صفاتها وأخلاقها

من الآيات القرانية الدالّة على تفضيل فاطمة الزهراء قوله عزّ اسمه في آية المباهلة: (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا نَدْعُ أبناءَنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفسَنا وأنفسَكم ثمّ نبتهل فنجعلْ لعنة الله على الكاذبين).
وقد أجمع أهل القِبلة على أنّ النبيّ وسلم لم يدع للمباهلة من النساء سوى البضعة الزهراء، وأُمّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ كنّ حينئذٍ في حجراته ، فلم يدع واحدة منهنّ ـ ولا عائشة ـ وهنّ بمرأىً منه ومسـمع.
وأنت تعلم أنّ مباهلته وسلم بعليٍ وفاطمة والحسنين ،

والتماسه منهم التأمين على دعائه، بمجرّده فضل عظيم، وانتخابه إيّاهم لهذه المهمّة العظيمة، واختصاصهم بهذا الشأن الكبير وإيثارهم فيه على من سواهم من أهل السوابق، فضل على فضل، لم يسبقهم إليه سابق، ولن يلحقهم فيه لاحق، ونزول القرآن العزيز آمراً بالمباهلة بهم بالخصوص فضل ثالث، يزيد فضل المباهلة ظهوراً، ويضيف إلى شرف اختصاصهم بها شرفاً، وإلى نوره نوراً ـ كما قال الاِمام شرف الدين العاملي رحمه الله(1) .
وقال ؛: إنّ اختصاص الزهراء من النساء والمرتضى من الاَنفس ـ مع عدم الاكتفاء بأحد السبطين من الاَبناء ـ دليل على ما ذكرناه من تفضيلهم ، لاَنّ عليّـاً وفاطمة لمّا لم يكن لهما نظير في الاَنفس والنساء كان وجودهما مغنياً عن وجود مَن سواهما، بخلاف كلٍّ من السبطين، فإنّ وجود أحدهما لا يغني عن وجود الآخر لتكافُئهما، ولذا دعاهما
جميعاً، ولو دعا أحدهما دون صنوه كان ترجيحاً بلا مرجّح، وهذا ينافي الحكمة والعدل.
نعم، لو كان ثمّة من الاَبناء من يساويهما لدعاه معهما، كما أنّه لو كان لعليٍ نظير من الاَنفس أو لفاطمة من النساء لَما حاباهما، عملاً بقاعدة الحكمة والعدل والمساواة. انتهى(2).
ومنها: قوله جلّ وعلا في آية التطهير: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً
) وقد علم كلّ منصف أنّ هذه الآية البيّنة إنّما نزلت في الخمسة أصحاب الكساء، ومنهم فاطمة سيّدة النساء، وكفاك هذا برهاناً على أنّهم أفضل من أقلّته الاَرض يومئذٍ ومن

