رحلة ميت (3-4) - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الـمـيـزان الـعـلـمـي :. ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية عقائد - فقه - تحقيق - أبحاث - قصص - ثقافة - علوم - متفرقات

إضافة رد
كاتب الموضوع حسين نوح مشامع مشاركات 1 الزيارات 2239 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

حسين نوح مشامع
عضو
رقم العضوية : 768
الإنتساب : Feb 2008
المشاركات : 459
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 0
المستوى : حسين نوح مشامع is on a distinguished road

حسين نوح مشامع غير متواجد حالياً عرض البوم صور حسين نوح مشامع



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي رحلة ميت (3-4)
قديم بتاريخ : 11-Jun-2008 الساعة : 03:49 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


رحلة ميت (3)
لليوم الثاني على التوالي، لا يزال الجثمان محشوراً داخل ثلاجة الموتى، لم يبرح مكانه - على ما اعتقد. لم نحاول الاتصال به. ولم يصلنا منه ما يفيد معرفته بنا، وبما نقوم به من رحلات مكوكية، في محاولة لتحرير جسده. بعد أن تحررت روحه دون رجعه، من متاعب الحياة الدنيا وأهوالها. فهناك جدار سميك يفصلنا عنه، نشعر به لا نستطيع لمسه، يمنعنا من التواصل.
يوم جديد، وعودة جديدة لمواصلة دربنا الذي بدأناه. خرجنا في ذلك اليوم باكراً - ومن حسن حظنا - كان الطقس يميل إلى الاعتدال. ولم يواجهنا ما يكدر صفو ذلك النهار، من حوادث مرورية. تكون لنا نذير شؤم، ورسول عذاب. وبلغنا المستشفى في الموعد المضروب لنا، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

أخذنا في الانتظار، حتى يحدد موقع ملف التقارير. ويقبض عليه متلبساً، بتهمة التهرب من قبضة المراسل. فأخذنا نضغط على أعصابنا، لان لا تنفجر غيظاً. ونضغط على ألسنتنا، لان لا تبوح أفواهنا بما يدور في صدورنا. وصبرنا بدل النصف ساعة ضعفيها، حتى قاربت استراحة صلاة الظهر. صبر من يعض على جمرة محمرة، لا يستطيع بلعها، ولا يمكنه لفضها.
أخذت أعيننا تراقب ساعة الحائط، وهي تجر عقرب ثوانيها، من موقع إلى آخر. يصل عويلها إلى أعماقنا، مع كل دقة تطلقها كأنها آتية من قاع قلوبنا الملتهبة. أخذنا نتحرك من مقاعدنا، ونتمايل يمنة ويسرة، تخفيفاً للضغط النفسي الذي أخذ يداهمنا. يتطلع كل منا للآخر في محاولة لطلب العون، واستلهام السكون.

وكلما طال جلوسنا توجهنا للمسؤولين، طلباً لإطلاق سراحنا. فيقال لنا بدم بارد - ورد جامد، ودون الالتفات للمسافة التي قطعناها، ودون إعطاء أهمية لغربتنا: لا يزال البحث جارياً على قدم وساق. وبعد عدة مكالمات أجروها قالوا: لقد وجدنا الملف، وسوف تستلمون التقرير فوراً. تنفسنا الصعداء، بعد أن زيحت هذه الغمامة من أمامنا. فخرجنا متأملين أن يكون الفرج لصاحبنا قريب.

لم نضيع وقتناً، فتوجهنا مباشرة إلى التأمينات الاجتماعية، لعلنا نلحق بهم قبل الإقفال للصلاة. فلم نتمكن، فانتظرنا حتى أديت، وتقدمنا لإنهاء إجراءاته. في طريقنا توقفنا لعمل عدة نسخ، من ذلك التقرير تحسباً لطلبها، مما أخر وصولنا. لم نتأخر طويلاً عندهم، وأخذوا نسخ من التقرير، وعملوا تحقيق معنا عن المتوفى والحادث. سلمونا مذكرة طلب تقرير عن الحادث موجه إلى الشرطة. مما زاد في تألمنا، تحسباً لما قد يأتي.

تركناهم من فورنا متوجهين إلى مقر الشرطة، ولكن لم نجد صاحب قضيتنا. فأخذنا في الانتظار من جديد، كأننا طيور جائعة، على ضفاف نهر يتلاطم بالسمك المتقافزة. لم استطع تحمل شدة الانتظار وقسوته، فأخذت أتلفت يمنة ويسرة، عن من يقدم إلينا يد المساعدة. فعثرت على مرادي في من هو أعلى منه مرتبة، وأكثر تفاعلاً ورأفة بالغرباء وذوي الحاجات. فباشر ما كنا بدأناه، وحولنا إلى الأحوال المدنية بخطاب آخر. طالباً منا سرعة تنفيذه، والرجوع إليه سريعاً قبل الإقفال. أخذنا كلامه على محمل الجد، فدب فينا الحماس، معتقدين بالخلاص.

