اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
وقود الاصلاح الحسيني (45) الشهيد الحجاج بن زيد السعدي
قال الله تعالى: ((الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)) (67) الزخرف. وسئل الإمام علي بن موسى الرضا عن قول النبي(ص) ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) فقال : "هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل". عيون أخبار الرضا(ع)- الشيخ الصدوق -ج01 - الصفحة93.
لا يخفى أن شهداء كربلاء كانوا نماذج بشرية، أصبحت شوكة في عيون الجائرين والمعتدين، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيونهم، ويقض مضاجعهم، نماذج أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، أظهر هوية إنسانية جديدة، قدمها الحسين درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين.
وبين أيدينا الجوهرة الخامسة والاربعين من هذه السلسلة المباركة، جوهرة التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكانت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، ومن جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة سلام الله عليه وهي:
اسم الشهــــــيد: الحجاج بن زيد السعدي
الشــــــــــــباك: ضريح شهداء كربلاء
تاريخ الوفــــاة: يوم عاشوراء عام 61هـ.
أعماله البارزة: ايصال إحدى رسائل رؤساء القبائل الخمسة في البصرة الى الإمام الحسین(ع) بكربلاء. (01)
اسمه ونسبه:
الحَجّاج بن زيد التَميمي السعدي، قيل في اسمه: الحجاج بن بدر، وقيل الحجاج بن زيد، كما قيل حجاج بن يزيد. من طائفة بني سعد بن تميم. من أسرة شريفة من بني سعد. (01) وكان الحجاج بصرياً من عدنان (عرب الشمال). (02) قال العسقلاني في الاصابة: هو حجاج بن زيد بن جبلة بن مرداس بن بوبن بن عبد قيس بن مسلمة بن عامر بن عبيد السعدي البصري التميمي أحد الفصحاء. (03) وقيل ربما كان في العقد الثالث من عمره حين استشهاده على اقل تقدير، وربما كانت ولادته سنة (35هـ\656م). (06)
نبذة تاريخيه عن والد الشهيد:
كان ابوه زيد بن جبلة (حيلة) بن مرداس، من أهالي البصرة، أحد الفصحاء وشرفاء المسلمين، ومن أصحاب الإمام علي في حرب صفين، وكان ذا مروءة بحسب مصادر أهل السنة. قال ابن حجر في أول ترجمته له: ذكره ابن عساكر فيمن وفد على معاوية. ثم قال في آخر ترجمته: وذكر ابن عساكر أنه وفد على معاوية فجرى بينهما كلام طويل، فيه ما يدل على أنه كان مع علي بصفّين. وكان الأحنف بن قيس يقول: طالما خرقنا النّعال إلى زيد بن جبلة، فنتعلّم منه المروءة - يعني في الجاهليّة. وأراد عبد الله بن عامر (والي البصرة أيام معاوية) أن يجعله على شرطة البصرة فلم يقبل. (01)
التحاق الشهيد بالحسين(ع)