(1) الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء ـ المطبوع مع «الفصول المهمّة» ـ: 200.
(2) الكلمة الغرّاء: 201.
أظلّته السماء.
ومنها: قوله تبارك وتعالى في آية المودّة: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى
) وقد روى الجمهور أنّه لمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : عليٌّ وفاطمـة وابناهمـا(1).
ومنها: قوله عزّ من قائل في آيات الاَبرار: (إنّ الاَبرار يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافوراً* عيناً يشرب بها عباد الله يفجّرونها تفجيراً) إلى آخر السورة، وقد أجمعنا على نزولها في عليٍ وفاطمة والحسن والحسـين ، ورواه الواحدي في «البسـيط» والثعلبي في تفسيره وأبو المؤيَّد موفّق بن أحمد في كتاب «الفضائل» وغير واحد من الحفظة وأهل الضبط عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، وفيها من الدلالة على فضل هؤلاء عليهم السلام ما لا يخفى، وقد أبان سيّدنا الاِمام شرف الدين العاملي رضي الله عنه طرفاً من ذلك في «الكلمة الغرّاء» فمن شاء فليرجع إليها وليقف على كلمة الفصل فيها، والله الموفّـق.
وأمّا السُـنّة الثابتة في تفضيلها فهي كثيرة لا تحصى، ووفيرة لا تستقصى، فلنورد منها هنا طرفاً ممّا ظفرنا به، والله المستعان.
أخـرج الشيخان في صحيحيهما(2) عن عائشة، أنّ النبيّ قال:
(1) أخرجه أحمد والطبراني والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، وأخرجه عنه أيضاً ابن المنذر وابن مردويه والمقريزي والبغوي والثعلبي في تفاسيرهم والسيوطي في «الدرّ المنثور» وأبو نعيم في «حلية الاَولياء» والحمويني في «فرائد السمطين» وغيرهم من المحدّثين والمفسّرين، وراجع «الرسالة المكّـيّة» للسيّد كاظم الرشتي، فقد بسط فيها الكلام على الآية الشريفة.
(2) صحيح البخاري 8|79 ـ كتاب الاستئذان ـ باب من ناجى بين يدي الناس،
يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ـ أو: سيّدة نساء هذه الاَُمّة ـ؟!
وأخـرج الحاكم في «المستدرك»(1) وصحّحه، عنها، أنّ النبيّ
قال ـ وهو في مرضه الذي توفّي فيه ـ: يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين، وسيّدة نساء هذه الاَُمّة، وسيّدة نساء المؤمنين؟!
وأخـرج الترمذي في (سننه)(2) عن حذيفة، أنّه
قال: إنّ هذا مَلَك لم ينزل الاَرض قطّ قبل هذه الليلة، استأذن ربّه أن يسلّم علَيَّ ويبشّرني بأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، وأنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة.
وعن عمران بن حصين، أنّ النبيّ
قال لفاطمة : يا بُنيّة، و 4|247 ـ 248 ـ كتاب بدء الخلق ـ باب علامات النبوّة، صحيح مسلم 4|1904 ـ 1905 ح 98 ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب فضائل فاطمـة .
وراجع: مسند أحمد 6|282، وطبقات الصحابة 2|40، وأُسد الغابة ـ بترجمة فاطمـة ، والخصائص ـ للنسائي ـ: 34، ومسند أبي داود الطيالسي ج 6 في أحاديث النساء، وحلية الاَولياء 2|29، ومشكل الآثار 1|48 و 49، وفضائل الخمسة 3|169 ـ 171.
(1) المستدرك على الصحيحين 3|156، الاِصابة 4|378.
(2) الجامع الصحيح 5|660 ـ 661 ح 3781 باب مناقب الحسن والحسين ، وراجع: المستدرك 33|151، ومسند أحمد 5|391، وحلية الاَولياء 4|190، وكنز العمّال 6|217 ، وقال المتّقي: أخرجه الروياني وابن حبّان في صحيحه عن حذيفة، وفي ص 218 قال: أخرجه ابن عساكر عن حذيفة، و ج 7|102 قال: أخرجه ابن جرير عن حذيفة، وفي ص 111 قال: أخرجه ابن أبي شيبة، وروى نحوه عن عليٍ عليه السلام وقال: أخرجه البزّار، وكذا أخرج نحوه النسائي في الخصائص: ص 34 عن أبي هريرة، والمتّقي في الكنز 6|221 قال: أخرجه الطبراني وابن النجّار عن أبي هريرة.

أما ترضين أنّكِ سيّدة نساء العالمين؟! قالت: يا أبتِ فأين مريم ابنة عمران؟ قال: تلك سيّدة نساء عالَمها، وأنتِ سيّدة نساء عالَمك، أما والله زوَّجتكِ سيّداً في الدنيا والآخرة(1).
وعن جابر بن سمرة، أنّ النبيّ
قال: أما إنّها ـ يعني فاطمة ـ سيّدة النساء يوم القيامة(2).
وأخـرج الحاكم في «المستدرك»(3) عن عائشة، قالت لفاطمـة بنت رسول الله
: ألا أُبشِّرك أنّي سمعت رسول الله يقول: سيّدات نساء أهل الجنّة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخديجـة بنت خويلد، وآسـية.
وأخـرج الحاكم والطبراني والخطيب(4) أنّه
قال لفاطمة : أما ترضين أنّي زوّجتك أوّل المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً، فإنّكِ سيّدة نساء أُمّتي كما سادت مريم قومها.. الحديث.
وأخـرج أحمد في مسنده والحاكم في «المستدرك»(5) وصحّحه، عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، قال: خطّ رسول الله
أربعة خطوط، ثمّ قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنّ أفضل نساء أهل الجنّة (1) حلية الاَولياء 2|42، مشكل الآثار 1|50، ذخائر العقبى: 43 وقال المحبّ الطبري: خرّجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي، الاستيعاب 4|376.
(2) حلية الاَولياء 2|42.
(3) المستدرك على الصحيحين 3|185 وقال: صحيح على شرطهما، وأقرّه الذهبي، ورمز السيوطي في «الجامع الصغير» لصحّـته.
(4) كما في كنز العمّال 7|111.
(5) مسند أحمد 1|293 و 316 و 322، المستدرك على الصحيحين 2|497، الاستيعاب 4|285 و 376، الاِصابة 4|378، وراجع: فضائل الخمسة 3| 174 ـ 175.
خديجـة بنت خويلد، وفاطمـة بنت محمّـد، ومريم بنت عمران، وآسـية بنت مزاحم.. الحديث.
وأخـرج أحمد والترمذي والحاكم(1) عن أنس، أنّ النبيّ
قال: حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران، وخديجـة بنت خويلد، وفاطمـة بنت محمّـد، وآسـية بنت مزاحم.
وعن أبي موسى الاَشعري، قال: قال رسول الله
: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلاّ مريم، وآسـية امرأة فرعون، وخديجـة بنت خويلد، وفاطمـة بنت محمّـد (2).
وعن أنس، قال: قال رسول الله
: إنّ الله اصطفى على نساء العالمين أربعة: آسـية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وخديجـة بنت خويلـد، وفاطمـة بنت محمّـد (3).
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله
: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجـة بنت خويلـد، وفاطمـة بنت محمّـد (4).

