بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الكهف الحصين و النور المبين و الأولياء على العالمين والصراط المستقيم صلاة يعجز عنها غيرك يا رب العالمين .
قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
ذكر علي عبادة
و قراءة فضائله عبادة أيضا
و بما أنها أول مشاركة لي سوف أضيف معجزة واحدة من معاجز سيد الموحدين التي هي من معشار عشر من معاجزه و مقاماته و فضائله
عن جابر بن عبدالله الأنصاري و عبدالله بن عباس و اللفظ للإرشاد قالا :
كنا جلوسا عند أبو بكر في ولايته و قد اضحى النهار ، و إذا بخالد بن الوليد المحزومي قد وافى في جيش قام غباره و كثرت صواهل خيله ،و إذا بقطب رحى ملويّ في عنقه قد فتل فتلا فأقبل حتى نزل عن فرسه و دخل المسجد ووقف بإزاء أبي بكر ، فرمقه الناس بأعينهم و هالهم منظره ، ثم
قال :
إعدل يابن أبي قحافة حيث جعلك الناس في هذا الموضع الذي لست له بأهل ، و ما ارتفعت إلى هذا المكان إلا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء و إنما يطفو و يعلو حين لا حراك به ما لك و سياسة الجيوش و تقويم العساكر ؟و أنت بحيث انت من لعين الحسب و منقوص النسب و ضعف القوى و قلة التحصيل لا تحمي ذمارا و لا تضرم نارا فلا جزى الله أخا ثقيف وولد صهاك خيرا إني رجعت منكفئا من الطائف إلى جدة في طلب المرتدين ، فرأيت ابن أبي طالب و معه رهط عتاة من الدين شزرت أعينهم من حسدك و بدرت حنقا عليك و قرحت آماقهم لمكانك ، منهم ابن ياسر و المقداد و ابن جنادة و ابن العوام و غلامان أعرف أحدهما بوجهه و غلام اسمر لعله من ولد عقيل أخيه ، فتبين لي المنكر في وجوههم و الحسد من احمرار أعينهم ، و قد توشح علي بدرع رسول الله و لبس رداء السحاب و لقد اسرج له دابته العقاب و قد نزل على عين ماء اسمها روية فلما رآني اشمأز و بربر و أطرق موحشا يقبض على لحيته ، فبادرته بالسلام استكفاء شرّته و اتقاء وحشته و استغنمت سعة المناخ و سهولة المنزل ، فنزلت و من معي بحيث نزلوا إتقاء مراوغته ، فناداني ابن ياسر بقبيح لفظه و محض عداوته ، فقرعني هزوا بما قدمت به إليّ بسوء رأيك فالتفت إليّ الاصلع الرأس و قد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد أو كقعقعة الرعد
فقال لي بغضب :
أو كنت فاعلا يا أبا سليمان ؟
فقلت له :
إي والله لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك ، فأغضبه قولي إذ صدقته و أخرجه إلى طبعه الذي أعرفه به عند الغضب فقال :
يابن اللخناء أو مثلك يقدر على مثلي أن يجسر أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة .ويلك!! إني لست من قتلاك و لا من قتلى صاحبك و إني لأعرف بمنيتي منك بنفسك .ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي و جعل يسوقني دعّا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي ، فعمد إلى القطب الغليظ فمد عنقي بكلتا يديه و أداره في عنقي ينفتل له كالعلك المسخن و أصحابي هؤلاء وقوف حولي ما أعنوا عني بسطوته ولا كفوا عني شرته ، فلا جزاهم الله عني خيرا فإنهم لما نظروا إليه كانهم نظروا إلى ملك موتهم ن فوالذي رفع السماء بلا أعماد فقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من أشد العرب فما قدروا على فكه ، فدلني عجز الناس عن فتحه أنه سحر منه أو قوة ملك قد ركبت فيه ففكه الآن عني إن كنت فاكّه و خذ لي بحقي إن كنت آخذه و إلا لحقت بدار عزّي و مستقر مكرمتي ،قد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار .فالتفت أبو بكر إلى عمر :
ما ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل كأنّ ولايتي و الله ثقل على كاهله و شجا في صدره .فالتفت إليه عمرفقال :
فيه دعابة لا تدعه حتى تورده فلا تصدره ، و جهل و حسد قد استحكما في خلده فجريا منه مجرى الدماء لا يدعانه حتى يهينا منزلته و يورطا في ورطة الهلاكةثم قال أبو بكر لمن حضر :
ادعوا لي قيس بن سعد بن عبادة الانصاري فليس لفك هذا القطب غيره . (و كان قيس رجلا طويلا طوله ثمانية عشر شبرا في عرض خمسة أشبار ، و كان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين )
فقال له:
يا قيس إنك من شدة البدن بحيث أنت ففك هذا القطب من عنق أخيك خالد ؟
فقال قيس :
و لم لا يفكه خالد؟
قال :
لا يقدر عليه
قال قيس :فما لا يقدر عليه أبو سليمان وهو نجم عسكركم و سيفكم على أعدائكم كيف أقدر عليه أنا ؟قال عمر :
دعنا من مزحك و هزلك و خذ فيما أحضرت له .
