجة الجوار منادية بالويل والثبور وعظائم الأمور. لم يجدوا أثرا لتلك الطفلة، وفقدت الأمل فغادرة مرغمة.
بعد أيام برزت البنت من مكمنها، فانتشت وأبرزت عضلاتها متحدية ومستعدة للمواجهة. بل أخذت موقعها على احد كراسي الحوش، تتمدد كما يتمدد ذوي الجاه والثروة، في تحدي صارخ، ودعوة للنزال والمواجهة.
من هي تلك الماكرة الغادرة، أتكون قطة متوحشة، أم عدوة محتلة؟