الحلقة 18 - على مائدة السحر - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الشــعـر والأدب :. ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم صفوان بيضون حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431

إضافة رد
كاتب الموضوع صفوان بيضون مشاركات 0 الزيارات 1754 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 224
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
افتراضي الحلقة 18 - على مائدة السحر
قديم بتاريخ : 11-Jun-2011 الساعة : 06:29 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


(18)
الأحد، 29 آب، 2010
++++++++++++++++++++++++++++++++

أعزائي المشاهدين
السلام عليكم .
أخي الصائم أختي الصائمة : قبل أن نبدأ محطاتنا من برنامجكم الرمضاني اليومي " على مائدة السحر "
نرفع أيدينا لندعو بدعاء اليوم التّاسع عشر :
اَللّـهُمَّ وَفِّرْ فيهِ حَظّي مِنْ بَرَكاتِهِ ، وَسَهِّلْ سَبيلي اِلى خَيْراتِهِ ، وَلا تَحْرِمْني قَبُولَ حَسَناتِهِ ، يا هادِياً اِلَى الْحَقِّ الْمُبينِ .


نبدأ بالمحطة : أسرار ليلة القدر في القرآن الكريم
إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
عندما انهمر فيض الوحي على قلب
الرسول في ليلة القدر في شهر رمضان ، وتنـزلت ملائكة الرحمة و الروح بالقرآن ، رسالة السلام ، وبشير الرحمة ، عندئذ خلد الله هذه المناسبة المباركة التي عظمت في السماوت و الارض ، وجعلها ليلة مباركة خيراً من ألف شهر .
إنها حقاً عيد الرحمة ، فمن تعرض لها فقد حظى بأجر عظيم !! فقال الله سبحانه: (إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)
وكذلك قال ربنا سبحانه: (إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/3-4)
كذلك نزل القرآن كله على قلب الرسول في تلك الليلة ، ثم نزل بصورة تدريجية طيلـة ثلاث و عشرين عاماً ، لتأخذ موقعها من النفوس ، وليكون كتاب تغيير يبني الرسول به أمة وحضارة ، ومستقبلاً مشرقاً للإنسانية .
وكذلك قال ربنا سبحانه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْانُ) (البقرة/185)
ومعروف أن القرآن تنـزل بصورته المعهودة في أيام السنة جميعاً ، فله إذاً نزلة أخرى جملة واحدة .
والسؤال : لماذا سميت هذه الليلة بليلة القدر؟
يبدو أن أهم ما في هذه الليلة المباركة تقدير شؤون الخلائق ، وقد استنبط اللفظ منه ، فهي ليلة الأقدار المقدرة ، كما قال ربنا : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) .
وقال بعضهم : بل لأنها ليلة جليلة القدر ، قد أنزل الله فيها كتاباً قديراً ، ولأن الذي يحييها يكون عند الله ذا قدر عظيم .
من ذا الذي يستطيع أن يدرك أبعاد تلك الليلة التي باركها الله لخلقه بالوحي ، وجعلها زماناً لتقدير شؤون العالمين ؟ من ذا الذي يدرك عظمة الوحي ، وجلال الملائكة ، ومعاني السلام الإلهي ؟ إنها ليست فوق الإدراك بصورة مطلقة ، ولكنها فوق استيعاب الإنسان لجميع أبعادها ، وعلى الإنسان ألا يتصور أنه قد بلغ علم ليلة القدر بمجرد معرفة بعض أبعادها ، بل يسعى ويسعى حتى يبلغ المزيد من معانيها ، وكلما تقدم في معرفتها كلما استطاع الحصول على مغانم أكبر منها .
(وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)
سبق القول من البعض : إن هذه الجملة وردت في القرآن لبيان أهمية الحقيقة التي تذكر بعدها .
بينما تترك الحقيقة مجملة إذا ذكرت عبارة وما يدريك .. هكذا قالوا ، واعتقد أن كلتا الجملتين تفيدان تعظيم الحقيقة التي تذكر بعدها .
كيف نعرف أهمية الزمان ؟
أليس عندما يختصر المسافة بيننا وبين أهدافنا ، فاذا حصلت في يوم على ميلون دينار ، وكنت تحصل عليه خلال عام أليس هذا اليوم خير لك من عام كامل ؟ كذلك ليلة القدر تهب للإنسان الذي يعرف قدرها ما يساوي عمراً مديداً ؛ ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر. وبتعبير أبلغ ؛ ألف شهر .
