الزهراء (عليها السلام) في نظر القرآن - الحلقة الأولى
بتاريخ : 29-May-2007 الساعة : 03:20 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الزهراء في نظر
القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
"الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمّن القلوب موصولها، وأنار في التفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته، ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيّته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها، إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته، وإعزازاً لدعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده عن نقمته، وحياشة لهم إلى جنته ".
من خطبة الزهراء .
وصلى الله على محمد وأهل بيته الأطيبين الأطهرين ، المعصومين المنتجبين ، المظلومين المقهورين .
واللعنة الدائمة السرمدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين ، أبد الآبدين ودهر الدهور ، سيما من ظلم فاطمة وغصبها حقها وتجرأ عليها ، وضربها وأسقطها ، ولطمها وأنبت المسمار في صدرها ، لعن الله ظالميكِ يا فاطمة .
اللهم : كن لوليك القائم بأمرك ، الحجة محمد بن الحسن المهدي عليه و على آبائه ، أفضل الصلاة و السلام ، في هذه الساعة ، و في كل ساعة ، وليا و حافظا ، و قائدا و ناصرا ، و دليلا و مؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا ، و تمتعه فيها طولا و عرضا ، و تجعله و ذريته من الأئمة الوارثين .
السلام عليك يا بنت رسول الله ، السلام عليك يا بنتنبي الله ، السلام عليك يا بنت حبيب الله ، السلام عليك يا بنت خليل الله ، السلام عليك يا بنت صفي الله ، السلام عليك يا بنت أمين الله ، السلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته ، السلام عليك يا بنت خير البرية ، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله ، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ، السلام عليك أيتها الرضيةالمرضية ، السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك أيتها الحوراء الإنسية ،السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة ، السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة ، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة ، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك أشهد أنكمضيت على بينة من ربك وأن من سرك فقد سر رسول الله ، ومن جفاك فقد جفا رسول الله ومن قطعك فقد قطع رسول الله لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه ، أشهد الله ورسله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه ساخط على من سخطت عليه ، متبرئ ممن تبرأت منه ، موال لمن واليت ، معاد لمن عاديت ، مبغض لمن أبغضت ، محب لمن أحببت وكفي بالله شهيداوحسيبا وجازيا ومثيبا .
مقدمة :
وحين تشكل الزهراء ( ) المدرسة الإسلامية الكبرى في حياة الرّسالة والأُمّة بصفتها غرس النبوة الوحيدة الذي تولّى إنجاب خلفاء الرسول ( ) الشرعيين المتمثّلين بأئمة أهل البيت ( ) .
وحين تكون الزّهراء ( ) النافذة الوحيدة التي يطلُّ منها القادة الحقيقيون على الإنسانية ، فلابد للإسلام أن يولي مدرسته ـ هذه ـ كثيراً من الأهتمام والعناية ليجعل أُمته أكثر قدرة على سلوك السبيل الألحب المتمثل باتّباع أهل بيت الرسالة ( ).
والقرآن الكريم ـ وهو دستور الأُمّة الخالد ـ قد أولى فاطمة الزّهراء ( ) عنايته وأبرز قيمتها ومعالم شخصيّتها في كثير من آياته .
وإذا شاء الباحثون أن يستوعبوا هذه الآيات بحثاً ودراسة واستقراءً لأضطروا إلى تأليف كتابٍ ضخم بل كتب وليس كتاباً واحداً ، لتحقيق هذا الهدف ، ولذا فإنّنا حين نتعرّض للحديث عن مقام الزهراء ( ) في نظر القرآن ، فلابد لنا أن نلتزم جانباً من الإيجاز ما دام الأمر يحاج إلى كثير جهد وبذل وقت طويل ، هذا أولاً .
وثانياً : سوف نلتزم مبدأ " أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم " ، فحديثنا سيكون بما يتناسب وفهم الناس وفقههم ، وشعورهم وعقلهم وإدراكهم .
ولنكتف بسرد الآيات الآتية :
1ـ « إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا »الأحزاب (33).
اجمع المؤرّخون وأهل التفسير ـ من الصّحابة والتابعين ـ على أن هذه الآية نزلت في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( ) فقد ورد عن أُمّ سلمة ( رضي الله عنها ) : أنها قالت : إنّ هذه الآية نزلت في بيتي ، إذ أن النبيّ ( ) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ( ) وجلّلهم بعباءةٍ خيبرية ، ثم قال : « الّلهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً » ، فنزل قوله تعالى : «إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ».