فقال :
أحضرت لمسأله تسألونها طوعا أو كرها تجبروني عليه ؟
قال عمر :
إن كان و إلا فكرها .
قال قيس :
يابن صهاك خذل الله من يكرهه مثلك إن بطنك لعظيمة و إن كرشك لكبير، فلو فعلت أنت ذلك ما كان منك بعجييب .فخجل عمر من كلام قيس بن سعد ينكت أسنانه بأنامله .
فقال أبو بكر :
دع عنك ما بدأ لك به أقصد لما سألت
فقال قيس :
و الله لو أقدر ذلك لما فعلت فدونكم و حدادي المدينة ، فإنهم أقدر على ذلك مني
فأتوا بجماعة من الحدادين فقالوا: لا ينفتح حتى نحميه بالنار
فالتفت أبو بكر إلى قيس مغضبا فقال :
و الله ما بك من ضعف عن فكه و لكنك لا تفعل فعلا يعيب عليك فيه إمامك و حبيبك أبو الحسن و ليس هذا باعجب من أن أباك رام الخلافة ليبغي الإسلام عوجا فحصد الله ضوكته و أذهب نخوته و أعز الإسلام بوليه و أقام دينه بأهل طاعته و انت الآن في حال كيد و شقاق .فاستشاط قيس غضبا و امتلأ غيظا فقال :
يابن أبي قحافة أن لك عندي جوابا حميا بلسان طلق و قلب جريء ، لولا البيعة التي في عنقي لسمعته مني ، و الله لئن بايعتك يدي لم يبايعك قلبي و لساني ، و لا حجة لي في علي بعد يوم الغدير ،و لا كانت بيعتي لك إلا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ، أقول قولي هذا غير هائب منك و لا خائف من معرتك ، ولو سمعت هذا القول منك بداة لما فقح لك مني صالحا ، إن كان أبي رام الخلافة ، فحقيق أن يرومها بعد من ذكرته ، لأنه رجل لا يقعقع باللسان و لا يغمز جانبه كغمز التبنة صخم ضديد و سمك منيف و عز بازخ أشوس بخلافك ، و الله أيتها النعجة العرجاء و الديك النافش لا عز صميم و لا حسب كريم ، و أيم و الله لئن عاودتني في أبي لألجمنك بلجام من القول يمج فوك منه ، و ما تدعنا نخوض في عمايتك و نتردى في غوايتك على معرفة منا بترك الحق و اتباع الباطل .
و أما قولك علي إمامي ، فوالله ما أنكر إمامته و لا أعدل عن ولايته و كيف أنقض و قد اعطيت الله عهدا بإمامته و ولايته يسألني عنه ، فأنا أن ألقى الله بنقض بيعتك أحب من أن أنقض عهد الله و عهد رسوله و عهد وصييه و خليله ، و ما أنت أمير قومك أن شاؤوا تركوك و إن شاؤوا عزلوك ن فتب إلى الله مما اجترمته و تنصل إليه مما أرتكبتخ ، و سلك الأمر إلى من هو أولى منك بنفسك فقد ركبت عظيما بولايتك دونه و جلوسك في موضعه ، و تسميتك باسمه و كأنك بالقليل من دنياك و قد انقشع عنك كما ينقشع السحاب ، تعلم اي الفريقين شر مكانا و أضعف جندا .