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
أجل الواحد منا مسمى عند الله ، وقد يكون قصيراً ، قد لا يبلغ الواحد منا معشار أهدافه فيه ، فهل يمكن تحدي هذا الواقع ؟ بلى ؛ ولكن ليس بالصورة التي يتخيلها الكثير، حيث يتمنون تطويل عمرهم ، وقليل هم الذين يحققون هذه الأمنية ، لأن عوامل الوفاة عديدة وأكثرها خارج عن إرادة الإنسان . فما هو إذاً السبيل الى تمديد العمر ؟ إنما بتعميقه ، ومدى الانتفاع بكل لحظة لحظة منه . تصور لو كنت تملك قطعة صغيرة من الارض ، ولا تستطيع توسيعها فكيف تصنع ؟ إنك سوف تبني طوابق فيها بعضها تحت الأرض وبعضها يضرب في الفضاء وقد تناطح السحب. كذلك عاش بعض الناس سنين معدودات في الأرض ، ولكنهم صنعوا عبرها ما يعادل قروناً متطاولة ؛ مثلاً عمر رسولنا الكريم لم يتجاوز الثلاث والستين ، وأيام دعوته ثلاث وعشرون عاماً منها ، ولكنها أبعد أثراً من عمر نوح المديد ، بل من سني الأنبياء جميعاً . وهكذا خص الله أمته بموهبة ليلة القدر ، التي جعلها خيراً من ألف شهر ، ليقدروا على تمديد أعمارهم في البعد الثالث (أي بعد العمق) ولعل الخبر المأثور عن رسول الله يشير الى ذلك ، فقد روي ان رسول الله أري أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته ألاّ يبلغوا من العمر مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر .
وفي حديث آخر ؛ أنه ذكر لرسول الله رجل من بني إسرئيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر ، فعجب من ذلك رسول الله عجباً شديداً ، وتمنى أن يكون ذلك في أمته ، فقال : يارب ! جعلت أمتي أقصر الناس أعماراً ، وأقلها أعمالاً . فأعطاه الله ليلة القدر ، وقال : (لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْر مِّن ألْفِ شَهْر) الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك من بعدك الى يوم القيامة في كل رمضان.
إنك قد تحيي ليلة القدر بالطاعة فيكتب الله اسمك في السعداء ، ويحرم جسدك على نار جهنم أبداً ، وذلك بما يوفقك له من إصلاح الذات إصلاحاً شاملاً . من هنا جاء في الدعاء المأثور في ليالي شهر رمضان مجموعة من البصائر التي تتحول بتكرار تلاوتها الى أهداف وتطلعات يسعى نحوها المؤمن بجد ومثابرة، ويجتهد في طلبها من ربه .
"اللهم اعطني السعة في الرزق ، والأمن في الوطن ، وقرة العين في الأهل والمال والولد ، والمقام في نعمك عندي ، والصحة في الجسم ، والقوة في البدن ، والسلامة في الدين ، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد أبداً ما استعمرتني ، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيباً في كل خير أنزلته وتنـزله في شهر رمضان في ليلة القدر".
وهكذا ينبغي أن يكون هدفك في ليلة القدر تحقيق تحول جذري في نفسك ، تحاسب نفسك بل تحاكمها أمام قاضي العقل ، وتسجل ثغراتها السابقة ، وانحرافاتها الراهنة ، وتعقد العزم على تجاوز كل ذلك بالندم من إرتكاب الأخطاء ، والعزم على تركها والالتجاء الى الله ليغفر لك ما مضى ويوفقك فيما يأتي .
وقد جاء في تأويل هذه الآية : أنها نزلت في دولة الرسول التي كانت خيراً من دول الظالمين من بني أمية ، حيث نقل الترمذي عن الحسن بن علي عليهما السلام : " أن رسول الله أري بني أمية على منبره فساءه ذلك ، فنـزلت (إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَر) يعني نهراً في الجنة ، ونزلت (إنَّا أنْزَلْنَا في لَيلة القَدْر وَمَا أدْرَاك مَا لَيْلة القَدْر * لَيْلَة القَدْر خَير مِّن ألْفِ شَهْر) يملكها بعدك بنو أمية" وكانت حكومة بني أمية ألف شهر لا تزيد ولا تنقص .
وهكذا فضيلة حكومة العدل وأثرها العظيم في مستقبل البشرية أكثر من ألف شهر من حكومة الجور .
