ـ لا فضـل للملائكة في فعل الخير.

ـ الملائكة يمارسون الخير تكويناً.

ـ النوع الإنساني هو المستخلف.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"وبهذا انطلقت مسؤولية الإنسان للقيام بدوره بالإنسجام بين طبيعة الحياة وبين إرادة الله، وتسخير القوى التي بين يديه في سبيل الخير لا في سبيل الشر.

وهذا ما يرفعه إلى المستوى الكبير لدى الله، فيكون أفضل من الملائكة الذين يمارسون الخير بشكل تكويني، فلا فضل لهم في ذلك.

ثم يذكر أن الذي جعله الله خليفة في الأرض هو:

"النوع الإنساني، لأن آدم الشخص، محدود بفترة زمنية معينة، ينتهي عمره بانتهائها، فكيف يمكنه القيام بهذا الدور الكبير الذي يشمل الأرض كلها ويتّسع لكل هذه المرحلة الممتدة. هذا أولاً.

وثانياً: إن الملائكة قد وصفوا هذا الخليفة بأنه يفسد في الأرض ويسفك الدماء. وهذا الوصف لا ينطبق على آدم بل ينطبق على بعض الجماعات التي يتمثل فيها النوع الإنساني في مدى الحياة" [من وحي القرآن ج1ص230ط2]

ونقول:

ونلاحظ هنا:

1 ـ إن كلامه يعني: أن الأنبياء والأوصياء لا فضل لهم فيما يمارسونه من فعل الخير.. لأن السيد محمد حسين فضل الله يقول: إن العصمة إجبارية.. إما مطلقاً، وإما في خصوص ترك المعاصي، حيث اختلفت أقاويله في هذا المجال..

ومن المعلوم: أنه حين تكون العصمة إجبارية، فإنهم يؤدون الواجبات، ويمتنعون عن المعاصي، بشكل تكويني، لأنهم لا يقدرون على ترك تلك، ولا على فعل هذه، لأن ترك الواجب معصية لا يقدر عليها المعصوم، فلا فضل للمعصوم إذن لا في هذا ولا في ذاك، وفقاً لمقولات السيد محمد حسين فضل الله.

2 ـ إن الملائكة، وإن كانوا لا يعيشون الشهوات، كما يعيشها الإنسان، ولكنهم لا يمارسون الخير بشكل تكويني، كما يقول السيد محمد حسين فضل الله بل هم خلق مختارون يمارسون الخير بملء إرادتهم.

وقد يختارون الاستزادة فيه، فترتفع بذلك مقاماتهم، ويزيد فضلهم، ولأجل ذلك كان بعضهم أفضل من بعض وأكرم، ولجبريل فضله العظيم فيهم، والمراجع للروايات الكثيرة جدا يجد صحة ما ذكرناه.

3 ـ من أين علم السيد محمد حسين فضل الله أن الملائكة يمارسون الخير بشكل تكويني، فلا فضل لهم فيه.. إن ذلك يحتاج إلى القطع واليقين، لأنه يرتبط بحقائق المخلوقات.. والسيد محمد حسين فضل الله يشترط القطع واليقين في كل ما عدا الأحكام الشرعية..

ويزيد الأمر إلحاحاً في مثل هذا المورد، الذي لا يحصل إلا بالإخبار عن الله سبحانه عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام).

4 ـ أما بالنسبة لاستخلاف النوع الإنساني أو آدم. فإنه قد استظهر أنه النوع الإنساني.. رغم وجود روايات عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) تصرح بأن المقصود هو خصوص آدم (عليه السلام)..

5 ـ إن ما استدل به على أن المقصود هو النوع الإنساني لا يصلح لإثبات ذلك..

فأولاً: إن وصف الملائكة للخليفة بأنه يفسد في الأرض ويسفك الدماء، إنما هو استنتاج منهم ـ فقد روى هذا البعض نفسه رواية عن العياشي تقول: (إنهم قاسوه على من سبقه من الذين استخلفهم الله في الأرض، فأفسدوا فيها) ولم يكونوا على معرفة بنبوة آدم (عليه السلام)، لينزهوه عن الإفساد وسفك الدماء.. فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ما علم الملائكة بقولهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} لو لا أنهم كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدماء) [من وحي القرآن ج1ص229ط2]

ثانياً: إن الله سبحانه لم يخبرهم بعدد من يستخلفه، فلم يقل لهم: هل هو واحد شخصي أو نوعي، أو جماعة أو غير ذلك.. وذلك يدل على أن الملائكة قد فهموا ما فهموه من عند انفسهم بحسب ما استخلصوه من أمور عرفوها سابقاً واستنبطوا منها أو قاسوا عليها.. وقد أظهر الله لهم أن ما فكروا فيه لم يكن صواباً..

ثالثاً: إن ما ذكره من أن آدم شخص محدود لا يمكنه القيام بهذا الدور الكبير إنما يدخل في دائرة الاستحسانات التي لا محل لها.. فإن الخليفة الحقيقي لله ـ إن كان المقصود بالخليفة ـ الخليفة لله ـ هو آدم (عليه السلام)، وليس أحداً من العصاة والكفرة والجبارين.. فإن هؤلاء يفسدون في الأرض ولا يمثلون خلافة الله..

إذ ليس المقصود بالخلافة هو التجارة والصناعة والزراعة وبناء القصور والدور.. وإنما معنى أسمى من ذلك وهو تجسيد إرادة الله سبحانه على الأرض، وإعمارها بالإيمان والتقوى والعمل الصالح. كما عمرها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعمرها سائر أنبياء الله وأوصياء رسله..

رابعاً: لو كان المراد إعمار الأرض كلها كما ذكر السيد محمد حسين فضل الله، فالسؤال هو: متى تحقق هذا الإعمار للأرض كلها ياترى؟ بالطريقة التي قررها السيد محمد حسين فضل الله؟ [من وحي القرآن ج1ص229ط2]

العودة