اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
رُوي عن الإمام الحسن العسكري قوله في ظلّ الآية المباركة: « ولَن يَتَمنَّوه أبداً بما قَدَّمتْ أيديِهم »( سورة البقرة:94 ): يعني اليهود،.. إلى أن قال عليه السّلام: قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام:
لمّا كاعت اليهود ( أي جَبُنَت وهابَت ) عن هذا التمنّي، وقطع الله معاذيرهم، قالت طائفة منهم ـ وهم بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ وقد كاعوا وعجزوا: يا محمّد، فأنت والمؤمنون المخلصون لك مُجابٌ دعاؤكم، وعليّ أخوك ووصيُّك أفضلهم وسيّدهم؟! قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: بلى. قالوا: يا محمّد، فإنْ كان هذا كما زعمت فقل لعليٍّ يدعو اللهَ لابنِ رئيسنا هذا؛ فقد كان من الشباب جميلاً نبيلاً وسيماً قسيماً، قد لَحِقَه برصٌ وجُذام، وقد صار حمىً لا يُقرب، ومهجوراً لا يُعاشَر، يتناول الخبز على أسنّة الرماح.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ائتوني به. فأُتي به، فنظر رسول الله صلّى الله عليه وآله وأصحابه منه إلى منظرٍ فضيع سمجٍ قبيح كريه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا أبا الحسن، ادعُ اللهَ له بالعافية؛ فإن الله تعالى يُجيبك فيه. فدعا له.. فلمّا كان بعد فراغه من دعائه إذ الفتى قد زال عنه كلُّ مكروه، وعاد إلى أفضل ما كان عليه من النُّبل والجمال والوسامة والحُسن في المنظر!
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله للفتى: يا فتى، آمِنْ بالذي أغاثك مِن بلائك. قال الفتى: آمنتُ. وحَسُن إيمانه.. ( تفسير الإمام العسكري عليه السّلام 444 / ح 295 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 323:9 / ح 15. وروى قطعةً منه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 335:2 ).
• روى الشيخ المفيد بسندٍ ينتهي إلى الأصبَغ بن نُباتة، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صعد المنبر فحمد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال:
يا أيُّها الناس، إنّ شيعتنا من طينةٍ مخزونةٍ قبل أن يَخلُق اللهُ آدمَ بألفَي عام، لا يَشذُّ منها شاذّ، ولا يدخل فيها داخل، وإنّي لأعرفهم حين أنظر إليهم؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا تفل في عيني وكنتُ أرمَد، قال: اللّهمّ أذْهِبْ عنه الحرَّ والبرد، وأبصره صديقه مِن عدوّه. فلم يُصِبْني رَمَدٌ ولا حَرٌّ ولا بَرد، وإنّي لأعرفُ صديقي من عدوّي.
فقام رجلٌ من الملأ فسلّم ثمّ قال: واللهِ ـ يا أمير المؤمنين ـ إنّي لأدينُ الله بولايتك، وإنّي لأُحبّك في السرّ كما أُظهر لك في العلانية. فقال له عليّ عليه السّلام: كذبت؛ فوَاللهِ لا أعرف اسمك في الأسماء، ولا وجهك في الوجوه، وإنّ طينتك لَمِن غير تلك الطينة. فجلس الرجل قد فضحه الله وأظهر عليه.
ثمّ قام آخر فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي لأدينُ اللهَ بولايتك، وإنّي لأُحبّك في السرّ كما أُحبّك في العلانية. فقال له: صدقت، طينتك من تلك الطينة، وعلى ولايتنا أُخِذ ميثاقك، وإنّ روحك من أرواح المؤمنين، فاتّخِذْ للفقر جِلباباً، فوَ الذي نفسي بيده لقد سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إنّ الفقر أسرعُ إلى مُحبّينا من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله.
( الاختصاص للشيخ المفيد 310. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 390 / ح 1 ـ وعنهما: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 130:26 / ح 38، و 14:25 / ح 27 ).
• عن جميع بن عُمير قال: اتّهم عليٌّ عليه السّلام رجلاً يُقال له « العيزار »، يرفع أخباره إلى معاوية، فأنكر ذلك وجحده، فقال عليه السّلام: أتحلف بالله يا هذا أنّك ما فعلت ؟ قال: نعم.
وبدر وحلف، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إن كنتَ كاذباً فأعمى اللهُ بصرَك. فما دارت الجمعة حتّى أُخرج أعمى يُقاد!
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 279:2. وأورده: قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح 207:1 / ح 48 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 198:41 / ح 11. وذكره الشيخ المفيد في الإرشاد 184 عن ابن عمير، والإربلّي في كشف الغمّة. كما أخرجه الشهيد التستري في إحقاق الحقّ 739:8 عن أرجح المطالب 681 ).
• روى ابن بابويه الصدوق بسندٍ ينتهي إلى جابر بن عبدالله الأنصاري قال: خَطَبَنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: أيُّها الناس، إنّ قدّام منبركم هذا أربعةَ رَهطٍ من أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، منهم: أنَسُ بن مالك، والبَراء بن عازب الأنصاريّ، والأشعث بن قيس الكِنديّ، وخالد بن يزيد البَجَليّ.
ثمّ أقبل بوجهه على أنس بن مالك فقال: يا أنس، إن كنتَ سمعتَ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول: مَن كنتُ مولاه، فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه.. ثمّ لم تَشهَدْ ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ حتّى يَبتليَك ببَرَصٍ لا تُغطّيه العِمامة. وأمّا أنت يا أشعث! فإنْ كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول: مَن كنتُ مولاه، فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ حتّى يَذهَب بكريمتَيك.
وأمّا أنت يا خالد بن يزيد! إن كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ إلاّ مِيتةً جاهلية.
وأمّا أنت يا براء بن عازب، إن كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول: مَن كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك الله إلاّ حيث هاجرتَ منه.
قال جابر بن عبدالله الأنصاري: واللهِ، لقد رأيتُ أنس بن مالك وقد ابتُلي ببرصٍ يُغطّيه بالعمامة فما تَستُره، ورأيتُ الأشعث بن قيس قد ذَهَبت كريمتاه ( أي عيناه ) وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علَيّ بالعمى في الدنيا، ولم يَدْعُ علَيّ بالعذاب في الآخرة فأُعذَّب! وأمّا خالد بن يزيد فإنّه قد مات فأراد أهله أن يدفنوه وحُفِر له في منزله فدُفن، فسَمِعتْ بذلك كِنْدة فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها على باب منزله، فماتِ ميتةً جاهليّة! وأمّا براء بن عازب فإنّه ولاّه معاوية اليمن فمات بها، فمنها كان هاجَر! ( أمالي الصدوق 106 / ح 1. المناقب للخوارزمي 32. مقتل الإمام الحسين عليه السّلام للخوارزمي 40:1. وأخرجه: المجلسيّ في بحار الأنوار 40:68 / ح 84 ـ عن كشف الغمّة للاربلّي 104:1. ورواه: ابن شاذان في مئة منقبة لأمير المؤمنين عليه السّلام 164 ـ المنقبة 89، والعلاّمة الحلّي في مصباح الأنوار 137 ـ من المخطوطة )