اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ملائكة العذاب
أيقضني من نومي ذات يوم، وقبل ذهابي إلى عملي صباحا، حلم مزعج. ومن سوء ما رأيت سحبت نفسي منه سحبا، ولم استطع الإفصاح عنه إلى احد. فلقد كان اقرب إلى كابوس مزعج اقض مضجعي، منه إلى حلم لطيف يبشر بخير.
قمت هاجرا منامي، متوقعا أن يصبنا مكروه -لا سمح الله. توجهت من فوري إلى زوجتي المستيقظة في انتظاري، وقبل أن انطق ببنت شفة، وكأننا على موعد ضرب مسبقا قالت: اتصل ابننا على اثر حلم مزعج رآه، وطلب إخراج صدقة. قلت في عجب فاغرا فمي: لا اله إلا الله... هذا ما أتيت من اجله. استغفرت ربي، وأردفت: ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به.
عند رجوعي مع الظهيرة لتناول وجبة الغداء، بدى على زوجتي آثار التعب والمرض، ولكنها كانت تحاول أن تتماسك. فلم اعر ذلك كثير أهمية، لاعتقادي بأنه عرض زائل.
برجوعي من عملي آخر النهار، اخذ الحلم يفسر نفسه، وأخذت بداياته تظهر للعيان. وقعت زوجتي على الأرض، كجلمود صخر حطه السيل من عل. سقطت وتكومت، كأنها قطعة قماش بالية. لم تستطع أن تتمالك نفسها، ولم تقدر على القيام، لشدة ما الم بها. فاتفقنا على أخذها إلى اقرب مستشفى خاص، لتتلقى عناية خاصة.
بوصولنا الإسعاف أخذنا ننتظر، وهي تتلوى وتأن، ولم يهب لنجدتها احد. لم استطع البقاء صامتا، فأخذت أفتش عن دوسية العلاج. فذهبت إلى الاستقبال، فقيل: سيكون عند الطبيب حال إخراجه من الأرشيف. قلت سبحان الله، وكل هذا الوقت وأقسام المستشفى لصيقة ببعضها، ومساحته لا تزيد عن ستمائة مترا! كان مثلنا في انتظار ممرضة تحن عليه. لم يكن الوقت مسليا لطول فترته، ولم يكن المكان مريحا لضيقه - وكثرت المراجعين.
حولنا دون أن نعلم، من الإسعاف إلى الطبيب العام الأوحد، وجلسنا حتى نتشرف بنظرة منه. ولم يكن منهم حولنا من المرضى والمراجعين، بأحسن حالا منا. فالكل يئن ويتوجع في صمت، كأنهم لا حول لهم ولا قوة. أو أنهم تعودوا على هذا الوضع، لكثرة مراجعتهم. كنا ننتظر على الصراط، نأمل المرور - وعدم السقوط في الهاوية.
بمرور الوقت أخذ الناس حولنا ينجزون ويذهبون، ونحن لا نعلم ما هو مصيرنا. ومن كثر ما الم بها من الضيق والألم، طلبت الاستفسار من طبيب الأذن الحنجرة! فوجدت الأوراق لديه، فطلب رؤيتها، ولكن ممرضته رفضت. وأرجعت الأوراق حيث كانت، كأن بيننا وبينها ثأر قديم تقتصه، فعدنا إلى حيث بدأنا.
نهرتنا الطبيبة بشدة لجرم لا نعلم ما هو! كل ما عرفناه إننا لم نفتح ملف، مع إننا دفعنا المعلوم، وطلب منا الانتظار. فشب شجار حاد بيني وبينها، لإصرارها على أجراء روتيني ممل، دون أن النظر برأفة ورحمة لحال زوجتي التي تتلوى ألما. كأنها من زبانية جهنم، مكفهر وجهها لا يبتسم.
فسحبت الوصل من يدها بشدة، وتوجهت إلى الاستقبال. فائرة أعصابي، متوترة أوداجي، طالبا إرجاع ما دفعت. ولم يكفني ذلك، بل أصررت على رؤية المدير، رافعا صوتي مهددا متوعدا. قلبت المستشفى رأس على عقب، وتجمع الناس حولي محاولين تهدئتي.
دخلت على المدير مكتبه شارحا وضعي المؤلم. وبعد أن امتص غضبي، وانتهر ممرضة أمامي وخرجت تبكي، طلب الطبيب لفحص زوجتي. فأجرى الكشف عليها، وأعطاها حقنة، وكتب لها أقراص مهدئة. بعد أن أكد لها أن مصابها ليس له علاج، وسوف يعاودها مرات ومرات. كأنه نذير شؤم، لا يأتي إلا بالخراب.
وقفت بعيدا لأخفف من ثورتي، ولامكن الطبيب من أداء عمله. بعدها رجعت إلى المدير، لأقدم له شكري. فوجدت أن الممرضات قد سبقنني إليه، مبررات سبب تقاعسهن، ويضعن لومهن علي.