اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
حقوق الإنسان بين الإعلان العالمي والإمام الحسين
من الموضوعات التي أثارت، ولا زالت تثير جدلا عريضا في العالم موضوع حقوق الإنسان في الإسلام، حيث التهم المختلفة التي تكال بمناسبة وبدونها للدين الإسلامي ـ من هنا وهناك ـ سواء من قبل المناوئين له، أو أولئك الذين يسيرون في ركبهم، قصدا أو انخداعا بما يشيعون من تهم تتمثل في أن الدين الإسلامي يفتقر إلى المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ويصادر حقوق الإنسان وينتهكها.
وموضوع حقوق الإنسان في الإسلام موضوع عام، وواسع بحيث لا يمكن استيعابه تفصيلا خلال الحجم المقدر لمثل هذه الدراسة الموجزة، بما يتناسب والغرض الذي من أجله أجريت أساسا.
عليه وقع الاختيار على موضوع أخص من ذلك وهو موضوع حقوق الإنسان عند الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ().
لا غنى لنا ونحن نروم البحث في موضوع حقوق الإنسان لدى الإمام الحسين () من تقديم عرض للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك لأمرين:
الأول: لمعرفة السبق الزمني لأي منهما ـ الإعلان العالمي والإمام الحسين ـ كيما نثبت السبق لأحدهما، وهو المتقدم زمنيا في الدعوة غلى مثل هذه المبادئ الإنسانية.
الثاني: الوقوف على حقيقة الرقي الفكري الذي يتمتع به صاحب السبق بحيث أملى عليه ذلك الرقي هذه المبادئ قبل الآخر بغض النظر عن الفترة الزمنية التي تفصل بينهما، في حين لم يبلغ الآخر ذلك إلا بعد فترة زمنية معينة.
ولادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
لم يكن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ الذي عد من أهم الإنجازات البشرية في ميدان تكريم الإنسان ـ بحيث باتت البشرية تقيم المناسبات السنوية احتفاء بذكرى ميلاد ذلك الإعلان، لم يكن قد ولد ولادة طبيعية، بل يمكن القول بأنه قد ولد ولادة قيصرية إثر الأحداث الدامية التي مرت بها البشرية والمسيرة الشاقة التي سارت بها البشرية طويلا في الكفاح من أجل الوصول إلى صيغة تكفل للإنسان صيانة لحقوقه الأساسية.
فالأصول "التاريخية للرؤى القوية التي تستطيع أن تشكل أحداث ومواقف العالم مثل تلك الخاصة بحقوق الإنسان الدولية نادرا ما تكون بسيطة. إنها على العكس تخرج بطرق معقدة ومتداخلة من تأثير العديد من القوى، والشخصيات، والظروف والأوقات المختلفة، والأوقات المتباينة، كل منها تنساب بطريقتها الخاصة "
فالإعلان العالمي ولد إذن حيث "كان المجتمع ـ في جميع أدواره ـ يعالج صراعا دائبا بين الشعب والبلاط.. فطورا كانت الملوك تنتصر على الشعوب، وآونة كانت الطبقات الكادحة تنتفض فتتغلب على جهاز الحكم "
وهكذا بين قتل وقتال، وكر وفر، ومخاضات عسيرة مرت بها البشرية، ولد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك في أواخر النصف الأول من القرن العشرين، عام 1948 تحديدا.
القيم الواردة في الإعلان:
هناك مجموعة من الحقوق، والقيم، والمبادئ تناولها الإعلان العالمي في مواده يمكن أن توجز بالتالي:
1ـ حق الحياة.
2ـ حق الملكية.
3ـ حق الحماية.
4ـ العدل.
5ـ المساواة.
6ـ الحريات.
إلى غير ذلك مما ورد في الإعلان. يجدر بالذكر أن كل واحد من الحقوق، والمبادئ المتقدمة يتفرع عنه مجموعة من الأقسام، فالحريات ـ على سبيل المثال ـ تنقسم إلى الحريات الشخصية، والحريات الفكرية، والحريات السياسية. والمساواة إلى المساواة في الحقوق والواجبات، والمساواة في الإنسانية وهكذا.
