الجرح قد يجب وقد يستحب:
هذا.. وقد ورد ما يدل على استحباب أو وجوب جرح الإنسان نفسه في موارد عديدة.. مما يعني أن بعض موارد الجرح لا اقتضاء فيها للحرمة، فضلاً عن أن تكون من موارد الحرمة الذاتية، أو القبح العقلي.. ونذكر من هذه الموارد ما يلي:
1ـ الحجامة، فإنها مستحبة، والروايات فيها كثيرة.
2ـ
ثقب أذن المولود، فإن ذلك من السنة، فقد روى الكليني بسند صحيح، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله []، قال:
ثقب أذن الغلام من السنة، وختان الغلام من السنة الكافي ج6 ص36
وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن الرضا [] عن التهنية بالولد متى؟
فقال: إنه قال: لما ولد الحسن بن علي هبط جبرئيل بالتهنية.. إلى أن قال: ويعق عنه، ويثقب أذنه. وكذلك حين ولد الحسين الخ.. الكافي ج6 ص34.
3ـ والختان مستحب أيضاً، ورواياته كثيرة، ومنها صحيحة ابن سنان المتقدمة.
وروى الكليني أيضاً، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن علي [عليهما السلام]: إذا أسلم الرجل اختتن، ولو بلغ ثمانين الكافي ج6 ص37.
وهناك روايات صحيحة أخرى، وردت في الكافي وغيره من كتب الحديث، تدل على استحباب الختان. فليراجعها من أراد..
وقد يجب الختانلأجل الحج.
مع أن الختان جرح للجسد، وفيه ألم وأذى.
4ـ
خفض النساء: وقد روي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله [] قال: خفض النساء مكرمةالكافي ج6 ص34 و37.
فالحكم باستحباب ذلك كله، أو بوجوبه، يدل على أنه ليس فقط قبيحاً عقلاً، ولا هو حرام ذاتاً، وإنما يدل على أنه لا اقتضاء فيه للحرمة أصلاً، بل تكون حرمته أو وجوبه بسبب صيرورته مورداً للعنوان الحرام أو الواجب، أو غيره..
وفي غير السياق المتقدم نذكر:
5ـ
إن الزهراء [] كانت تطحن بالرحى حتى مجلت يداها البحار ج43 ص84.
بل لقد قال الراوندي: «كانت فاطمة جالسة قدامها رحى، تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل، والحسين في ناحية الدار يبكي» الخرائج والجرائح ج 2 ص 530 و531.
فلو كان الإدماء، أو إلحاق الأذى، والألم بالنفس حراماً ذاتاً، أو قبيحاً عقلاً، لم يجز للزهراء [] أن تفعل ما يوجب ذلك..
6ـإن الشارع قد حكم بجواز الفصد، وإخراج الدم.. وهذا شاهد آخر على ما ذكرناه..
7ـ جواز نتف الشعر، الذي ورد التصريح بجوازه في الراويات (كما في الوسائل وغيرها).
والكلام فيه كالكلام فيما سبقه..