لماذا أمست ليلة القدر خيراً من ألف شهر ؟
لأنها ملتقى أهل السماء بأهل الأرض ، حيث يجددون ذكرى الوحي ، ويستعرضون ما قدر الله للناس في كل أمر.
(تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ)
والكلمة أصلها تتنـزّل ، وصيغتها مضارع تدل على الاستمرار ، فنستوحي منها ؛ إن ليلة القدر لم تكن ليلة واحدة في الدهـر ، وإنما هـي في كل عـام مرة واحدة ، ولذلك أمرنا النبـي صلى الله عليـه وآلـه بإحيائهـا .
فقد جاء في الأثر عن رسول الله أنه لما حضر شهر رمضان - وذلك في ثلاث بقين من شعبان - قال لبلال : "ناد في الناس" فجمع الناس ، ثم صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أيها الناس ؛ إن هذا الشهر قد خصكم الله به ، وحضركم ، وهو سيد الشهور ، ليلة فيه خير من ألف شهر".
وروي عن الإمام أمير المؤمنين أنه قال لابن العباس : "إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينـزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله . فقال ابن عباس من هم ؟ قال : " أنا وأحد عشر من صلبي".
(وَالرُّوحُ)
ما هو الروح ؟
هل هو جبرائيل أم هم أشراف الملائكة ؟ أم هم صنف أعلى منهم وهم من خلق الله ، أم هو ملك عظيم يؤيد به أنبياءه ؟
استفاد بعضهم من الآية التالية ، أن الروح هو جبرئيل ، حيث قال (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَمِينُ). (الشعراء/193)
واستظهر البعض من الآية التالية ، أن الروح هي الوحي ، فإن الملائكة يهبطون في ليلة القدر به قال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا). (الشورى/52)
وجاء في حديث شريف ما يدل على أن الروح أعظم من الملائكة، فقد روي عن الإمام الصادق أنه سئل هل الروح جبرئيل ؟ فقال : جبرئيل من الملائكة ، والروح أعظم من الملائكة، أليس أن الله عز وجل يقول: (تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ).
وقد قال ربنا سبحانه : (وأيَّدَه بِروح مِّنْهُ) مما يدل على أن الروح هو ما يؤيد الله به أنبياءه .
ويبدو أن الروح خلق نوراني عظيم الشأن عند الله ، وأن الله ليس يؤيد أنبياءه به فقط ، وإنما حتى الملائكة ومنهم جبرائيل يؤيدهم به . وبهذا نجمع بين مختلف الاحتمالات والأدلة، والله العالم .
(فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم)
عظيمة تلك الليلة التي تتنـزّل الملائكة فيها ، وعظيمة لأن الأعظم منهم هو الروح يتنـزّل أيضاً ، ولكن لا ينبغي أن نتوجه الى عظمة الروح بعيداً عن عظمة الخالق سبحانه ، فإنهم عباد مكرمون ، مخلوقون مربوبون ، وليسوا أبداً بأنصاف آلهة ، وليس لهم من الأمر أي شيء ، ولذلك فإن تنـزّلهم ليس باختيارهم ، وإنما بإذن ربهم.

++++++++++++++++++++++
أترككم أيها المشاهدون الأعزاء مع الفقرة اليومية الرمضانية : " وقفة مع نهج البلاغة " .
+++++++++++++++++++++
كيف رأيتَ الله ؟
هل رأيت ربـَّك ؟ :
سئل الإمام علي بن أبي طالب (ع) : هل رأيت ربّك ؟ فقال : وكيف أعبدُ ما لا أرى !. قالوا : فكيف رأيتـه ؟. قال : " إنْ كانت العيون لا تراه بمشاهدة العَيان ، فإن القلوب تراه بحقائق الإيمان ". وكما قال الشاعر :
قلوبُ العارفينَ لها عيونٌ
ترى ما لا يُرى للناظرينا
وأجنحةٌ تطير بغير ريشٍ
إلى ملكوتِ رَبِّ العالمينا
اسمعوا إلى نور الهداية الربانية الإمام علي بن أبي طالب (ع) يقول :
" سبحان ربي لا يُدرك بالحواس ، ولا يُقاس بالناس . فوق كلِّ شيء وليس تحتــه شيء ، وهو في كلّ شيء ، لا كشيء في شيء ، { ليس كمثله شيءٌ ، وهو السميع البصير } . كلُّ شيء قائم به ، وكل شيء خاشع له ".
