اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ثورة اجتماعية (01) ابنتي
قبيل دخول الشهر المحرم بعدة شهور كانت في معيتي ابنتي الكبرى ونحن عائدون بعد نهاية دوامها المدرسي. اعتدت في هذا الوقت الاستماع الى محاضرات دينية بشكل يومي. وكما هي عادة هذه المحاضرات تبدأ بمصيبة الحسين(ع)، وتنتهي بتلك المصيبة، ويكون بينهما دروس ومواعظ وارشاد. عندها عبرت ابنتي عن نفسها وعن شعورها عن تلك المحاضرات بكل صراحة، قائلة بنفرزة وهياج، وتقطيب جبين، كأنها تفشي سرا دفينا طال كتمانه: هذا ليس بالشهر المحرم، ولا هذه ايام عشرة عاشوراء، حتى نسمع كل يوم هذه المحاضرات المحزنة. فلقد تعبنا من سماعها، دون أن نرى أثرها في حياتنا اليومية. فنحن لا نرى من تلك الثورة إلا الظلم والطغيان الذي طال الإمام الحسين(ع) وأصحابه وأهل بيته. ولا نعيش منها إلا البكاء الذي قرح عيوننا، واللطم الذي ادمى صدورنا، وإلاهات والزفرات والجزع الذي الهب قلوبنا. فهل هناك غير هذا ممكن نستفيده لتطوير حياتنا نحو الأفضل والاسمى؟
قلت لها بعطف الأبوة وحنانها: ابنتي العزيزة هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، خاصة بالنسبة الى من عنده ثقافة بسيطة مثلي. لكن دعيني ابحث وانقب لعلني أجد جوابا لسؤالك.
قالت وكأنها تنتقي كلماتها بعناية فائقة: خذ من الوقت ما يكفيك، بشرط أن تأتني بجواب منطقي يمكن لعقلي الصغير فهمه وهضمه، ورجاءا والدي الابتعاد عن استدرار العواطف، فلم تعد تؤتي اكلها.
تطلعت اليها باستغراب، وكأني اراها لاول مرة، كأنما تتكلم بغير لسانها، أو لأنها لقنت ذلك الكلام تلقينا.
فأخذت ابحث واقرأ وأسأل لعلي أصل إلى ضالتي. وهذا ما أحاول أن نضع يدي عليه في الحلقات القادمة.
بقلم: حسين نوح مشامع