و اما تعبيرك إياي بأنه مولاي ، فهو و الله مولاي و مولاك و مولى المؤمنين و المسلمين اجمعين ، آه آه أنى لي بثبات قدم و تمكن وطاء حتى ألفظك لفظ المنجنيق الحجرة ! و لعل ذلك يكون قريبا و نكتفي بالعيان عن الخبر .
ثم قام و نفض ثوبه و مضى ، فندم أبو بكر عما أسرع إليه من القول إلى قيس و جعل خالد يدور في المدينة و القطب في عنقه أياما ، ثم أتى آت إلى أبي بكر فقال له :
قد وافى علي ابن أبي طالب الساعة من سفره و قد عرق جبينه و احمر وجهه ، فأنفذ إليه أبي بكر الأقرع بن سراقة الباهلي و الأشوس بن الأشجع الثقفي يسألانه المضي إلي أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله فأتياه فقالا :
يا ابا الحسن إن أبا بكر يدعوك لأمر قد حزنه و هو يسألك أن تصير غليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله ، فلم يجبهما ، فقالا :
يا أبا الحسن ما ترد علينا فيما جئناك له
فقال :
بئس و الله الأدب أدبكم !و ليس يجب على القادم أن يصير إلى الناس في حوائجهم إلا بعد دخوله إلى منزله ، فإن كان لكم حاجة فاطلعوني عليها في منزلي حتى أقضيها إن كانت ممكنة إن شاء الله تعالى .فصارا إلى أبي بكر فأعلماه بذلك ، فقال أبو بكر :
قوموا بنا إليه
فمضى الجمع بأسرهم إلى منزله فوجدوا الحسين على الباب يقلب سيفا ليبتاعه فقال له أبو بكر :
يا أبا عبدالله إن رأيت أن تستأذن لنا على أبيك .فقال :
نعم
فاستأذن للجماعة فدخلوا و معهم خالد بن الوليد ، فبدأت الجمع بالسلام فرد
![عليهم السلام](images/smilies/a3.gif.pagespeed.ce.3Sn6T6Bd8d.gif)
فلما نظر غلى خالد قال :
نعمت صباحا يا أبا سليمان نعم القلادة قلادتك !
فقال خالد :
و الله يا علي لا نجوت مني إن ساعدني الأجل
فقال علي :
اف لك يابن وسيمة أنك و من فلق الحبة و برأ النسمة عندي لأهون ، و ماروحك في يدي لو أشاء إلا كذبابة وقعت على أدام جاز فطفئت منه فاغن عن نفس غناها و دعنا بحالنا حلما ، و إلا لألحقنك بمن أنت أحق بالقتل منه ، و دع عنك يا أبا سليمان ما مضى و خذ فيما بقي ، والله لا تجرعت من الجرار المختمة إلا علقمها فوالله لقد رأيت منيتي و منيتك و روحي و روحك فروحي في الجنة و روحك في النار .و حجظ الجمع بينهم و سألوه قطع الكلام فقال أبو بكر لعلي عله السلام :
إنا ما جئناك لما تناقض به أبا سليمان و إنما حضرنا لغيره و أنت لم تزل يا أبا الحسن مقيما على خلافي و الاجتراء على أصحابي ، و قد تركناك فاتركنا و لا تردنا فيرد عليك منا ما يوحشك و تزيدك نبوة إلى نبوتكفقال له علي :
لقد أوحشني الله منك و من أصحابك و آنس بي كل مستوحش ، و أما ابن الوليد الخاسر فإني أقص عليك نبأه إنه لما رأى تكاثف حنوده و كثرة جمعه زها نفسه فازداد الوضع مني في موضع رفع و محل ذي جمع ليصول بذلك عند أهل الجهل ، فوضعت منه عندما خطر بباله و هم به و هو عارف بي حق معرفته ، و ما كان الله ليرضى بفعله .فقال له أبو بكر :
فنضيف هذا إلى تقاعدك عن نصرة الإسلام و قلة رغبتك في الجهاد أفبهذا أمرك الله و رسوله أم من نفسك تفعل هذا ؟فقال علي :
يا أبا بكر و على مثلي يتفقه الجاهلون إن رسول الله صلى الله عليه و آله أمركم ببيعتي و فرض عليكم طاعتي ، و جعلني فيكم كبيت الله الحرام يؤتى و لا ياتي ، فقال لي : يا علي ستغدر بك امتي من بعدي كما غدرت الأمم بعد مضي الأنبياء بأوصيائها إلا قليل و سيكون لك و لهم بعدي هناة فاصبر فإنك كبيت الله من دخله آمن و من رغب عنه كان كافرا قال الله عزوجل : "و إذ جعلنا البيت مثابة للناس و آمنا " و إني و أنت سواء إلا النبوة فإني خاتم النبيين و أنت خاتم الوصيين و أعلمني عن ربي سبحانه بأني لست اسل سيفا إلا في ثلاث مواطن بعد وفاته فقال : تقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين و لي يقرب أوان ذلك بعد .