قصة ذِعلب اليماني :
يتبيّن مِن ذلِكَ أن الله ممتنع عن الرؤية بالحواس ، لأنه غير محدود ، ولكننا ندركه بالعقل والإيمان ، عن طريق آثاره ومخلوقاته .
عن الأصبغ بن نباتة قال : لما جلس علي (ع) في الخلافة وبايعه الناس ، خرج إلى المسجد متعمّماً بعمامة رسول الله (ص) لابساً بُردته ، متنعّلاً نعله ، متقلّداً سيفه . فصعد المنبر فجلس عليه متكئاً ، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ، ثم قال : " يا معشر الناس ، سلوني قبل أن تفقدوني . هذا سَفَط العلم ، هذا لُعاب رسول الله (ص) ، هذا ما زقَّني رسول الله زَقـّاً . سلوني فإن عندي علمَ الأولين والآخِرين . أما لو ثُنيتْ لي الوسادة فجلست عليها ، لأفتيتُ أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول : صدق عليٌّ ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل اللّـهُ فيَّ . وأفتيتُ أهل الإنجيل بإنجيلهم ، حتى ينطق الإنجيل فيقول : صدق عليٌّ ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل اللّـهُ فيَّ . وأفتيتُ أهل القرآن بقرآنهم ، حتى ينطق القرآن فيقول : صدق عليٌّ ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل اللّـهُ فيَّ . وأنتم تتلون القرآن ليلاً ونهاراً ، فهل فيكم أحد يعلم ما أُنزل فيه ؟ ولولا آية في كتاب الله عزّ وجل لأخبرتكم بما كان وبما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهي هذه الآية : { يَمحو اللّـهُ ما يشاءُ ويُثْبِتُ ، وعنده أُمُّ الكتاب } . ثم قال (ع) : سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالذي فلقَ الحبّة وبَرَأ النَّسَمَةَ لو سألتُموني عن آية آية ؛ في ليل أُنزلتْ أو في نهار ، مكيّها ومدنيّها ، وسَفَرِيّـِها وحضريّها ، وناسخها ومنسوخها ، مُحكمها ومتشابَهها ، وتأويلها وتنزيلها ، لأخبرتكم ".
فقام إليه رجل يقال له ( ذِعلِب اليماني ) وكان ذَرِب اللسان ، بليغاً في الخطب ، شجاع القلب ، فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مِرقاةً صعبة ، لأُخجلنّه اليوم لكم في مسألتي إياه ، فقال له : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب ، لم أكن بالذي أعبد ربـّاً لم أرَه . قال : فكيف رأيتَه ، صِفهُ لنا . قال (ع) : " ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان . ويلك يا ذِعلب ، إن ربي لا يوصف بالبُعد ولا بالقُرب ، ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا بقيامٍ قيامَ انتصاب ، ولا بجِيئةٍ ولا بذهاب . لطيفُ اللطافة لا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعِظَم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكِبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظة ، رؤوف بالرحمة لا يوصف بالرقّة . مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا ببصر ، قائل لا بلفظ . هو في الأشياء لا عَلى ممازجة ، خارج منها عَلى غير مباينة . فوق كل شيء ولا يقال له فوق ، أمام كل شيء ولا يقال له أمام . داخلٌ في الأشياء لا كشيء في شيء داخل ، وخارج منها لا كشيء مِن شيء خارج ... ".
فخرّ ذعلب مغشياً عليه ، قال : تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب ، واللهِ لا عُدتُ إلى مثلها .
+++++++++++++++++++++
الآن ننتقل إلى حل مسابقة اليوم .
سؤال اليوم : وقف أمير المؤمنين خاطباً وهو يناجي أصحابه ويتحرق شوقاً إليهم ويقول : " أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق ؟ أين عمار ؟ وأين ابن التيهان ؟ وأين ذو الشهادتين ؟
فمن هو ابن التيهان ؟
الجواب : هو الصحابي الجليل أبو الهيثم مالك بن التيهان الأنصاري .
الأسماء التي أجابت الإجابة الصحيحة هي :
من العراق : دانية ومجمد من كربلاء المقدسة – أحمد من ذي قار – مكي – حيدر - حوراء من الديوانية – عباس .
من إيران : كاظم و إيمان من الأهواز .
من ليبيا : تبارك .
من السعودية : علي .
من سورية : بسمة بيضون – بشرى مهدي .
