ـ مصادرة كتب الضلال لا تحقّق النتائج المرجوّة.

ـ مصادرة الكتب ومهاجمة الكاتب.. تجعل لهما شعبية وتأييداً.

ـ لو أخذت كتب الضلال طريقها بسلام قد لا تحدث لها هذه الشعبية.

ـ ربما كانت مصادرة الكتب في الماضي تقوّي الحق وتضعف الباطل.

ـ التصدّي للكتب اليوم يقوّي الباطل، ويضعف الحق.

ـ كلما أهملت كتاب الضلال أكثر كلما فقد قوته أكثر.

ـ أعط الحرية للباطل تحجّمه.

ـ أعط الحرية للضلال تحاصرها.

ـ الباطل إذا ظهر فقد يقبله الآخرون وقد لا يقبلونه.

ـ إذا اضطهد الباطل ولاحقت من يلتزم به، فسيأخذ معنى الشهادة.

ـ إضطهاد الباطل يجعله الفكر الشهيد.

ـ نحن نعطي الباطل قوّته إذا منعناه حريته.

ـ إذا أعطيناه الحرية وناقشناه فسينكمش.

ـ علماء دين ومثقفون يحبّون الراحة في الحوار فيمارسون قمع الفكر الآخر من الحوار.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"أعطِ الحريّة للباطل تحجّمه، وأعط الحريّة للضلال تحاصرها، لأن الباطل عندما يتحرك في ساحة من الساحات، هناك أكثر من فكرٍ يواجهه، ولا يفرض نفسَه على المشاعر الحميمة للنّاس، يكون فكراً مجرّد فكر، قد يقبله الآخرون، وقد لا يقبلونه، ولكن إذا اضطهدته، ومنعت الناس من أن يقرأوه، ولاحقت الذين يلتزمونه بشكلٍ أو بآخر، فإنّ معنى ذلك، أنّ الباطل سوف يأخذ معنى الشهادة، وسيكون (الفكر الشهيد) الذي لا يحمل أية قداسةٍ للشهادة، لأنّ الناس تتعاطف مع المُضطَّهَدين، لا الناس المُضطهِدين، حتى مع الفكر المضطّهد، مع الحبّ المضطهد، ومع العاطفة المضطهدة، لذلك نحن نعطي الباطل قوّته، عندما نمنعه حريّته، ولكنّنا عندما نعطيه الحرية، ثم نأخذ حريتنا في مناقشته بالأساليب العلميّة الموضوعيّة، فإنه إذا لم يبتعد عن الساحة تماماً، سينكمش وسيأخذ مكاناً صغيراً له في الساحة.. بعضُ الناس سواءً كانوا سياسيين، أم كانوا علماء دين، أم كانوا مثقفين، لا يُحبّون أن يتعبوا في مواجهة الفكر الآخر، ولذلك فإنّهم يحبون أن يقمعوا الفكر الآخر ليرتاحوا من الجدل والمجادلين، ومن الحوار والمحاورين بعض الناس لا يحبّون أن يدخلوا في مواقع الحوار، ولذلك فإنّهم يضطهدونك لأنّهم لا يريدون أن يتعبوا في مناقشتك" [للإنسان والحياة ص62]

وسئل السيد محمد حسين فضل الله:

تقوم بعض المراكز الدينيّة الرسمية في العالم العربي والإسلامي بمصادرة بعض الكتب التي تعتبر أنً مضامينها تحمل شيئاً من التحدّي للإسلام، ألا تعتقدون أنَّ أعمالاً كهذه تصنع من أفكار هؤلاء (أفكار شهداء) يتعاطف الجمهور معها؟

فأجاب:

"نحن قد نتفق مع هذه المراكز الدينية الرسميّة وقد نختلف معها في تقويم أنَّ هذا الكتاب أو غيره مخالفٌ للإسلام أو غير مخالف. ولكننا لا نعتقد أن مصادرة هذه الكتب يمكن أن تحقّق النتائج التي يريدها هؤلاء ويعتقدون أنّ من واجبهم المحافظة على الإسلام، بمصادرة هذه الكتب التي تتحدث عن الإسلام بشكلٍ سلبيّ، عن عقيدته وشريعته ومقدساته، لأننا بحسب التجربة، رأينا أنَّ مصادرة الكتب ومهاجمة الكتّاب تجعل شعبية للكتاب المصادر، وشعبيّة وتأييداً للكاتب، قد لا تحدث هذه الشعبيّة فيما لو أخذت هذه الكتب طريقها بسلام..

نحن نقول، ربّما كان الواقع السياسي والثقافي في الماضي يجعل من مصادرة الكتاب أو منعه من الإنتشار وسيلة من وسائل تقوية الحق وإضعاف الباطل.. أما الآن فإن الوقوف ضد الكتب يقوّي الباطل ويضعف الحق، لأن القوى المعادية تعلن معركة الحريات في الوقت الذي لا تستطيع هذه المراكز الدينية مواجهتها.

