{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}‏ سورة الإسراء الآية 9‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} أي للملة أو للطريقة أو ‏للشريعة، أو للحياة التي هي أكثر اتصالاً بخطِّ الاستقامة والتوازن بين خصائص الإنسان وعناصر ‏الحياة [من وحي القرآن ج14 ص 40]
أقول: السيد محمد حسين فضل الله، وكما تراه كلام مجمل، وقد أخذ على نفسه عهداً في أن لا ‏يُشير إلى آل محمد (صلى الله عليه وآله) كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً.‏
أقول: إنَّ هداية القرآن لا تقتصر على شيءٍ دون شيء، ولا تتوقَّفُ عند حدود، ولكننا ‏لاحظنا القرآنَ الذي يهدي إلى الحقِّ، لا يمكن أن نستفيد منه ما ينفع للسعادة الدنيويَّة والنجاة ‏الأخرويَّة، من دون مَن يدلُّ على ما في القرآن كشفاً عن غوامضه وأسراره، وتبييناً لمُجْمَلاته، ‏وتأويلاً لآياته.‏
وأنت تعرف بأنَّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومن اليوم الأول، كان غرضه بيان أعيان ‏وأشخاص أهل الحقِّ من بعده، وكان همُّهُ تبيينَ مصاديق أهل الذكر والصادقين، لتقومَ الحُجَّةُ على ‏الناس، وليتمكن طالبُ الحقِّ من الاهتداء إلى الحقِّ بتوسطهم (عليهم السلام).‏
فندَرَ أن تجد بياناً له (صلى الله عليه وآله) يتحدث فيه عن طريق الحقِّ ومسلِكه وسبيلِه، إلا وهو ‏‏(صلى الله عليه وآله) مصرِّحٌ تارة ومشيرٌ أخرى إلى أهل بيته الراسخين في العلم، بل وخَتَمَ ‏حياته الشريفة بقوله «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي ‏أهل بيتي».‏
وهذا نصٌّ في أنَّ الحق ـ وهو ما يهدي إليه القرآن الكريم ـ لا يمكن الظفر به، وأنَّ الصراط ‏المستقيم لا يمكن أن يهتدي الإنسان إليه، إلا من طريق العترة الطاهرة(عليهم السلام).‏
بل إنَّ القرآن الكريم حيث أمر بالكون معهم بـ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، وبالسؤال منهم بـ ‏‏{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}، هو في الحقيقة ليس إلا في مقام الهداية إليهم، فإنَّه بهم يهتدي الإنسانُ إلى ‏الحق، وليس ما هو أقوم إلا الحق.‏
وإذا ما كان عليٌّ (عليه السلام) مع الحق، والحقُّ مع عليٍّ، والحقُّ هو عليٌّ، وعليٌّ هو الحقُّ، فهذا ‏يعني أنَّ طالبَ الحق لا بُدَّ وأن يرجع إلى ما يهدي إليه عليٌّ (عليه السلام)، وهو الهادي إلى ‏الحق.‏
وأخيراً، فإن القرآنَ يهدي للتي هي أقوم، وليس ما هو أقوم إلا الحق، وليس الحق إلا ما يُمثِّله ‏الإمام (عليه السلام)، وما يجري عليه ويهدي إليه.‏
ونحن حيث وَعَدْنا بأن نقتصرَ في هذه الآيات الأخيرة على إيراد خصوص بعض الأخبار طلباً ‏للاختصار، فلنقتصر على ما ذكرناه، على أنَّه فيما ذكرناه أو ألمحنا إليه مما تقدم من الآيات ‏يكفي، وإن كان التكرار لا يخلو عن فائدة.‏
هذا وقد أخرج الصفار في البصائر، والكليني في الكافي، ومحمد بن العباس في تفسيره، والحلي ‏في مختصر البصائر، بإسنادهم عن علاء بن سيابة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله ‏تعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} قال: يهدي إلى الإمام (عليه السلام).‏
وفي تفسير العياشي عن أبي إسحق {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} قال: يهدي إلى الإمام ‏‏(عليه السلام).‏
وفيه أيضاً عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ ‏أَقْوَمُ} قال: يهدي إلى الولاية.‏
وأخرج الصَّدوق في معاني الأخبار بإسناده عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: ‏الإمام منا لا يكون إلا معصوماً، وليست العصمةُ في ظاهر الخِلْقَةِ فيُعرَف بها، ولذلك لا يكون إلا ‏منصوصاً، فقيل له: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله): فما معنى المعصوم؟ فقال: هو ‏المعتصِم بحبل الله، وحبلُ الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة، والإمام يهدي إلى القرآن، ‏والقرآن يهدي إلى الإمام، وذلك قول الله عزَّ وجل {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}
بصائر الدرجات ص 497 ؛ الكافي ج 1ص 216 ؛ معاني الأخبار ص 132 ؛ مختصر بصائر الدرجات ص 5 ؛ تفسير العياشي ‏ج 2ص 282 ـ 283 ؛ التفسير الصافي ج 1ص 365 ‏‎–‎‏  366 ؛ التفسير الأصفى ج 1 ص 165و672 ؛ تفسير نور الثقلين ج 1ص ‏‏377 ـ 378 وج 3 ص 140-141؛ تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 184 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 279 ؛ تفسير الميزان ج13 ص ‏‏71 ؛ بحار الأنوار ج24 ص 145وج 25 ص 194 ؛ مجمع البحرين ج3 ص 194‏

العودة