ولكن هيهات - فلقد ارتدت تلك الشحنة من الشجاعة والقوة التي بثها فينا عكسياً. فطلب إصدار وثيقة وفاة ليست من السهولة في شيء، مع اقتراب وقت إقفال الدوائر الرسمية. فوجهتنا الأحوال إلى الجوازات، للحصول على معلومات المتوفى. دوائر تتبعها دوائر، وحلقات تتبعها حلقات. لا ثبات لها، ولا استقرار. متاهات لا يعرف آخرها، من أولها. فرحنا كثيراً لإنهاء ذلك التقرير، ولكن ضياعنا في تلك الشوارع الغريبة، قلبه حزناً. مع دليل ضاعت عليه معالم المدينة، واختلفت عليه مداخلها ومخارجها. جعل الأمر أكثر صعوبة، والوصول إلى وجهتنا أكثر تعقيداً.

ومع رجوعنا إلى بوابة الأحوال من جديد، كنا على وجل وخوف لا يبدده أمل. فلقد خرج الموظفون ولم يبقى هناك من يخدمنا. فرجعنا إلى ديارنا مهزومين، بسبب ضيق الوقت، وقلت ما حققناه. وكلما تذكرنا أن هناك يوم آخر أو أيام أخر، نقوم فيها بالكثير من الجري، زاد همنا وقلت عزيمتنا. وزاد إحساسنا بالإرهاق كأنما، موت صاحبنا هم على هم.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف - السعودية

رحلة ميت (4)
لم يكن اليوم الثالث بأفضل حالاً عن ما سبقه من الأيام، فما هو إلا جزء من تلك السلسلة ومتمم لها. وخرزة كالبقية، ونسيج نظام واحد، ينتظم بها كامل العقد. محن متصلة، ومتممة لما سبقها. مصاعب متراكبة، وهموم متلاحقة لا تنفك عن بعضها. لم نتمكن في اليوم الفائت من اللحاق بمكتب الأحوال المدنية، قبل خروج الموظفين. لذا أرغمنا على الرجوع مرة أخرى إلى الأحساء، لإتمام بقية الإجراءات. لعلنا ننهي مصيبة أهل صاحبنا المتوفى في غربته، والممتحن في جثته.

كان هذا يوم جديد في مسار رحلتنا، ورحلة رفات رفيقنا السابق. وتستمر معاناتنا، ولم نتمكن من الوصول إلى نهايتها. وأول محطة لنا ذلك اليوم، كانت في الأحوال. حيث انقطع تدفق سيل مشوارنا، في اليوم السابق. وهناك تبدأ الهموم، وتتواصل المحن. حيث الموظفون في الجهة الأخرى من زجاج الصالة الكبيرة، مع صعوبة الوصول إليهم، والتواصل معهم. ولا تتمكن من فهم طلباتهم، فأنهم كالفراش تتراقص على وهج شمعة متقدة. فتضطر إلى الاستعانة بمن حولك من المراجعين، الذي لن يكونوا أكثر خبرة، وأعظم ومحنة منك.

وقفت في طابور للاستفسار عن حاجتي، وأخذت رقم لمعرفة دوري. ولكن ذلك لم يكن ليعينني، ولم يكن ليفيدني. لان شاشة الأرقام غاضبة حانقة، ترشقنا بعيون محمرة. رغم كونها ميتة لا روح تتحرك فيها، ومتيبسة لا حياة تدب فيها. طال انتظاري، فهجمت مندفعاً إلى تلك النافذة الصغيرة الضيقة. عندما حانت مني التفاته إلى ذلك الموظف، الذي جره قدره إلي. فأخذ طلبي وأوراقي، وعدت إلى مقعدي مستلهماً الصبر والهدوء.

دبت الحياة فجأة في شاشة الأرقام المتخشبة، وأخذت في الدوران. تغيرت الأرقام عدة مرات، حتى قاربت رقمي، فعادت إلى بياتها الصيفي الحارق. ذلك البيات الأليم، الذي يحيل حرارة الجو المحرقة اللاهبة، إلى جحيم ونيران لا تطاق. كأنما هي تترصدني محاولة الانتقام مني. اجتاحني شعور بالهزيمة والهضيمة، هزني من الأعماق. في تلك اللحظة من الانهيار، سمعت أسمى وأعطيت طلبي. فكأنما بعثت من بين الأموات، وأخرجت من بين المعذبين.

خرجت سريعاً فاراً، كانهزام الفريسة من فم الأسد. وجهتي مركز الشرطة، متوقعاً آخر السوء. ولكن القدر لي بالمرصاد، مصمماً قهري وامتحاني. سلمت شهادة الوفاة، ولم ينتهي حزني. فاستلمت خطاب موجهاً، إلى سفارة بلاد من كان يوما ما يعيش بيننا. وسحب مني خطاب التأمينات، ولم أعطى جوابه. خطاب للسفارة لطلب موافقتها، على ترحيل الجثمان، أو دفنه محلياً. شكرنا الله عز وجل - على وجل - متأملين عدم الذهاب إلى تلك القرية النائية - التي اختارها فقيدنا لتكون آخر شيء يراه من الدنيا - للحصول على تقرير الحادث.

عدنا أدراجنا، وتوجهنا راجعين إلى ديارنا، إذ لم يكن بوسعنا عمل أي شيء. لقد توقفنا عند تلك الخطوة ولا يمكننا التقدم، حتى حصولنا على جواب السفارة. كطفل قطع حبله السري، وتوجب عليه الخروج رغماً عنه. وبقي صاحبنا متجمداً في مكمنه، لا نعلم ما يفعل به، ولا ما يدور حوله.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف السعودية


منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : حسين نوح مشامع المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-Jun-2008 الساعة : 12:11 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صلى على انبي المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء والتسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم وعلى أبائهم السلام




إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc