اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
دوحة المتقاعدين -1
بعد سنوات عددا من الكدح والجد، اعتقد انه قد اخذ كفايته من العمل، وادى ما عليه من الواجب. وأصبح من حقه ان يكف ويستكين، لأنه لم يعد بمقدوره مواصلة ما كان فيه، ولم يعد شبابا كما كان. هذا ما قاله بينه وبين نفسه. لإحساسه انه كاجاموسة تدور حول ساقية، وقد انهكها نقل الماء.
وبعد تناوله عددا من اكواب الشاي الموضوع امامه قال بكل فخر لمن كان حوله في الديوانية: يا جماعة الخير هذا الركن ركني، ولا يحق لأحد بعد اليوم الاستيلاء عليه، أو الجلوس فيه.
توقفوا جميعا عن الكلام، واقفلوا التلفاز وتوقفوا عن النظر في هواتفهم النقالة، واخذ كل منهم ينظر الى صاحبه. وقالوا متسائلين كمن خيم عليه ظلام حالك منع عنه الرؤية: ما لذي استجد في أمرك؟
قال وقد بانت نواجذه التي نخرها التسوس، وأنهكها كثرة التدخين، وفارقها البياض الى غير رجعة. لقد قررت التقاعد، وانوي الركون الى الراحة والاستجمام. فلقد قدمت لي الشركة عرضا مجزيا مقابل التقاعد، والتوقف عن العمل، فقبلت به.
سأله احد الحضور باستغراب كمن يكلم شخص من كوكب آخر: هل فكرت فيما انت فاعله بعد التقاعد؟ هل خططت لحياتك المستقبلية!؟
عندها فتح فاه على سعته، محاولا فهم ما قيل له. كمن اصابته قذيفة مدفعية، افقدته صوابه، ومنعته من النطق.
بقلم: حسين نوح مشامع