من استدلال الأئمة (عليهم السلام) على وجود الله تعالى
بتاريخ : 20-May-2011 الساعة : 03:22 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
من استدلال الأئمة () على وجود الله تعالى
1- جاء رجل من الزنادقة الى الإمام الرضا()فقال له:«رحمك الله أوجدني كيف هو وأين هو؟ فقال: ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط ، هو أيَّنَ الأيْنَ بلا أين وكيَّفَ الكيفَ بلا كيف ، فلا يُعرف بكيفوفية ولا بأينونية ، ولا يُدرك بحاسة ، ولا يُقاس بشئ ! فقال الرجل: فإذاً إنه لا شئ ، إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ! فقال أبو الحسن(): ويلك ! لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته؟! ونحن إذ عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شئ من الأشياء ! قال الرجل: فأخبرني متى كان؟قال أبو الحسن: أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان! قال الرجل: فما الدليل عليه؟فقال أبو الحسن: إني لما نظرت إلى جسدي ولم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ، ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه ، علمت أن لهذا البنيان بانياً فأقررت به. مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم ، وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات، علمتُ أن لهذا مقدراً ومنشئاً». (الكافي:1/78) .
2- عن أحمد بن محسن الميثمي قال: كنت عند أبي منصور المتطبب فقال: أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق ، وأومأ بيده إلى موضع الطواف ، ما منهم أحد أُوجِبُ له إسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس ، يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) . فأما الباقون فرعاع وبهائم !
فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف أوجبتَ هذا الإسم لهذا الشيخ ، دون هؤلاء؟
قال: لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم ! فقال له ابن أبي العوجاء: لابد من اختبار ما قلت فيه منه! قال فقال ابن المقفع: لا تفعل فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك . فقال: ليس ذا رأيك ، ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت !
فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت عليَّ هذا فقم إليه ، وتحفظ ما استطعت من الزلل ، ولا تثني عنانك إلى استرسال فيسلمك إلى عقال !وسِمْهُ مالك أو عليك.
قال فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين، فلما رجع إلينا ابن أبي العوجاء قال: ويلك يا ابن المقفع ما هذا ببشر! وإن كان في الدنيا روحانيٌّ يتجسد إذا شاء ظاهراً ، ويتروَّح إذا شاء باطناً، فهو هذا !
فقال له: وكيف ذلك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء ، وهو على ما يقولون ، يعني أهل الطواف ، فقد سلموا وعطبتم ، وإن يكن الأمر على ما تقولون ، وليس كما تقولون ، فقد استويتم وهم !
فقلت له: يرحمك الله وأي شئ نقول وأي شئ يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحداً ! فقال: وكيف يكون قولك وقولهم واحداً ، وهم يقولون: إن لهم معاداً وثواباً وعقاباً ، ويدينون بأن في السماء إلهاً ، وأنها عمران. وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد ! قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه إن كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لايختلف منهم اثنان ! ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به ؟ فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نُشوءك ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك وحبك بعد بغضك ، وبغضك بعد حبك ، وعزمك بعد أناتك ، وأناتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهتك ، وكراهتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك... وما زال يُعدِّد عليَّ قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه!».(الكافي:1/74).
3 ـ قال محمد بن إسحاق:إن عبد الله الديصاني(ملحد معروف)سأل هشام بن الحكم فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى ، قال أقادرٌ هو ؟ قال: نعم قادر قاهر. قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ قال هشام: النظرة(أي أمهلني)فقال له: قد أنظرتك حولاً ، ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد الله(الإمام الصادق())
فاستأذن عليه فأذن له فقال له: يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك، فقال له أبو عبدالله():عن ماذا سألك؟فقال قال لي:كيت وكيت، فقال أبو عبد الله():يا هشام كم حواسك؟ قال خمس. قال: أيها أصغر؟ قال الناظر، قال: وكم قدر الناظر قال: مثل العدسة أو أقل منها . فقال له: يا هشام ! فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى ، فقال: أرى سماء وأرضاً ودوراً وقصوراً وبراري وجبالاً وأنهاراً . فقال له أبو عبد الله(ع): إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة ، لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة ! فأكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي يا ابن رسول الله ، وانصرف إلى منزله .
وغدا عليه الديصاني فقال له: يا هشام إني جئتك مسلِّماً ولم أجئك متقاضياً للجواب، فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضياً فهاك الجواب، فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله() فاستأذن عليه فأذن له ، فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد دُلَّني على معبودي.فقال له أبو عبد الله: ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له: عبد الله ، كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد؟ فقالوا له: عد إليه وقل له يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك .
فرجع إليه فقال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ولا تسألني عن إسمي .فقال له أبو عبدالله(): أجلس ، وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال له أبو عبد الله: ناولني يا غلام البيضة فناوله إياهافقال له أبو عبدالله(): يا ديصاني، هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها ، لا يدري للذكر خلقت أم للأنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبراً؟! قال: فأطرق ملياً ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأنك إمام وحجة من الله على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه» (الكافي:1/79).