في معنى « التقية »

التقية : وهو أشرف ألقاب أم الأئمة الأطياب ( عليهم السلام ) ، وهو مشتق من وقى يقي وتقوى وتقاة وتقية ، والمعنى وقاية ، قال أهل اللغة : تقي في الأصل « وقى » ، أبدلت الواو تاء ، وتقوى أصلها وقوى ، على وزن نجوى وتقاة وقاة ، فقلبت الواو تاء ، من وقيته أي منعته ، والوقاية الإمتناع ، وإنما قلبت الواو تاء ، لأنه كان في الأصل أوتقى على افتعل ، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، وأبدلت منها التاء وأدغمت ، فلما كثر استعماله على لفظ الافتعال ، توهموا أن التاء من نفس الحرف فجعلوه اتقى يتقي بفتح التاء فيهما مخففة ، ثم لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه به ، فقالوا تقي يتقي مثل قضى يقضي ، والأمر فيه للرجل « ق » وللمرأة تقي ، بني الأمر على المخفف ، فاستغنى عن الألف فيه بحركة الحرف الثاني في المستقبل ، وق على ظلعك أي ألزمه ، وفي الذكر الحكيم ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ).

والوقاية بالكسر التي للنساء ، والوقاء بالفتح ما وقيت به شيئا . والإتقاء بمعنى الخوف والحذر ، وقوله تعالى ( واتقوا الله حق تقاته ) ، وقوله تعالى ( أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) أي تخاف الله على أي حال .

والتقي هو من يخاف الله ويرى حضوره ويجتنب المعاصي ويتورع ، قال الطبرسي ( رحمه الله ) : المتقي من أطاع الله ولم يعصه ، وشكر نعمته ولم يكفرها ، وذكر الله ولم ينسه ، وهو المروي عن الصادق ( عليه السلام ) .

وذكر المفسرون وعلماء الأخلاق معان ومراتب للتقوى لا تنتهي بمقام إلا بما قاله النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « اللهم اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة » ، وقد ذكرت تمام مراتب التقوى في قوله تعالى ( ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) .

فمن اتصف بهذه الصفات فهو تقي إن كان رجلا ، وتقية إن كان امرأة ، والمعنى واحد فيهما . روي في علة تلقيب الجواد ( عليه السلام ) بالتقي : إنه اتقى الله فوقاه الله شر المأمون لما دخل عليه بالليل وهو سكران فضربه بسيفه حتى ظن أنه قتله ، فوقاه الله شره » .

والآن يلاحظ القارئ المتأمل أن الزهراء لم تلقب بالتقية النقية لمجرد التلقيب والاشتهار بهذا اللقب ، وإنما كانت هي كلمة التقوى ، وليس في نساء العالمين امرأة مثلها في الخوف والخشية والطاعة والامتثال .

وأهل الحق والأولياء يزورونها بهذه الصفة ويعرفون أنها حقيقة التقوى وتمامها .

قال بعض العارفين : إن خيرات الدنيا والآخرة جمعت في كلمة واحدة وهي « التقوى » ، وقد ذكر الله تبارك وتعالى خصال التقوى في اثنى عشر موضعا من كتابه ، منها ما كان في مقام الإكرام والتفضيل كما في قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .

وفي الصحيفة السجادية : « اللهم وأنطقني بالهدى والمداومة على التقوى ، ووفقني للتي هي أزكى ، واستعملني بما هو أرضى ، اللهم اسلك بي الطريقة المثلى واجعلني على ملتك أموت وأحيى » .

العودة إلى الصفحة الرئيسية