تناقضات لا حل لها:
والغريب في الأمر: أن هذه الرواية منقولة بطريق الوجادة، من خط الفضل بن يحيى بن علي الطيبي.
وقد رواها السيد هاشم البحراني المتوفى سنة 1107 هـ. ق. ورواها العلامة المجلسي المتوفى سنة 1111 هـ. ق. مصرحين بالوجادة المذكورة.
ولكن بين الروايتين تناقضات ظاهرة، كما أن بينهما وبين النص الذي ذكر الشهيد التستري بعضاً منه، تناقضاً أيضاً، ونحن نشير هنا إلى الموارد التالية:
ألف: قد صرح الشهيد القاضي التستري بأن المسافة بين القرية التي مرض فيها علي بن فاضل، وجزيرة الرافضة هي خمسة عشر يوماً، منها يومان صحراء مقفرة، لا يحصل فيها ماء، وأما الباقي فعامر، والقرى فيها كثيرة ومتصلة
(1).
ولكن العلامة المجلسي في النص المنقول عنه آنفا، والسيد هاشم البحراني أيضاً
(2) يقولان: إن المسافة خمسة وعشرون يوماً، منها يومان بغير عمارة ولا ماء، وبعد ذلك فالقرى متصلة الخ.فراجع.
ب: في رواية المجلسي الآنفة الذكر: أن عدد الأمراء والأنصار هو ثلاث مائة، وبقي ثلاثة عشر ناصراً.
لكن في رواية البحراني: أن عدتهم هي ثلاث مائة وأحد عشر، وبقي .
ج: تنص رواية المجلسي على أن علي بن فاضل قال: «لم أر لعلماء الإمامية عندهم ذكرا سوى خمسة: السيد المرتضى الموسوي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، ومحمد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلي».
لكن في رواية البحراني قد نص على أنهم ثلاثة فقط فقال: «ما رأيت من أحد من علماء الشيعة الإمامية عندهم ذكر إلا الشيخ أبو جعفر الطوسي، والسيد المرتضى علم الهدى، والشيخ أبو القاسم جعفر بن اسماعيل الحلي، وان الشيخ أبا القاسم خالف الشيخ الطوسي في ست عشرة مسألة والحق معها
(4) مع الطوسي»
(5).
د: ويلاحظ: الاختلاف الآخر في النص المتقدم، فرواية المجلسي تذكر:
جعفر بن سعيد الحلي.
ورواية البحراني تذكر:
جعفر بن إسماعيل الحلي.
هـ: رواية المجلسي تقول: فلما كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض.
لكن رواية البحراني تقول: فسرنا خمسة أيام، فلما كان في اليوم
السادس رأيت ماء أبيض
(6).
و: وتذكر رواية المجلسي المتقدمة: أن السيد شمس الدين أعطى علي بن فاضل حنطة وشعيرا، فباع ما أعطاه إياه بمئة وأربعين ديناراً ذهبا.
لكن رواية البحراني تقول: إنه باع ذلك بخمسة وعشرين ديناراً ذهبية، ومثلها دراهم فضة
(7).
ز: ويظهر أن في رواية البحراني تناقضاً آخر، حيث تقول الرواية تارة إنه قال لشمس الدين محمد العالم:
«وهل رأيت الإمام قال: لا، ولكن أبي رآه»
(8).
ولكنه عاد فقال: «ذكر لي السيد شمس الدين بأن الإمام (
) يأتي في رأس كل سنة إلى تلك القبة، وما يجتمع بها إلا المخلصون.
قلت له: لعلك منهم؟. فبكى، وقال: إن شاء الله»
(9).
فيظهر من ذلك ـ بملاحظة أن هذا الرجل هو النائب الخاص له (
) في تلك الجزيرة ـ أنه قد رآه، فمن أولى به منه برؤية الإمام (
) وجوابه هذا ظاهر في الإيجاب، فإذا أخذنا ذلك بنظر الاعتبار، يحصل التناقض بين جوابه هذا وجوابه السابق.
ح: لقد ذكرت رواية المجلسي: أن شمس الدين قد أعطى علي بن فاضل خمسة دراهم من الجزيرة، قال: «وهي محفوظة عندي للبركة».
لكن رواية البحراني تقول: إن علي بن فاضل قال عن شمس الدين: «وذكر لي أن هذه الجزيرة لا يدخل إليها درهم، ولا يخرج منها درهم. ودراهمهم مكتوب عليها.. الخ»
(10).
ط: وقد صرحت رواية المجلسي بأنه حين علم أنه قد بقي إلى أن تأتي الميرة من «الجزيرة الخضراء» أربعة أشهر تأثر لطول المدة، ومكث عندهم مقدار أربعين يوماً يدعو الله، ليلاً ونهاراً بتعجيل مجيئها، ففي آخر يوم من الأربعين خرج إلى شاطىء البحر ينظر إلى جهة المغرب فرأى شبحاً من بعيد.. الخ..
ولكن رواية البحراني تقول: «إنه مكث عندهم مقدار أسبوع، ثم خرج إلى شاطىء البحر، فرأى شبحاً من بعيد.. الخ»
(11).
وحسبنا ما ذكرناه حول هذا الأمر، وبإمكان المطالع أن يجد المزيد من ذلك إذا دقق النظر، وقارن بين النصين.
هذا، مع العلم بأن المأخوذ عنه في كلا المصدرين هو كتابة وجدت بخط الشيخ الطيبي!!.
فكيف اختلف المتن إلى هذا الحد، وظهرت فيه هذه التناقضات يا ترى!.
ـــــــــــــــ
(1) مجالس المؤمنين ج 1 ص 78.
(2) تبصرة الولي ص 245.
(3) تبصرة الولي ص 249.
(4) الظاهر: أن الصحيح هو: فيها.
(5) تبصرة الولي ص 250 / 251.
(6) تبصرة الولي ص 246 / 247.
(7) تبصرة الولي ص 250.
(8) المصدر السابق ص 247.
(9) تبصرة الولي ص250.
(10) تبصرة الولي ص 250.
(11) تبصرة الولي ص 246.
يتبع>>>