|
عضو
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
المصباح المحمدي
المنتدى :
ميزان المنبر الحر
بتاريخ : 04-Sep-2008 الساعة : 11:22 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المبحث الثالـــث :-
الـمـنـاقــشـة في مـتـن الـروايــة
وننتقل بعد هذا كله إلى مناقشة رواية السمري من جانب ثالث ، وهو المناقشة في متن الرواية التي كثر النـزاع والاختصام فيها ، ولكي نعرف مراد الإمام المهدي (ع) من هذا التوقيع لابد من النظر إلى متـنه ، ويمكن المناقشة في هذا المبحث من عدة جهات منها :-
1- هل إن هذه الرواية مشمولة بقانون (لوح المحو والإثبات) ، أم هي من (أم الكتاب) ؟ !!! .
والجواب قطعاً إنها تقع في دائرة المحو والإثبات القابل للبداء , فإذا كان السفياني يقع ضمن حيز دائرة البداء كما ورد عنهم (ع) فرواية السمري اقل أهمية واقل بعدا في أحداث عصر الظهور بل إن رواية السمري واحدة كما مر وبسند واحد أيضاً وفي السفياني الكثير من الروايات ، بل إن السفياني والصيحة والخسف من المحتوم ومع ذلك فأهل البيت يقولون بإمكانية وقوع البداء به ، وانقل لك يا قارئي هذه الفقرة من كتاب الشيخ ناظم العقيلي (حفظه الله)
( فأقول لكم : إن اكبر الباحثين في قضية الإمام المهدي (ع) من علماء الشيعة أكدوا على إن العلامات الحتمية للإمام المهدي (ع) ومنها الصيحة والسفياني قابلة للبداء ، ولا يتوقف عليها قيام الإمام (ع) . فربما يقوم الإمام (ع) ولا يتحقق كل أو بعض هذه العلامات الحتمية لتعلق البداء فيها .
فإذا حدث البداء في الصيحة والسفياني ، ولم يحدث البداء في صاحب النفس الزكية ، وجاءنا ذو النفس الزكية بالرسالة من الإمام المهدي (ع) ، ونحن ملتزمون بان كل من ادعى مشاهدة الإمام (ع) قبل الصيحة والسفياني فهو كذاب مفتر ، ففي هذه الحالة سوف نكذب ذي النفس الزكية ولا نقبل رسالته عن الإمام المهدي (ع) وربما نشارك في قتله لأننا نراه منحرفاً عن الدين لأنه ادعى مشاهدة الإمام المهدي (ع) قبل الصيحة والسفياني . وهذا أشكال محكم لا مفر لكم منه إلا بالتنازل عن رأيكم في تكذيب كل من ادعى مشاهدة الإمام المهدي (ع) ... ) .
وهذا ما أكدته الروايات ومنها ما ورد عن الجعفري قال : " كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (ع) :
(فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم فقلت لأبي جعفر (ع) هل يبدو لله في المحتوم ؟ . قال : نعم ، قلنا له : فنخاف أن يبدو لله في القائم ، فقال : إن القائم من الميعاد ، والله لا يخلف الميعاد)
2- لاحظ عزيزي القارئ متن رواية السمري وأسألك : هل اتفق العلماء على المعنى المراد منها ؟ !!! .
والجواب هو بالنفي فان كل من تناولها ، تناولها من جهة ما يفهمه هو ، ولذا فقد تعدد هذا الفهم لهذا التوقيع الشريف - وقد تقدم بعض توجيهاتهم وتفسيراتهم له – فإذا عرفنا هذا وعلمنا إن هذا الحديث من متشابه كلام أهل البيت (ع) وجب علينا الرجوع إليهم (ع) للحكم الفصل به ، ولا يتسنى لأحد أن يحكم متشابه حديثهم (ع) إلا هم (ع) خاصة ، وفي هذا قال السيد احمد الحسن (ع) :
(والآن أسال هل إن رواية علي بن محمد السمري محكمة أم متشابهة ؟ . فإن قلت محكمة بَيِّنَةِ المعنى .