فما تقدم إذن هو عرض إجمالي موجز للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من حيث زمان نشأته، والحقوق والمبادئ الأساسية التي وردت فيه، ولم نرد الخوض في ثنايا الإعلان المذكور تفصيلا لعدم الحاجة إلى ذلك إلا بمقدار المقارنة بينه وبين حقوق الإنسان في الإسلام عموما، وفي فكر الإمام الحسين () خصوصا، ومن وجهة نظري أرى أن هذا العرض الموجز للإعلان يفي بالغرض في ضوء ما حددنا من هدف.
حقوق الإنسان في الإسلام:
لا بد لنا ونحن نروم الخوض في موضوع حقوق الإنسان لدى الإمام الحسين () من أن نمر إلى ذلك عن طريق البحث في حقوق الإنسان في الإسلام لنقف من خلال ذلك على مدى الصلة الوثيقة بين الإمام الحسين () والإسلام.
ينكر البعض من مناوئي الدين الإسلامي، ومن يسير في خطاهم على الإسلام كونه يدعو إلى إقامة دولة، ولذا يحصره بالتالي في إطار التعاليم الدينية التي لا تعدو تنظيم علاقة الإنسان بربه، وبما أن حقوق الإنسان تتطلب قوة ملزمة تفرض تطبيقها، ومراقبتها فيكون الدين الإسلامي ـ بناء على وجهة نظر المتقدمين ـ خال من حقوق الإنسان من منطلق كون المسالة سالبة بانتفاء الموضوع، أو أن التعاليم المتعلقة بحقوق الإنسان في الدين الإسلامي لا تعدو كونها أمورا استشارية، أو استئناسية ـ حسب الاصطلاح القانوني الوضعي ـ وبالتالي فهي تفتقد لعنصر الإلزام الذي يضفي على كل مبدأ صفة القانونية.
عليه لابد من الإجابة على السؤال التالي قبل الحديث عن مبدأ حقوق الإنسان في الإسلام وجودا وعدما، والسؤال يتلخص بالتالي:
هل الإسلام دين فقط، أم أنه دين ودولة؟
لم يكن الإسلام كغيره من الأديان الأخرى ـ مع احترامنا الشديد لها ليؤطر تعاليمه بحدود علاقة الإنسان بربه، إنما وسع من تلك الدائرة لتمتد إلى ميدان علاقة الإنسان بغيره. وبما أن تشابك العلاقات الإنسانية، وتعقدها بحاجة إلى تنظيم لئلا تتحكم المصلحة الشخصية بها مما يقود إلى التضارب، فقد أقام الإسلام الدولة الإسلامية، ودعا معتنقيه إليها وذلك لضمان حماية مصالح المسلمين، وتنظيمها.
فالدين الإسلامي منظومة متكاملة من التعاليم التي لم تكن لتكتفي بجانب مما ذكرنا على حساب الجانب الآخر، إنما " يؤمن بأن الحياة يجب تنظيمها ـ ليس بالإيمان فحسب ولكن أيضا ـ بالعلم والعمل، والذي تتسع رؤيته للعالم بحيث يستوعب، بل يدعو إلى قيام المسجد والمصنع جنبا إلى جنب،... يرى أن الشعوب لا يكفي إطعامها وتعليمها فقط، وإنما يجب أيضا تيسير حياتها، والمساعدة على سموها الروحي ".
ثم إن التاريخ يروي لنا بما لا مجال إلى إنكاره كيف أقام الرسول الكريم أعظم دولة عرفها التاريخ البشري، وهذا دليل عملي على كون الإسلام دين ودولة، وما فصل الدين عن السياسة سوى مقولة نشأت في التاريخ الإسلامي بدوافع مصلحية بحتة لا غرض لنا بالخوض فيها في دراستنا هذه.