(1) المسند 3|135، سنن الترمذي 5|703 ح 3878 ـ باب فضل خديجة رضي الله عنها، المستدرك على الصحيحين 3|57 بطريقين قال في ثانيهما: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، الاستيعاب 4|285 و 377، الاِصابة 4|378 عن جابر، فضائل الخمسة 3|176 ـ 177.
(2) جامع البيان ـ تفسير ابن جرير الطبري ـ 3|180، وقال الحافظ في الفتح: أخرجه الطبراني وأخرجه الثعلبي في تفسيره.
(3) الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 2|23.
(4) الاستيعاب 4|284 و 377، ورواه في صحيفة 285 عن أنس، الاِصابة 4|378، ورواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورمز السيوطي لصحّته في «الجامع الصغير».

وروى الحارث بن أبي أُسامة في مسنده، عن عروة بن الزبير، مرسلاً(1): خديجـة خير نساء عالَمها، ومريم خير نساء عالَمها، وفاطمـة خير نسـاء عالَمها.
وأخـرج البخاري(2) عن المسور بن مخرمة، أنّ رسول الله قال: فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها أغضبني.
قال المناوي: استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها عليها السلام كفر، لاَنّه يغضبه ، وأنّها أفضل من الشيخين(3).
وأخـرج الحاكم(4) عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبيّ قال: فاطمـة سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم بنت عمران.
قال في «فيض القدير»(5): فعُلِم أنّها أفضل من عائشة لكونها بضعة منه ، وخالف فيه بعضهم.
قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمـة أفضل ثمّ خديجـة ثمّ عائشة، ولم يَخْفَ عنّا الخلاف في ذلك، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
قال المناوي(6): قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: ولوضوح

(1) فيض القدير 3|432، قال المناوي: قالوا: وهو مرسَل صحيح.
(2) صحيح البخاري 5|26 ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب مناقب فاطمـة عليها السلام . وراجع: فضائل الخمسة 3|184 ـ 188.
(3) فيض القدير 4|421، فتح الباري 7|132.
(4) المستدرك على الصحيحين 3|154.
(5) فيض القدير 4|421 ـ 422، وقال في إتحاف السائل: 85: فعُلِم أنّها أفضل من أُمّها خديجـة، وما وقع في الاَخبار ممّا يوهم أفضليّتها فإنّما هو من حيث الاَُمومة فقط، وعلى عائشة على الصحيح، بل الصواب.
(6) إتحاف السائل: 85 ـ 86.

ما قاله السبكي تبعه عليه المحقّقون، وممّن تبعه عليه الحافظ أبو الفضل بن حجر، فقال في موضع: هي مقدَّمة علي غيرها مِن نساء عصرها، ومَن بعدهنّ مطلقاً. انتهى.
وأخـرج ابن جرير الطبري(1) عن فاطمة عليها السلام ، قالت: قال لي رسول الله : أنتِ سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم البتول.
تـنـبـيـه:
إعلم أنّ (إلاّ) في الحديثين ليست للاسـتثناء، بل هي عاطفة بمنزلة (الواو) في التشريك في اللفظ والمعنى، كما في قوله تعالى: (لئلاّ يكون للناس عليكم حجّةٌ إلاّ الّذين ظلموا منهم)(2) وقوله تعالى: (لا يخاف لديّ المرسلون * إلاّ من ظلم ثمّ بدّل حسناً بعد سوء)(3).
أي: ولا الّذين ظلموا، ولا مَن ظلم، وهو مذهب الاَخفش والفرّاء وأبي عبيدة، كما حكاه ابن هشام في (المغني)(4).
وهذه الاَحاديث صريحة في تفضيل الصدّيقة الطاهرة على عائشة في الدنيا والآخرة، مع أنّك ترى أنّه لم يجرِ لاَُمّ المؤمنين ذِكرٌ في شيء من هذه الاَحاديث، فضلاً عن تفضيلها.
بل الحقّ الذي ندين الله به أنّ البضعة الشريفة أفضل النساء على