أقول لقد صنف كثير من العلماء معاني كثيرة في فهمها ... ) .
وللمزيد نضيف بعض من هذه الآراء على الآراء المتقدمة منها :-
ما خطه الشهيد محمد الصدر (عليه الرحمة) في الموسوعة المهدية قال إن هذا التوقيع لا يشمل من ادعى روية الإمام المهدي وان كان بشكل غير قطعي ، كما انه لا يشمل من نقل أخباراً عنه (ع) بل ولا يشمل من ادعى النيابة والسفارة عن الإمام المهدي (ع) فليس كل من رأى أول نقل أو أرسل من الإمام المهدي (ع) هو كذاب مفتري بل ينحصر التكذيب لمن ادعى النيابة الخاصة للإمام المهدي (ع) مع كونه ينقل أموراً باطلة ومخالفة للإسلام ومبادئه فأنصت لمقالة السيد الشهيد الصدر حيث قال :-
( ... إذن مدعي المشاهدة كاذب مزور في خصوص ما إذا كان منحرفاً ينقل أمور باطلة عن الإمام المهدي (ع) . وأما فيما سوى ذلك فلا يكون التوقيع الشريف دالاً على بطلانه . سواء نقل الفرد عن المهدي أمور صحيحة بحسب القواعد الإسلامية أو محتملة الصحة على اقل تقدير ، أو لم ينقل شيئاً على الإطلاق ) انتهى كلامه (رحمه الله )
وقال رحمه الله في موضع آخر:
( إذن فقد تحصل من كل ذلك أن الأشكال الذي ذكروه غير وارد على التوقيع ولا على أخبار المشاهدة وانه بالإمكان الأخذ به وبأخبار المشاهدة ولا يجب تكذيبها ، إلا ما كان قائماً على الانحراف والخروج عن الحق …) انتهى كلامه . وأما مناسبة هذه الأطروحة، مع أطروحة خفاء الشخص، فلعدم اختفائه الشخصي عن خاصته ، وان كان مختفيا عن سائر الناس. ومن الواضح إن خاصته غير مختفين عن الناس، فيكونون هم همزة الوصل بين الناس وبينه، في نقل أخبارهم إليه ، ونقل أخباره إليهم إذا لزم الأمر.
فإذا كانت رواية السمري من المتشابهات التي لم يقف العلماء على تحديد المراد منها على وجه الدقة وكل شخص منهم يعطي رأياً مغايراً لما عليه الآخر وبقيت الساحة (أي ساحة هذه الرواية) قابلة للانطباق على أكثر من فهم ، كيف جاز لهم بناء حكم عقائدي عليها ، أو الاستدلال بها . أسألوهم إن كانوا يعرفون .
*****
3- ومن ضمن الإشارات التي أشار لها السيد احمد الحسن (ع) لإخراج الناس من الحيرة التي أوقعهم بها (علماء الدين غير العاملين)
قال السيد بعد كلام في الرواية : ( ... وإذا لم تكتف بهذا أقول من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم : إن القاعدة العقلية التي يقرها القوم في المنطق والأصول هي : (إن القضية المهملة بقوة الجزئية) ، والقضية الموجودة في رواية السمري وهي :
(فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر)
قضية مهملة فهي بقوة الجزئية ، أي تكون هكذا : (فبعض من ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر) ، ولا توجد قرينة خارجية تفيد كليتها بل توجد قرينة خارجية دالة على جزئيتها ، وهي الروايات الدالة على إرسال الإمام المهدي (ع) من يمثله في فترة ما قبل القيام ومنها الرواية التي مرت ورواية اليماني وغيرها كثير) .
فرواية السمري (رحمه الله) من القضايا التي لا يحتج بها إلا مخالف لمعتقده ، فهم يؤمنون بشيء ، ويقولون بخلاف ذلك المعتقد . فقضية رواية السمري من القضايا المهملة – حسب اصطلاحهم – والقضية المهملة لا يمكن الاستدلال بها هنا ، لأنها تعمل عمل الجزئية .
