اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الجواب: على إشكالية تغيّر الشريعة:
نقول في الجواب عن هذه الشبهة: إنَّ الله تعالىٰ قد ضرب في القرآن الكريم مثلاً وهو قصَّة موسىٰ والخضـر، فموسىٰ كان لديه علم الشـريعة الظاهرة، وهي لا تقتضـي خرق السفينة، ولا قتل الغلام، ولا بناء الحائط، فإذا كان الله تعالىٰ يقتصـر علىٰ الشـريعة الظاهرية لَـمَا قُتِلَ الغلام وبسببه كان الناس يُحرَمون من سبعين نبيّاً، لكن أوجد الله تعالىٰ الخضر ليعمل في الخفاء وبواسطة علمه اللدنّي ما فيه المصلحة للبشـرية، يقول تعالىٰ: (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف: 65)، يقول العلماء: إنَّ المراد من (عِبادِنا) أنَّ هناك مجموعة من العباد زوَّدناهم بالعلم اللدنّي، وبواسطته يعملون في الخفاء ويُحدِثون تغييرات مهمّة تكون في صالح المجتمع الإنساني.
نحن الشيعة نعتقد بأنَّ الله تعالىٰ زوَّد إمامنا المهدي بل جميع الأئمّة بالعلم كلّه، قال تعالىٰ: (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (الأنعام: 59)، فكلّ شيء أودعه الله تعالىٰ في كتاب مبين، فما هو المراد من الكتاب المبين الذي أودع الله تعالى فيه كلّ شيء؟ المراد هو الإمام ، فقد ورد عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن عن قول الله: ... (فِي كِتابٍ مُبِينٍ)، قال: «في إمام مبين»(1).
نقول في جواب شبهات العلمانيين: إنَّ الله تبارك وتعالىٰ خالق الكون، وهو تعالىٰ صاحب الكمالات اللامتناهية والعلم اللامتناهي، إذن فهو يعلم بحاجات البشـرية في جميع الأوقات والأزمان، وقد زوَّد الإمام المهدي بهذا العلم، هذا هو معنىٰ ما ورد في زيارة الإمام المهدي : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيفَةَ اللهِ وَخَلِيفَةَ آبائِهِ المَهْدِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِيَّ الأَوْصِياءِ الماضِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حافِظَ أَسْرارِ رَبَّ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَقِيَّةَ اللهِ مِنَ الصَّفْوَةِ المُنْتَجَبـِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ الأَنْوارِ الزَّاهِرَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ الأَعْلامِ الباهِرَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ العِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ العُلُومِ النَّبَويَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللهِ الَّذِي لَا يُؤْتىٰ إلَّا مِنْهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَبـِيلَ اللهِ الَّذِي مَنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ناظِرَ شَجَرَةِ طُوبىٰ وَسِدْرَةِ المُنْتَهىٰ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله الَّذِي لَا يُطْفئ...»(2)، ومن جملة أسرار ربّ العالمين هو ما يحتاج إليه الإنسان في جميع الأزمان. إذن لسنا بحاجة إلىٰ أن نرفع اليد عن الدين والشـريعة، لأنَّها تلبّي كلّ طلبات الإنسان وتحتوي علىٰ كلّ ما يحتاج إليه.