وعلى هذا فكلما أهملت الكتاب الذي يواجهك أكثر كلما فقد قوته أكثر، وكلما حاربته أكثر كلما أخذ قوة من قوى الاستكبار في العالم، حيث صار الحديث عن الكاتب والكتاب، بأن الكاتب بطل الحرية والكتاب كتاب الحريات، في الوقت الذي لا يمثل الإثنان معاً شيئاً لا في معنى الحرية ولا في معنى البطولة.

لا نعتقد أن مصادرة الكتب تحقق النتائج التي يريدها من يرون أن من واجبهم المحافظة على الإسلام" [بينات ج1ص287-288]

ونقول:

1 ـ إذا كان إعطاء الحريّة للباطل من موجبات تحجيمه، وإعطاء الحرية للضلال من موجبات محاصرته، فلماذا شرّع الله النهي عن المنكر؟! فليعطِ للمنكر حريته فإنه يحاصره ويحجّمه. أليس الباطل والضلال من جملة المنكرات؟!.

2 ـ وإذا صح هذا، فلا بد ان يصح العكس، فيقال: إذا سلبت حرية الهدى فانه ينتشر، وإذا سلبت حرية الحق، فانه ينطلق ويكبر؟!

والدليل على ذلك قوله:

"أما الآن فان الوقوف ضد الكتب (أي كتب الضلال والإنحراف) يقوي الباطل، ويضعف الحق".

وقوله:

"لذلك نحن نعطي الباطل قوته عندما نمنعه حريته".

3 ـ وإذا صح قول السيد محمد حسين فضل الله:

"كلما أهملت الكتاب الذي يواجهك أكثر كلما فقد قوته أكثر، وكلما حاربته أكثر، كلما أخذ قوة من قوى الاستكبار في العالم، حيث صار الحديث عن الكاتب والكتاب، بأن الكاتب بطل الحرية، والكتاب كتاب الحريات".

نعم، إذا صح قوله هذا.. فان فتوى آية الله العظمى السيد الخميني قدس سره في حق سلمان رشدي تصبح بلا مبرر..

بل إن هذه الفتوى تصبح جريمة كبرى، لا بد من معاقبة من أصدرها رضوان الله تعالى عليه، لأنه قد تسبب، بتقوية كتاب "آيات شيطانية"، وجعل منه كتاب "الحرّيات"، ومن سلمان رشدي بالذات "بطل الحرية" على حد تعبير هذا البعض!!.

4 ـ إن السيد فضل الله يريد أن يفسح المجال للكتب التي تتحدث عن الإسلام، وعن عقيدته وشريعته ومقدساته بشكل سلبي، حتى لو كانت تتضمن سبّ النبي (ص)، ونسبة الخنا والدعارة ـ والعياذ بالله ـ إلى بيت النبوة والرسالة والإمامة.

نعم، إنه يريد لهذه الكتب أن تأخذ طريقها بسلام ـ على حدّ تعبير السيد محمد حسين فضل الله ـ رغم أن الحكم الإسلامي في من سبّ رسول الله (ص) هو القتل..

وذلك استناداً منه إلى استحسانات عقلية لم يُقم لها الإسلام وزناً، حينما فرض محاصرة الباطل، واضطهاد المنكر، ومنعه ورفضه باليد، وباللسان وبالقلب وهو أضعف الإيمان.

5 ـ وقد اعترف السيد محمد حسين فضل الله فيما نقلناه عنه آنفاً بأنك حين تعطي للضلال وللباطل حريته، فانه يكون مجرد فكر قد يقبله الآخرون.. وقد لا يقبلونه.. وسؤالنا هو:

ماذا لو قبل الآخرون هذا الفكر، واختاروا طريق الضلال؟!

فهل يرضى الله تعالى بإفساح المجال للضلال إلى أن يقبله الآخرون؟!

وهل الخطة الإلهية هي إفساح المجال للضلال لينتشر، ثم يقوم بمقاومته بعد ذلك.. أم أن اللازم هو وأده وهو في مهده؟!.

إنه إذا صح ذلك.. فلماذا لا يكون الأنبياء دعاةً للضلال أولاً، وممن يسهم في نشره، ثم بعد ذلك يوجد المناخ المناسب لبذل الجهد، وللجدل وللمجادلين.. وذلك لكي لا يصبح الضلال شهيداً.. ويكون فكره "الفكر الشهيد" على حد تعبير السيد محمد حسين فضل الله؟!!

6 ـ ولم نستطع أن ندرك سرّ حكمه الذي أطلقه حين قال: إن الضلال والباطل "لا يفرض نفسه على المشاعر الحميمة".. في حين أننا نرى باستمرار أن الكثيرين من دعاة الضلال يصبحون من أشد الناس تعلقاً بضلالهم، وهم يضحّون من أجله بكل غال ونفيس، ويقدمون أنفسهم قرابين له، بملء إرادتهم، وعن سابق معرفة وتصميم.. وكم رأينا مشاهد حتى على شاشات التلفاز تقشعرّ لها الأبدان من دقّ المسامير في الأكف وفي الأرجل، من أجل التعبير عن المشاعر الحميمة تجاه فكرٍ يصرّح السيد فضل الله نفسه بأنه فكر باطل على أقل تقدير..

العودة