واليك شرح هذا الكلام :-
فقد قسم علماء المنطق القضايا (أي الكلام) إلى :-
أ- مسورة كلية . أي أن تجعل للكلام سور تحدده به . وهي على نوعين : نفي أو إثبات ، أي انك تقول في الإثبات (كل من شرب الماء فقد روي) وبهذا يتضح إن (سور الموجبة الكلية (كل) : كل ، جميع ، عامة ، كافة ، ألف ولام الاستغراق إلى غيرها من الألفاظ التي تدل على ثبوت المحمول لجميع أفراد الموضوع) . وكذا الأمر يكون في السلب .
ب- مسورة جزئية . وهي أيضاً نفي واثبات . أي أن تشير في الكلام إلى ما يدل على إن الكلام يدل على الجزئية ، في النفي والإثبات . فمثلا تقول في الإثبات (بعض من شرب قدح ماء روي) .
وقال المظفر في هذا : (وسور الموجبة الجزئية : هي: بعض ، واحد ، كثير ، قليل ، ربَّما ، وقَلَّما إلى غير ذلك من الكلمات الدالة على ذلك في جميع اللغات) .
ت- وهناك قسم من القضايا يسمى (المهملة) أي أن المتكلم أهمل فيها السور فلم يحدد الكلام لا بـ(كل) ولا بـ(جزء) . وبالتالي فهي تعمل عمل القضية الجزئية المارة ، ومثاله (من شرب الماء روي) ، فهي مهملة (غير محددة) تعمل عمل الجزئية أي كأنك قلت (بعض من شرب الماء روي) قال المظفر :
(وأمّا المهملة فهي رغم حكايتها عن المصاديق العينيَّة الواقعة في الخارج، إلا أنَّه لا قيمة لها ، لأنَّه لا يُدرى أكلِّية هي أم جزئيَّة ، فهي على أيِّ حال تعادل المحصورة الجزئية) .
وأنت كما ترى إن هذه القضية (رواية السمري) من القضايا المهملة التي لم تحد بسور :- (فمن أدعى المشاهدة ... فهو كذاب مفتر ) ، فهي لم تحدد بكل أو بعض أو ما شاكل ، فتكون من القضايا المهملة ، التي تعمل عمل الجزئية ، وهذا لا خلاف ولا شبهة فيه ، في إن بعض من ادعى المشاهدة هو كذاب مفتر ، إلا إن هذا في (البعض) لا في (الكل) ، وكما سمعت إن الروايات دالة على المشاهدة . والحمد لله وحده .
*****
4- كما إن هناك توجيها غير ما عرفه العلماء المتقدم ذكرهم وهو ما قال به المحقق النهاوندي في كتابه (العبقري الحسان) وهو خير ما وصل إليه العلماء حيث اقترب من كبد الحقيقة ، فقد أوجد المحقق النهاوندي مفهوماً جديداً للظهور والمشاهدة فقال إن الظهور والمشاهدة في الحديث الشريف هو ظهور الإمام (ع) التام فإذا كان كذلك فلا تعارض بين التوقيع والروايات الواردة في المشاهدة والنيابة ، قال :
( لا معارضة بين توقيع السمري وقصص اللقاءات من يحتاج إلى الجمع ، لان التوقيع الشريف بصدد منع دعوى الظهور ، الظهور العلني للإمام ، وذكر المشاهدة في التوقيع بمعنى الظهور والحظور كما في الآية (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) والقرينة على المعنى أمران
الأول قوله (ع) : فلا ظهور إلا بعد الهرج والمرج ، والفتنة والفساد .
والثاني قوله (ع) إلا من ادعى المشاهدة – أي الظهور ، ظهور الإمام (ع) – قبل خروج السفياني والصيحة من علامات الظهور ، وعلى هذا لا تعارض أبداً بين التوقيع الشريف وبين الحكايات …) انتهى كلامه .