عليه لم يقتصر الإسلام على الدعوة النظرية إلى مبادئ حقوق الإنسان حسب، إنما طبقها عمليا في ظل حكومتي الرسول الأكرم ()، والإمام علي ()، بما أدهش العالم قديما، وحديثا.
حقوق الإنسان لدى الإمام الحسين ():
على الرغم من أن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السلام ـ لم يكن من الأئمة الذين تسلموا منصب قيادة الدولة الإسلامية لأسباب عدة لا غرض لنا هنا بتعدادها، والخوض فيها إلا أن كلمات الإمام الحسين () التي وردتنا عن طريق كتب الأخبار تدل على أنه () مسلح بتلك المبادئ بحيث لو قدر له وتسلم تلك القيادة لطبق تلك المبادئ كما هي الحال بالنسبة لأبيه الإمام علي ()، وجده النبي محمد ().
نلفت نظر القارئ الكريم إلى أننا سوف نتناول حقوق الإنسان عند الإمام الحسين () وفق الترتيب الذي ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكي يسهل على القارئ العزيز، وغيره إجراء مقارنة، أو الوقوف على الاثنين فيما لو رام ذلك.
الحرية وتأثير انتهاكها بين الإمام الحسين والإعلان:
تناول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديباجته مسألة الكرامة الفطرية كأساس للحرية الإنسانية، وحقوق الإنسان، "إن الاعتراف بأن الكرامة الفطرية، والحقوق المتساوية وغير القابلة للانتقاص منها لكل أعضاء الأسرة الإنسانية هي أساس الحرية، والعدالة والسلام في العالم"، وقد اعتبر انتهاك هذه الكرامة والحرية الإنسانية بمختلف أنواعها مما يقود إلى الحروب، والويلات، والمآسي، والثورات،" وحيث أن تجاهل وازدراء حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية، أثارت غضب ضمير الجنس البشري... وحيث أنه من الضروري، إذا لم يجبر الإنسان على اللجوء، كملجأ أخير إلى الثورة ضد الطغيان والقمع، فإن حقوق الإنسان يجب أن تحمى بحكم القانون".
عليه ـ بناء على الإعلان العالمي ـ تلزم صيانة الحرية، والكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان إذا أريد للمجتمع ـ الداخلي أو الدولي ـ أن يعيش حالة من الأمن والاستقرار بحيث يصلح لعيش الإنسان في بالمقدار الذي يكون فيه قادرا على البناء والإنتاج.
أما الإمام الحسين () فلم يكن قد توقف في هذه المسألة بحدود إطارها النظري حسب، وإنما أنزلها، بل نزل بها إلى حيز الواقع العلمي، ومارسها شخصيا. فحين أحس الإمام الحسين () بمدى انتهاك حقوق الإنسان، والحرية الذي باشرت به حكومة يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان بحق أبناء الشعب لم يكن ليقف مكتوف الأيدي إزاء ذلك، بعد أن استنفد كل الوسائل الممكنة لثني ذلك الطاغية عن ممارساته تلك عندها باشر شخصيا بممارسة التغيير الذي عبر عنه بقوله: "ألا وإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".
وبقوله: "لا ينبغي لنفس مؤمنة ترى من يعصي الله فلا تنكر عليه"، وأي عصيان لله أكبر من استعباد خلقه الذين كرمهم بقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم )
المعذرة للإطاله لكن أترك لكم التعليق وهناك وقفه بين الرؤيتين ولكن بعد تعليقاتكم وأراكم التي تعطر السطورنا
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام على الحسين
وعلى علي ابن الحسين
وعلى أولاد الحسين
وعلى اصحاب الحسين
اللذين بذلوا مهجهم دون الحسين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسألكم الدعاء
توقيع خادمة المرتضى
...يا محمد لولاك لما خلقت الأكوان... ولولا علي لما خلقتك... ولولا فاطمة لما خلقتكما...
اللهم العن الجبت والطاغوت والنعثل بعدد فضائل حيدر
يا رب الزهراء بحق الزهراء اشف صدر الزهراء بظهور الحجة