اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
*عاشوراء مدرسة إعداد القادة*
14- كيف تعامل الحسين مع أصحابه؟
فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. وانك لعلى خلق عظيم.
هذه بعض صفات من تربى الحسين(ع) في حجره وعاش في كنفه. أخلاق من مدحه الله في كتابه الكريم، وأضحت آيات تتلى آناء الليل وأطراف النهار. جده رسول الله(ص)، وأبوه أمير المؤمنين واخو الرسول(ص). وأمه سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين.
وهو احد سيدي شباب أهل الجنة، ومن قال فيه الرسول(ص) (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسين). وكلهم طلاب في مدرسة أهل البيت(ع)، اخذوا أخلاقهم مع علمهم من الرسول(ص) مباشره. فكيف نتوقع تعامله مع أصحابه؟
لنأخذ الحر بن يزيد الرياحي، مثالا لتعامل أبو عبدالله(ع) مع أصحابه.
لقد جعجع الحر بنساء وأطفال أهل البيت(ع)، ولم يتركهم لا على ماء ولا على كلا، حتى أخاف قلوب الفاطميات، تلبية لأوامر أميره ابن سمية.
أتعتقد لو أن احد آخر في موقف أبو السجاد(ع)، ويعمل به الحر ذلك العمل السيئ، أتراه تاركه دون قتال وهو في ذلك العدد القليل من العسكر؟ لكن أبو عبدالله تربية رسول الله(ص)، لا يأخذ احد على غرة، ولا يخالف ضميره ومبدأه، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
بعد أن استقر به المقام وصار إمامنا(ع) بمعسكره أمام جيش عمر ابن سعد، ولم يبقى إلا إصدار الأوامر بالزحف وهجوم جيش الشام، الذي تغطي كثرته عين الشمس، على أصحابه الإمام(ع) وأهله، الذين لم يزد عددهم على ثمانين رجلا.
عندها تهتز مشاعر وأحاسيس الحر، ولم تستطع روحه الاستقرار في بدنه، فيسأل ابن سعد: أأنت محارب هذا الرجل؟
قال: نعم، حرب أيسرها أن تطيح منها الرؤوس وتقطع فيها الأيدي.
اشتعلت فيه النخوة، وتغلب فيه الإيمان على الكفر، وصرع المبدأ والعقيدة المصالح والأطماع. فينسحب من معسكر الشام، ويلتحق بأصحاب الحسين طالبا العفو والمغفرة، قائلا: هل لي من توبة؟
قال له أبو عبدالله: من تاب ... تاب الله عليه.
ماذا تعتقد، ما الذي أقدمه على التوبة والرجوع إلى ضميره، ولو كان غير الحسين(ع) أتراه يفعل؟ مع الأخذ بعين الاعتبار، أن ما قام به هو حسن خاتمة له، وليس للحسين(ع). والحسين سوف يقتل حتى ولو كان وحيدا، ولن يؤثر عليه زيادة فرد أو نقصانه.
ما الذي حدا بالحسين لقبول اعتذاره، وقبول إنظمامه إليه؟ أغير طيب خلقه ، وحبه الخير للناس كافة، ومحاولته إبعاد الناس عن نار جهنم، وان لا يكون سببا في دخولهم إليها.
إذا كان هذا مع من كان من أعدائه، فكيف بأصحابه الخلص الذين اقبلوا معه ونعتهم قائلا: لم أجد أصحابا ابر ولا أوفى من أصحابي.
بقلم: حسين نوح مشامع
بإشراف: الشيخ محمد محفوظ