*****
5- في ضوء الفهم السابق إلا إنا نتقدم خطوات إلى الإمام لنلاحظ شيئاً جديداً ، فنقول :-
إن التوقيع الشريف لم يتكلم عن مفهوم واحد بل انقسم الكلام فيه إلى مفردتين ، ومفهومين منفصلين ، هما ( الظهور ، المشاهدة ) كل واحد منهما يشير إلى مفهوم محدد ومرحلة ستمر بها الأمة ، ولكل منهما ضوابطه ، ولا يمكن فهم الحديث إلا من خلال فهم هذين المفهومين :-
أ- الظهور :- قال التوقيع الشريف : ( فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ) وحدد له علائم ثلاث هي : (وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا) .
ب- المشاهدة :- (وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة) أما في المشاهدة فقد حدد الإمام (ع) علائم خاصة بها فقال : (قبل خروج السفياني والصيحة) .
واعلم :-
إن الإمام (ع) لو أراد اتحاد المفهومين (للظهور والمشاهدة) لعبر عن ذلك بتعبير واحد ولقال :-
(فلا ظهور إلا بعد إذن الله ... وسيأتي شيعتي من يدعي الظهور ... )
أو قال مثلاً :-
(فلا مشاهدة إلا بعد إذن الله...وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة...)
وهم سادة البلاغة وقد جاء عنهم ما مضمونه : (أعربوا كلامنا فنحن قوم بلغاء) وأسياد المتكلمين ، فالإمام في هذا المورد يقصد المفارقة من خلال هذا التعبير بين هذين اللفظين وستتضح هذا الحقيقة من خلال الأسطر القادمة وذلك عبر شرحهما وبيان المراد منهما .
وللوقوف على الفهم الصحيح للحديث نأتي لفهم المفردتين (الظهور ، والمشاهدة) ونبدأ بالمشاهدة لتعلق الظهور بها :-
المشاهدة :-
والمشاهدة في التوقيع الشريف هي للإمام المهدي (ع) حصراً دون غيره بلا خلاف في هذا . وإلا لما وقع اختلاف – وقد سبق أن أتضح هذا الأمر في مقدمة هذا البحث .
ومشاهدة الإمام (ع) ( المشاهدة ) : تنقسم إلى قسمين :-
أ- إما أن تكون المشاهدة مشاهدة خاصة لفرد محدد .
ب- أو تكون المشاهدة عامة للجميع أي إن جميع الخلق يتسنى لهم فيها رؤية الإمام المهدي (ع) .
وقد تبين فيما سبق إ ن المتحصل هي رؤية الإمام (ع) على نحو الأشخاص والأفراد ويستند هذا الاعتقاد إلى أحاديث أهل البيت (ع) والحوادث التاريخية والواقع الملموس لمجموعة كبيرة جداً من الناس ، كلهم مجمعين على أن القسم الأول (المشاهدة الشخصية) غير ممنوعة وهي غير مشمولة بتكذيب الإمام المهدي (ع) بهذا التوقيع ، وقد مر سابقا بيان بعضها ، ولا يمكن لأحد بعد ما تقدم إنكارها .
فالتوقيع الشريف يُكذِّب ويشمل القسم الثاني من التقسيم السابق ، بل ليس باستطاعة أي احد إنكار هذه الحقيقة (حقيقة وجود المشاهدة الفردية بكل أقسامها على ما سبق) ، فينحصر شمول التوقيع ودورانه في القسم الثاني أي امتناع (المشاهدة العامة) ، أو قل بعبارة أخرى ارتفاع وانتهاء الغيبة الكبرى بشكل كامل و تام .
فان المشاهدة إذا كانت عامة وتحمل مفهوم (إذا رأته عين رأته ألف عين) كما سبق في قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) من قول المحقق النهاوندي فان الهلال إذا أشرق على الوجود رأته العيون السليمة ، وبالتالي فان من قال بالمشاهد في الحديث الشريف على هذا النحو قبل الصيحة والسفياني يكون مشمولا بمقولة الإمام المهدي (ع) : (هو كذّاب مفتر) .