ألف مبروك للإخوة والأخوات الذين دخلت أسماؤهم قرعة نهاية الشهر ، وحظاً طيباً لباقي المشاركين .
وإلى سؤال جديد من المسابقة الرمضانية في برنامجكم : " على مائدة الإفطار " قترقبوها .
ونذكر الإخوة بجائزة المسابقة : يمنح الفائزون الثلاث شرف زيارة الإمام الرضا (ع) مع إقامة لمدة خمسة أيام في مشهد المقدسة .
++++++++++++++++++++++++++++
وقف أمير المؤمنين خاطباً وهو يناجي أصحابه ويتحرق شوقاً إليهم ويقول " أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق ؟ أين عمار ؟ وأين ابن التيهان ؟ وأين ذو الشهادتين ؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تلوا القرآن فأحكموه ، وتدبروا الفرض فأقاموه ، أحيوا السنة ، وأماتوا البدعة ، دعوا إلى الجهاد فأجابوا ، ووثقوا بالقائد فاتبعوه ".
هو الصحابي الجليل أبو الهيثم مالك بن التيهان بن مالك الأنصاري الاوسي: (ت‏37ه) .
صحابي ، اشتهر بكنيته ، كان موحداً في الجاهلية ، كان ينبذ الأصنام قبل الإسلام ، ويقول بالتوحيد ، وهو أول من أسلم من الأنصار بمكة ، وأحد الستة الذين لقوا رسول الله صلى الله وآله في مكة ، وأحد النقباء الاثني عشر ، وهو احد الاثني عشر ايضاً الذين انكروا على ابي بكر تصديه للخلافة .
فقد روي عن أبان بن تغلب قال : سألت الصادق جعفر بن محمد ( ع ) عن الذين أنكروا على أبي بكر وغيره فعلهم بعد رسول الله ( صلع ) فقال : كان الذين أنكروا على أبي بكر وغيره فعله وجلوسه مجلس رسول الله ( صلع ) اثنا عشر رجلا ً من المهاجرين والأنصار ، وكان من المهاجرين من بني أمية خالد بن سعيد بن العاص ، ومن الصحابة سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وأبو بريدة الأسلمي وكان من الأنصار قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي وأبو الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري .
قال : لما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم فقال بعضهم لبعض والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله .
ثم استشاروا الإمام علي (ع) فمنعهم من تنزيله ، واتفقوا أن يحاجوا المسلمين وبدأ كل واحد منهم يتكلم ... إلى أن تقدم أبو الهيثم ابن التيهان رحمة الله عليه فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا معشر قريش أشهدوا علي إني رأيت رسول الله (صلع) وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب وهو يقول معشر الناس هذا علي أخي وابن عمي وكاشف كربي عن وجهي ومن اختاره الله من السماء لابنتي واختاره الله على عباده . فالشاك في علي كالشاك فيّ والشاك فيّ كالشاك في الله تعالى . والتابع لعلي كالتابع لنبيه والتابع لنبيه كالتابع لأمر الله عز وجل فأتبعوه يهدكم للدين ولا تختلفوا فيه .
وهو أحد السبعين ، شهد بدراً والمشاهد كلها ، آخى النبي (ص) بينه وبين عثمان بن مظعون .
وكان رسول الله يبعثه خارصاً - يقدر ما على النخل من تمر - فلما كان عهد أبي بكر بعثه فأبى ، وقال : إني كنت إذا خرصت لرسول الله فرجعت ، دعا لي .
وكان مع علي يوم الجمل وكان شاعراً ، وله فيها أرجاز ، إذ قال حين مسير أمير المؤمنين لحرب البصرة :
يا وصيّ النبيّ نحن من الحقّ
على مثل بهجةٍ الإصباحِ
ليس منّا من لم يكن لك في اللّه
وليّاً على الهدى والفلاحِ
وشهد معه صفين أيضاً ، وفيها استشهد رضوان الله عليه ، فقالت أمينة الأنصارية ترثيه :
مَنعَ اليوم أن أذوق رقادا
مالكٌ إذ مضى ، وكان عمادا
يا أبا الهيثم بن تيهان إني
صرت للهم معدنا ووسادا
شهد الجمل وصفين مع علي (ع) وهو القول الارجح ، واستشهد في صفين . وقيل : مات بعدها بيسير . وقيل : توفي بالمدينة في خلافة عمر بن الخطاب سنة (20هـ) ، وهذا القول اعتمده كل من ترجم له من غير الشيعة ، والشواهد التاريخية والنصوص دالة على خلافه .