(1) جامع البيان في تفسير القرآن 3|181.
(2) سورة البقرة 2: 150.
(3) سورة النمل 27: 10 و 11.
(4) مغني اللبيب عن كتب الاَعاريب 1|101 ـ الباب الاَوّل ـ مبحث (إلاّ) بالكسر والتشـديد.
الاِطلاق، حتّى أُمّها رضي الله عنها، وعليه انعقد إجماع أهل الحقّ قاطبةً.
وقد ذكر الحافظ العسقلاني في «فتح الباري»(1) أنّ حديث ابن عبّاس رضي الله عنه : قال رسول الله
: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجـة بنت خويلد وفاطمـة بنت محمّـد ومريم بنت عمران وآسـية امرأة فرعون» يقتضي أفضليّة خديجـة على غيرها.
وكذا ما أخرجه البخاري عن عليٍ عليه السلام قال: سمعت النبيّ
يقول: «خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة».
وقال الشهاب القسطلاني في «إرشاد الساري»(2): ر
وى النسائي من حديث داود بن أبي الفرات، عن عليّ بن أحمد السكّري، عن عكرمة، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، عن النبيّ
، قال: أفضل نساء أهل الجنّة خديجـة بنت خويلـد وفاطمـة بنت محمّـد .
قال: وداود بن أبي الفرات وعليّ بن أحمد ثقتان، فالحديث صحيح، وهو صريح في أنّ فاطمـة وأُمّها أفضل نساء أهل الجنّة. انتهى.
قلـت:
وقد مرّ في الاَحاديث مايدلّ على تفضيل فاطمة على أُمّها، وكذا ما رواه البخاري في صحيحه(3): «فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة»، فانحصرت الاَفضلية المطلقة على النساء بفاطمة الزهراء عليها آلاف التحيّة والثناء.
(1) فتح الباري 6|515.
(2) إرشاد الساري 6|141.
(3) صحيح البخاري 5|25 ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب مناقب فاطمة ، إرشاد الساري 6|141.

وأمّا ما روي عن ابن عبّاس مرفوعاً: سيّدة نساء العالمين ـ وفي رواية: سيّدة نساء أهل الجنّة ـ مريم ثمّ فاطمة ثمّ خديجة ثمّ آسية(1)، فقد قال الحافظ ابن حجر في (الفتح)(2): إنّ هذا الحديث ليس بثابت، وأصله عند أبي داود والحاكم بغير صيغة ترتيب. انتهى.
وكذا ما روي عنه مرفوعاً: سيّدة نساء أهل الجنّة بعد مريم بنت عمران؛ فاطمة بنت محمّـد وخديجـة وآسية امرأة فرعون(3).
فإنّ الاَدلّة الاَُخرى التي هي أكثر عدداً وأصحّ سنداً وأصرح دلالةً من هذا الحديث ونحوه توجب الاِعراض عمّا يُستشعـر منـه تـفضيـل العذراء على الزهراء كما أفاده في «الكلمة الغرّاء»(4).
هـذا، وقد صرّح جمع من الاَئمّة الاَعلام ومشايخ الاِسلام بتفضيل بضعة النبيّ على عائشة ومَن سواها، فلا بأس أن نسرد هنا طرفاً ممّا وقفنا عليه من كلامهم في ذلك، لينجلي لك الحقّ وضوحاً، ويزداد أهل الباطل فضوحاً.
قال الاِمام مالك بن أنس الاَصبحي ـ إمام دار الهجرة ـ: لا أُفضّل أحداً على بضعة رسول الله (5).
وقال العلقمي: فاطمة وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحب، لِما فيهما من البضعة الشريفة(6).

(1) الاستيعاب 4|285 و 376.
(2) فتح الباري 7|168.
(3) الاستيعاب 4|286.
(4) الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء عليها السلام: 241.
(5) مرقاة المفاتيح 5|592.
(6) فيض القدير 2|53.