والى هنا أتضح لنا فهم جديد لرواية السمري (عليه الرحمة) وأتضح مع هذا الفهم بطلان قول كل من استدل بهذا التوقيع الشريف ومنه نعرف مدى ابتعادهم عن جادة الصواب ودرجة تضليلهم لمن وثق بهم فأفتوا بفتوى مخالفة للمعتقد الإسلامي بل أفتوا بمسايرة الشيطان (لع) وتكذيب الإمام المهدي (ع) وذلك بتكذيب كل رسول للإمام المهدي حتى وان كان اليماني الموعود أو محمد ذو النفس الزكية الذي على اثر فتواهم وفتوى أشباههم يقتل بين الركن والمقام فيشتد غضب الله تعالى عليهم فيأذن لوليه بالقيام وسيأتي بعض التفصيل في السطور القادمة فانتبه .
فإذا فهمنا هذا كله وعرفنا ما هو المقصود من المشاهدة بقي علينا معرفة ما هي المفردة الأولى (الظهور)
الظهور
سبق وان قلنا انه لا خلاف بان الإمام (ع) لا يمكن مشاهدته كمشاهدة تنفي الغيبة التامة (أو الكبرى كما يعبرون) إلا بعد الصيحة والسفياني – هذا في غير قانون البداء - أما قبل هذا فالإمام مستمر في غيبته عن العامة ولكنه يلتقي بالخاصة وهذا ما أشارت إليه الروايات الصادرة منهم (ع) ومنها ما رواه الشيخ النعماني عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله يقول
{إن لصاحب هذا الأمر غيبتين أحدهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل ، ويقول بعضهم ذهب ، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحداً من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره} .
فهذا المولى الذي يلي أمر الإمام (ع) هو أول المؤمنين به ، كما نصت على ذلك الوصية من رسول الله (ص) . وسيأتينا بعض الروايات وفيها بيان من هو الذي يتولى الأمور طوال غيبة الإمام (ع) في أيام الظهور المقدس . والروايات تجيب بان من يتولى ذلك ويدير شؤون الإمام المهدي (ع) وينجز أموره في المجتمع يده اليمين ، أو قل يمانيه .
ولأن هذا الطرح جديد على الأمة ولم تعتد عليه من قبل ستواجهه بالرفض والعصيان وهذا هو الاختبار الحق وهو الظهور الذي عبر عنه توقيع السمري . مع إن أهل البيت (ع) أكدوا في أكثر من موضع على هذه المسالة ، وهاك عزيزي هذا النص الصريح بان الأمة تعادي الإمام المهدي (ع) أول ظهوره لا لشيء سوى إتباع الناس لعلماء السوء غير العاملين في معاداتهم للمهدي الأول (ع) ، عن أبى خالد الكابلي ، قال :
(( لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن على الباقر (ع) ، فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وأنسي به ، ووحشتي من الناس قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ماذا ؟ قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده ، قال : فتريد ما ذا يا أبا خالد ؟ قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه ، فقال : سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا ، ولو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة))
ولم يميز الأستاذ علي اكبر الغفاري (محقق الكتاب) هذه الحقيقة وظن إن الحديث يتكلم عن الإمام المهدي (ع) وفي نهاية الحديث الشريف علق قائلاً :
(في قوله " حرصوا على أن يقطعوه - الخ " قدح عظيم لهم .
والخبر يدل على أنه (ع) علم من عند الله تعالى أن الناس لا ينتظرون دولة القائم (ع) ، بل أكثرهم يبغضون شخصه فضلا عن دولته وسلطانه حتى أن في بنى فاطمة (ع) جماعة لو عرفوه باسمه وصفته وخصوصياته لقتلوه إربا : إربا لو وجدوه .
فلذا قال : يا أبا خالد سألتني عن سؤال مجهد يعنى سؤال أوقعني في المشقة والتعب ، والظاهر أن الكابلي سأل عن خصوصيات أخرى له (ع) غير ما عرفه من طريق آبائه (ع) من وقت ميلاده وزمان ظهوره وخروجه وقيامه) .