كان الحجاج من شيعة البصرة وفرسانها، وعندما راسل الإمام الحسين رؤساء القبائل الخمسة في البصرة، كتب يزيد بن مسعود النهشلي، أو مسعود بن عمرو الأزدي، وهو أحد الخمسة، يُعلن وقوفه وقبيلته بني سعد إلى جانبه، ثم دفع الرسالة إلى الحجاج بن زيد ليوصلها إليه، فالتحق الحجاج بالركب الحسيني بكربلاء. وعندما كان الحجاج متهيّئاً للمسير إلى الحسين(ع)، سار إليه جماعة من العبديين؛ فجاءوا معه إلي بكربلاء. ولما تلقّاه الإمام وقرأ الكتاب قال: "آمنك الله من الخوف وأعزّك وأرواك يوم العطش الأكبر". ويُقال إن الحجاج التحق بالحسين(ع) في مكة وبقي إلى جانبه، ورافقه حتى بلَغوا كربلاء. ولعل أخبار الحجاج بن زيد هنا اختلطت بأخبار حجاج بن مسروق (مرزوق) الكوفي، حيث صرحت المصادر القديمة بخروج الأخير إلى مكة المكرمة، والتحاقه بالحسين(ع) من هناك. (01)
قصّة الكتاب
قال السيّد الداوديّ: إنّ الحسين عليه السّلام كتب إلى: المنذر بن الجارود العَبديّ، وإلى يزيد بن مسعود النَّهشليّ، وإلى الأحنَف بن قيس.. وغيرهِم من رؤساء الأخماس والأشراف. فأمّا الأحنَف، فكتب إلى الحسين عليه السّلام يُصبّره ويُرجّيه. وأمّا المنذر، فأخذ الرسولَ إلى ابن زياد فقتله! وأمّا مسعود بن عمرو، فجمَعَ قومَه: بني تميم، وبني حنظلة، وبني سعد، وبني عامر.. وخطبهم يخبرهم بموت معاوية بن ابي سفيان، وعقد البيعة لابنه يزيد، ويطالبهم بنصر الإمام الحسين(ع). وعندما لبوا طلبه ووافقوا على النصرة، كتب إلى الإمام الحسين عليه السّلام مع الحجّاج بن زيد السعديّ: أمّا بعد.. فقد وصَلَ إليَّ كتابُك، وفَهِمتُ ما نَدَبتَني إليه ودَعَوتَني له، مِن الأخذ بحظّي مِن طاعتك، والفوزِ بنصيبي مِن نُصْرتك، وإنّ اللهَ لم يُخْلِ الأرضَ مِن عاملٍ عليها بخير، ودليلٍ على سبيلِ نجاة، وأنتم حُجّةُ اللهِ على خَلْقهِ، ووديعتُه في أرضه، تَفَرّعتُم مِن زيتونةٍ أحمديّة، هو أصلُها، وأنتم فَرعُها، فأقْدِمْ سُعِدتَ بأسعدِ طائر؛ فقد ذَلَّلْتُ لك أعناقَ بني تميم، وتَركتُهم اشَدَّ تَتابُعاً في طاعتك مِن الإبل الظِّماء لِورودِ الماء يومَ خِمْسِها. وقد ذَلَّلتُ لك بني سعد، وغَسَلْتُ دَرَنَ قلوبها بماءِ سَحابةٍ مُزْن، حين استَهّل بَرقُها فلَمَع. (04)
استشهاده:
استشهد الحجاج يوم عاشوراء في أول هجوم شنّه جيش عمر بن سعد. وأغلب المؤرخين يذكرون استشهاده بعد ظهر عاشوراء. ولقد ذُكِر لوحده بين من قُتِل بكربلاء من بني سعد. (01) وهناك من ذكر انه قتل مبارزة. (06)
ورد اسمه في زيارة الشهداء:
ورد اسمه في زيارة الشهداء: "اَلسَّلَامُ عَلى الْحَجَّاجِ بْنِ زَيدٍ السَّعْدِي". كما ورد اسمه في زيارة الناحية المقدسة. (01) «السلام على الحجّاج بن زيد السعدي. وفي الزيارة الرجبيّة: «السلام على الحجّاج بن يزيد» بدل «زيد». (05)
وباستشهاد "الْحَجَّاجِ بْنِ زَيدٍ السَّعْدِي" مناصر لأبي الضيم وابي الأحرار(ع)، ومدافع عن الحق الالهي، فار من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته، تنتهي حلقتنا هذه.
بقلم: حسين نوح المشامع
المصادر: (01)(شبكة ويكي شيعة) – (02)(شبكة المكتبة الشيعية) – (03)(شبكة مكتبة مدرسة الفقاهة)
– (04)(شبكة الإمام الرضا) – (05)(فرسان الهيجاء ج01 – الشيخ ذبيح الله المحلاتي) – (06)(اضواء على مدينة الحسين ج01 – محمد صادق الكرباسي)