وذكر علم الدين العراقي: أنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الاَربعة بالاتّفاق(1).
وقال ابن قيّم الجوزيّة: إنْ أُريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذلك أمر لا يطّلع عليه إلاّ هو، فإنّ عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإنْ أُريد كثرة العلم فعائشة لا محالة، وإنْ أُريد شرف الاَصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فها غير أخواتها، وإنْ أُريد شرف السيادة فقد ثبت النصّ لفاطمـة وحدها(2).
وقال ابن حجر: قد ورد من طريق صحيح ما يقتضي أفضليّـة خديجـة وفاطمـة على غيرهما(3).
قلـت:
وقد تقدّم آنفاً كلام له في تقديم فاطمـة على غيرها من نساء عصرها ومَن بعدهنّ، فراجع ثمّة إن شئت.
وقال السيوطي ـ في جواب من سأله عن عائشة وفاطمـة أيّهما أفضل؟ ـ: فيه ثلاثة مذاهب، أصحّها أنّ فاطمـة رضي الله عنها أفضل(4).
وقال ابن داود: فاطمة بضعة النبيّ فلا نعدل بها أحداً(5).
وقد مرّ عليك قول الاِمام تقي الدين السبكي: الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمـة أفضل ثمّ خديجـة ثمّ عائشة، ولم يَخْفَ عنّا الخلاف في

(1) فيض القدير 4|422.
(2) فتح الباري 7|136، فيض القدير 4|297.
(3) فتح الباري 6|515.
(4) الحاوي للفتاوي 2|99.
(5) مرقاة المفاتيح 5|348، شرح الفقه الاَكبر: 219.

ذلك، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
وقال المناوي في «إتحاف السائل»(1): أمّا نساء هذه الاَُمّة فلا ريب في تفضيلها عليهنّ مطلقاً، بل صرّح غير واحد أنّها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتّى الخلفاء الاَربعة.
وقال الشيخ العلاّمة أبو الثناء شهاب الدين الآلوسي البغدادي: الذي أميل إليه أنّ فاطمة البتول أفضل النساء المتقدّمات والمتأخّرات، من حيث إنّها بضعة رسول الله ، بل ومن حيثيّات أُخر أيضاً، إذ البضعية من روح الوجود وسيّد كلّ موجود، لا أراها تُقابَل بشيء.

* (وأين الثريّا من يد المتناول) *
قال: ومن هنا يُعلم تفضيلها على عائشة؛ ثمّ قال ـ بعد كلام له في المسألة ـ: وبعد هذا كلّه، الذي يدور في خَلَدي أنّ أفضل النساء فاطمـة ثمّ أُمّها ثمّ عائشة، بل لو قال قائل: إنّ سائر بنات النبيّ أفضل من عائشة لا أرى عليه بأساً، وعندي بين مريم وفاطمـة توقّف، نظراً للاَفضلية المطلقة، وأمّا بالنظر إلى الحيثية فقد علمتَ ما أميل إليه. انتهى(2).

قلـت:
ينبغي التوقّف في ذلك، فقد حكى المناوي في «فيض القدير»(3) عن السيوطي أنّه قال في حديث «فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة»: فيه دلالة على فضلها على مريم سيّما إنْ قلنا بالاَصحّ من أنّها غير نبيّة.

(1) إتحاف السائل: 87.
(2) روح المعاني 3|155.
(3) فيض القدير 1|105.

وقد تُقَرَّر أفضليّـة الزهـراء على العـذراء بأنّ قوله لفاطمة إنّها سيّدة نساء أهل الجنّة، أي من هذه الاَُمّة المحمّـديّة، وقد ثبتت أفضلية هذه الاَُمّة على غيرها، فتكون فاطمـة ـ على هذا ـ أفضل من مريم وآسية(1) ، والله تعالى أعلم.
وقال الآلوسي أيضاً في موضع من «روح المعاني»(2): لا أقول بأنّ عائشة أفضل من بضعته الكريمة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها، والوجه لا يخفى.
وقال في موضع آخر منه(3): إنّ فاطمة من حيث البضعية لا يعدلها أحـد. انتهى.
وممّن صرّح بأفضليّتها على نساء الدنيا حتّى مريم عليها السلام تقي الدين المقريزي وبدر الدين الزركشي والشيخ العلاّمة أحمد بن زيني بن دحلان مفتي الشافعية بالحرمين الشريفين، وهو اختيار الحافظ السيوطي في كتابيه: «شرح النقاية» و «شرح جمع الجوامع» ـ كما في السيرة الدحلانية(4) ـ.
هذا كلّه مضافاً إلى ما حُكي من انعقاد الاِجماع على أفضلية فاطمـة ـ كما حكاه الحافظ ابن حجر في (الفتح)(5) ـ.
وأمّا عائشة بنت أبي بكر، فلم يرد نصٌّ بتفضيلها على بضعة الرسول فاطمة الزهراء البتول كما أشار إلى ذلك عليّ بن عثمان الاَوشي الحنفي في

(1) إرشاد الساري 6|141، السيرة النبوية ـ لابن دحلان ـ 1|222.
(2) روح المعاني 18|132.
(3) روح المعاني 28|165.
(4) السيرة النبوية 1|222.
(5) فتح الباري 7|136.

«بدء الاَمالي» حيث قال:
ولـلـصـدّيـقـة الـرجـحـان فاعـلـم **** على الزهراء في بعض الخلال
قال القاري في «ضوء المعالي»(1): اعلم أنّ المصنّف أراد أنّه لم يرد نصٌّ بتفضيل عائشة على فاطمـة، وإنّما ورد رجحانها عليها من جهة كثرة الرواية والدراية. انتهى
قلـت:
هـذا مع كونه اجتهاداً في مقابل النصّ الصحيح الصريح، فإنّه سيأتي الجواب عنه إن شاء الله تعالى.
نعـم، ذهب أبو حنيفة ـ صاحب المذهب ـ إلى القول بتفضيل عائشة حيث قال: عائشة أفضل نساء المؤمنين(2).
لكن مرّ عن الاَكمل أنّه نقل عن أبي حنيفة أنّ أفضليّتها بعد خديجـة، وقد قرّرنا لك آنفاً أنّ فاطمـة الزهراء عليها السلام أفضل نساء العالمين على الاِطلاق، حتّى أُمّها خديجة رضي الله تعالى عنها.
وقال محمّـد بن سليمان الحلبي في «نخبة اللآلي لشرح بدء الاَمالي»: إنّ عائشة أفضل نساء العالمين مطلقاً، وأحبّ النساء إلى النبيّ ، وأعلمهنّ بالسُـنّة. انتهى.
واعلم أنّ عمدة ما عندهم في ذلك وجوه زائفة وحجج داحضة، ذكرها الشهاب الآلوسي الحنفي وأجاب عنها، وهي ثلاثة:
أوّلها: قوله : «خذوا ثلثي دينكم عن الحميراء» وفي لفظ:

(1) ضوء المعالي ـ شرح بدء الاَمالي ـ: 26.
(2) الفقه الاَكبر ـ المطبوع مع شرح القاري ـ: 200.

«خذوا شطر دينكم عن الحميراء».
والجواب: أنّ حديث «خذوا شطر دينكم...» قال فيه الحافظ ابن حجر العسقلاني في تخريج ابن الحاجب: لا أعرف له إسناداً، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلاّ في «النهاية» لابن الاَثير، ذكره في مادّة ح م ر، ولم يذكر من خرّجه.
وقال السخاوي: ورأيته أيضاً في كتاب «الفردوس» لكن بغير لفظه، وذكره من حديث أنس بغير إسناد أيضاً، ولفظه «خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء» وبيّض له صاحب «مسند الفردوس» فلم يخرّج له إسناداً، وذكر الحافظ عماد الدين بن كثير أنّه سأل الحافظَين المزّي والذهبي عنه فلم يعرفاه(1). انتهى.
وقال السيوطي: لم أقف عليه(2).
وأمّا الحديث الآخر، فعلى تقدير ثبوته فإنّ قصارى ما فيه إثبات أنّها عالمة إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدِين، وهذا لا يدلّ على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته ، ولعلمه أنّها لا تبقى بعده زمناً معتدّاً به يمكن أخذ الدِين منها فيه، لم يقل فيها ذلك، ولو علم لربّما قال: خذو كلّ دينكم عن الزهراء، وعدم هذا القول في حقّ من دلّ العقل والنقل على علمه لا يدلّ على مفضوليّته، وإلاّ لكانت عائشة أفضل من أبيها، لاَنّه لم يُرْوَ عنه إلاّ قليل لقلّة لبثه وكثرة غائلته بعد رسول الله .
على أنّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّي تركت فيكم الثقلين، كتاب الله تعالى وعترتي، لا يفترقان حتّى يَرِدا علَيَّ الحوض» يقوم مقام ذلك الخبر وزيادة

(1) المقاصد الحسنة: 321 ح 432.
(2) مرقاة المفاتيح 5|616.

ـ كما لا يخفى ـ كيف لا؟! وفاطمة رضي الله تعالى عنها سيّدة تلك العترة.
انتهى كلام الآلوسي.
وقد ظهر لك بهذا وجه النظر فيما تقدّم من كلام ابن القيّم، حيث قال: إنْ أُريد بالتفضيل كثرة العلم فعائشة لا محالة؛ مضافاً إلى تعقّب الحافظ ابن حجر له ـ كما سلف ـ فتنـبّه.
ثانيهـا: قوله ـ في مـا أخرجـه الشـيخان وأحمـد، عن أنـس وأبي موسى، عن النبيّ ، أنّه قال ـ: فضـل عائشة على النسـاء كفضـل الثريد على سائر الطعام.
تقريب الاستدلال: أنّ الثريد أفضل طعام العرب، وأنّه مركّب من الخبز واللحم، فهو جامع بين الغذاء واللذّة وسهولة التناول وغير ذلك، فضرب لعائشة المثل به ليُعلم أنّها أُعطيت حسن الخلق والخلق والحديث وحلاوة المنطق وجودة القريحة ورزانة الرأي ورصانة العقل، إلى غير ذلك.
وفيـه:
أوّلاً: أنّ هذا الحديث ظاهر الوضع، بيّن الاختلاق والحزازة، إذ لا يحسن نسبة هذا التشبيه الواهي إلى من أُوتي جوامع الكلم وكان أفصح من نطق بالضاد .
وكيف لا يجزم بكذبه وبطلانه من عرف طريقة النبيّ في لطف كلامه وحسن بيانه وبديع تشبيهاته؟!
وأين هو من قوله : «فاطمة سيّدة نساء العالمين»؟! ـ كما قال

العلاّمة ابن المظفّر رحمه الله في «دلائل الصدق»(1).
وثانياً: أنّه على تقدير تسـليمه لا يسـتلزم ثبوت الاَفضلية المطلقـة ـ كما صرّح به شيخ الاِسلام الحافظ ابن حجر في موضعين من «شرح البخاري(2).
وثالثاً: أنّ أفضليّتها ـ على تقدير تسليمها ـ مقيّدة بنساء النبيّ حتّى لا يدخل فيها مثل فاطمة عليها الصلاة والسلام، جمعاً بين هذا الحديث وحديث: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجـة وفاطمـة» ـ كما أشار إليه ابن حبّان(3) ـ وقد قضينا الوَطَر فيما سلف من الكلام على ذلك.
وقال المناوي في شرح هذا الحديث في «فيض القدير»(4): (على النساء) أي على نساء رسول الله الّذين(5) في زمانها، ومن أطلق نساءَه ورد عليه خديجـة، وهي رضي الله عنها أفضل من عائشة على الصواب، لتصريح المصطفى بأنّه لم يُرزق خيراً من خديجـة، ولخبر ابن أبي شيبة: «فاطمـة سيّدة نساء أهل الجنّة بعد مريم وآسية وخديجـة» فإذا فضلت فاطمـةَ فعائشة أَوْلى، ومن قَيّد بنساء زمنها ورد عليه فاطمـة، وفي شأنها قال أبوها ما سمعت.
قال: وقد قال جمع من السلف والخلف لا نعدل ببضعة المصطفى أحداً، قال البعض: وبه يُعلم أنّ بقيّة أولاده كفاطمـة رضي الله عنها. انتهى.

(1) دلائل الصدق 2|368.
(2) فتح الباري 6|515 و 7|135.
(3) فتح الباري 7|135.
(4) فيض القدير 2|461.
(5) كذا، والصواب لغةً: اللاتي أو اللائي.

ثمّ رأيت أنّ ابن أبي الحديد المعتزلي قد ذكر في «شرح نهج البلاغة»(1)َ: أنّ أصحابه يحملون لفظة (النساء) في هذا الخبر على زوجاته ، لاَنّ فاطمة عندهم أفضل منها ـ يعني عائشة ـ لقوله : «إنّها سيّدة نساء العالمين».
ورابعاً: أنّ هذا الحديث معارَض بما يدلّ على أفضلية غير عائشة عليها، فقد أخرج ابن جرير، عن عمّار بن سعد، أنّه قال: قال لي رسول الله : «فضلت خديجـة على نساء أُمّتي كما فضلت مريم على نساء العالمين» بل هذا الحديث أظهر في الاَفضلية وأكمل في المدح عند من انجاب عن عين بصيرته عين التعصّب والتعسّف ـ كما قال الآلوسي(2)ـ.
وقال أيضاً: أشكل ما في هذا الباب حديث الثريد، ولعلّ كثرة الاَخبار الناطقة بخلافه تهوّن تأويله، وتأويل واحد لِكثير أهون من تأويل كثيرٍ لواحد، والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل.
ثالثها: أنّ عائشة يوم القيامة في الجنّة مع زوجها (3) وفاطمـة يومئذٍ مع زوجها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وفرق عظيم بين مقام النبيّ ومقام ابن عمّه
، وهو قول أبي محمّـد ابن حزم، وفساده ظاهر ـ كما قال ابن حجر(4) ـ وقال الشيخ تقي الدين السبكي: هو قول ساقط مردود.
وأنت تعلم أنّ هذا الدليل يستدعي أن تكون سائر زوجات

(1) شرح نهج البلاغة 14|23.
(2) روح المعاني 3|156.