ولنا هذه الملاحظات :-
1- هل يعقل إن الشيعة كلهم يرتدون عن التشيع ، فلا يبقَ منهم مريد للإمام ودولته (ع) ؟ . والجواب بالنفي حتما ولكن سيكون في عصر الظهور فتنة يخرج الناس بها عن الولاية الإلهية وما ذلك إلا لأن كبار علماء التشيع سيطعنون بالإمام المهدي (ع) ويقولون له : (ارجع يابن فاطمة من حيث أتيت لا حاجة لنا بك فالدين بخير) كما اخرج علماء الشيعة الكبار (أمثال علي بن حمزة البطائني) أتباع المذهب الجعفري عن خط الولاية وجعلوهم يعادون الإمام الرضا (ع) ( ) . فالعلماء غير العاملين سبب تفرق الأمة وسبب خروج الناس عن الولاية قال علي بن أبي طالب (ع) لمالك بن ضمرة :
( كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - . فقلت : يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير ؟ . قال : الخير كله عند ذلك يا مالك ، عند ذلك يقوم قائما فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على أمر واحد) .
يتضح من الحديث إن هؤلاء (الذين يقولون هذا حكم الله وحكم الرسول أي يكذبون على الله ورسوله) العلماء غير العاملين هم سبب تفرق الأمة لذا عندما يقتلهم الإمام (ع) ستجتمع الأمة .
2- ظن المحقق (علي اكبر الغفاري وهو من كبار المحققين) إن أبا خالد سأل عن الإمام المهدي (ع) والحق إن اسم الإمام المهدي (ع) من الأسماء المعروفة في كل الفترات التاريخية ، وغير خفي على أبي خالد الكابلي . ولكنه سأل عن اسم المهدي الأول (والكلام في هذه النقطة طويل فصلنا القول فيه في كتاب (المهدي والمهديين في القرآن والسنة) فان شئت الاستزادة فراجع .
3- قال محقق الكتاب (الأستاذ الغفاري) :
(أن الناس لا ينتظرون دولة القائم (ع) ، بل أكثرهم يبغضون شخصه فضلا عن دولته وسلطانه حتى أن في بنى فاطمة (ع) جماعة لو عرفوه باسمه وصفته وخصوصياته لقتلوه إربا ، إربا لو وجدوه ) .
الشيعة بإجمعها لا يقولون نحن لا نريد الإمام المهدي (ع) لكنهم يريدون أن يأتيهم من حيث هم يريدون لا من حيث يريد الله ، فإذا جاء أمر الإمام المهدي (ع) عن طريق وصيه ورسوله إلى الناس كافة كذبوا به ولم ينصروه وهذا هو مقصود الإمام الباقر (ع) في حديثه لأبي خالد الكابلي ، لا كما توهم الأستاذ الغفاري من إنهم لا يريدون دولة وحكومة الإمام المهدي (ع) .
4- الحديث ركز على نقطة مهمة جداً أرجو الانتباه لها قال ( لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة ، بضعة ) فأعداء الإمام المهدي (ع) أو قل أعداء وصي الإمام المهدي (كما سبق) هم : علماء الشيعة الكبار (أو قل السبعين الكذابة في الحديث السابق) لذا ورد إن أشد أعداء الإمام المهدي : (هم مقلدة الفقهاء أهل الاجتهاد) والتفصيل في الكتاب المذكور أنفاً .
