{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ ‏تَدَّعُونَ}‏ سورة الملك الآية 27‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} أي قريباً، عندما جاءهم الوعد الحق، فواجهوا الموقف الحاسم، ‏‏{سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} بفعل المفأجاة التي انتصبت أمامهم، حيث كانوا يسخرون منه ‏وينكرونه، وشعروا من خلال ملامح وجوههم الحائرة الخائفة بالخيبة والخسران {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي ‏كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} عندما كنتم تسألون عنه وتستعجلونه وتطلبونه وتتساءلون دائماً عن سخرية أو ‏حقيقة: متى هذا الوعد؟ [من وحي القرآن ج 23 ص 30]
أقول: لن أُعلِّق على كلام السيد محمد حسين، وسنورد بعض الأخبار، ونترك الحكم لك بعد أن ‏تُقارن بين ما وردت به الأخبار، وبين ما فسَّر المعاصر الآية به.‏
فقد أخرج أبو العباس بن عقدة ـ كما عن ابن طاوس في اليقين ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) ‏في تفسير قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} ‏قال: لما رأي فلان وفلان منزلة عليٍّ (عليه السلام) يوم القيامة، إذا دفع الله تبارك وتعالى لواء ‏الحمد إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، تحته كلُّ مَلَكٍ مقرَّب، وكلُّ نبيٍّ مرسَلٍ، فدفعه إلى عليِّ بن ‏أبي طالب (عليه السلام) {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} أي باسمه ‏تُسمَّون أمير المؤمنين.‏
وأخرج الحاكم الحسكاني ـ من أبناء السُّنة ـ في الشواهد، ومحمد بن العباس في تفسيره، ‏بإسنادهما عن شريك عن الأعمش في قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ‏قال: لما رأوا ما لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا.‏
وأخرج الحاكم الحسكاني بإسناده عن سهل بن عامر قال: نزلت في عليِّ بن أبي طالب (عليه ‏السلام).‏
وبإسناده عن عمرو بن أبي بكار التميمي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) في ‏قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} قال: فلما رأوا مكان عليٍّ (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه ‏وآله) {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني الذين كذَّبوا بفضله.‏
وأخرج الحاكم الحسكاني، وفرات الكوفي في تفسيره، بإسنادهما عن المغيرة قال: سمعت أبا جعفر ‏‏(عليه السلام) يقول في قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} لما رأوا علياً (عليه السلام) عند الحوض مع ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}.‏
وأخرجا بإسنادهما وكذا محمد بن العباس في تفسيره عن داود بن سرحان قال: سألت جعفر بن ‏محمد (عليهما السلام) عن قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} قال: هو عليُّ بن أبي طالب (عليه ‏السلام)، إذا رأوا منزلته ومكانه من الله، أكلوا أكُفَّهم على ما فرَّطوا في ولايته.‏
وأخرج الكليني في الكافي، ومحمد بن العباس في تفسيره، بإسنادهما عن الفضيل بن يسار عن ‏أبي جعفر (عليه السلام) (في حديث) ثم تلا هذه الآية{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ‏وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} ثم قال: أتدرى ما رأوا؟ رأوا واللهِ علياً (عليه السلام) مع رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله) وقربَه منه، {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} أي تُسمَّون بأمير ‏المؤمنين، يا فضيل، لم يتسمَّ بها أحدٌ غير أمير المؤمنين إلا مفترٍ كذَّاب إلى يوم البأس.‏
وأخرج الكليني في الكافي، بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى {فَلَمَّا ‏رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} قال: هذه نزلت في أمير ‏المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين (عليه السلام) في ‏أغبط الأماكن لهم، فيسيء وجوههم ويقال لهم: هذا الذي كنتم به تدعون، الذي انتحلتم اسمه.‏
وقال الطبرسي في مجمع البيان: وروي الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن ‏الأعمش قال: لما رأَوا ما لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) عند الله من الزلفى، سيئت وجوه ‏الذين كفروا. وعن أبي جعفر (عليه السلام) فلما رأوا مكان عليٍّ (عليه السلام) من النبي (صلى ‏الله عليه وآله) سيئت وجوه الذين كفروا، يعني الذين كذَّبوا بفضله
الكافي ج 1 ص 425 وج 8 ص 267 و288 ؛ كامل الزيارات ص 547 ‏‎–‎‏ 551 ؛ شرح الأخبار ج 1 ص 234 ؛ اليقين ص ‏‏182 و303 ؛ مدينة المعاجز ج 1 ص 72 ـ 73 ؛ بحار الأنوار ج 7 ص 167 و282 ‏‎–‎‏ 283 وج 24 ص 268-269 و314 ـ ‏‏315 وج 31 ص 628 وج 36 ص 67 ـ 69 و165 وج 37 ص 302 و318 وج 39 ص 213 ـ 215 و227 ؛ تفسير القمي ج ‏‏2 ص 379 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 493 ـ 494 ؛ تفسير مجمع البيان ج 10 ص 80 ـ 81 ؛ التفسير الصافي ج 5 ص 205؛ ‏التفسير الأصفى ج 2 ص 1332؛ تفسير نور الثقلين ج 5 ص 384 - 385 ؛ تأويل الآيات ج 2 ص 704 ‏‎–‎‏ 706. ‏
‏ من مصادر أبناء السُّنة: شواهد التنزيل ج 2 ص 353 إلى 355 ؛ فيض القدير ج 6 ص 282؛ لسان الميزان ج 1 ص 387 ؛ ينابيع ‏المودة ج 1 ص 301‏


أقول: والذي يريب أنَّ السيد فضل الله فسَّر الآية بما يخصُّ يوم القيامة فحسب.‏

العودة