(3) كما أخرج ابن سعد عن مسلم البطين مرسلاً: عائشة زوجتي في الجنّة؛ ورمز السيوطي في «الجامع الصغير» لضعفه.
(4) فتح الباري 7|173.

النبيّ أفضل من الاَنبياء والمرسلين ، لاَنّ مقامهم ـ بلا ريب ـ ليس كمقام صاحب المقام المحمود ، فلو كانت الشركة في المنزل مستدعية للاَفضلية لزم ذلك قطعاً، ولا قائل به ـ كما أفاده الشهاب الآلوسي(1) ـ.
على أنّ ذلك معارَض بما أخرجه الاِمام أحمد(2) عن عبد الرحمن الاَزرق، عن عليٍ ، قال: دخل علَيَّ رسول الله وأنا نائم على المنامة، فاستسقى الحسن أو الحسين، قال: فقام النبيّ إلى شاة لنا بكيء فحلبها فدرّت، فجاءه الحسن فنحّاه النبيّ ، فقالت فاطمة: يا رسول الله، كأنّ أخاه أحبّهما إليك، قال: لا، ولكنّه استسقى قبله، ثمّ قال: إنّي وإيّاكِ وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة.
هـذا، وإنّ من تصفّح أحوال عائشة وتتبّع سيرتها أذعن بأنّها لا ينبغي أن تكون طرف تفضيل، فضلاً عن الخوض في تفاضلها مع الحوراء الاِنسـيّة، التي جوهرتها من شجرة قدسيّة(3).
وهل يكون الفضل جزافاً؟! وقد خالفت أمر الله في كتابه بقرارها في بيتها، وخرجت على إمام زمانها الذي جعل صلى الله عليه وآله وسلم حربه حربه(4)،

(1) روح المعاني 3|156.
(2) مسند أحمد 1|101.
(3) راجع في ذلك: الدرّ المنثور 4|153، المستدرك على الصحيحين 3|156، ذخائر العقبى: 36 و 44، تاريخ بغداد 5|87، فضائل الخمسة من الصحاح الستّة 3|152 و 154.
(4) عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله قال لعليٍ وفاطمة والحسن والحسين : أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم؛ رواه الترمذي. ورواه ابن ماجة في سننه بلفظ: أنا سلم لمن سالمتم، وحرب لمن حاربتم.

وجاهرت بعداوته وقد قال فيه النبيّ : عادى الله من عادى عليّـاً(1) واستمرّت على بغضه، وقد جعل الرسول بغضه أمارة النفاق، حيث قال: «لا يحبّ عليّـاً منافق، ولا يبغضه مؤمن»(2).
وكيف تكون أفضل النساء؟! وقد ضرب الله سبحانه مثلها ومثل صاحبتها في كتابه المجيد بقوله تعالى: (ضرب الله مثلاً للّذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين)(3).
فتدبّروا يا أُولي الاَلباب في أحاديث السُـنّة وآيات الكتاب، واعرفوا الحقّ لاَهله، كي تكونوا من أهله إن شاء الله.
(
سبحان ربّك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين).

(1) أُسد الغابة 2|194، الاِصابة 1|501، كنز العمّال 6|152، كنوز الحقائق ـ للمنّاوي ـ: 88، الجامع الصغير ـ للسيوطي ـ، وروى الحاكم في المستدرك 3|127 بسنده عن ابن عبّاس قال: نظر النبيّ إلى عليٍ فقال: يا عليّ، أنت سيّد في الدنيا وسيّد فيالآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ الله، والويل لمن أبغضك بعدي.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وراجع: فضائل الخمسة من الصحاح الستّة 2|223.
(2) أخرجه الترمذي عن أُمّ سلمة رضي الله تعالى عنها 5|635 ح 3717، وأخرج مسلم في صحيحه 1|86 ح 131 عن عليٍ ، قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، إنّه لعهد النبيّ الاَُمّي إليَّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق.
وراجع في ذلك: فضائل الخمسة 2|230 ـ 234.
(3) دلائل الصدق 2|368 بتصرّف يسير

العودة إلى الصفحة الرئيسية