فشخصية اليماني الموعود هي الفاتح لباب ظهور الإمام المهدي ، وهو مصداق المفهوم الأول (أي الظهور) في التوقيع الشريف ، أما مفهوم (المشاهدة) فهي منحصرة في الإمام المهدي (ع)
وبهذا أتضح لنا المفهوم الأول والثاني ، واكتملت الصورة الأولى الواقعية التي جاء بها السيد احمد الحسن (ع) ، وبه تحل المشكلة التي رافقت الكثير من الباحثين ولم يتوصلوا إلى الحل النهائي لهذه المسالة (التي لم يحن وقتها عندئذ)( ) . فلا خلاف ولا شبهة في هذه المسألة فكل من ادعى إن الإمام المهدي (ع) خرج وانتهت غيبته بصورة نهائية قبل الصيحة والسفياني فهو كذاب مفتري كما سبق ، لكن التعليل هو امتناع ذلك لان الإمام المهدي (ع) يكون مسبوقاً بوصية ورسوله إلى الناس كافة ، فهو الذي يقود حركة الظهور التي ربطها الحديث بمشيئة الله سبحانه ، وهو الذي يتولى أمر البيعة للإمام المهدي (ع) كما جاء عن الإمام الباقر (ع) أنه قال : (حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه)
فانتبه لعبارات الإمام الباقر (ع) التالية :-
(قبل خروجه) ، (المولى) ، (كان معه)
فالمسألة قبل خروج الإمام وهذا هو التمهيد لقضية الإمام المهدي (ع) بوصيه (ع) وهو ذلك (المولى الذي ولـِّيَ البيعة) الذي سبق وأشرنا إليه .
وأما عبارة الإمام (ع) (الذي كان معه) فلكي تبين لك إن هذه الشخصية كان لها بعدا زمنياً أعمق من هذه الحادثة أو هذا التوجيه ، وهذا التوجيه هو الذي يفسر لنا الحديث الوارد عن أمير المؤمنين (ع) وهو على المنبر - :
(يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون ، مشرب بالحمرة ، مبدح البطن عريض الفخذين ، عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان : شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي (ص) ، له اسمان : اسم يخفى واسم يعلن ، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد ، فإذا هز رأيته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب ، ووضع يده على رؤوس العباد ، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد وأعطاه الله قوة أربعين رجلا ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه وفي قبره وهم يتزاورون في قبورهم ، ويتباشرون بقيام القائم عليه السلام .) .
وفي الحديث رموز كثيرة .
والاسم هنا هو رمز الشخص ، فالإمام المهدي (ع) (محمد وهو الاسم الذي يعلن) يخرج إلى الناس بوساطة وصيه (احمد وهو الاسم الذي يخفى) ، أي يكون متنقلا بينهم ويدبر شانهم بوصيه ، لهذا ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع) :
(للقائم اسمان اسم يخفى واسم يعلن فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد ) .وهذا هو الظهور المقصود في التوقيع الشريف .
أي إن للقائم (ع) شخصية تـمثله ، وان كانت غير معروفة من قبل انتبه لعبارة الإمام الباقر (ع) قال : (اسم يخفى) ، وهذا الاسم (الشخص) هو احمد ، وهو اسم أول المهديين (ضمن وصية رسول الله- ص-)( ) ( ) : (له ثلاث أسامي : اسم كاسمي واسم أبي : عبد الله ، واحمد ، والاسم الثالث المهدي ، وهو أول المؤمنين) .
وهذا الاسم المخفي (أي اسم وصي الإمام المهدي (ع) وهو المهدي الأول ... ) هو الاسم المنهي عن ذكره في روايات أهل البيت (ع) إلى أن يصل الأمر إلى قولهم (ع) : (كافر من سماه باسمه) وهذا هو الاسم المخفي .
ومحمد بن الحسن العسكري هو الاسم المعلن وهو المقصود من حديث أهل البيت (ع) (إن المهدي لا يرى بجسمه ولا يسمى باسمه) ، أي انه يُرى بغير جسمه ، فيظهر للناس بوصيه ، ويُسمى بغير اسمه فلا يسمى الإمام المهدي إلا عبر وصيه (أي باب مدينة الكمالات الإلهية) فلا يسمى باسمه بل يسمى بالاسم المخفي (احمد) وهو اسم وصيه واليماني الموعود ، لا من باب الحلول ، ولكن من باب ذوبان شخصية المهدي الأول بالإمام المهدي (ع) واختفائها فيه (ع) ، وبهذا يتضح مفهوم (الظهور)
|
|
|
|
|