فقلت : فما أفعل يا رسول الله بمن ينكث ببيعتي منهم و يحجد حقي ؟ قال : فاصبر حتى تلقاني و تستسلم لمحنتك حتى تلقى ناصرا عليهم ، فقلت : أفتخاف علي منهم أن يقتلوني ؟قال : تالله لا أخاف عليك منهم قتلا و لاجراحا ، و إني عارف بمنيتك و سببها و قد أعلمني ربي و لكني خشيت ان تفنيهم بسيفك ، فيبطل الدين و هو حديث فيرتد القوم عن التوحيد و لولا أن ذلك كذلك و قد سبق ماهو كائن لكان لي فيما أنت فيه شأن من الشأن و لرويت اسيافا قد ظمئت غلى شرب الدماء ، و عند قراءتك صحيفتك تعرف بنا ما أحتملت من وزري و نعم الخصم محمد صلى الله عليه و آله و الحكم الله عزو جل .فقال أبو بكر :
يا أبا الحسن إنا لم نرد هذا كله و نخن نأمرك ان تفتح الان من عنق خالد هذا الحديد فقد آلمه بثقله و اثر في حلقه بحمله ، و قد شفيت غليل صدرك .
فقال :
لو اردت أن أشفي غليل صدري لكان السيف أشفى للدواء و اقرب للفناء و لو قتلته و الله ما فديته برجل ممن قتلهم يوم فتح مكة ، و في كرته هذه و ما يخالجني الشك في أن خالدا ما احتوى قلبه من الإيمان على قدر جناح بعوضة ، و أما الحديد الذي في عتقه فلعلّلي لا اقدر على فكه فليفكه خالد عن نفسه أو فكوه أنتم ، فأنتم أولى به إن كان ما تدعونه صحيحا .فقام إليه بريدة الأسلمي و عامر بن الآشجع فقالا : يا أبا الحسن و الله ما يفكه من عنقه إلا من حمل باب خيبر بفرد يد و دحى به وراء ظهره و حمله و جعله جسرا يعبر الناس عليه و هو فوق زنده ، و قام إليه عمار بن ياسر فخاطبه أيضا فيمن خاطبه فلم يجب أحدا إلا أن قال له أبو بكر :
سألتك بالله و بحق أخيك المصطفى رسول الله إلا ما رحمت خالدا و فككته من عنقه .
فلما سأله بذلك استحيى و كان كثير الحياء ، فجذب خالدا إليه و جهل يجذب من الطوق قطعة قطعة و يفتلها في يده ، فينفتل كالشمع ثم ضرب بالأولى رأس خالد ثم ثانية فقال :
آه يا أمير المؤمنين !!
فقال له أمير المؤمنين :
قلتها على كره منك و لو لم تقلها لأخرجت الثالثة من أسفلكو لم يزل يقطع الحديد جميعه إلى أن ازاله من عنقه و جهل الجماعة يكبروت و يهللون و يتعجبون من القوة التي أعطاها الله سبحانه لأمير المؤنين و انصرفوا شاكرين .
اللهم صل على محمد و آل محمد
و سامحونا على الإطالة
تحياااااااااتي /
إحقاقية