وقد هزّ أُمّ سلمة الشوق على أن تكون معهم ، فقالت لرسول الله ( ) « هل أنا من أهل بيتك ؟». قال : « لا ولكنّك على خير ».
وحين يلقي المتتبع نظرة فاحصة على هذا الحديث الذي ترويه أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة ، وحين يطّلع على مكانة أُمّ سلمة ـ نفسها ـ في الإسلام ومكانتها الرفيعة عند الرسول ( ) يتّضح له السّر الذي دفع الرّسول ( ) إلى عدم حشرها في أهل بيته ( ).
فأمُّ سلمة هي التي يكلّفها الرسول ( ) بأُمور خاصّة وخطيرة دون غيرها من نسائه لتتولاها ، فهو يكلّفها بتربية فاطمة الزهراء ( ) بعد وفاة أُمّها ، وهي التي تتولى مهمّة زفافها ورعايتها ، كما أنّ كثيراً من الحوادث التي عاشها بيت الرّسالة ـ أفراحاً كانت أم أتراحاً ـ كان لأُمّ سلمة حظٌ وافر فيها . والتأريخ يمتلىء بشواهد جمّة ، كلُّها تسبغ على هذه الإمرأة الجليلة إطاراً من القدسية والقدم في الإسلام والإخلاص للرسول ( ) .
ولكنّ هذه المكانة الرّفيعة التي تتمتّع بها أُمّ المؤمنين أم سلمة لم ترفعها إلى الدّرجة التي وصلها أهل البيت ( ) لأنّ أهل البيت لهم درجتهم الخاصّة ونصيبهم الخاص من الكرامة الإلهية " نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد " وأيضاً " لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد" ، مما جعل القرآن الكريم يفرد لهم صفة إذهاب الرّجس عنهم ، الرجس بجميع درجاته وأفراده وحصصه ، فما فيهم من الرجس ذرة بل دنونها ، ومن ثم وبعد شهادة القرآن وصراحته ، فلا يجرأ على نسبة شيء من الرجس إليهم () إلا كافر أوغير السوي .
فهم وبشهادة الآية المباكة بعيدون عن كلّ خلق ونشاط وتحرُك وسكون لا يمتُ إلى رسالة السّماء بصلة ، فقد انطبع فكرهم وإدراكاتهم وكافّة ألوان نشاطاتهم وعواطفهم بلون الرّسالة الإلهية المقدّسة ، حتى عادوا إسلاماً يسير على الأرض.
ولهذا أعطى الرّسول ( ) أُمّ سلمة مقامها الذي يختلف في علوّ منزلته عن مقام أهل البيت ( ) ، فهي على خير أو إلى خير ، ولكنّها لا تبلغ ذلك المقام السّامي ، مع أنّها مّمن أنعم الله عليها بدرجة عالية من الإيمان ولم يعرف عنها : أنّها خالفت الرسول ( ) في حياته ، أو مماته ، أو خالفت معالم التشريع في جانب من سلوكها.
والرواية ـ على هذا الأساس ـ تتحفنا نتيجة منطقية : أنّ آية التطهير ما نزلت إلاّ في الزهراء وأهل بيتها ، وليس لأزواج الرسول ( ) نصيب فيها ـ كما يدّعي البعض ـ لأنّ الرسول ( ) رفض حشر أكثر ازواجه تقى ، وأعلاهنّ مقاماً في الإسلام في أهل بيته ، والإنخراط في سلكهم ، فكيف تكون الآية قد خصّت الأُخريات من نسائه ؟
وهكذا ترسم لنا الآية الكريمة أنّها تعيش في إطار بيت الزهراء ( ) دون أن تخرج إلى مدار أوسع ، وفقاً لما قرّره الرسول ( ) في محاورته لأُمّ سلمة ، وإجابته على طلبها بالنفي مع كونها على خير.
ولنا عودة إن شاء الله .
اللهم : كن لوليك القائم بأمرك ، الحجة محمد بن الحسن المهدي عليه و على آبائه ، أفضل الصلاة و السلام ، في هذه الساعة ، و في كل ساعة ، وليا و حافظا ، و قائدا و ناصرا ، و دليلا و مؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا ، و تمتعه فيها طولا و عرضا ، و تجعله و ذريته من الأئمة الوارثين .
والحمد لله أولآً وآخراً ، وصلى الله وسلم على محمد وآله طاهراً فطاهراً .