وبهذا يثبت بطلان ما زعمه الذهبي وابن سعد في إصرارهما على قول الواقدي : إن وفاته كانت سنة 20 هجرية في خلافة عمر بن الخطاب . ومما يشهد ببطلان هذا الزعم أيضاً ، ما أثبته أهل التاريخ من مواقف مشهورة لأبي الهيثم بن التيهان أيام البيعة لأمير المؤمنين بالخلافة ، ويوم بدا نقض البيعة من الزبير وطلحة ومروان والوليد بن العقبة ، ويوم الجمل ، ويوم صفين إذ كان يسوي صفوف الجيش ويخطب بهم يحثهم على الجهاد بين يدي أمير المؤمنين .
فاول الشواهد على اشتراكه في صفين واعلاها : خطبة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) بالكوفة بعد وقعة‏ صفين، قال : ((اين اخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق؟ اين عمار ؟ واين ابن التيهان ؟ واين ذوالشهادتين؟...)) .
وثانيها : ايراد نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفين : ص‏365 لطائفة من المراثي قيلت يومذاك في من قتل في‏معاركها وفيهم ابن التيهان.
وثالثها: ان المؤرخ السيد علي خان المدني الشيرازي المتوفى سنة (1119ه / 1707م) ذكر ان نصرا روى في‏كتاب صفين قوله : اقبل ابو الهيثم بن التيهان وكان من اصحاب رسول اللّه (ص) بدريا، تقيا ، عفيفا، يسوي ‏صفوف اهل العراق .
ورابعها : ان ابن ابي الحديد ذكر له ابياتا قالها في البصرة يوم الجمل ، وهي قوله :
قل للزبير وقل لطلحة اننا
نحن الذين شعارنا الانصارُ
نحن الذين رأت قريش فعلنا
يوم القليب اولئك الكفار
كنا شعارَ نبينا ودثارَه
يفديه منا الروح والابصار
ان الوصي امامنا وولينا
برح الخفاء وباحت الاسرار
وهذا يعني ان وفاته لم تكن سنة (20) وانه اشترك في حرب الجمل ، واستنادا الى ما مر من الشواهد ، فانه ‏شارك في صفين ايضا وفيها استشهد .
+++++++++++++++++++++
حتى لا نظلم عليّ بن أبي طالب ونُحرم من عطائه
يظهر من كلمات أمير المؤمنين () وخطبه أنه عاش غربة بين قومه ، لجهلهم بمقامه الشريف ونزوعهم الى حب الدنيا التي تزيّنت وتزخرفت بسبب اتساع رقعة الدولة الاسلامية وكثرة وارداتها فانساقوا وراء الشهوات فكان (ع) يوبخ أصحابه ويستعمل كل الوسائل لإيقاظهم
واستنهاض هممهم ووعي مسؤولياتهم في طاعته (ع) واتباع أوامره، قال (ع) (ايها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديتُ اليكم ما أدّتِ الأوصياء الى من بعدهم، وأدَّبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوثقوا، لله أنتم! أتتوقّعون إماماً غيري يطأ بكم الطريق ويرشدكم الى السبيل؟ الا انه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلاً، وأقبل منها ما كان مدبرا، وأزمعَ الرجالَ عبادُ الله الأخيار، وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقى، بكثيرٍ من الآخرة لا يفنى)
وازدادت غربته حينما فَقَد خُلّص اصحابه العارفين بفضله وسابقته الى كل كمال حيث استشهد كثير منهم في صفين فكان (ع) يرتقي منبر مسجد الكوفة ويندبهم اشجى ندبة ويصفهم أجمل وصف فيقول (ع): (ما ضرّ اخواننا الذي سُفكت دماؤهم -وهم بصفين- ألاّ يكونوا اليوم أحياءاً ؟ يسيغون الغصص ويشربون الرنق ! قد -والله- لقوا الله فوفّاهم أجورهم، وأحلّهم دار الأمن بعد خوفهم أين اخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ واين ذو الشهادتين؟ واين نظراؤهم من اخوانهم الذين تعاقدوا على المنية واُبردَ برؤوسهم الى الفجرة (ثم ضرب بيده على لحيته الكريمة فأطال البكاء ثم قال) أوّهِ على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه ، وتدبّروا الفرض فأقاموه، احيوا السنة وأماتوا البدعة، دُعُوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه) .
وكان (ع) كثيراًَ ما يتمنى الموت للتخلص من مجاورة اللئام والذهاب الى صحبة الكرام الأحبة محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) وأصحابه المنتجبين، ومن كلماته في ذلك (ولوَددتُ أن الله فرّق بيني وبينكم، وألحقني بمن هو أحقّ بي منكم) .
لأنه يرى نفسه يعيش وسط حثالة لا يذكرون الا بالذم قال (ع) : (أين أخياركم وصلحاؤكم واين أحراركم وسمحاؤكم! واين المتورعون في مكاسبهم. والمتنزّهون في مذاهبهم؛ اليس قد ظعنوا جميعاً عن هذه الدنيا الدنية، والعاجلة المنغصّة، وهل خُلفتم الا في حثالة، لا تلتقي الا بذمِّهم الشفتان، استصغاراً لقدرهم، وذهابا عن ذكر هم؛ فإنّا لله وإنا اليه راجعون.) .
وكان يأسف (ع) أن ينفضَّ الناس عن الهدى المتمثل به ولا تبقى تحت سيطرته من رقعة الدولة الاسلامية الكبيرة الا الكوفة فيقول (ع) : (ما هي الا الكوفة، أقبضها وابسطها، إن لم تكوني الا أنتِ، تُهبُّ اعاصيرك فقبّحكِ الله) .
ويستغرب منهم حين يعصونه وهو الحق بينما يتفانى اصحاب معاوية في طاعته وهو إمامهم الى الضلال فيقول (ع) (صاحبكم يطيع الله وانتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه لَوَددتُ والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فاخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم.واني لعلى بينةٍ من ربي ومنهاج من نبيي، وإلي لعلى الطريق الواضح ألقُطُه لقطا) .
ويسبب ذلك فقد تنبأ بضياع دولتهم ونجاح دولة معاوية فقال (ع) : (وإني والله لأظنُّ أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم امامكم في الحق، وطاعتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم.) .
وقال (ع) : (اما والذي نفسي بيده، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم اولى بالحق منكم، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، وإبطائكم عن حقي، ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحتُ أخاف ظلم رعيّتي) .
وكان كل أسفه (ع) لانه يعلم بحقائق الامور وعواقبها ومصير كل فريقٍ وهو القائل : (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً) ولكن أنى لتلك القلوب القاسية والعقول المغلوبة بالهوى أن تبصر بعين الحقيقة قال (ع) (ولو تعلمون ما أعلم مما طوي عنكم غيبه، إذاً لخرجتم إلى الصُعُدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون –ضرب الصدر للنياحة- على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها، ولا خالف عليها- ولهمّت كلَّ امرئٍ نفسُه، لا يلتفت الى غيرها، ولكنكم نسيتم ما ذكِّرتم، وأمِنتم ما حُذِّرتُم، فتاه عنكم رأيُكم، وتشتّت عليكم امركم.) .
فأسفه وحسرته كانت امتداداً لقول الله تبارك وتعالى (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بهِ يَسْتَهْزِئُون) .
هذه بعض كلمات أمير المؤمنين نقلناها لنحسَّ بمشاعره () في غربته حتى كان يقول وهو يشير الى صدره المبارك (إن هاهنا علماً جماً لو أصبت له حملة) لكن اصحابه ضيّعوه ولم يعرفوا قدره ولم يستفيدوا منه فظلموا أنفسهم وظلموه إذ حرموه من أن يقدّم عنده قال (ع) (ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيّتي) .
وعلينا -نحن شيعة علي (ع)- اليوم ان لا نظلمه كما ظلمه أصحابه وان لا نحرم أنفسنا من عطائه كما فعل أصحابه، فانه وان غاب بشخصه الشريف عنا، الا انه حاضر بيننا بكلماته ومواعظه وخطبه وسلوكه وسيرته وعلمه وجهاده وإخلاصه وإيثاره وفنائه في الله تبارك وتعالى وغيرها من الكمالات.
ولنستفد من كل ذلك وكأنه (ع) يتحدث إلينا مباشرة ويجسّد تلك الفضائل والكمالات التي نقلتها الروايات وكأنه يعيش بيننا. وهذا يحتاج الى صحوة وانتفاضة على واقعنا المر المتمثل بابتعادنا عن (نهج البلاغة) وكل الآثار الشريفة التي سجلت مآثر وآثار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ويكون ذلك من خلال عدة خطوات عملية حتى لو حصلت تدريجياً بحسب الاستطاعة.
1- اهتمام الخطباء والمبلغين والوعّاظ بنصوص نهج البلاغة فيفتتحون بها مجالسهم ويعتنون بشرحها واستخلاص الدروس منها وبيان ما تضمنته من حقائق ومعارف وعلوم، وهذا ما كنّا نعهده من السلف الصالح .
2- ان يلتزم كلٌ منا بإمعان النظر في نهج البلاغة وغيره من الآثار التي سجلّت كلمات أمير المؤمنين كـ (غرر الحكم) للآمدي و (تحف العقول) وغيرها كلما سنحت له الفرصة من دون إهمال أو تضييع ويستذكر تلك المعاني الجليلة ليحيي بها قلبه وينوّر بصيرته ويصحّح طريقة
حياته وهو القائل (ع) (إنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفّةٍ وسداد) .
3- تشجيع الكتاب والمثقفين على استلهام جوانب العظمة التي أودعها أمير المؤمنين في كلماته وسيرته وتصنيف المواضيع التي تعرّض لها أمير المؤمنين (ع) فقد تضمن نهج البلاغة معالجة قضايا عقائدية واجتماعية وأخلاقية وفلسفية وإنسانية واقتصادية وله (ع) السبق في السياسة والحكم وولاية أمر الناس والقضاء والفتوى وغيرها من المواضيع التي لو عكف عليها الباحثون والمتخصصون لاتحفوا البشرية بانجازات رائعة .
4- انشاء مكتبة متخصصة بآثار أمير المؤمنين (ع) وما كُتب عنه والدراسات والبحوث التي تناولته وتجهّز بأحدث الوسائل في تقنية تبادل المعلومات والاتصالات.
5- انشاء فضائية خاصة بعلي بن أبي طالب (ع) تبيّن فضائله ونشر علومه ومعارفه وتصوِّر مراحل حياته الشريفة وما أُثِرَ عنه وتعقد الندوات والحوارات عنه (ع) وإجابة الأسئلة وغيرها.
6- السعي الجدي لدى إحدى الجامعات العالمية الرصينة لتخصيص كرسي للدراسات عن علي بن أبي طالب تحتضن الباحثين والدارسين وتمنح الشهادات الجامعية العليا وتستقبل البعثات الدراسية من الطلبة المتميزين من انحاء العالم للتخصص في هذا المجال.
هذه الخطوات العملية ليست مجرد تسطير للكلمات ، وإنما لنسعى جميعاً وبكل جدّية ومصداقية وهمّة عالية لانجازها حتى نشهد نهضة عالمية تخرجنا من حد التقصير في حق أمير المؤمنين(ع) ولا نكون كالذين ظلموه وحرموا أنفسهم من عطائه المبارك. كما وعى المسلمون غربة القرآن وهجرانه وشكواه وحرمانهم بتضييعه فعادوا إليه وانشئوا الجامعات والمحافل لتلاوته ودراسته والاستفادة منه والتخصص في علومه وغيرها.
واقل ما يجزي على الصعيد الشخصي أن نتصفح كتاب نهج البلاغة ونستلهم منه ما يقدّر الله تبارك وتعالى لنا من رزق .
وتأتي بعد ذلك خطوة التأسي بأمير المؤمنين ، فمن يسمع بأنك من شيعة علي (ع) فانه يتوقع أن يرى فيك أخلاقه وسيرته وسموّه .
هكذا ينظر الآخرون الى المسلمين والى شيعة علي (ع) خاصة وهذا يلزم كل واحدٍ منا بمسؤولية مضاعفة ان نكون عند حسن ظن نبينا وإمامنا (صلوات الله عليهما) وعند حسن ظن من أحسن بنا الظن.
إن إحداث مثل هذه الصحوة العالمية لنشر فضائل أمير المؤمنين () وآثاره وعلومه ومعارفه كفيلة باصلاح البشرية وإعادة مسيرتها إلى الطريق الصحيح وستساعدها على حلّ عقدها المستعصية ومشاكلها التي قادتها إلى اليأس والانتحار وستفتح أمامها آفاق حياة سعيدة بإذن الله تعالى.
++++++++++++++++++++++++++
من قناة أهل البيت عليهم السّلام الفضائية أودعكم ، على أمل اللقاء بكم دائماً على مائدة المعرفة والفائدة والهداية والولاء .
نلقاكم على مائدة الإفطار إنشاء المولى .
طابت أوقاتكم ، ودمتم بخير ، والسلام عليكم .


إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc