ـ لا يتدخل أحد إلا بإذنه الذي يلقيه الله إليه فيما يريد، وفيما لا يريد.

ـ لا معنى لأن يتوجه الإنسان للشفعاء ولو عبر الواسطة.

ـ المطلوب هو التخلص من الإغراق في أسلوب الطلب من الأنبياء والأولياء.

ـ الإغراق في الطلب من النبي والولي إلى حد ينسى الطالب ربه مرفوض.

ـ يستغرق في ذات النبي والولي حتى ينسى ربه.

ـ لا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من خلال موقع مميز خاص.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

".. {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ليس هناك إلا كلمته وإرادته، فلا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من مصير محتوم، أو رفعه إلى درجة عالية من خلال قوة ذاتية أو موقع مميز خاص، إلا بإذنه الذي يلقيه إلى بعض عباده المقربين في ما يريد، وفي ما لا يريد، وبذلك يمكن لنا أن نقرّر مبدأ الشفاعة في نطاق الخط الذي يريد الله للشافعين أن يسيروا عليه في ما يريد الله أن يكرمهم بالمغفرة لبعض المذنبين، أو برفع الدرجة لبعض المطيعين من دون أن يتنافى ذلك مع مبدأ التوحيد في ما يتوسل به الناس من شفاعة.

وفي هذا الجو، يمكن لنا أن نستوحي طبيعة ما يملكه الشفعاء من ميزة الشفاعة من حيث ارتباطها بإرادة الله بإذنه، فالمغفرة التي تنال المذنبين من الله، والبلاء الذي يرفع عن المبتلين من الله، والمثوبة التي تحصل للمطيعين منه ـ جل شأنه ـ يمنحها لهذا ولذاك، بكرامة هذا النبي، أو هذا الولي التي أراد أن يكرمهم بها.

ولهذا فلا معنى لأن يتوجه العباد إليهم حتى عبر الواسطة، بل يكون التوجه إلى الله بأن يجعلنا ممن يشفع بهم، لأنهم لا يملكون الشفاعة بأنفسهم، بل يملكونها من خلال وحيه وإذنه وتعليمه، وبذلك نتخلص من هذا الإغراق في أسلوب الطلب من الأنبياء والأولياء بالمستوى الذي قد ينسى فيه الطالب ربه في استغراقه العميق في ذات النبي أو الولي، إذا لم يكن واعياً بالدرجة التي يستطيع من خلالها أن يضع الأشياء في مواقعها الصحيحة من العقيدة والشريعة"  [من وحي القرآن ج5ص32-33ط2]

ونقول:

لماذا حمل الشفاعة بإذن الله على معنى أنه لا بد من صدور الإذن الفعلي الذي يلقيه إلى الشافع فيما يريد، وفيما لا يريد؟

ولماذا لا يكون معناها: أن من بلغ مقاماً يؤهله لأن يشفع للناس، فإن الله سبحانه يأذن له بذلك إذناً عاماً فيشفع لمن يشاء من خلق الله سبحانه.

وأما قوله تعالى: {لا يشفعون إلا لمن ارتضى} فإن معناه: ارتضى الله ديـنه، فلم يكن مشركاً ولا ظالماً ـ كما ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) وقد تحدثنا عن ذلك فيما تقدم.

2 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله نفسه قد اعترف بأن المسلمين إنما يمارسون التوسل بالأنبياء والأولياء:

"من موقع التوجه إلى الله بأن يجعلهم الشفعاء لهم، وأن يقضي حاجاتهم بحق هؤلاء فيما جعله لهم من حق، مع الوعي الدقيق للمسألة الفكرية في ذلك كله، وهي الإعتراف بأنهم عباد الله المكرمون..الخ " [من وحي القرآن ج1ص62ط2]

إلى أن قال:

"هكذا نرى ان الذهنية العقيدية لدى المسلمين لا تحمل أي لون من ألوان الشرك بالمعنى العبادي، كما لا يحملون ذلك بالمعنى الفكري، بل يختزن في دائرة التعظيم للأنبياء، والأولياء الشعور العميق بأن الله هو خالق الكون ومدبره الخ" [من وحي القرآن ج1ص63ط2]

ويقول أيضاً:

"إذا كان الله قادراً على أن يحقق ذلك من خلالهم في حياتهم، فهو القادر على أن يحقق ذلك، بعد مماتهم باسمهم، لأن القدرة في الحالتين واحدة" [من وحي القرآن ج1ص63ط2]

فكيف يقول السيد محمد حسين فضل الله هنا:

"إننا نحتاج إلى أن نتخلص من الإغراق في أسلوب الطلب من الأنبياء، والأولياء بالمستوى الذي قد ينسى فيه الطالب ربه في استغراقه العميق في ذات النبي أو الولي.. الخ

فإن المسلمين ـ باعترافه ـ واعون للمسألة الفكرية بدقة.

هذا عدا عن حديثه عن الصنمية اللاشعورية. التي تتمثل في الوقوف أمام قبر النبي والولي، وعن أن ثمة شركاً في العبادة حين يقول القائل يا محمد يا علي، فراجع ما ذكرناه في قسم (عقائد الشيعة وشعائرهم).

3 ـ وما على من استغرق في ذات الولي والنبي من غضاضة إذا كان يعلم أن الله سبحانه قد منحه مقام الشفاعة وأصبح يقول للنار: هذا لي، وهذا لك، كما ورد عن الأئمة (ع) في تفسير قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (صلوات الله وسلامه عليه) (علي قسيم الجنة والنار).

4 ـ قد ظهر مما تقدم: أن قول السيد محمد حسين فضل الله:

"لا يملك أحد أن يتدخل في إنقاذ أحد من مصير محتوم، أو رفعه إلى درجة عالية من خلال قوة ذاتية، أو موقع مميز خاص، إلا بإذنه الذي يلقيه إلى بعض عباده المقربين فيما يريد، وفيما لا يريد".

قد ظهر أن هذا القول لا يستقيم إذ من الجائز أن يكون الله سبحانه قد منح بعض أوليائه وأنبيائه قوة ذاتية تمكنهم من ذلك كما منح ـ بنص الكتاب ـ آصف بن برخيا قدرة الإتيان بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}، حيث نسب الإتيان به إلى نفسه.

كما أن من الجائز أن يبلغ أحدهم بفضل الله وكرمه موقعاً خاصاً يؤهله لأن ينقذ هذا أو ذاك، كما هو الحال بالنسبة لأمير المؤمنين، قسيم الجنة والنار الذي يقول للنار: هذا لي وهذا لك.

والحديث مع السيد محمد حسين فضل الله حول هذا الموضوع يطول، ويمكن الإكتفاء بما ذكرناه في هذا الكتاب، إن في ذلك لذكرى لمن ألقى السمع وهو شهيد.

العودة