اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مفكرة مبتعث -13
مرت أيام الدراسة بطيئة متثاقلة، كنهارات صيفية طويلة حارة قاسية، تحاول شمسها جاهدة، الغياب والاختفاء، لتستريح وراء الأفق.
فلقد طالت فترة الأبتعاث، وذهبت معها حلاوتها، التي كانت تجتذبه في البداية، كما يجتذب رحيق زهور الربيع نحل العسل، فتراه يحوم حولها ولا يتركها.
وبقيت مرارتها التي أصبحت تزداد يوما بعد آخر، فتنفر نفسه منها، كما تنفر من طعم الدواء ورائحته، رغم ضرورته، خاصة مع الابتعاد عن الوطن والأهل والأصحاب. ولكنه لا يجد مفراَ من مواصلة دربه، حتى نهاية مشواره.
فاجتاحه كبر السن، وغزى بياض الثلج صدغيه ورأسه، فبدا كقمة جبل ثلجية، وعجوزا قبل أوانه.
تحركت الحاجات الفطرية في داخله، كما تتحرك أمواج البحر باتجاه الشاطئ. فاخذ يفكر في الزواج، وفي وجود المرأة في حياته، والى جواره. كما تتحرك جميع الكائنات على وجه الأرض، باتجاه التزاوج والإنجاب، لتكثر نسلها، ولتحفظ نوعها من الانقراض.
ومما زاد في إلحاح هذه الحاجة، تحرك من حوله من الطلاب للزواج، وإحضار زوجاتهم لجوارهم.
فلم يكن بدعا من الناس، ولم يستطع مقاومة الفكرة، فاستحوذت عليه.
فوضع خياراته نصب عينيه، محاولا المفاضلة بينها.
فإذا قرر الزواج، سوف تكون زوجه لجواره، وتحل مشكلته النفسية والفطرية، ويكمل نصف دينه.
ولكن هل يستطيع تفادي الأعراض الجانبية لهذا القرار وتجاوزها؟
بقلم: حسين نوح مشامع